ارتبط حيوان الخنزير بعدم الغيرة على أنثاه، وذهب البعض في تحريمه إلى أن من يتناول لحمه يصبح إنسانا «ديوثا» هذه الصفة الذميمة يسلم بها الكثيرون. ولكن ماذا يقول العلم في هذه المسألة؟ وإذا كان للغذاء تأثير وقتي في السلوك، فهل يمتد هذا التأثير ليغير في جينات الإنسان، انطلاقا من أن الغيرة صفة جينية تتوارث ؟ وما هي حدود هذا التغيير ؟
بداية تحدث استشاري الأمراض الباطنية ومدير مركز أخلاقيات الطب الخبير في المجامع الفقهية الدكتور محمد علي البار قائلا : لاشك في أن جسم الإنسان يتأثر بالغذاء والدواء ولكن ذلك لا يؤثر على سلوكيات الإنسان، فأنواع الغذاء تتحول إلى مواد بفعل تفاعلات عدة، فالمواد الضارة تؤثر فيها بتزويد مواد الأكسدة وتعمل على تحطيم الكروموزومات وتؤثر عليها، وهذا أمر ثابت، والسؤال المطروح: هل ينتقل هذا التأثير على سلوك وأخلاقيات الإنسان أم لا ؟، وهل هناك أغذية تؤثر على جينات تحكم سلوك الإنسان؟
ويضيف: المعلوم أن الأخلاق والسلوكيات تتشكل من عدة عوامل، تتداخل فيها الوراثة والتربية والبيئة المحيطة بالإنسان والديانة التي يعتقد بها، كما أن الإرادة تتحكم كثيرا في سلوك الإنسان، لذلك من الصعوبة وضع قواعد معينة عند الحديث عن سلوك وأخلاقيات الإنسان فلكل شخص عدة عوامل أثرت فيه وجعلته يتجه إلى إطار معين.
وحول تأثير أكل لحم الخنزير على أخلاقيات الشخص وتحوله إلى شخص قليل الغيرة على محارمه، قال البار: لايوجد دليل علمي يؤكد ذلك، ولكن لا توجد أيضا نظرية تنفي الكلام بشكل نهائي، فالمعروف علميا أن الخنازير من الحيوانات التي لاتغار على إناثها ولاتدافع عنها بل تتركها في حالة تعرض الخنزير للخطر، وفي المقابل هناك حيوانات أصغر من الخنزير ولكنها أكثر حمية وغيرة على إناثها، كما أن هناك أناسا غير مسلمين يأكلون لحم الخنزير هل لايملكون الغيرة ؟، فالقضية بحاجة إلى دراسات متأنية ودقيقية لإصدار حكم نهائي.
واستدرك البار قائلا: المثبت أن الخنزير يتغذى على القمائم والقاذورات وأكله يسبب كثيرا من الأمراض بسبب الديدان التي يحتويها، فهو حيوان قذر ويسبب العديد من الأمراض والإسلام ليس الدين السماوي الوحيد الذي حرم أكل لحم الخنزير، بل إن المسيحية حرمت أكله وهذا موجود في الإنجيل، ولكن بولس الذي حرف المسيحية وجعل الديانة المسيحية أقرب للوثنية والوثنيين حلل كثيرا من المحرمات التي حرمها الإنجيل، لذلك يتبع الغرب تعليمات بولس أكثر من تعليمات النبي عيسى عليه السلام، وإلا فإن أكل لحم الخنزير محرم في الديانة الإسلامية والمسيحية.
