بعد قرن من الزمن أشعر أنا ويشعر نظرائي، بشيء يشبه الحسرة والندم إذا ما استعرضنا هذا الشريط الزمني الطويل نسبة إلى ما أنجزناه خلاله، فالحقيقة أننا لم ننجز شيئاً وأننا أنفقنا نصف أعمارنا في البحث عن إجابة لسؤال صعب ومحير جداً هو: ماذا يمكن أن نكون...؟ وبعد هذه الفترة لم نوفق في الإجابة عنه وظل السؤال مع تحوير بسيط هو ماذا كان يمكن أن نكون؟
- كان التعليم قاسماً مشتركاً يجمعنا، وكان لزاماً علينا أن نعبر إلى المستقبل من خلال مراحله المختلفة المتدرجة بروتينية صارمة، وباعتباره الوسيلة المثلى للمعرفة - وفقاً للنظرة السائدة - إلا أنه لم يقدم لنا إجابة شافية للسؤال السابق، ماذا يمكن أن نكون؟ ولم يفلح في إشباع فضولنا الشبق لمعرفة من نوع آخر، معرفة توظف طاقاتنا المشتعلة في أعماقنا. كانت في ذواتنا رغبات لا يستطيع التعليم تلبيتها بشكليه السابق والحالي، وبنمطيته التي ترى أن «الظفر» لا يجب أن يرتفع مليمتراً واحداً عن لحمة الإصبع وينبغي تقليمه باستمرار، وترى أن العين لا يجب أن تعلو على الحاجب، وهكذا كانت كل رغبة خارج إطار التعليم ولا يوفرها المنهج تُقلّم .. ومثالاً لذلك كانت ومازالت هوايات «كالرياضة، الموسيقى، التمثيل، القراءة الحرة..» إلى غير ذلك ، أموراً يجب أن تقنن علينا إلى أقصى حد ومن الجنون أن يفكر أحدنا في احتراف أيٍ منها، إذ إن ذلك يعد خروجاً على خط التعليم الذي كل الطرق فيه تؤدي إلى روما.. روما فقط.
- وبعد ربع قرن من الزمن، أعترف بأن التعليم - بشكله السائد - لم يكن خطاً، وأدعو للانقلاب عليه، لأنه سطحنا وأخرج من جيلنا متعدد الطموح والآمال نسخة واحدة بلا ملامح، وحشرنا في قمقم وزارة الخدمة المدنية.
- وبعد ربع قرن أتهمه بأنه المسؤول عن عمل أبناء قريتنا جميعهم في سلك التدريس، والمسؤول عن تحول ابن عمي إلى سمسار في معارض السيارات بعد أن كان لاعب كرة قدم في الفريق الأول بالنادي، والمسؤول عن تحول ابنة جارنا إلى أستاذة في التدبير المنزلي بعد أن كانت قد قطعت شوطاً متميزاً في الرسم والكتابة يبشر بفنانة أو قاصة فذة. وهو المسؤول عن محاولات أولاد حارتنا الحثيثة والدائمة عبور الحدود بصورة غير قانونية بحثاً عن مهنة شاغرة مهما بلغت صعوبتها.. وبعد عشرة أعوام تقريباً على المرحلة الإعدادية، مازالت تدوي في أذني الصفعة القوية التي هوى بها مدير مدرستنا على وجه طالب أمسك «بمايك الإذاعة المدرسية» وغنى أغنية لأحمد فتحي أذكر تماماً أنها «المهم أنت يا أحوم» وأذكر كيف تحول الطلاب في طابور الصباح إلى كورس يردد خلف الطالب مقاطع الأغنية..
- وبعد ربع قرن من الزمن لا أطالب بإقامة مجتمع طوباوي يعيش في بحبوحة و رغد من العيش حالماً ينفق وقته في الغناء ومغازلة القمر،كل ما أدعو إليه هو إعادة النظر في شكل التعليم الحالي، وفق بحوث ودراسات عميقة، شاملة غير مجتزئة، لا تترفع عن رصد مختلف ميول واهتمامات الجيل التي يتسم بها مهما بدت تافهة أو زائدة دودية في نظر البعض بحيث نطرح في متناول الجيل القادم شكلاً متقدماً من أشكال التعليم لا يسلبه ذاته ولا يحرق سنوات عمره فيما لا طائل من ورائه، شكلاً يسير فيه تدريس الموسيقى في خط متوازٍ مع تدريس علوم الطيران، هذا الشكل التعليمي الشامل والمدروس فقط هو الذي في مقدوره أن يقلص الهوة بيننا وبين شعوب العالم المتقدم ويقفز بنا قفزات مثمرة في مختلف مناحي المعرفة ويسلك أقصر الطرق وأقربها إلى مركز العصر بحيث يكون في وسعنا بعد ذلك أن نقول تقريباً: نحن من أبناء القرن الحادي والعشرين علمياً وعملياً، لا أن نظل أبناء تاريخيين وغير شرعيين علاقتنا بالقرن الجديد علاقة تبني لا مخاض.
Salah_Aldkak@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 216 مسافة ثم الرسالة
- كان التعليم قاسماً مشتركاً يجمعنا، وكان لزاماً علينا أن نعبر إلى المستقبل من خلال مراحله المختلفة المتدرجة بروتينية صارمة، وباعتباره الوسيلة المثلى للمعرفة - وفقاً للنظرة السائدة - إلا أنه لم يقدم لنا إجابة شافية للسؤال السابق، ماذا يمكن أن نكون؟ ولم يفلح في إشباع فضولنا الشبق لمعرفة من نوع آخر، معرفة توظف طاقاتنا المشتعلة في أعماقنا. كانت في ذواتنا رغبات لا يستطيع التعليم تلبيتها بشكليه السابق والحالي، وبنمطيته التي ترى أن «الظفر» لا يجب أن يرتفع مليمتراً واحداً عن لحمة الإصبع وينبغي تقليمه باستمرار، وترى أن العين لا يجب أن تعلو على الحاجب، وهكذا كانت كل رغبة خارج إطار التعليم ولا يوفرها المنهج تُقلّم .. ومثالاً لذلك كانت ومازالت هوايات «كالرياضة، الموسيقى، التمثيل، القراءة الحرة..» إلى غير ذلك ، أموراً يجب أن تقنن علينا إلى أقصى حد ومن الجنون أن يفكر أحدنا في احتراف أيٍ منها، إذ إن ذلك يعد خروجاً على خط التعليم الذي كل الطرق فيه تؤدي إلى روما.. روما فقط.
- وبعد ربع قرن من الزمن، أعترف بأن التعليم - بشكله السائد - لم يكن خطاً، وأدعو للانقلاب عليه، لأنه سطحنا وأخرج من جيلنا متعدد الطموح والآمال نسخة واحدة بلا ملامح، وحشرنا في قمقم وزارة الخدمة المدنية.
- وبعد ربع قرن أتهمه بأنه المسؤول عن عمل أبناء قريتنا جميعهم في سلك التدريس، والمسؤول عن تحول ابن عمي إلى سمسار في معارض السيارات بعد أن كان لاعب كرة قدم في الفريق الأول بالنادي، والمسؤول عن تحول ابنة جارنا إلى أستاذة في التدبير المنزلي بعد أن كانت قد قطعت شوطاً متميزاً في الرسم والكتابة يبشر بفنانة أو قاصة فذة. وهو المسؤول عن محاولات أولاد حارتنا الحثيثة والدائمة عبور الحدود بصورة غير قانونية بحثاً عن مهنة شاغرة مهما بلغت صعوبتها.. وبعد عشرة أعوام تقريباً على المرحلة الإعدادية، مازالت تدوي في أذني الصفعة القوية التي هوى بها مدير مدرستنا على وجه طالب أمسك «بمايك الإذاعة المدرسية» وغنى أغنية لأحمد فتحي أذكر تماماً أنها «المهم أنت يا أحوم» وأذكر كيف تحول الطلاب في طابور الصباح إلى كورس يردد خلف الطالب مقاطع الأغنية..
- وبعد ربع قرن من الزمن لا أطالب بإقامة مجتمع طوباوي يعيش في بحبوحة و رغد من العيش حالماً ينفق وقته في الغناء ومغازلة القمر،كل ما أدعو إليه هو إعادة النظر في شكل التعليم الحالي، وفق بحوث ودراسات عميقة، شاملة غير مجتزئة، لا تترفع عن رصد مختلف ميول واهتمامات الجيل التي يتسم بها مهما بدت تافهة أو زائدة دودية في نظر البعض بحيث نطرح في متناول الجيل القادم شكلاً متقدماً من أشكال التعليم لا يسلبه ذاته ولا يحرق سنوات عمره فيما لا طائل من ورائه، شكلاً يسير فيه تدريس الموسيقى في خط متوازٍ مع تدريس علوم الطيران، هذا الشكل التعليمي الشامل والمدروس فقط هو الذي في مقدوره أن يقلص الهوة بيننا وبين شعوب العالم المتقدم ويقفز بنا قفزات مثمرة في مختلف مناحي المعرفة ويسلك أقصر الطرق وأقربها إلى مركز العصر بحيث يكون في وسعنا بعد ذلك أن نقول تقريباً: نحن من أبناء القرن الحادي والعشرين علمياً وعملياً، لا أن نظل أبناء تاريخيين وغير شرعيين علاقتنا بالقرن الجديد علاقة تبني لا مخاض.
Salah_Aldkak@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 216 مسافة ثم الرسالة