قدم الرئيس باراك أوباما إلى المنطقة العربية وتحدث إلينا بلغة سامية ولهجة محترمة، وبصورة أعادت إلى الناس الثقة في عظمة أمريكا، وكان الرجل واضحا وصريحا عندما تحدث عن الموضوعات الجوهرية التي تحيط بالمنطقة وتتفاعل فيها القضايا حتى قادتها إلى صراعات أضرت بأهلها واقتصادياتها وأمنها وأمانها، وكان أوباما ذكيا لبقا وهو يبدأ خطابه للعالم الإسلامي بكلمة السلام: (السلام عليكم) وهي تحية الإسلام وكلمة يعرفها العالم أجمع ويسعى إليها فالسلم غاية كل إنسان والسلام جاءت به جميع الأديان، وهو اسم من أسماء الله الحسنى في قوله تعالى: «هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام» وأكد عليها خاتم الأنبياء والمرسلين في قوله: «اللهم أنت السلام ومنك السلام فأحينا ربنا بالسلام».
لقد تحدث الرئيس باراك أوباما عن قضايا ساخنة هي من أخطر القضايا التي تواجه المنطقة والعالم، وكانت بسبب صلف الولايات المتحدة ورغبتها في الهيمنة دون وجه حق حتى أصبحت خصما متحيزا في كثير من القضايا، وعدوا لدودا لعدد كبير من دول العالم دون وجه حق ودون أن تستفيد أمريكا أو المواطن الأمريكي، وأضرت بالاقتصاد الأمريكي أضرارا بالغة، وكانت وبالا على أمريكا وبثت الكراهية في نفوس الشعوب في العالم، لتلك السياسات المتعجرفة الظالمة.
جاء أوباما يتكلم بلغة حضارية جديدة، لم يتنازل عن حقوق بلاده ولا أمن بلاده، ولكنه صدع بكل صراحة أن أمريكا يهمها أمن الآخر وسلامته وحريته، وأن أمريكا تكره أن تصبح شرطي المنطقة، ولهذا فقد شعر العالم وهو يستمع إلى الرئيس أوباما بالارتياح لأنه أعاد إلى أمريكا سمعتها وعظمتها وبعث الأمل في عدالة تحفظ حقوق الجميع وتدعو إلى السلم والعدل الذي يستظل تحت ظلاله الجميع، ومن هنا فقد جاء خطابه كبارقة أمل وخطة عمل، وخريطة طريق للتعايش والتعامل بين المسلمين والغرب.
فلقد رحب الناس بخطابه واعتبروه عامل قوة أعاد الأمل للنفوس وكأنه رغب في التكفير عن أخطاء الإدارة السابقة الرعناء، وجاء حديثه كأنه رجع الصدى لعظماء أمريكا الذين شهد لهم العصر الحديث بحماية الحرية واحترام حقوق الشعوب وحقوق الإنسان.
وفي الوقت نفسه رأينا الرئيس باراك أوباما يتحدث إلينا على أن طريق استرداد الحق يبدأ من عمل صالح ومقاومة صادقة وجهد مستمر ووعي بأبعاد القضايا التي تدافع عنها الشعوب، وضرب مثلا بكفاح جماعته في أمريكا، وكذلك الشعب في جنوب أفريقيا، حتى حصلوا على حقوقهم وحتى تمكن رجل من الملونين من أصول أفريقية أن يصل إلى سدة البيت الأبيض ويحكم أمريكا، ودل ذلك على عظمة أمريكا بلا شك.
وعندما تكلم أوباما عن القضية الفلسطينية أوضح بجلاء أنه يشعر بألم بمصاب الفلسطينيين وما يعيشونه من شتات ومن خوف وقلق على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم، وأنهم يطلبون حقهم في العودة إلى أوطانهم وأن من حقهم أن تكون لهم دولة فلسطينية مستقلة. كما كان واضحا وصريحا عندما تحدث عن اليهود وبما مر بهم من مذابح ومحرقة وظلم وأن الحل الصحيح يكون في دولتين مستقلتين للفلسطينيين واليهود، وأكد أن هذا مصلحة ليس للفلسيطينيين فحسب بل لليهود أيضا لأن السلام أجمل ما يمكن أن يحققوه لأنفسهم.
وكم تمنيت حين رأيت الرئيس يزور ألمانيا ويقف على مواقع القتل والحرق لليهود من قبل النازيين أن يسأل عن مقابر المسلمين الذين سجلت أسماؤهم مع من قتلوا من اليهود وسجلت أسماؤهم في المحارق وخاصة أبناء المغرب العربي الذين قتلوا وحرقوا ولم يذكرهم الناس وإنما ذكرهم بعض المؤرخين المنصفين الذين درسوا المحارق النازية.
وكم تمنيت أن يزور الرئيس باراك أوباما غزة قبل أن يغادر المنطقة العربية ليرى عمق الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل التي بلغت درجة الجريمة المتعمدة ضد الإنسانية في عيون العالم كله وفي عيون لجان حقوق الإنسان التي تعاقبت على غزة خلال الأشهر التي أعقبت تلك الجريمة التي أذهلت العالم كله!.
لقد كرر أوباما استخدام الآيات القرآنية وتجنب في ذكاء استخدام كلمة الإرهاب ومال إلى كلمة الإسلام، لقد كان أوباما زعيما بحق وهو يتكلم إلى العالم العربي والإسلامي بل إلى العالم أجمع وجاءت القوة الإعلامية في بث هذا الخطاب مباشرة بلغات مختلفة كثيرة في الوقت الذي ترجم فيه إلى العربية.
لقد استمعت أنا والزملاء الذين كانوا معي من صفوة رجال الفكر والاقتصاد والإعلام، وشعرنا بأنه خطوة في الطريق الصحيح، ولعل وصفه للوضع الفلسطيني بأنه مأساة ووضع لا يطاق يدل على قدرة الرجل في توظيف الكلمة من ناحية والتعبير بصورة أراحت كل مهتم بهذه القضية.
وقد جاء خطاب أوباما رائعا منصفا ومركزا على مبادئ حقوق الإنسان وأهمية حرية المعتقد وكرامة المرأة وحقوقها وسمى نضال الفلسطينيين بالمقاومة ونصحهم بأن الطريق السلمي الذي سلكه هو وجماعته للوصول إلى تحقيق هدفهم ونيل حقوقهم هو الطريق الصحيح.
ولم يخف أوباما هدفه الأساسي من الحضور إلى المنطقة للبحث عن طريق أسلم لعلاقات أفضل بين أمريكا والمسلمين في العالم، وأشار إلى ما يتمتع به المسلمون في أمريكا من حرية الاعتقاد، ولم يتردد ولم يخجل في استخدام الآيات القرآنية التي اختارها بذكاء وحكمة وطرح معانيها بموضوعية في أماكنها الصحيحة وألمح إلى قضية انتخاب أول مسلم في الكونجرس وكيف سمح له بأداء اليمين على القرآن الكريم.
ومن أجمل العبارات التي سمعتها أنه يعتز بأنه مسيحي ولكن والده مسلم كيني وكيف قضى تلك الأيام بين المسلمين في المغرب وإندونيسيا، وبين الأفارقة المسلمين في شيكاغو، وأعلنها أوباما بأمانة وشجاعة أن التاريخ والحضارة الإنسانية تدين للمسلمين بما حملوه من قيم ودخلوا بها إلى تلك الأصقاع والأمم عبر القرون حتى معقل أوروبا وعصر التنوير وكيف كان علماء المسلمين يقودون أبحاث الفلك وعلم الجبر وأدوات الملاحة والكتابة والطباعة. وقال: لقد حصلنا على كل ذلك بتقبل الثقافة الإسلامية، وحتى في مجال الفن أخذنا الموسيقى والأشعار وفن الخط والتأمل من المسلمين في ظل التسامح الديني والتسامح بين الأعراق.
