عشية زيارته الأولى إلى المنطقة، أشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الطبيعة المختلفة لتعامل إدارته مع ملفات الشرق الأوسط، ولم يخف عشية زيارته الأولى للمنطقة دعمه لقيام دولة فلسطينية، ورفضه بحزم لسياسة الاستيطان اليهودية في الأراضي الفلسطينية، ولكن هناك العديد من الحقائق غابت أو جرى تغييبها في الجزء المتعلق بالموضوع الفلسطيني، في خطاب اوباما في القاهرة نوجزها على النحو التالي أولا: ما هو الرابط بين ما ذكره أوباما عن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في أوروبا، ثم على يد الفاشية الألمانية، وبين شرعية استباحة واحتلال أرض فلسطين، وتشريد سكانها الأصليين، الذين عاشوا فيها لآلاف السنين، وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم ، على يد العصابات الصهيونية قبل، وبعد، قيام الدولة العبرية، وحتى وقتنا الحاضر. ثانيا: لا يمكن المقارنة بين نضال الزنوج الأمريكيين ونضالهم المدني / السلمي ضد العنصرية في بلادهم، وبين حق المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي، ومن أجل التحرر والاستقلال الوطني، وهو مبدأ أجازته وكفلته كافة القوانين والتشريعات الدولية، والمبادئ الأخلاقية، وهو ينطبق على حركة الاستقلال الأمريكي، ونضال شعوب أوروبا ضد الاحتلال النازي، وكفاح غالبية شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ضد الاستعمار (الكولينيالي). ثالثا: تجاهل الخطاب عدوان إسرائيل في يونيو / حزيران عام 1967، وما نجم عنه من احتلال ما تبقى من فلسطين وأراض مصرية وسورية أخرى، واستمرار سياسة ونهج الاحتلال والتوسع الإسرائيلي، تدمير ومصادرة الأراضي والمزارع الفلسطينية، والقمع و القتل الممنهج للمدنيين العزل، وفرض جدار الفصل العنصري، وتوسيع وبناء المزيد من المستوطنات، وممارسة كافة الانتهاكات المحرمة دوليا بحق المدنيين، والأهداف المدنية، كما جرى في عدوان إسرائيل على لبنان (صيف 2006) وقطاع غزة (نهاية العام المنصرم)، إلى جانب تجاهلها الدائم في تنفيذ القرارات والاتفاقات الدولية كافة، ومن بينها قرارات 242، 338، 425، 194، والتي تتضمن الانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عدوان يونيو 1967، ووقف بناء المستوطنات، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض. تلك السياسة العدوانية الإسرائيلية حظيت على الدوام، بكل الدعم والمساندة والحماية من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وخصوصا في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، وإدارته المحافظة. في الواقع فان الدعوة الأمريكية لحل الدولتين، ووقف توسيع أو بناء مزيد من المستوطنات، والعودة لخريطة الطريق سبق أن نادت بها الإدارة الأمريكية السابقة، بل إن الرئيس السابق جورج بوش قد وعد بأن الدولة الفلسطينية العتيدة، سترى النور قبل نهاية ولايته، ولكن ظلت تلك الوعود حبرا على ورق. بالتأكيد هناك نهج و أسلوب وتحرك مغاير لدى الرئيس بارك، إزاء قضايا الصراع العربي / الإسرائيلي بوجه عام، والصراع الفلسطيني / الإسرائيلي بوجه خاص، يتسم بجدية وإصرار أكبر، في التعامل مع تلك القضايا، حيث أكد بأن إدارته ستتخذ الخطوات الجادة لتسريع عملية السلام، وبادر مؤخرا، إلى إرسال مبعوثه الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل حيث زار إسرائيل ومصر والأراضي الفلسطينية المحتلة. لقد جاء الرد الإسرائيلي على المطالب التي طرحها باراك أوباما، عبر الخطاب الأخير لرئيس الوزراء نتنياهو، حيث أشار وبلغة باردة ومتخشبة، تليق بذهنية اليمين الإسرائيلي المتطرف، إلى قبوله خيار الدولة الفلسطينية، ولكن تحت شروط، هي بمثابة نسف لها، أو يحولها إلى شبه دويلة مسخ وعبارة عن معازل سكانية. من بين تلك الشروط الاعتراف بيهودية إسرائيل، بكل ما يحمل ذلك من مخاطر تهجير سكانها (مليون وربع فلسطيني) من العرب، وعلى أن تكون دولة منزوعة السلاح، مع بقاء القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، ورفض تفكيك الكتل الاستيطانية اليهودية الكبيرة التي تحتل قرابة 40% من مجمل أراضي الضفة الغربية، وأخيرا رفض تنفيذ القرار الدولي الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم. من هنا يمكن القول، إن النوايا الطيبة لا تكفي، فطريق جهنم مليء بالنوايا الحسنة، كما أن الحديث المطروح والمكرور عن التغيير أو وجود إرادة التغيير، قد لا يعني، أو يؤدي بالضرورة إلى التغير الفعلي المنشود على الأرض، فالوقائع دائما عتيدة. السياسة الأمريكية بحاجة إلى تغيرات حقيقية وملموسة على الأرض، للحكم على مدى تطابق الأفعال مع الأقوال. من هنا فإن الكرة في الملعب العربي، إذ يعتمد نجاح استثمار هذا التوجه الإيجابي لدى الإدارة الأمريكية إزاء العديد من القضايا المتفجرة في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، على تحقيق وحدة وتضامن الدول والحكومات العربية والإسلامية، وتحفيز مكامن القوة والمنعة الذاتية (الاقتصادية والسياسية والعسكرية والعلمية ) لديها من جهة، وتوجه تلك الحكومات لبناء وترسيخ الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية من خلال خلق مستلزماتها.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة