أتذكر أحيانا الحكمة العظيمة، التي نطق بها زهير بن أبي سلمى، وكأنه كان يتجول في فضاء الإنترنت، حين قال:
وذي خطل في القول يحسب أنه
مصيب فما يلمم به فهو قائله!
عبأت له حلما وأكرمت غيره
وأعرضت عنه وهو باد مقاتله!
إذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» ويحذر من الغيبة «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» فلم الجرأة على أعراض المسلمين ؟ ولم الاستخفاف بدمائهم تحت ذريعة موهومة.
إنني أشعر بمسؤوليتي أمام الله تجاه هذه القضايا، وأجدني غير حزين على ألفاظ قاسية يطلقها أخوة أحبة هنا أو هناك.
هنيئا مريئا غير داء مخامر
لعزة من أعراضنا ما استحلت
ومن هنا أصر على تكرار مثل هذا الموضوع وعرضه والتذكير به، لأن مهمتي هنا ليست تطييب الخواطر أو التربيت على الأكتاف، حقا يحزنني أن يتألم أحد بسببي ، لكن لا خيار لنا هنا في المصارحة والمكاشفة دون تعد أو ظلم إلا أن يكون شيئا غير مقصود .
لقد غدت أعمال تصدر عن (تنظيم القاعدة)، أو عن (أسامة بن لادن)؛ تأخذ طابع العصمة عند بعض الأتباع، وكأن نقدها خط أحمر، وكأننا لم نسمع حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) لسيف من سيوف الله: « اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد » رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
حتى صار بعض الشيوخ يتحرج من التصريح بالنقد، ولو كان بأسلوب رصين، خوفا من سلقه بألسنة حداد ومقاريض شداد، أو التشنيع عليه بشتى التهم.
أحد الأحبة قال يوما: يخطئون كما أخطأ الصحابة!
فأجبته: وهل اجتمع الصحابة على خطأ؟! أم هي مفردات هنا وهناك، خالفها الجم الغفير منهم، وأعلنوا النكير عليها، ثم إن موضع الأسوة بالسلف عامة هو فيما أصابوا فيه، وليس ما أخطأوا، والخطأ يستغفر لهم منه، ولا يوضع قاعدة يتأسى بها الخالفون.
بل عنصر الجمال في خطأ ينسب للصحابة، أو من بعدهم من سلف الأمة؛ هو الاقتداء بقبول التصويب، وسرعة الاستغفار وعدم الإصرار، وإعلان الندم على الخطأ وإنكاره على الملأ؛ كما حدث لخالد بن الوليد، ولأسامة بن زيد، أو لحاطب بن أبي بلتعة، ولجماعة من الأنصار، ولبعض أمهات المؤمنين، ولبعض السابقين؛ فيكون النكير علانية لخطأ مكشوف معلن، وليس بالهمس أو التستر، وها نحن في القرن الخامس عشر نردد ما قاله سيد ولد آدم؛ لخالد أو أسامة أو أبي بكر أو عمر أو علي أو عائشة، أو من اشترطوا شرطا باطلا في بيع، أو من أخذ من مال الصدقة ما لا يحل له.. في ضروب وصنوف من التصحيح؛ يجدر أن نتأسى بها في نفوسنا وأفرادنا وجماعاتنا وحكوماتنا.
وإني أعلم يقينا أن لو أعلن أسامة بن لادن اعتراضه على هذه الأعمال، أو تراجعه عنها، أو تبرؤه مما نسب إليه منها، وهو لا يقر به؛ لناله مثلما نال المعترضين المستنكرين من الوقيعة من بعض الأتباع.
وهي فرصة أن أجدد الدعوة إليه أن يراجع الحق؛ فإن الحق قديم، وألا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل ،، وأقول له: (العار ولا النار).