ولعل من أقوى تصريحاته التي تعطي صورة أكثر إشراقا، هو ذلك التصريح الذي قاله وأكد عليه أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام وعلينا في الوقت نفسه أن نتعاون للتصدي للعنف والتطرف لأنهما يشكلان تهديدا لأمن العالم أجمع، والعنف ترفضه كل المجتمعات التي تحرم قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وشعرنا بارتياح كبير عندما قال: إنني أشعر بأن من واجبي مقاومة الإساءة للإسلام أو الازدراء به.
هذه المعاني السامية والمعالجات الذكية للقضايا المشتركة بين العالم الإسلامي وأمريكا أعادت الثقة إلى النفوس وكان الرجل صريحا عندما قال: إننا لا نريد بقاء جيشنا في أفغانستان ولا نسعى لبناء قواعد عسكرية هناك، فخسارتنا لشبابنا وشاباتنا يسبب لنا ألما بليغا وسنفرح ونحن نراهم عائدين إلى أرض الوطن.
ولقد أكد أن أمريكا لا تتسامح مع تلك الفرق المتطرفة وأنها تتعاون مع أكثر من 46 بلدا للقضاء على هذه الظاهرة، وبكل أسف فالذين تقتلهم هذه الفرق هم من أبناء المسلمين، واستخدم الآية: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
لقد كان فعلا خطابا رائعا أوضح فيه الرئيس أوباما أن القوة العسكرية لن تكفي ولن تحل المشاكل لا في باكستان ولا في أفغانستان ولا في أي مكان آخر. وأن من الأفضل استخدام كل تلك المليارات في بناء المستشفيات والمدارس والطرق وإعانة الناس للعيش في سلام وحياة كريمة.
وأعجبتني نبرته الحازمة: «يجب على إسرائيل الإقرار بحق الفلسطينيين في البقاء وأنه حق لا يمكن إنكاره وأن على إسرائيل تنفيذ ما التزمت به بشأن تأمين الفلسطينيين وتمكينهم من أن يعيشوا ويعملوا ويطوروا مجتمعاتهم في إطار دولتهم المستقلة».
إني لا أتعرض في حديثي هذا اليوم إلى كل ما قاله الرئيس أوباما ولكنها شهادة بأن الرجل تحدث بحكمة وموضوعية وبلغة حضارية وفتح الطريق نحو حياة كريمة وتعاون متميز بين أمريكا والدول الإسلامية. بل بيننا وبين العالم أجمع.
وأسعدني وهو يوضح قضية المرأة في البلاد الإسلامية ويلقي الضوء عليها واختار قضية التعليم والمساواة واحترام إنسانية المرأة وقال: «إن لبناتنا الحق في المساهمة بنفس القدر الذي يساهم فيه أبناؤنا وهذا يعطي فرصة أكبر لتقدم المجتمع الإنساني رجالا ونساء».
ولقد كان خطابا متكاملا يستحق فتح صفحات جديدة لعمل مثمر وبناء ولا بد من تأييد دعوته كرئيس للولايات المتحدة لبداية جديدة بين أمريكا والمسلمين حيث أكد: «جئتكم هنا لأسعى إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في أنحاء العالم بداية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة» وقد نجح في رأيي إلى حد كبير في إصلاح صورة الولايات المتحدة أمام ما يزيد على مليار مسلم حول العالم وصحح الكثير من السلبيات الماضية وشعرنا وكأنه خطاب اعتذار عن أخطاء الماضي التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية السابقة، واستخدام لرؤى غير الرؤى الاستعلائية التي تعودنا أن نسمعها من تلك الإدارة وأسمته الصحافة بأنه انقلاب على كل روح البلد الاستعلائية السابقة، ومد اليد للإسلام والمسلمين في إطار الاعتدال المطلوب من الطرفين، وفي إطار ما نص عليه الدين الإسلامي: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)، كما سرني أن الرجل في أحاديثه كان صريحا بإشارته إلى موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبادراته لحوار الأديان، وأنها فعلا يمكن أن تمد الجسور بين الشعوب للتعاون في كل شيء.
