وراء كل نتاج إنساني عظيم، سأم عظيم . أنت تسأم، إذن أنت تفكر، تبحث، تنتج، تغاير، تتحول، تنتقل، تغادر توابيت الكلام المستهلك والأمكنة التي نزفت كل ما في شرايينها من دهشة ونزق، وتبتكر لغات مترعة بالمعنى وأمكنة تختلج حياة ونبضا.
على موجة سأم عارمة أبحر كولومبس صوب العالم الجديد، وهبط الإنسان الأول فوق تراب القمر البكر، وانطلق الإسكندر المقدوني يطوي العالم القديم تحت سنابك الجموح وصهيل الحواس الهاربة من الملل.
لكل تجربة جديدة نخوضها للمرة الأولى، مذاق لاذع وحيد لا يمكن استعادته بنفس الدفق ونفس العمق مهما تكررت التجربة.
عقب ذلك لا شيء سوى سأم التكرار؛ وعقب ذلك يصبح العمر محاولة حثيثة لاستعادة المذاق الأول للأشياء، وصعقة التجارب الأولى، أو التعويض عنها.
- ليست الحاجة هي رب الاختراع، كما يقولون. فلو كان الأمر كذلك لتوقفت الحضارة البشرية عند مصباح الكاز والرفش والمحراث القديمين والعربة التي يجرها حصان. لو كانت الحاجة هي الوازع لاكتفى الإنسان بخبز الشعير والماء وثمار النباتات البرية، ولم يفكر في «الجاتوه و التورتة و الشمبانيا وطيف الحلوى و العصائر» وقائمة المحاصيل الممتدة بلا نهاية.
- يثبت لنا هذا العصر أن كل اختراع يصبح حاجة وليست كل حاجة تصبح اختراعا، وأن الوسائل خلقت الغايات ولم تكن نتاجا عنها.
عندما أطلق الروس القمر الصناعي الأول كان مجرد جسم معدني عملاق يدور خارج الغلاف الجوي بلا مغزى؛ ثم أصبح ـــ لاحقا ـــ يتجسس ويرصد ويمطر صورا وأسرارا.
كذلك الحال بالنسبة لمكتشف الكهرباء، إذ هو ـــ قطعا ـــ لم يكن ينبش في هذا الغيهب الفيزيائي بحثا عن الضوء، بدليل أن سريان التيار الأول في جسده، بصورة باغتة، كاد يقتله.
- ربما كانت «الحاجة» هي الحافز وراء اكتشاف الكهف كمأوى لكن ـــ وحده ـــ السـأم جعل من هذا الكهف بيتا من الطوب ومنزلا عائما، و «فيللا، و شاليه» وناطحة سحاب وأبراجا زجاجية شاهقة.
- وربما كانت «الحاجة» إلى الدفاع عن النفس هي التي ابتكرت الرمح الحجري، لكن على يد الســأم أصبح هذا الرمح، رشاشا وقاذفة قنابل وبارجة حربية وقنبلة نووية، وأصبحت الجولات القصيرة للدفاع، حربا هجومية عالمية واسعة النطاق.
- ضعوا جردا بالأشياء التي كانت تمثل حاجة ماسـة بالنسبة إليكم قبل أن توجد .. ولاتستغربوا إن خرجتم صفر اليدين من معظم عبقريات هذا العصر .. أو اكتشفتم بأن السأم هو الذي اخترع الحاجة.
Salah_Aldkak@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 216 مسافة ثم الرسالة
على موجة سأم عارمة أبحر كولومبس صوب العالم الجديد، وهبط الإنسان الأول فوق تراب القمر البكر، وانطلق الإسكندر المقدوني يطوي العالم القديم تحت سنابك الجموح وصهيل الحواس الهاربة من الملل.
لكل تجربة جديدة نخوضها للمرة الأولى، مذاق لاذع وحيد لا يمكن استعادته بنفس الدفق ونفس العمق مهما تكررت التجربة.
عقب ذلك لا شيء سوى سأم التكرار؛ وعقب ذلك يصبح العمر محاولة حثيثة لاستعادة المذاق الأول للأشياء، وصعقة التجارب الأولى، أو التعويض عنها.
- ليست الحاجة هي رب الاختراع، كما يقولون. فلو كان الأمر كذلك لتوقفت الحضارة البشرية عند مصباح الكاز والرفش والمحراث القديمين والعربة التي يجرها حصان. لو كانت الحاجة هي الوازع لاكتفى الإنسان بخبز الشعير والماء وثمار النباتات البرية، ولم يفكر في «الجاتوه و التورتة و الشمبانيا وطيف الحلوى و العصائر» وقائمة المحاصيل الممتدة بلا نهاية.
- يثبت لنا هذا العصر أن كل اختراع يصبح حاجة وليست كل حاجة تصبح اختراعا، وأن الوسائل خلقت الغايات ولم تكن نتاجا عنها.
عندما أطلق الروس القمر الصناعي الأول كان مجرد جسم معدني عملاق يدور خارج الغلاف الجوي بلا مغزى؛ ثم أصبح ـــ لاحقا ـــ يتجسس ويرصد ويمطر صورا وأسرارا.
كذلك الحال بالنسبة لمكتشف الكهرباء، إذ هو ـــ قطعا ـــ لم يكن ينبش في هذا الغيهب الفيزيائي بحثا عن الضوء، بدليل أن سريان التيار الأول في جسده، بصورة باغتة، كاد يقتله.
- ربما كانت «الحاجة» هي الحافز وراء اكتشاف الكهف كمأوى لكن ـــ وحده ـــ السـأم جعل من هذا الكهف بيتا من الطوب ومنزلا عائما، و «فيللا، و شاليه» وناطحة سحاب وأبراجا زجاجية شاهقة.
- وربما كانت «الحاجة» إلى الدفاع عن النفس هي التي ابتكرت الرمح الحجري، لكن على يد الســأم أصبح هذا الرمح، رشاشا وقاذفة قنابل وبارجة حربية وقنبلة نووية، وأصبحت الجولات القصيرة للدفاع، حربا هجومية عالمية واسعة النطاق.
- ضعوا جردا بالأشياء التي كانت تمثل حاجة ماسـة بالنسبة إليكم قبل أن توجد .. ولاتستغربوا إن خرجتم صفر اليدين من معظم عبقريات هذا العصر .. أو اكتشفتم بأن السأم هو الذي اخترع الحاجة.
Salah_Aldkak@yahoo.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 216 مسافة ثم الرسالة