على أنه ليس في الرجوع إلى الحق عار، وإنما العار في الإصرار، وإن شلال الدم المتدفق في الجزائر والصومال وغيرهما، والمرشح للانفجار في مواقع أخرى؛ ليتطلب من كل من في قلبه غيرة على الأمة وأبنائها أن يسعى في التدارك، وألا يكون ظهيرا لأعمال العنف العشوائية المتلاحقة، والتي لا ثمرة لها ولا طائل من ورائها إلا المزيد من الفشل والإخفاق وذهاب الريح.
وأذكر كل من غمس يده أو لسانه في هذا البركان الحارق؛ بالموقف بين يدي رب العالمين (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) (الحاقة:18)، حين (ينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار ) كما رواه البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم (رضي الله عنه).
يوم يكون أول ما يسأل عنه من حقوق الناس الدماء، فلا يزال المؤمن في فسحة وفرج ما لم يصب دما حراما فإن أصاب دما حراما هلك، وإن أعان على سفك دم ولو بشطر كلمة خشي عليه أن يجد أمامه مكتوبا (آيس من رحمة الله) كما عند أبي داود، والبيهقي والطبرانى.. نسأل الله السلامة.
قال لي أحد الشباب يوما: كلامك حق وصحيح، ولكن في أسلوبك شدة على هؤلاء الشباب؟ فقلت له: ماذا سمعت من الشدة؟
قال: إنك تقول إنهم متعجلون! قلت : نعم. قالها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للسابقين الأولين بمكة ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه « والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون » رواه البخاري من حديث عبد الله بن خباب بن الأرت (رضي الله عنهما).
على أني أقصد بالعجلة هنا تفويت مقام التعلم والبحث والدراسة والهدوء والنظر قبل الفعل، ولست أعني أنهم مصيبون فيما يفعلون ولكنهم أخطأوا التوقيت كما قد يفهمه أحد، أو يقول به أحد، وهذا فرق ما بينهم وبين الملأ من الجيل الأول العظيم الذي قام عليه الإسلام، ممن تجردوا من حظ النفس، واستعدوا للتصويب وكان هواهم تبعا لما جاء به النبي؟، وكانت معركتهم مع الوثنية الصريحة، والشرك المعلن المفضوح المتفق عليه بلا نزاع، وكان في الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، وقد تعرض النبي (صلى الله عليه وسلم) للأذى ومحاولة القتل، وقتل من أصحابه من قتل، وربى هؤلاء الرجال على عدم الانتصار للنفس أو الغضب لها، فكانت أمورهم كلها لله، غضبا ورضاء، حربا وسلما، قربا وبعدا، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
والتصحيح ليس حكرا على الجماعات المقاتلة التي حملت السلاح يوما من الدهر، بل العمل الإسلامي كله بحاجة إلى تصويب مستمر وتدارك دائم للأعمال والتحزبات السياسية، والجهود الإعلامية، والبرامج الاقتصادية، والمؤسسات الخيرية، وهذا موضوع حديث قادم بإذن الله، والله مع الصابرين.
كما أن التصحيح مهمة الحكومات العربية والإسلامية؛ فهي أولى وأجدر بالمسارعة إلى جعل نظام الشريعة الربانية موضع التنفيذ، وإحلال قيمها العظيمة؛ كالعدل والشورى والمساواة والعفة، محل القيم الغربية، وهي أجدر بتشجيع الناس على المراجعة والتصويب، وفتح الباب أمام الشباب لتصحيح المسار، ومنح الفرص الميدانية والعملية لكل الذين راجعوا الحق أن يعيشوا حياتهم بأمان؛ على أنفسهم وأعمالهم ووظائفهم وأهليهم، وأن يحتفظوا بحقوقهم السياسية وغيرها، على أن العدل والإنصاف واجب لكل أحد، حتى لمن جاروا عن السبيل، والظلم والعدوان والبغي محرم؛ حتى مع الكافرين فضلا عن المؤمنين، ولا يحفظ المجتمع من ردات الفعل والأعمال الانتقامية المتبادلة إلا العدل وحفظ الحقوق، والله المستعان.
