في شارع ضيق تسبح في فضائه سحابة من الغبار ويمشي الصمت في اركانه المعتمة كنت وحيداً كريشة في مهب الريح تبحث عن ارجوحة تتكئ على ايقاعها وتسافر عبرها الى سراديب الماضي باحثاً عن مهنة هربت امام ضربات الزمن واصبحت مجرد ذكريات لدى رجال شاخت اجسادهم ولكن لازالت عقولهم معلقة بقوافل الابل وطلعات الصحراء ونكهة الاسواق القديمة
كنت ابحث عن اشهر «الجمالة» في وادي فاطمة عبدالله رمضان الدوسري والذي ارتبط بهذه المهنة لاكثر من «40» عاماً قضاها راكضاً خلف الابل وتصالحت ملامحه مع جميع الفصول.
في مركازه على قارعة حارة الجميزة في مكة المكرمة يستعيد الدوسري تفاصيل مهنة الجمالة والتي هربت في سرداب الزمن ولم يعد لها وجود في عصر يتحدث بلغة الالكترونيات.
قبل ان التقيه كنت احاول استعادة ملامح قوافل الابل المسافرة ومضارب البدو في الصحراء فقطعت تهويماتي هذه كحة جافة تصدر من رجل مسن درج على ارتياد مركاز الدوسري في الامسيات حيث يلتقي باصدقائه من الجمالة ويستعيدون ذكريات الامس.
تجلس في المركاز كل شيء فيه يعبق براحة الماضي حتى صاحبه فهو بسيط كثوب زاهد ووديع كقلب طفل فقد امضى نصف عمره في وادي فاطمة وامضى الثاني في حارة الجميزة المكية الشهيرة، حياته كانت مليئة بالركض واللهاث تحت اشعة الشمس.
يقول عن ذلك فتحت عيني في قرية الطرفاء من قرى وادي فاطمة الواقعة على طريق الطائف الجموم. وكانت القرية محطة للكادحين الذين يطاردون لقمة عيشهم ولا يعرفون طعماً للراحة حتى حينما كان الواحد منا يغفو في منامه فقد كان يتذكر لهيب الشمس والركض خلف الابل.
ويضيف ان قرى وادي فاطمة كانت وفيرة المياه وتزخر باشجار النخيل.
حداء الابل
ويضيف منذ طفولتي استهوتني مهنة الجمالة وتصالحت معها ولا زلت احفظ في ذاكرتي مقاطع من الاغنيات التي كنت اترنم بها وانا اسير خلف الابل. نعم انها اغنيات عفوية فالابل تطرب للغناء وتواصل السير دون تعب.
تحميل الخضار
ولا زلت اذكر انني عملت لدى الشيخ محسن بن شرف المنعمي رحمه الله حيث كنت اقوم بتحميل اكياس الخضار على الابل والذهاب بها الى مكة المكرمة كانت مهنة متعبة ولكن كانت نفوس الناس نقية ويرتضون بالقليل.
وكنت اقطع المسافة بين وادي فاطمة ومكة المكرمة في «9» ساعات تقريباً وكان تحميل الابل يتم بعد المغرب مباشرة حتى نتمكن من الوصول الى الحلقة القديمة قبل اذان الفجر.
ويضيف:
مهنة الجمالة من اصعب المهن فلا يقدر عليها سوى الرجال الاشداء كما ان مسألة ترويض البعير لا يقدر عليها كل الناس فالجمل اذا شعر بالمهانة فانه يمكن ان يغدر بصاحبه ويقضي عليه في لمح البصر فكم من اشخاص اعرفهم لم يحسنوا التعامل مع جمالهم قضوا نحبهم تحت اقدام وثقل البعير.
واستطرد: كانت الحلقة القديمة لها نكهة مغايرة وبها العسل والخضروات القادمة من وادي فاطمة وبعد ان كنا نبيع حمولة الخضروات ونتناول طعام الافطار.
ونعود الى وادي فاطمة واذكر بعض الذين كانوا يعملون معي مثل سعد بن عابد وكنت اتقاضى في الشهر «4» ريالات فقط. وكانت في ذلك الوقت مبلغا لا بأس به.
ويواصل:
كانت بيوت الطين تنتشر في وادي فاطمة ومن اشهر العيون التي تروى بها المزارع عيون ابي عروة والهنية والبرقة والحنيف وابي شعيب والعصلاء. فقد كان الوادي محطة عبور.
ويضيف الدوسري السيارات ووسائل النقل الحديثة قضت على مهنتي بالضربة القاضية.