لقد اتفق الجميع على أنه بداية لخارطة طريق، ولكن علينا وقد أحسنا الاستماع أن نحسن العمل ونبدأ بخطوات فاعلة تقودنا إلى مستقبل يستفيد منه الجميع وخاصة أولئك المعذبين في الأرض.
ولا حول ولا قوة الا بالله.
لقد تحدث الرئيس باراك أوباما عن قضايا ساخنة هي من أخطر القضايا التي تواجه المنطقة والعالم، وكانت بسبب صلف الولايات المتحدة ورغبتها في الهيمنة دون وجه حق حتى أصبحت خصما متحيزا في كثير من القضايا، وعدوا لدودا لعدد كبير من دول العالم دون وجه حق ودون أن تستفيد أمريكا أو المواطن الأمريكي، وأضرت بالاقتصاد الأمريكي أضرارا بالغة، وكانت وبالا على أمريكا وبثت الكراهية في نفوس الشعوب في العالم، لتلك السياسات المتعجرفة الظالمة.
جاء أوباما يتكلم بلغة حضارية جديدة، لم يتنازل عن حقوق بلاده ولا أمن بلاده، ولكنه صدع بكل صراحة أن أمريكا يهمها أمن الآخر وسلامته وحريته، وأن أمريكا تكره أن تصبح شرطي المنطقة، ولهذا فقد شعر العالم وهو يستمع إلى الرئيس أوباما بالارتياح لأنه أعاد إلى أمريكا سمعتها وعظمتها وبعث الأمل في عدالة تحفظ حقوق الجميع وتدعو إلى السلم والعدل الذي يستظل تحت ظلاله الجميع، ومن هنا فقد جاء خطابه كبارقة أمل وخطة عمل، وخريطة طريق للتعايش والتعامل بين المسلمين والغرب.
فلقد رحب الناس بخطابه واعتبروه عامل قوة أعاد الأمل للنفوس وكأنه رغب في التكفير عن أخطاء الإدارة السابقة الرعناء، وجاء حديثه كأنه رجع الصدى لعظماء أمريكا الذين شهد لهم العصر الحديث بحماية الحرية واحترام حقوق الشعوب وحقوق الإنسان.
وفي الوقت نفسه رأينا الرئيس باراك أوباما يتحدث إلينا على أن طريق استرداد الحق يبدأ من عمل صالح ومقاومة صادقة وجهد مستمر ووعي بأبعاد القضايا التي تدافع عنها الشعوب، وضرب مثلا بكفاح جماعته في أمريكا، وكذلك الشعب في جنوب أفريقيا، حتى حصلوا على حقوقهم وحتى تمكن رجل من الملونين من أصول أفريقية أن يصل إلى سدة البيت الأبيض ويحكم أمريكا، ودل ذلك على عظمة أمريكا بلا شك.
وعندما تكلم أوباما عن القضية الفلسطينية أوضح بجلاء أنه يشعر بألم بمصاب الفلسطينيين وما يعيشونه من شتات ومن خوف وقلق على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم، وأنهم يطلبون حقهم في العودة إلى أوطانهم وأن من حقهم أن تكون لهم دولة فلسطينية مستقلة. كما كان واضحا وصريحا عندما تحدث عن اليهود وبما مر بهم من مذابح ومحرقة وظلم وأن الحل الصحيح يكون في دولتين مستقلتين للفلسطينيين واليهود، وأكد أن هذا مصلحة ليس للفلسيطينيين فحسب بل لليهود أيضا لأن السلام أجمل ما يمكن أن يحققوه لأنفسهم.
وكم تمنيت حين رأيت الرئيس يزور ألمانيا ويقف على مواقع القتل والحرق لليهود من قبل النازيين أن يسأل عن مقابر المسلمين الذين سجلت أسماؤهم مع من قتلوا من اليهود وسجلت أسماؤهم في المحارق وخاصة أبناء المغرب العربي الذين قتلوا وحرقوا ولم يذكرهم الناس وإنما ذكرهم بعض المؤرخين المنصفين الذين درسوا المحارق النازية.
وكم تمنيت أن يزور الرئيس باراك أوباما غزة قبل أن يغادر المنطقة العربية ليرى عمق الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل التي بلغت درجة الجريمة المتعمدة ضد الإنسانية في عيون العالم كله وفي عيون لجان حقوق الإنسان التي تعاقبت على غزة خلال الأشهر التي أعقبت تلك الجريمة التي أذهلت العالم كله!.
لقد كرر أوباما استخدام الآيات القرآنية وتجنب في ذكاء استخدام كلمة الإرهاب ومال إلى كلمة الإسلام، لقد كان أوباما زعيما بحق وهو يتكلم إلى العالم العربي والإسلامي بل إلى العالم أجمع وجاءت القوة الإعلامية في بث هذا الخطاب مباشرة بلغات مختلفة كثيرة في الوقت الذي ترجم فيه إلى العربية.
لقد استمعت أنا والزملاء الذين كانوا معي من صفوة رجال الفكر والاقتصاد والإعلام، وشعرنا بأنه خطوة في الطريق الصحيح، ولعل وصفه للوضع الفلسطيني بأنه مأساة ووضع لا يطاق يدل على قدرة الرجل في توظيف الكلمة من ناحية والتعبير بصورة أراحت كل مهتم بهذه القضية.
وقد جاء خطاب أوباما رائعا منصفا ومركزا على مبادئ حقوق الإنسان وأهمية حرية المعتقد وكرامة المرأة وحقوقها وسمى نضال الفلسطينيين بالمقاومة ونصحهم بأن الطريق السلمي الذي سلكه هو وجماعته للوصول إلى تحقيق هدفهم ونيل حقوقهم هو الطريق الصحيح.
ولم يخف أوباما هدفه الأساسي من الحضور إلى المنطقة للبحث عن طريق أسلم لعلاقات أفضل بين أمريكا والمسلمين في العالم، وأشار إلى ما يتمتع به المسلمون في أمريكا من حرية الاعتقاد، ولم يتردد ولم يخجل في استخدام الآيات القرآنية التي اختارها بذكاء وحكمة وطرح معانيها بموضوعية في أماكنها الصحيحة وألمح إلى قضية انتخاب أول مسلم في الكونجرس وكيف سمح له بأداء اليمين على القرآن الكريم.
ومن أجمل العبارات التي سمعتها أنه يعتز بأنه مسيحي ولكن والده مسلم كيني وكيف قضى تلك الأيام بين المسلمين في المغرب وإندونيسيا، وبين الأفارقة المسلمين في شيكاغو، وأعلنها أوباما بأمانة وشجاعة أن التاريخ والحضارة الإنسانية تدين للمسلمين بما حملوه من قيم ودخلوا بها إلى تلك الأصقاع والأمم عبر القرون حتى معقل أوروبا وعصر التنوير وكيف كان علماء المسلمين يقودون أبحاث الفلك وعلم الجبر وأدوات الملاحة والكتابة والطباعة. وقال: لقد حصلنا على كل ذلك بتقبل الثقافة الإسلامية، وحتى في مجال الفن أخذنا الموسيقى والأشعار وفن الخط والتأمل من المسلمين في ظل التسامح الديني والتسامح بين الأعراق.
ولعل من أقوى تصريحاته التي تعطي صورة أكثر إشراقا، هو ذلك التصريح الذي قاله وأكد عليه أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام وعلينا في الوقت نفسه أن نتعاون للتصدي للعنف والتطرف لأنهما يشكلان تهديدا لأمن العالم أجمع، والعنف ترفضه كل المجتمعات التي تحرم قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وشعرنا بارتياح كبير عندما قال: إنني أشعر بأن من واجبي مقاومة الإساءة للإسلام أو الازدراء به.
هذه المعاني السامية والمعالجات الذكية للقضايا المشتركة بين العالم الإسلامي وأمريكا أعادت الثقة إلى النفوس وكان الرجل صريحا عندما قال: إننا لا نريد بقاء جيشنا في أفغانستان ولا نسعى لبناء قواعد عسكرية هناك، فخسارتنا لشبابنا وشاباتنا يسبب لنا ألما بليغا وسنفرح ونحن نراهم عائدين إلى أرض الوطن.
ولقد أكد أن أمريكا لا تتسامح مع تلك الفرق المتطرفة وأنها تتعاون مع أكثر من 46 بلدا للقضاء على هذه الظاهرة، وبكل أسف فالذين تقتلهم هذه الفرق هم من أبناء المسلمين، واستخدم الآية: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
لقد كان فعلا خطابا رائعا أوضح فيه الرئيس أوباما أن القوة العسكرية لن تكفي ولن تحل المشاكل لا في باكستان ولا في أفغانستان ولا في أي مكان آخر. وأن من الأفضل استخدام كل تلك المليارات في بناء المستشفيات والمدارس والطرق وإعانة الناس للعيش في سلام وحياة كريمة.
وأعجبتني نبرته الحازمة: «يجب على إسرائيل الإقرار بحق الفلسطينيين في البقاء وأنه حق لا يمكن إنكاره وأن على إسرائيل تنفيذ ما التزمت به بشأن تأمين الفلسطينيين وتمكينهم من أن يعيشوا ويعملوا ويطوروا مجتمعاتهم في إطار دولتهم المستقلة».
إني لا أتعرض في حديثي هذا اليوم إلى كل ما قاله الرئيس أوباما ولكنها شهادة بأن الرجل تحدث بحكمة وموضوعية وبلغة حضارية وفتح الطريق نحو حياة كريمة وتعاون متميز بين أمريكا والدول الإسلامية. بل بيننا وبين العالم أجمع.
وأسعدني وهو يوضح قضية المرأة في البلاد الإسلامية ويلقي الضوء عليها واختار قضية التعليم والمساواة واحترام إنسانية المرأة وقال: «إن لبناتنا الحق في المساهمة بنفس القدر الذي يساهم فيه أبناؤنا وهذا يعطي فرصة أكبر لتقدم المجتمع الإنساني رجالا ونساء».
ولقد كان خطابا متكاملا يستحق فتح صفحات جديدة لعمل مثمر وبناء ولا بد من تأييد دعوته كرئيس للولايات المتحدة لبداية جديدة بين أمريكا والمسلمين حيث أكد: «جئتكم هنا لأسعى إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في أنحاء العالم بداية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة» وقد نجح في رأيي إلى حد كبير في إصلاح صورة الولايات المتحدة أمام ما يزيد على مليار مسلم حول العالم وصحح الكثير من السلبيات الماضية وشعرنا وكأنه خطاب اعتذار عن أخطاء الماضي التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية السابقة، واستخدام لرؤى غير الرؤى الاستعلائية التي تعودنا أن نسمعها من تلك الإدارة وأسمته الصحافة بأنه انقلاب على كل روح البلد الاستعلائية السابقة، ومد اليد للإسلام والمسلمين في إطار الاعتدال المطلوب من الطرفين، وفي إطار ما نص عليه الدين الإسلامي: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)، كما سرني أن الرجل في أحاديثه كان صريحا بإشارته إلى موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبادراته لحوار الأديان، وأنها فعلا يمكن أن تمد الجسور بين الشعوب للتعاون في كل شيء.
لقد اتفق الجميع على أنه بداية لخارطة طريق، ولكن علينا وقد أحسنا الاستماع أن نحسن العمل ونبدأ بخطوات فاعلة تقودنا إلى مستقبل يستفيد منه الجميع وخاصة أولئك المعذبين في الأرض.
ولا حول ولا قوة الا بالله.