أسأل الله لشباب الإسلام، وللأمة كلها صلاح الحال والمآل، والتوفيق والسداد والرفعة والعزة والكرامة والتمكين، إنه قوي عزيز.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 138 مسافة ثم الرسالة
وذي خطل في القول يحسب أنه
مصيب فما يلمم به فهو قائله!
عبأت له حلما وأكرمت غيره
وأعرضت عنه وهو باد مقاتله!
إذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» ويحذر من الغيبة «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته» فلم الجرأة على أعراض المسلمين ؟ ولم الاستخفاف بدمائهم تحت ذريعة موهومة.
إنني أشعر بمسؤوليتي أمام الله تجاه هذه القضايا، وأجدني غير حزين على ألفاظ قاسية يطلقها أخوة أحبة هنا أو هناك.
هنيئا مريئا غير داء مخامر
لعزة من أعراضنا ما استحلت
ومن هنا أصر على تكرار مثل هذا الموضوع وعرضه والتذكير به، لأن مهمتي هنا ليست تطييب الخواطر أو التربيت على الأكتاف، حقا يحزنني أن يتألم أحد بسببي ، لكن لا خيار لنا هنا في المصارحة والمكاشفة دون تعد أو ظلم إلا أن يكون شيئا غير مقصود .
لقد غدت أعمال تصدر عن (تنظيم القاعدة)، أو عن (أسامة بن لادن)؛ تأخذ طابع العصمة عند بعض الأتباع، وكأن نقدها خط أحمر، وكأننا لم نسمع حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) لسيف من سيوف الله: « اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد » رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
حتى صار بعض الشيوخ يتحرج من التصريح بالنقد، ولو كان بأسلوب رصين، خوفا من سلقه بألسنة حداد ومقاريض شداد، أو التشنيع عليه بشتى التهم.
أحد الأحبة قال يوما: يخطئون كما أخطأ الصحابة!
فأجبته: وهل اجتمع الصحابة على خطأ؟! أم هي مفردات هنا وهناك، خالفها الجم الغفير منهم، وأعلنوا النكير عليها، ثم إن موضع الأسوة بالسلف عامة هو فيما أصابوا فيه، وليس ما أخطأوا، والخطأ يستغفر لهم منه، ولا يوضع قاعدة يتأسى بها الخالفون.
بل عنصر الجمال في خطأ ينسب للصحابة، أو من بعدهم من سلف الأمة؛ هو الاقتداء بقبول التصويب، وسرعة الاستغفار وعدم الإصرار، وإعلان الندم على الخطأ وإنكاره على الملأ؛ كما حدث لخالد بن الوليد، ولأسامة بن زيد، أو لحاطب بن أبي بلتعة، ولجماعة من الأنصار، ولبعض أمهات المؤمنين، ولبعض السابقين؛ فيكون النكير علانية لخطأ مكشوف معلن، وليس بالهمس أو التستر، وها نحن في القرن الخامس عشر نردد ما قاله سيد ولد آدم؛ لخالد أو أسامة أو أبي بكر أو عمر أو علي أو عائشة، أو من اشترطوا شرطا باطلا في بيع، أو من أخذ من مال الصدقة ما لا يحل له.. في ضروب وصنوف من التصحيح؛ يجدر أن نتأسى بها في نفوسنا وأفرادنا وجماعاتنا وحكوماتنا.
وإني أعلم يقينا أن لو أعلن أسامة بن لادن اعتراضه على هذه الأعمال، أو تراجعه عنها، أو تبرؤه مما نسب إليه منها، وهو لا يقر به؛ لناله مثلما نال المعترضين المستنكرين من الوقيعة من بعض الأتباع.
وهي فرصة أن أجدد الدعوة إليه أن يراجع الحق؛ فإن الحق قديم، وألا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل ،، وأقول له: (العار ولا النار).
على أنه ليس في الرجوع إلى الحق عار، وإنما العار في الإصرار، وإن شلال الدم المتدفق في الجزائر والصومال وغيرهما، والمرشح للانفجار في مواقع أخرى؛ ليتطلب من كل من في قلبه غيرة على الأمة وأبنائها أن يسعى في التدارك، وألا يكون ظهيرا لأعمال العنف العشوائية المتلاحقة، والتي لا ثمرة لها ولا طائل من ورائها إلا المزيد من الفشل والإخفاق وذهاب الريح.
وأذكر كل من غمس يده أو لسانه في هذا البركان الحارق؛ بالموقف بين يدي رب العالمين (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) (الحاقة:18)، حين (ينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار ) كما رواه البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم (رضي الله عنه).
يوم يكون أول ما يسأل عنه من حقوق الناس الدماء، فلا يزال المؤمن في فسحة وفرج ما لم يصب دما حراما فإن أصاب دما حراما هلك، وإن أعان على سفك دم ولو بشطر كلمة خشي عليه أن يجد أمامه مكتوبا (آيس من رحمة الله) كما عند أبي داود، والبيهقي والطبرانى.. نسأل الله السلامة.
قال لي أحد الشباب يوما: كلامك حق وصحيح، ولكن في أسلوبك شدة على هؤلاء الشباب؟ فقلت له: ماذا سمعت من الشدة؟
قال: إنك تقول إنهم متعجلون! قلت : نعم. قالها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للسابقين الأولين بمكة ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه « والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون » رواه البخاري من حديث عبد الله بن خباب بن الأرت (رضي الله عنهما).
على أني أقصد بالعجلة هنا تفويت مقام التعلم والبحث والدراسة والهدوء والنظر قبل الفعل، ولست أعني أنهم مصيبون فيما يفعلون ولكنهم أخطأوا التوقيت كما قد يفهمه أحد، أو يقول به أحد، وهذا فرق ما بينهم وبين الملأ من الجيل الأول العظيم الذي قام عليه الإسلام، ممن تجردوا من حظ النفس، واستعدوا للتصويب وكان هواهم تبعا لما جاء به النبي؟، وكانت معركتهم مع الوثنية الصريحة، والشرك المعلن المفضوح المتفق عليه بلا نزاع، وكان في الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، وقد تعرض النبي (صلى الله عليه وسلم) للأذى ومحاولة القتل، وقتل من أصحابه من قتل، وربى هؤلاء الرجال على عدم الانتصار للنفس أو الغضب لها، فكانت أمورهم كلها لله، غضبا ورضاء، حربا وسلما، قربا وبعدا، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
والتصحيح ليس حكرا على الجماعات المقاتلة التي حملت السلاح يوما من الدهر، بل العمل الإسلامي كله بحاجة إلى تصويب مستمر وتدارك دائم للأعمال والتحزبات السياسية، والجهود الإعلامية، والبرامج الاقتصادية، والمؤسسات الخيرية، وهذا موضوع حديث قادم بإذن الله، والله مع الصابرين.
كما أن التصحيح مهمة الحكومات العربية والإسلامية؛ فهي أولى وأجدر بالمسارعة إلى جعل نظام الشريعة الربانية موضع التنفيذ، وإحلال قيمها العظيمة؛ كالعدل والشورى والمساواة والعفة، محل القيم الغربية، وهي أجدر بتشجيع الناس على المراجعة والتصويب، وفتح الباب أمام الشباب لتصحيح المسار، ومنح الفرص الميدانية والعملية لكل الذين راجعوا الحق أن يعيشوا حياتهم بأمان؛ على أنفسهم وأعمالهم ووظائفهم وأهليهم، وأن يحتفظوا بحقوقهم السياسية وغيرها، على أن العدل والإنصاف واجب لكل أحد، حتى لمن جاروا عن السبيل، والظلم والعدوان والبغي محرم؛ حتى مع الكافرين فضلا عن المؤمنين، ولا يحفظ المجتمع من ردات الفعل والأعمال الانتقامية المتبادلة إلا العدل وحفظ الحقوق، والله المستعان.
أسأل الله لشباب الإسلام، وللأمة كلها صلاح الحال والمآل، والتوفيق والسداد والرفعة والعزة والكرامة والتمكين، إنه قوي عزيز.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 138 مسافة ثم الرسالة