-A +A
بشرى فيصل السباعي
بكثير من الأسف تابعت تداعيات شائعة وجود مادة الزئبق الأحمر الخرافية في ماكينات الخياطة ووصول ثمنها لعشرات الألوف، أين أثر التعليم في العقلية الجماعية إن كانت قابلة للتصديق بخرافة كهذه؟! والتي تعد استمرارا لخرافة «الإكسير ـ حجر الفلاسفة» التي تحول المعادن الرخيصة إلى ثمينة، لكن هناك خيط مثير للاهتمام يتعلق بأصل محتمل لهذه الشائعة تنبهنا إليه قضية تعود لسبتمبر 2004 حين ألقي القبض على ثلاثة بريطانيين في بريطانيا بتهمة الإرهاب في عملية استدراج استخباراتية كان الطعم فيها الزئبق الأحمر، والثلاثة هم: عبدالرحمن كانياري(53عاما)، دومنيك مارتينز (45عاما)، روك فيرنانديز (44عاما)، واستدرجوا عبر متعاون بريطاني يدعى «مازهور محمد» تقمص شخصية شيخ عربي يريد شراء كيلوجرام من الزئبق الأحمر بخمسمائة ألف يورو لاستخدامها في صنع متفجرات لأهداف إرهابية، وكانت تهمتهم الرسمية «التوسط لحيازة مادة زئبقية خطيرة لغاية الإرهاب» وأثناء المحاكمة دعا الادعاء لعدم الاعتبار لكون المادة وهمية، والاعتبار لأنهم توسطوا في صفقة شراء مادة كانت معلوماتهم عنها أنها خطيرة ومشعة وستستعمل لتصنيع متفجرات إرهابية، فالزئبق الأحمر معروف في الغرب كمادة خرافية خاصيتها أنها تدخل في تصنيع متفجرات لها قوة التفجير النووي، بينما في الشرق خاصيتها تتعلق بالشعوذة، لكن في فبراير 2009 ألقى الأمن الجزائري القبض على رجل بمدينة البرواقية بتهمة حيازة الزئبق الأحمر وخمسة آخرين ووجهت للستة تهمة الإرهاب بناء على التعميم الدولي الاستخباراتي لكون هذه المادة الخرافية باتت مطلبا للإرهابيين لاستعمالها في المتفجرات، حتى إنه أنتج فيلم سينمائي بريطاني في 2005 بعنوان «الزئبق الأحمر» إخراج روي باتيرسبي، عرض في مهرجان كان السينمائي 2005، وتتمحور قصته حول ثلاثة مسلمين بريطانيين يعملون على تصنيع قنبلة إرهابية باستعمال الزئبق الأحمر. وتعود شائعة استعمال الزئبق الأحمر في القنابل لفترة تفكك الاتحاد السوفيتي، وهناك نظريتان حولها؛ الأولى:أن الزئبق الأحمر هو مسمى استخباراتي أمريكي رمزي لليورانيوم المهرب من المنشآت النووية السوفيتية المنحلة والذي عرض للبيع للدول «المارقة» والإرهابيين، فتوهم البعض أن الزئبق الأحمر مادة حقيقية وسعى لشرائها، أما النظرية الثانية فتقول:إن السوفيت توصلوا لمادة لها الخاصية المزعومة للزئبق الأحمر، وأبرز القائلين بها مخترع «القنبلة النيوترونية» والذي عمل في مشروع منهاتن لصنع القنبلة النووية الأمريكية، (د.صموئيل كوهين) الذي يزعم أن السوفيت توصلوا لتصنيع قنابل بوزن4.5 كيلوجرام تحتوي الزئبق الأحمر بطاقة تفجيرية كالقنابل النووية، وأن الرئيس الروسي يلتسن سمح ببيع الزئبق الأحمر، والأمريكيون ينكرون وجود الزئبق الأحمر لصعوبة السيطرة على انتشاره لأنه لا يحتاج للبنية التحتية التي يحتاجها النووي، وأن مابين 3-100 من هذه القنابل بيد الإرهابيين، وأن مندوب هيئة الطاقة الدولية عثر على وثائق في منشأة عراقية لعروض لشراء الزئبق الأحمر. لكن واقعيا كل ما عثر عليه في العمليات الاستخباراتية عالميا أصباغ حمراء وأكسيد الزئبق وأيوديد الزئبق وكلاهما مادتان كيميائيتان عاديتان لونهما أحمر، وعقب قضية البريطانيين صرحت هيئة الطاقة النووية الدولية بأن الزئبق الأحمر لا وجود له». وهذه هي خلفية الزئبق الأحمر عالميا، أما محليا فالله أعلم بمصدر وغاية خرافة الزئبق الأحمر في ماكينات الخياطة!
bushra.sbe@gmail.com




للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة