أمسى موضوع «الأمن الفكري» حاجة ضرورية لكافة الدول العربية والإسلامية ومجتمعاتها وليس للسعودية فقط، خاصة في ظل الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان، ولما تختزنه هذه الأحداث والمجتمعات من قنابل موقوتة قابلة للانفجار، في أي وقت وتحت أي ظرف، تقوم على التشدد الفكري والتوتر الطائفي والفئوية البغيضة والتوجهات المنحرفة والانفتاح غير المنضبط، لاسيما أن هذه البلدان والمجتمعات تحتضن تعدديات متنوعة فكريا ودينيا ومذهبيا وسياسيا.
يأتي طرح موضوع «الأمن الفكري» في سياق حزمة من الشؤون الأمنية، التي في مجملها تعمل بهدف حماية ووقاية الوطن والمواطن والمجتمع من كل آفة، «الأمن السياسي»، «الأمن الاجتماعي»، «الأمن الجنائي»، «الأمن العام»، «أمن الطرق»، «أمن الشخصيات»، ولن يكون آخرها ما سمي اليوم بـ«الأمن الفكري»، الذي يتضمن من عنوانه المباشر الأمن الثقافي والقيمي للفرد والمجتمع والوطن. ويختزن كل عنوان منها على مئات الألوف من تجارب البشر والمجتمعات، ويقوم على جهود مؤسسات ضخمة من الأفراد والأموال والكفأءات المتميزة.
ويأتي طرح موضوع «الأمن الفكري»، الذي تبناه النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز مؤخرا، في سياق ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين من خلال الحوار الوطني الذي يحتضن ويرعى التعددية الفكرية والثقافية والمذهبية للمجتمع والوطن، وفي سياق ما أثبته مؤتمر مكة حول تعدد المذاهب الإسلامية للعالم العربي والإسلامي.
لقد أثبتت تجارب العقد الأخير أن آفة الأمن الفكري في الدول الإسلامية حاليا هي التشدد الفكري الذي تعاني منه مجتمعات البلاد العربية والإسلامية. ويشهد على ذلك المسارات التي سار عليها قطار الإرهاب ـ وهو نتاج للتشدد الفكري ـ دون توقف منذ 11 سبتمبر 2001 لغاية اليوم من نيويورك إلى شرق آسيا مرورا بأوروبا وبلاد المغرب العربي ودول الخليج العربي والعراق وباكستان وأفغانستان. وقد أثبتت تلك التجارب كم نحن متأخرون في حماية مجتمعاتنا من التشدد الفكري حتى أمسينا في أمس الحاجة «للأمن الفكري»، ولكن أن نصل متأخرين خيرا من أن لا نصل.
بيد أنه ينبغي أن نتذكر جيدا أن إرهاصات التشدد الفكري لها دائما مفاعيل مسبقة توحي بوجود التشدد الفكري بين جنباتنا على مستوى الأفراد والمجتمع، ولكننا نتسامح معها من باب لعل وعسى أحيانا، أو من باب أنها موجة مؤقتة وتنتهي أحيانا أخرى، أو من باب أن من يقوم بها أولادنا الذين نثق بهم وسيعودون إلى رشدهم عما قريب! وهي مبررات تقوم على قاعدة «حسن الظن» التي تتطلب الحزم حتى مع الأبناء إذا أردنا لـتجربة «الأمن الفكري» أن تنجح على أرض الواقع.
«الأمن الفكري» في حقيقته مشروع عمل أكثر من كونه موضوعا نظريا للنقاش والبحث. لذا ينبغي الإشارة إلى أهمية وضع معايير دائمة تقيس مستوى وجود التشدد الفكري بيننا أو تفيد انتهاءنا منه. وهي معايير لا تنحصر على الجانب الديني وممارسات من عندهم ميول تشددية فقط، بل هي أعم وتتعلق بمجمل حياة الناس، لأن التشدد يتجلى في صور واسعة لا تنحصر في التشدد الديني، كالتشدد الذي ينتج العنف الأسري والتشدد الذي يفضي إلى نزاعات أدبية والتشدد الذي يعطل رقي المجتمع والوطن... إلخ. وجل ذلك بحاجة إلى مقدمات ترصد الواقع وتبني المعايير على ضوء ما يجري في الشارع العام من حراك سياسي وثقافي وديني. وأخيرا نتمنى لتجربة «الأمن الفكري» النجاح في بلادنا لتكون أنموذجا للبلدان الأخرى. والله من وراء القصد.
kshabib@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 141 مسافة ثم الرسالة
يأتي طرح موضوع «الأمن الفكري» في سياق حزمة من الشؤون الأمنية، التي في مجملها تعمل بهدف حماية ووقاية الوطن والمواطن والمجتمع من كل آفة، «الأمن السياسي»، «الأمن الاجتماعي»، «الأمن الجنائي»، «الأمن العام»، «أمن الطرق»، «أمن الشخصيات»، ولن يكون آخرها ما سمي اليوم بـ«الأمن الفكري»، الذي يتضمن من عنوانه المباشر الأمن الثقافي والقيمي للفرد والمجتمع والوطن. ويختزن كل عنوان منها على مئات الألوف من تجارب البشر والمجتمعات، ويقوم على جهود مؤسسات ضخمة من الأفراد والأموال والكفأءات المتميزة.
ويأتي طرح موضوع «الأمن الفكري»، الذي تبناه النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز مؤخرا، في سياق ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين من خلال الحوار الوطني الذي يحتضن ويرعى التعددية الفكرية والثقافية والمذهبية للمجتمع والوطن، وفي سياق ما أثبته مؤتمر مكة حول تعدد المذاهب الإسلامية للعالم العربي والإسلامي.
لقد أثبتت تجارب العقد الأخير أن آفة الأمن الفكري في الدول الإسلامية حاليا هي التشدد الفكري الذي تعاني منه مجتمعات البلاد العربية والإسلامية. ويشهد على ذلك المسارات التي سار عليها قطار الإرهاب ـ وهو نتاج للتشدد الفكري ـ دون توقف منذ 11 سبتمبر 2001 لغاية اليوم من نيويورك إلى شرق آسيا مرورا بأوروبا وبلاد المغرب العربي ودول الخليج العربي والعراق وباكستان وأفغانستان. وقد أثبتت تلك التجارب كم نحن متأخرون في حماية مجتمعاتنا من التشدد الفكري حتى أمسينا في أمس الحاجة «للأمن الفكري»، ولكن أن نصل متأخرين خيرا من أن لا نصل.
بيد أنه ينبغي أن نتذكر جيدا أن إرهاصات التشدد الفكري لها دائما مفاعيل مسبقة توحي بوجود التشدد الفكري بين جنباتنا على مستوى الأفراد والمجتمع، ولكننا نتسامح معها من باب لعل وعسى أحيانا، أو من باب أنها موجة مؤقتة وتنتهي أحيانا أخرى، أو من باب أن من يقوم بها أولادنا الذين نثق بهم وسيعودون إلى رشدهم عما قريب! وهي مبررات تقوم على قاعدة «حسن الظن» التي تتطلب الحزم حتى مع الأبناء إذا أردنا لـتجربة «الأمن الفكري» أن تنجح على أرض الواقع.
«الأمن الفكري» في حقيقته مشروع عمل أكثر من كونه موضوعا نظريا للنقاش والبحث. لذا ينبغي الإشارة إلى أهمية وضع معايير دائمة تقيس مستوى وجود التشدد الفكري بيننا أو تفيد انتهاءنا منه. وهي معايير لا تنحصر على الجانب الديني وممارسات من عندهم ميول تشددية فقط، بل هي أعم وتتعلق بمجمل حياة الناس، لأن التشدد يتجلى في صور واسعة لا تنحصر في التشدد الديني، كالتشدد الذي ينتج العنف الأسري والتشدد الذي يفضي إلى نزاعات أدبية والتشدد الذي يعطل رقي المجتمع والوطن... إلخ. وجل ذلك بحاجة إلى مقدمات ترصد الواقع وتبني المعايير على ضوء ما يجري في الشارع العام من حراك سياسي وثقافي وديني. وأخيرا نتمنى لتجربة «الأمن الفكري» النجاح في بلادنا لتكون أنموذجا للبلدان الأخرى. والله من وراء القصد.
kshabib@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 141 مسافة ثم الرسالة