عوامل تراكمية
من جانبه يؤكد استاذ علم الأجنة وزراعة الخلايا الجينية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور صالح الكريم صعوبة تغيير الجينات قائلا: التعديل في الجينات ليس سهلا، ولكن التراكم الغذائي بتناول مواد غذائية بعينها قد يؤثر مع مرور الوقت، في الجينات وماثبت علميا أن بعض المواد الكيمائية إذا وصلت إلى حد معروف عنها تؤثر على التركيبة الأساسية للجينات وتحدث سرطانات، فالأغذية تحتوي على مركبات كثيرة، ولكن تكرار تناول بعضها وبجرعات كافية يمكن أن يؤثر على تركيب الجينات، وهي قضية لايمكن الوصول إليها إلا بأسلوب تراكمي فالتعرض للأشعة مثلا لمرة واحدة غير ضار ولكن تكرار التعرض لها يؤدي إلى سرطانات.. وعند حديثنا عن السلوك فإن العامل المؤثر فيه هو البيئة، حيث يعدل التأثير البيئي في السلوكيات أكثر ( فالعلم بالتعلم والصبر بالتصبر ) فهذه صفات يمكن اكتسابها ولا تدخل في جانب الجينات.
وأضاف الكريم: إن ربط تحريم لحم الخنزير بإعطائه نتائج سلبية في الجانب السلوكي تحول الإنسان إلى فاقد للغيرة فإن الأمر يتعلق هنا بحكمة علمية لايدركها سوى الشارع الحكيم وقد تظهر نتائجها فيما بعد في سنوات قادمة، ولدينا أنموذج مشابه لذلك هو تذكية الحيوانات عند ذبحها فقد تبين للعلماء فيما بعد أن الحكم الشرعي صحيح ومثبت علميا لأنه عند تذكية الحيوان عند قتله فإن القلب يصدر أمره لجميع أعضاء الجسم فيخرج الدم من الجسم عند الذبح مما يمنع وقوع الأمراض وفساد اللحم بسبب بقاء الدم الملوث فيه.
واستطرد قائلا : أحيانا نقع في فخ الفهم غير الصحيح بمطالبتنا الدائمة بتقديم الدليل العلمي لأن هناك أحكاما شرعية علمية ظاهرة وباطنة لايعرفها إلا الشارع الحكيم، وقد تظهر في السنوات القادمة اكتشافات علمية تؤدي إلى ربط أكل لحم الخنزير بتحولات سلوكية وأخلاقية تتعلق بفقد الحمية والغيرة تجاه المحارم.
إثبات علمي
ويرى أستاذ أمراض الدم الوراثية والأورام في مركز قاري الطبي الدكتور عبد الرحيم قاري أن الجينات كتركيبة لا تتأثر مباشرة بالغذاء ولكن خلال العشر سنوات الماضية بدأنا نعرف تفعيلها وتنشيطها وإيقاف بعضها وتعطيلها لفترة معينة، فيمكن أن تتأثر بعوامل حول الجينات كالبروتينات مثلا، من خلال تفاعلات كيمائية حول DNA وهذا العلم مازال في بداياته ولم نكمل بعد مسيرته حتى نعرف النتائج النهائية.
وأضاف قاري: لكن من ملاحظات سريرية فإن بعض الناس الذين لديهم زيادة وزن تزداد إصاباتهم بالأمراض وخصوصا السكري والضغط والسرطانات بشتى أنواعها مما هو نتاج طفرات جينية بسبب الإفراط في تناول السكريات والدهون واللحوم، وتابع كلامه قائلا: أما تأثير الغذاء على سلوك الإنسان فلا يمكن نفي ذلك مطلقا، فأحيانا يؤثر الغذاء على السلوك بشكل غير مباشر فمرض التوحد مثلا عبارة عن اضطراب سلوكي وهناك مؤشرات تدل على أن أحد مسببات المرض ناتج عن اضطرابات غذائية للطفل وأمه.
وحول تحريم لحم الخنزير وتأثير أكله على سلوك الإنسان قال قاري: ماحرمه الشرع سواء لحم الخنزير أو الخمر فنحن نمتثل لأوامره لأن التحريم من أجل علة يعلمها الله ونحن لانريد الوقوع في مقلب الدودة الشريطية الموجودة في الخنزير، وربما هناك حكمة من أجل التحريم والحديث النبوي حرم أكل لحم الخنزير ولانعرف ربما نكتشف مؤشرات تحريمه علميا وعلاقات تناوله بالسلوك الأخلاقي وهو واجب على الباحثين والعلماء لتقصي ماورد في الأثر وإثباته علميا.
بداية تحدث استشاري الأمراض الباطنية ومدير مركز أخلاقيات الطب الخبير في المجامع الفقهية الدكتور محمد علي البار قائلا : لاشك في أن جسم الإنسان يتأثر بالغذاء والدواء ولكن ذلك لا يؤثر على سلوكيات الإنسان، فأنواع الغذاء تتحول إلى مواد بفعل تفاعلات عدة، فالمواد الضارة تؤثر فيها بتزويد مواد الأكسدة وتعمل على تحطيم الكروموزومات وتؤثر عليها، وهذا أمر ثابت، والسؤال المطروح: هل ينتقل هذا التأثير على سلوك وأخلاقيات الإنسان أم لا ؟، وهل هناك أغذية تؤثر على جينات تحكم سلوك الإنسان؟
ويضيف: المعلوم أن الأخلاق والسلوكيات تتشكل من عدة عوامل، تتداخل فيها الوراثة والتربية والبيئة المحيطة بالإنسان والديانة التي يعتقد بها، كما أن الإرادة تتحكم كثيرا في سلوك الإنسان، لذلك من الصعوبة وضع قواعد معينة عند الحديث عن سلوك وأخلاقيات الإنسان فلكل شخص عدة عوامل أثرت فيه وجعلته يتجه إلى إطار معين.
وحول تأثير أكل لحم الخنزير على أخلاقيات الشخص وتحوله إلى شخص قليل الغيرة على محارمه، قال البار: لايوجد دليل علمي يؤكد ذلك، ولكن لا توجد أيضا نظرية تنفي الكلام بشكل نهائي، فالمعروف علميا أن الخنازير من الحيوانات التي لاتغار على إناثها ولاتدافع عنها بل تتركها في حالة تعرض الخنزير للخطر، وفي المقابل هناك حيوانات أصغر من الخنزير ولكنها أكثر حمية وغيرة على إناثها، كما أن هناك أناسا غير مسلمين يأكلون لحم الخنزير هل لايملكون الغيرة ؟، فالقضية بحاجة إلى دراسات متأنية ودقيقية لإصدار حكم نهائي.
واستدرك البار قائلا: المثبت أن الخنزير يتغذى على القمائم والقاذورات وأكله يسبب كثيرا من الأمراض بسبب الديدان التي يحتويها، فهو حيوان قذر ويسبب العديد من الأمراض والإسلام ليس الدين السماوي الوحيد الذي حرم أكل لحم الخنزير، بل إن المسيحية حرمت أكله وهذا موجود في الإنجيل، ولكن بولس الذي حرف المسيحية وجعل الديانة المسيحية أقرب للوثنية والوثنيين حلل كثيرا من المحرمات التي حرمها الإنجيل، لذلك يتبع الغرب تعليمات بولس أكثر من تعليمات النبي عيسى عليه السلام، وإلا فإن أكل لحم الخنزير محرم في الديانة الإسلامية والمسيحية.
عوامل تراكمية
من جانبه يؤكد استاذ علم الأجنة وزراعة الخلايا الجينية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور صالح الكريم صعوبة تغيير الجينات قائلا: التعديل في الجينات ليس سهلا، ولكن التراكم الغذائي بتناول مواد غذائية بعينها قد يؤثر مع مرور الوقت، في الجينات وماثبت علميا أن بعض المواد الكيمائية إذا وصلت إلى حد معروف عنها تؤثر على التركيبة الأساسية للجينات وتحدث سرطانات، فالأغذية تحتوي على مركبات كثيرة، ولكن تكرار تناول بعضها وبجرعات كافية يمكن أن يؤثر على تركيب الجينات، وهي قضية لايمكن الوصول إليها إلا بأسلوب تراكمي فالتعرض للأشعة مثلا لمرة واحدة غير ضار ولكن تكرار التعرض لها يؤدي إلى سرطانات.. وعند حديثنا عن السلوك فإن العامل المؤثر فيه هو البيئة، حيث يعدل التأثير البيئي في السلوكيات أكثر ( فالعلم بالتعلم والصبر بالتصبر ) فهذه صفات يمكن اكتسابها ولا تدخل في جانب الجينات.
وأضاف الكريم: إن ربط تحريم لحم الخنزير بإعطائه نتائج سلبية في الجانب السلوكي تحول الإنسان إلى فاقد للغيرة فإن الأمر يتعلق هنا بحكمة علمية لايدركها سوى الشارع الحكيم وقد تظهر نتائجها فيما بعد في سنوات قادمة، ولدينا أنموذج مشابه لذلك هو تذكية الحيوانات عند ذبحها فقد تبين للعلماء فيما بعد أن الحكم الشرعي صحيح ومثبت علميا لأنه عند تذكية الحيوان عند قتله فإن القلب يصدر أمره لجميع أعضاء الجسم فيخرج الدم من الجسم عند الذبح مما يمنع وقوع الأمراض وفساد اللحم بسبب بقاء الدم الملوث فيه.
واستطرد قائلا : أحيانا نقع في فخ الفهم غير الصحيح بمطالبتنا الدائمة بتقديم الدليل العلمي لأن هناك أحكاما شرعية علمية ظاهرة وباطنة لايعرفها إلا الشارع الحكيم، وقد تظهر في السنوات القادمة اكتشافات علمية تؤدي إلى ربط أكل لحم الخنزير بتحولات سلوكية وأخلاقية تتعلق بفقد الحمية والغيرة تجاه المحارم.
إثبات علمي
ويرى أستاذ أمراض الدم الوراثية والأورام في مركز قاري الطبي الدكتور عبد الرحيم قاري أن الجينات كتركيبة لا تتأثر مباشرة بالغذاء ولكن خلال العشر سنوات الماضية بدأنا نعرف تفعيلها وتنشيطها وإيقاف بعضها وتعطيلها لفترة معينة، فيمكن أن تتأثر بعوامل حول الجينات كالبروتينات مثلا، من خلال تفاعلات كيمائية حول DNA وهذا العلم مازال في بداياته ولم نكمل بعد مسيرته حتى نعرف النتائج النهائية.
وأضاف قاري: لكن من ملاحظات سريرية فإن بعض الناس الذين لديهم زيادة وزن تزداد إصاباتهم بالأمراض وخصوصا السكري والضغط والسرطانات بشتى أنواعها مما هو نتاج طفرات جينية بسبب الإفراط في تناول السكريات والدهون واللحوم، وتابع كلامه قائلا: أما تأثير الغذاء على سلوك الإنسان فلا يمكن نفي ذلك مطلقا، فأحيانا يؤثر الغذاء على السلوك بشكل غير مباشر فمرض التوحد مثلا عبارة عن اضطراب سلوكي وهناك مؤشرات تدل على أن أحد مسببات المرض ناتج عن اضطرابات غذائية للطفل وأمه.
وحول تحريم لحم الخنزير وتأثير أكله على سلوك الإنسان قال قاري: ماحرمه الشرع سواء لحم الخنزير أو الخمر فنحن نمتثل لأوامره لأن التحريم من أجل علة يعلمها الله ونحن لانريد الوقوع في مقلب الدودة الشريطية الموجودة في الخنزير، وربما هناك حكمة من أجل التحريم والحديث النبوي حرم أكل لحم الخنزير ولانعرف ربما نكتشف مؤشرات تحريمه علميا وعلاقات تناوله بالسلوك الأخلاقي وهو واجب على الباحثين والعلماء لتقصي ماورد في الأثر وإثباته علميا.