وعن ما اذا كان يحن لامتطاء بعير ذلول قال: لم تعد تساعدني صحتي على ذلك فقد تبددت بالسير خلف قوافل الجمال وما عدت اذكر سوى بعض من الحكايات عن اسماء الجمال واصدقاء لي في وادي فاطمة اذكر منهم حسين حاسن اللحياني ومطيع الله اللحياني وآخرين غادروا ذاكرتي منذ سنوات طويلة.
كنت ابحث عن اشهر «الجمالة» في وادي فاطمة عبدالله رمضان الدوسري والذي ارتبط بهذه المهنة لاكثر من «40» عاماً قضاها راكضاً خلف الابل وتصالحت ملامحه مع جميع الفصول.
في مركازه على قارعة حارة الجميزة في مكة المكرمة يستعيد الدوسري تفاصيل مهنة الجمالة والتي هربت في سرداب الزمن ولم يعد لها وجود في عصر يتحدث بلغة الالكترونيات.
قبل ان التقيه كنت احاول استعادة ملامح قوافل الابل المسافرة ومضارب البدو في الصحراء فقطعت تهويماتي هذه كحة جافة تصدر من رجل مسن درج على ارتياد مركاز الدوسري في الامسيات حيث يلتقي باصدقائه من الجمالة ويستعيدون ذكريات الامس.
تجلس في المركاز كل شيء فيه يعبق براحة الماضي حتى صاحبه فهو بسيط كثوب زاهد ووديع كقلب طفل فقد امضى نصف عمره في وادي فاطمة وامضى الثاني في حارة الجميزة المكية الشهيرة، حياته كانت مليئة بالركض واللهاث تحت اشعة الشمس.
يقول عن ذلك فتحت عيني في قرية الطرفاء من قرى وادي فاطمة الواقعة على طريق الطائف الجموم. وكانت القرية محطة للكادحين الذين يطاردون لقمة عيشهم ولا يعرفون طعماً للراحة حتى حينما كان الواحد منا يغفو في منامه فقد كان يتذكر لهيب الشمس والركض خلف الابل.
ويضيف ان قرى وادي فاطمة كانت وفيرة المياه وتزخر باشجار النخيل.
حداء الابل
ويضيف منذ طفولتي استهوتني مهنة الجمالة وتصالحت معها ولا زلت احفظ في ذاكرتي مقاطع من الاغنيات التي كنت اترنم بها وانا اسير خلف الابل. نعم انها اغنيات عفوية فالابل تطرب للغناء وتواصل السير دون تعب.
تحميل الخضار
ولا زلت اذكر انني عملت لدى الشيخ محسن بن شرف المنعمي رحمه الله حيث كنت اقوم بتحميل اكياس الخضار على الابل والذهاب بها الى مكة المكرمة كانت مهنة متعبة ولكن كانت نفوس الناس نقية ويرتضون بالقليل.
وكنت اقطع المسافة بين وادي فاطمة ومكة المكرمة في «9» ساعات تقريباً وكان تحميل الابل يتم بعد المغرب مباشرة حتى نتمكن من الوصول الى الحلقة القديمة قبل اذان الفجر.
ويضيف:
مهنة الجمالة من اصعب المهن فلا يقدر عليها سوى الرجال الاشداء كما ان مسألة ترويض البعير لا يقدر عليها كل الناس فالجمل اذا شعر بالمهانة فانه يمكن ان يغدر بصاحبه ويقضي عليه في لمح البصر فكم من اشخاص اعرفهم لم يحسنوا التعامل مع جمالهم قضوا نحبهم تحت اقدام وثقل البعير.
واستطرد: كانت الحلقة القديمة لها نكهة مغايرة وبها العسل والخضروات القادمة من وادي فاطمة وبعد ان كنا نبيع حمولة الخضروات ونتناول طعام الافطار.
ونعود الى وادي فاطمة واذكر بعض الذين كانوا يعملون معي مثل سعد بن عابد وكنت اتقاضى في الشهر «4» ريالات فقط. وكانت في ذلك الوقت مبلغا لا بأس به.
ويواصل:
كانت بيوت الطين تنتشر في وادي فاطمة ومن اشهر العيون التي تروى بها المزارع عيون ابي عروة والهنية والبرقة والحنيف وابي شعيب والعصلاء. فقد كان الوادي محطة عبور.
ويضيف الدوسري السيارات ووسائل النقل الحديثة قضت على مهنتي بالضربة القاضية.
وعن ما اذا كان يحن لامتطاء بعير ذلول قال: لم تعد تساعدني صحتي على ذلك فقد تبددت بالسير خلف قوافل الجمال وما عدت اذكر سوى بعض من الحكايات عن اسماء الجمال واصدقاء لي في وادي فاطمة اذكر منهم حسين حاسن اللحياني ومطيع الله اللحياني وآخرين غادروا ذاكرتي منذ سنوات طويلة.