يبدو أن المفاوضات الأمريكية – الإيرانية قد بدأت بالفعل ولكن بشكل غير رسمي وعبر وسطاء روس وأوروبيين متعددين. ولكن هذه المفاوضات لم تبدأ بشكل رسمي، وينتظر أن لا تبدأ إلا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر عقدها في الثاني عشر من شهر يونيو المقبل.
ولعل المثير هو الحرب الكلامية التي بدأت تظهر من إيران، والتي صاحبتها على الأرض بعض التحركات السياسية. ولقد حاولت إيران اختبار الإرادة السياسية الأمريكية واحتجزت الصحفية الأمريكية ( روزانا صابري ) لبعض الوقت وربما ظهر هذا العمل من قبل بعض مراكز القوى المحافظة المعارضة لأي انفتاح مستقبلي بين الولايات المتحدة وإيران ، ولتخريب عملية التقارب هذه، غير أن الضغوط الأمريكية على إيران قد أفلحت في إطلاق سراح هذه الصحفية. كذلك فقد حملت بعض الصحف العربية أنباء غير مؤكدة عن تحريك إيران لبعض صواريخها تجاه منطقة الخليج العربي، كنوع من التهديد المباشر لهذه الدول، كما رصدت تصريحات استفزازية لمرشد الثورة في خطبة له هذا الأسبوع في مقاطعة كردستان الإيرانية.
وتأتي هذه الخطبة وتحريك الصواريخ كنوع من التحذير الإيراني بعد أن صدرت بعض التصريحات من الجانب الخليجي بأن دول مجلس التعاون لن تتحمل إدخال أسلحة نووية من قبل أية دولة إلى منطقة الخليج العربي. وهو إشارة واضحة إلى أن التهديد النووي الإيراني، إذا ما صاحب التهديد النووي الإسرائيلي يمثل مساساً مباشراً لمصالح دول مجلس التعاون، ولأمن الخليج والمنطقة العربية بشكل عام.
ولقد تعودنا في الماضي أن يكون التفاوض بين الدول بشكل مباشر، ويضع كل جانب على مائدة المفاوضات مطالبه ويحدد مصالحه الرئيسية، مقابل الطرف الآخر، ويصل الجانبان بعد نهاية المفاوضات إلى صيغة وسطى تحقق معظم الأهداف الرئيسية لكل جانب من طرفي المعادلة.
أما في المفاوضات غير التقليدية بين الولايات المتحدة وإيران فإنها بالفعل مفاوضات محفوفة بالمخاطر، فإيران يمكن لها أن تفعل الكثير لإزعاج الولايات المتحدة، سواءً في تحريك عملائها في العراق، أو في أفغانستان، أو في دول أخرى لضرب المصالح الأمريكية مباشرة، أو ضرب مصالح دول حليفة للولايات المتحدة.
الولايات المتحدة بدورها بدأت منذ فترة زمنية في تبني مجموعة من الأحزاب الإيرانية المعارضة في الخارج، مثل الأحزاب البلوشية والعربية وبعض الأحزاب الكردية. وتبدو سخونة المواجهة بين الحكومة الإيرانية والأكراد، إلى أن القوات الإيرانية اضطرت قبل عشرة أيام إلى ضرب بعض القرى الكردية العراقية، في محاولات استباقية لشلّ عمل بعض القوى والأحزاب الكردية المناهضة لطهران، وذلك بضربها على الأرض العراقية، كما تفعل القوات التركية في شمال العراق. ولا شك أن إيران لديها خوف تاريخي من الوضع الرسّي متعدد الأطياف في المجتمع الإيراني .
من ناحيتها، فإن إسرائيل تريد أيضاً تعطيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، أو إلغائها بكل الطرق الممكنة. وإن هي لم تنجح في ذلك، فإنها ستحاول الضغط على واشنطن وإدارة أوباما لوضع حدّ زمني لتحقيق هدف عدم وصول طهران إلى مستوى 20 % من التخصيب النووي.
أما دول مجلس التعاون فتخشى من أن المفاوضات المزمع عقدها بين الجانبين ستكون على شكل صفقة سياسية بين الجانبين الأمريكي والإيراني تسمح من جديد لطهران بأن تكون شرطي الخليج. وقد زار وزير الدفاع الأمريكي (روبرت جيتس) المنطقة مؤخراً، في محاولة منه لتهدئة هذه المخاوف سواء في منطقة الخليج العربي، أو في مصر وغيرها من بقية الدول العربية.
وواضح من جانب آخر حماس بعض الدول الأوروبية لإنجاح تشكيل صفقة سياسية بين الجانبين الأمريكي والإيراني في المنطقة، ولإعادة إدخال الشركات التجارية الأوروبية إلى السوق الإيرانية.
وتعيش الإدارة الإيرانية الحالية مرحلة خوف شديد من احتمال قيام إسرائيل بضربة استباقية ضد إيران، لأن إسرائيل كما صرحت مراراً وتكراراً لن تقبل لأحد بأن يقلص من احتكارها للأسلحة النووية في المنطقة، والشيء الوحيد الذي قد ينقذ إيران هو حصولها على قنبلة نووية جاهزة، وإشعار منافسيها أنها لن تتوانى عن استخدامها في حال تعرضها لأي خطر عسكري.
من ناحية دول مجلس التعاون، فإن المظلة التقليدية الأمريكية ستظل باقية حتى في حال انسحاب أو تقليص القوات الأمريكية في العراق. حيث حافظت الولايات المتحدة على تواجد عسكري يصل ما بين 11 – 13 ألف جندي في المنطقة، ودون أن يمثل ذلك عبئاً مالياً أو إدارياً على البنتاجون.
وإذا ما دخلت إيران في النادي النووي، فإن هناك عدداً من الخيارات المتاحة لدول المجلس، بعضها بعيد المدى، وأخرى قصيرة المدى. فربما تستطيع دول المجلس أو بعضاً منها الحصول على رأس أو رؤوس نووية جاهزة، وربما تطور هذه الدول أسلحة استراتيجية بديلة أخرى، وليست بالضرورة ذات طابع نووي. كما أن بعض دول المجلس يمكن لها أن تطلب مظلة نووية استراتيجية من قبل الولايات المتحدة، أو من دول نووية أخرى، وقد يصل الحد بدول المجلس إلى طلب الانسحاب من معاهدة الحد من التسلح النووي.
غير أن كل هذه الخيارات الاستراتيجية تعتمد على قدرة دول المجلس على تدريب أبنائها في المجالات الهندسية والفيزيائية ذات الصلة. فدون هذا التدريب للكوادر البشرية ستبقى هذه الدول أسيرة لخبرات مستوردة، وتكنولوجيا مستعارة.
وتبقى إيران في النهاية دولة إسلامية جاره يمكن لها أن تلعب دوراً مهماً في سلام المنطقة وازدهارها. وهو ما يفيد إيران وجيرانها. أما إذا أصرت إيران على الاستمرار في مجال البناء العسكري، خاصة النووي منه، فإن ذلك قد يقود المنطقة بأشملها في طريق سباق تسلح غير تقليدي.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة
ولعل المثير هو الحرب الكلامية التي بدأت تظهر من إيران، والتي صاحبتها على الأرض بعض التحركات السياسية. ولقد حاولت إيران اختبار الإرادة السياسية الأمريكية واحتجزت الصحفية الأمريكية ( روزانا صابري ) لبعض الوقت وربما ظهر هذا العمل من قبل بعض مراكز القوى المحافظة المعارضة لأي انفتاح مستقبلي بين الولايات المتحدة وإيران ، ولتخريب عملية التقارب هذه، غير أن الضغوط الأمريكية على إيران قد أفلحت في إطلاق سراح هذه الصحفية. كذلك فقد حملت بعض الصحف العربية أنباء غير مؤكدة عن تحريك إيران لبعض صواريخها تجاه منطقة الخليج العربي، كنوع من التهديد المباشر لهذه الدول، كما رصدت تصريحات استفزازية لمرشد الثورة في خطبة له هذا الأسبوع في مقاطعة كردستان الإيرانية.
وتأتي هذه الخطبة وتحريك الصواريخ كنوع من التحذير الإيراني بعد أن صدرت بعض التصريحات من الجانب الخليجي بأن دول مجلس التعاون لن تتحمل إدخال أسلحة نووية من قبل أية دولة إلى منطقة الخليج العربي. وهو إشارة واضحة إلى أن التهديد النووي الإيراني، إذا ما صاحب التهديد النووي الإسرائيلي يمثل مساساً مباشراً لمصالح دول مجلس التعاون، ولأمن الخليج والمنطقة العربية بشكل عام.
ولقد تعودنا في الماضي أن يكون التفاوض بين الدول بشكل مباشر، ويضع كل جانب على مائدة المفاوضات مطالبه ويحدد مصالحه الرئيسية، مقابل الطرف الآخر، ويصل الجانبان بعد نهاية المفاوضات إلى صيغة وسطى تحقق معظم الأهداف الرئيسية لكل جانب من طرفي المعادلة.
أما في المفاوضات غير التقليدية بين الولايات المتحدة وإيران فإنها بالفعل مفاوضات محفوفة بالمخاطر، فإيران يمكن لها أن تفعل الكثير لإزعاج الولايات المتحدة، سواءً في تحريك عملائها في العراق، أو في أفغانستان، أو في دول أخرى لضرب المصالح الأمريكية مباشرة، أو ضرب مصالح دول حليفة للولايات المتحدة.
الولايات المتحدة بدورها بدأت منذ فترة زمنية في تبني مجموعة من الأحزاب الإيرانية المعارضة في الخارج، مثل الأحزاب البلوشية والعربية وبعض الأحزاب الكردية. وتبدو سخونة المواجهة بين الحكومة الإيرانية والأكراد، إلى أن القوات الإيرانية اضطرت قبل عشرة أيام إلى ضرب بعض القرى الكردية العراقية، في محاولات استباقية لشلّ عمل بعض القوى والأحزاب الكردية المناهضة لطهران، وذلك بضربها على الأرض العراقية، كما تفعل القوات التركية في شمال العراق. ولا شك أن إيران لديها خوف تاريخي من الوضع الرسّي متعدد الأطياف في المجتمع الإيراني .
من ناحيتها، فإن إسرائيل تريد أيضاً تعطيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، أو إلغائها بكل الطرق الممكنة. وإن هي لم تنجح في ذلك، فإنها ستحاول الضغط على واشنطن وإدارة أوباما لوضع حدّ زمني لتحقيق هدف عدم وصول طهران إلى مستوى 20 % من التخصيب النووي.
أما دول مجلس التعاون فتخشى من أن المفاوضات المزمع عقدها بين الجانبين ستكون على شكل صفقة سياسية بين الجانبين الأمريكي والإيراني تسمح من جديد لطهران بأن تكون شرطي الخليج. وقد زار وزير الدفاع الأمريكي (روبرت جيتس) المنطقة مؤخراً، في محاولة منه لتهدئة هذه المخاوف سواء في منطقة الخليج العربي، أو في مصر وغيرها من بقية الدول العربية.
وواضح من جانب آخر حماس بعض الدول الأوروبية لإنجاح تشكيل صفقة سياسية بين الجانبين الأمريكي والإيراني في المنطقة، ولإعادة إدخال الشركات التجارية الأوروبية إلى السوق الإيرانية.
وتعيش الإدارة الإيرانية الحالية مرحلة خوف شديد من احتمال قيام إسرائيل بضربة استباقية ضد إيران، لأن إسرائيل كما صرحت مراراً وتكراراً لن تقبل لأحد بأن يقلص من احتكارها للأسلحة النووية في المنطقة، والشيء الوحيد الذي قد ينقذ إيران هو حصولها على قنبلة نووية جاهزة، وإشعار منافسيها أنها لن تتوانى عن استخدامها في حال تعرضها لأي خطر عسكري.
من ناحية دول مجلس التعاون، فإن المظلة التقليدية الأمريكية ستظل باقية حتى في حال انسحاب أو تقليص القوات الأمريكية في العراق. حيث حافظت الولايات المتحدة على تواجد عسكري يصل ما بين 11 – 13 ألف جندي في المنطقة، ودون أن يمثل ذلك عبئاً مالياً أو إدارياً على البنتاجون.
وإذا ما دخلت إيران في النادي النووي، فإن هناك عدداً من الخيارات المتاحة لدول المجلس، بعضها بعيد المدى، وأخرى قصيرة المدى. فربما تستطيع دول المجلس أو بعضاً منها الحصول على رأس أو رؤوس نووية جاهزة، وربما تطور هذه الدول أسلحة استراتيجية بديلة أخرى، وليست بالضرورة ذات طابع نووي. كما أن بعض دول المجلس يمكن لها أن تطلب مظلة نووية استراتيجية من قبل الولايات المتحدة، أو من دول نووية أخرى، وقد يصل الحد بدول المجلس إلى طلب الانسحاب من معاهدة الحد من التسلح النووي.
غير أن كل هذه الخيارات الاستراتيجية تعتمد على قدرة دول المجلس على تدريب أبنائها في المجالات الهندسية والفيزيائية ذات الصلة. فدون هذا التدريب للكوادر البشرية ستبقى هذه الدول أسيرة لخبرات مستوردة، وتكنولوجيا مستعارة.
وتبقى إيران في النهاية دولة إسلامية جاره يمكن لها أن تلعب دوراً مهماً في سلام المنطقة وازدهارها. وهو ما يفيد إيران وجيرانها. أما إذا أصرت إيران على الاستمرار في مجال البناء العسكري، خاصة النووي منه، فإن ذلك قد يقود المنطقة بأشملها في طريق سباق تسلح غير تقليدي.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة