مع بداية العام الجديد 2010 م وتحديدا في يناير المقبل يستقبل أصحاب العقارات في مصر «المصريون والعرب والأجانب على قدر المساواة» تطبيق قانون الضرائب العقارية الجديد بين مؤيد ومعارض.
ومنذ أيام صدرت اللائحة التنفيذية للقانون 196 لسنة 2008 ليدخل القانون حيز التنفيذ في الموعد المشار إليه.
وحددت اللائحة التنفيذية شريحة العقارات التي ستخضع لهذه الضريبة بتلك التي تزيد قيمتها السوقية على 450 ألف جنيه (الدولار يعادل 5.53 جنيه مصري)، على أن يعاد تقويم العقار كل خمس سنوات، لكن هناك العديد من التساؤلات التي تطرح نفسها إزاء طريقة تطبيق القانون، وهل تسمح إمكانيات وزارة المالية المصرية بأن تتعامل مع الثروة العقارية في مصر في هذه الفترة الوجيزة التي لا تتعدى أربعة أشهر؟
«عكاظ» طرحت التساؤلات على العديد من الخبراء والقانونيين حول هذه الضريبة وكيفية تطبيقها خاصة على شريحة العشوائيات والمساكن الريفية. وأيضا تأثير تلك الضريبة على استثمارات العرب خصوصا أبناء المملكة الذين لهم ممتلكات عقارية فى مصر وتأثيرها أيضا على الاستثمار العقاري للأجانب.
بداية يوضح وزير المالية المصري الدكتور يوسف بطرس غالي أن المنازل والشقق التي تقدر قيمتها بأقل من 450 ألف جنيه مصري ستعفى من الضريبة، في حين تبلغ الضرائب السنوية 660 جنيها على المنازل التي تصل قيمتها إلى مليون جنيه.
وقال إن على الأفراد والمؤسسات تقديم إقرارات ضريبية عن أصولهم العقارية بنهاية العام لتقييمها واحتساب وعاء الضريبة بناء عليها، وتأخذ عملية تقييم العقار في الحسبان الموقع ونوعية البناء ومدى قرب الوحدة من الشواطئ أو المرافق أو الحدائق.
ويحق لأصحاب العقارات الطعن في تقييم الوزارة لعقاراتهم في غضون 60 يوما من القرار، وسيعاد تقييم العقارات كل خمس سنوات.
ويوضح وزير المالية المصري قواعد تطبيق النظام الجديد للضريبة على العقارات المبنية، وأن هذه الضريبة سيدفعها الأغنياء فقط الذين يقدرون بنحو 12 في المائة من المجتمع.
ويضيف أن 70 في المائة من المصريين لايملكون عقارات وأن 60 في المائة من النسبة الباقية لا تزيد قيمة عقاراتهم على 200 ألف جنيه وهو الحد المعفى من الضريبة.
ويؤكد وزير المالية أن الضريبة العقارية، التي ستتحدد بنسبة 14 في المائة من القيمة الإيجارية والتي ستقدرها لجان من مصلحة الضرائب والإسكان والأهالي في كل منطقة، لايخضع لها محدود الدخل وصغير الدخل والعشوائيات والمباني المعتادة في الريف والمدافن ودور العبادة وجميع العقارات المستغلة في العمل الخيري وعقارات النفع العام.
وقال الوزير المصري إن الفئات التي تطبق عليها الضريبة هي الفيلات والشقق المغلقة ويقدر عددها بنحو 1.2 مليون شقة والأراضي الفضاء، وكذلك أراضى «التسقيع» والتي ستخضع للضريبة العقارية تقديرا لقيمتها المجتمعية.
وأكد أن مشروع الضريبة يهدف إلى تدعيم مبدأ المساواة الذي كفله الدستور لتحقيق العدالة الضريبية، وتلافي مشاكل التطبيق العملي للقوانين الحالية، ومعالجة تعدد التشريعات، ووصول الإعفاء من الضريبة إلى مستحقيه والتأكيد على تحديد القيمة الإيجابية السنوية كوعاء للضريبة وتخفيض سعر الضريبة من شرائح تصاعدية في القانون الحالي إلى شريحة واحدة هي الأولى من الشرائح الحالية.
كما أكد أنه سيتم الحجز على العقار الذي يمتنع صاحبه عن سداد الضريبة وستمنح المصلحة صكوكا للمستأجرين الذين يدفعون الضريبة ليعودا بها على المالك وخصمها من الإيجار.
الوحدات السكنية
من جانبه يقول طارق فراج رئيس مصلحة الضرائب العقارية في مصر: إن الوحدات المنشأة لأغراض سكنية فقط ستتمتع بالإعفاءات الضريبية وفقا لقانون الضرائب العقارية الجديد، مشيرا إلى أن قيمة إعفاء الوحدة السكنية من الضرائب سيكون ستة آلاف جنيه، ولن تتمتع أي من الوحدات التجارية أو الصناعية بهذه الإعفاءات.
وأضاف، أن الضريبة فرضت وفقا للقانون رقم 196 لسنة 2008، الذي كان يهدف إلى تحقيق العدالة الضريبية في المجتمع، خاصة أن الضريبة في الماضي كانت تفرض على العقارات الواقعة في مخططات المباني فقط، وبالتالي فإن العقارات والمباني التي كانت خارج الأماكن المسموح فيها بالبناء كانت خارج نطاق الضريبة العقارية أيضا. ويتم تحصيل الضريبة العقارية على جزءين، الأول في 30 يونيو، والثاني في 31 ديسمبر من العام ذاته.
حساب الضريبة
وحول طريقة احتساب الضريبة قال فراج: إن الضريبة عبارة عن القيمة الإيجارية للوحدة، يخصم منها 30 في المائة، للإدارة والصيانة، بالإضافة لخصم 6 آلاف جنيه سنويا من كل وحدة سكنية، ثم تحتسب الضريبة بواقع 10 في المائة من القيمة الإيجارية.
وحول تأثير الضريبة على العقارات التي يمتلكها أبناء المملكة في مصر أو أبناء الدول العربية، أكد فراج أن هناك معايير وأسسا محددة وواضحة ستطبق على الجميع، دون أية استثناءات خاصة، لافتا إلى وجود ما يسمى بالسلم الضريبي. وكل ما هو مقام على أرض مصر يخضع للضريبة.
فماذا عن رأي الخبراء؟
يرى المستشار القانوني أحمد عزب شعير المحامي الذي عمل طويلا في قطاع المالية الحكومي في مصر: أن الحكومة المصرية لجأت لإصدار القانون في إطار تطوير الاقتصاد، ولكن هناك فقرات غير دستورية في القانون ويحمل عبئا جديد على كاهل المصريين، وللعلم فإن العديد من الناس حتى اليوم لا يعلم نصوص القانون،
وأصبحت الضريبة العقارية شرا لابد منه، ولا فكاك من التعامل معه، ولذلك كان لابد من توضيحها.
ودعني أتحدث عن العقارات الخاضعة للضريبة، فالضريبة تفرض على جميع العقارات المبنية على أرض مصر، سواء كانت عمارة أو فيلا أو شاليها أو عوامة أو شقة سكنية.
كما تفرض أيضا على الأراضي الفضاء المستغلة ـ مثل الجراجات أو المشاتل.
وتفرض كذلك على التركيبات المقامة على أسطح المنازل أو معلقة على واجهتها ـ مثل محطات المحمول أو لافتات الدعاية.
وتخضع العقارات للضريبة بنسبة 10 في المائة من القيمة الإيجارية للعقار بعد خصم 30 في المائة للوحدات السكنية و 32 في المائة للوحدات غير السكنية مقابل تكاليف الصيانة. ويبقى السؤال الأهم من هو المكلف بأداء الضريبة المستحقة؟
المالك سوف يكون هو المكلف أساسا بأداء الضريبة المستحقة، مع جواز تحصيلها من المستأجر على أن يخصمها الأخير من مستحقات المالك لديه.
مع ملاحظة أن المقصود بالعقار ـ طبقا لقانون الضريبة ـ هو كل وحدة سكنية في المبنى، وليس المبنى بالكامل، وأن تكون مملوكة لشخص عادي أو اعتباري (شركة مثلا)، أو غير مصري، ولا يستثنى من الضريبة غير المصريين، وسواء كانت الوحدة كاملة أو تحت التشطيب أو مشغولة أو لم تستغل بعد، فالمهم أن تكون قائمة وصالحة للانتفاع بها من قبل مالكها أو من قبل الغير (المستأجر).
ومن ثم فالمالك المقيم في شقة أو فيلا أو عوامة أو شاليه، مطالب بدفع الضريبة المستحقة عما يملكه إذا كانت قيمتها السوقية تزيد على 500 ألف جنيه، وإذا قلت عن ذلك، فهو معفى من سداد الضريبة، ولو كان يمتلك أكثر من وحدة سكنية، وسواء أقام فيها أو أجرها للغير، وسواء كانوا في عمارة واحدة أو في أماكن متفرقة.
أما بالنسبة للشباب و «منزل العائلة» فالأمر مختلف، فإذا كنت مالكا مقيما مع أولادك في منزل واحد
ـ متعدد الشقق ـ ولكن بسلم داخلي وعداد واحد لكل من خدمات الكهرباء والمياه والغاز، فإنه يعامل كوحدة سكنية واحدة وتقدر قيمتها السوقية لبيان ما إذا كانت ستخضع للضريبة من عدمه.
وإذا كنت مقيما مع أولادك في منزل واحد ـ متعدد الشقق أيضا ـ ولكن كل شقة مستقلة عن الأخرى ولها رقم وعداداتها الخاصة، فإنها تعامل ضريبيا بشكل منفصل، وتقدر قيمتها السوقية لبيان ما إذا كانت ـ أيضا ـ ستخضع للضريبة من عدمه. وقد يكون الشخص مالكا لوحدة سكنية، ولكنه يؤجرها مفروشة للغير، فإنها أيضا تقدر سوقيا، وإذا ثبت أنها تخضع للضريبة العقارية، وأن إيجارها السنوى يزيد على حد الإعفاء، فإن ما يتم تحصيله من ضريبة عقارية عليها يتم خصمها من ضريبة الدخل التي يسددها مالكها عن إجمالي دخله السنوي.
كيف تحسب الضريبة المستحقة على ما تملك من عقارات؟
طبقا للقانون.. سوف تقوم «اللجان» المختصة بالتقدير، بتحديد القيمة السوقية للعقار، وطبقا لموقعه الجغرافي، وما يتمتع به من خدمات، ثم يحذف 40 في المائة من السعر السوقي للعقار لتصل إلى القيمة الرأسمالية، والتي على أساسها يتم تقدير القيمة الإيجاريه السنوية له، وهي نسبة 3 في المائة من القيمة الرأسمالية.
وبعدها يتم استبعاد ـ حسب النصوص الرسمية ـ نسبة 30 في المائة من القيمة الإيجاريه السنوية مقابل مصاريف الصيانة، وما تبقى يستبعد منه مرة أخرى مبلغ 6 آلاف جنيه، وهو حد الإعفاء السنوى في القانون. ثم تحسب الضريبة بنسبة 10 في المائة من القيمة الصافية للإيجار السنوي أي بعد استبعاد نسبة الصيانة وحد الإعفاء القانوني.
وعلى سبيل المثال.. شقة سكنية قدرتها اللجنة بحوالى 500 ألف جنيه سوف تكون قيمتها الرأسمالية (نسبة 60 في المائة من هذا التقدير) حوالى 300 ألف جنيه.
وسوف تكون القيمة الإيجارية السنوية لها 9 آلاف جنيه فقط (وذلك بعد حساب نسبة 3 في المائة من الـ 300 ألف)، وبعد استبعاد مصاريف الصيانة من القيمة الإيجارية (نسبة 30 في المائة من الـ 9 آلاف) وقدرها 2700 جنيه سوف يتبقى 6300 جنيه، وبعد خصم نسبة الإعفاء القانوني وقدره 6 آلاف جنيه، سوف يتبقى 300 جنيه فقط، وهو يمثل (وعاء الضريبة) الذي تحسب على أساسه بنسبة 10 في المائة أي تكون الضريبة السنوية المستحقة على هذه الشقة 30 جنيها فقط سنويا، ولكن نظرا لأنها لم تتجاوز في قيمتها السوقية 500 ألف جنيه، فهي معفاة من سداد الضريبة طبقا للقانون.
ويضيف المستشار أحمد عزب .إن لم يكن المالك مسجلا بالدفاتر، ولكنه يشعر أنه خاضع للضريبة الجديدة بسبب ملكيته لفيلا فاخرة بمارينا أو شاليها بإحدى القرى السياحية أو شقة فسيحة بأحد الأحياء الراقية أو عوامة حديثة أو أي ممتلكات (عقارية) أخرى يقدر ثمنها السوقي بأكثر من 500 ألف جنيه، فعليه أيضا تقديم إقراره الضريبي وانتظار انتهاء إجراءات الفحص والتقدير والربط.
عقوبات المتهربين
ويقول المستشار محمد مجاهد المحامي بالنقض إن هناك عقوبتين لملاك العقارات الذين لايتقدمون بإقراراتهم في التوقيت المحدد، حيث أوجب القانون عقوبتين لملاك العقارات الخاضعة للضريبة، الأولى خاصة بعدم تقديم الإقرار أو تضمينه بيانات غير صحيحة، وهذه المخالفة عقوبتها الغرامة المالية التي تصل إلى ألف جنيه.
والثانية عقوبة التهرب من أداء الضريبة المستحقة، وهي أيضاً غرامة مالية تصل إلى خمسة آلاف جنيه مع تعويض يعادل مثل الضريبة المتهرب منها.
ويضيف: أنه قبل البدء في رفع أي دعاوى لبطلان القانوة أو عدم دستوريته بدأت وزارة المالية إعداد نماذج إقرارات الضريبة الخاصة بالعقارات المبنية، تمهيدا لتوزيعها على مأموريات الضرائب العقارية. وهنا أذكر ما قاله د. يوسف بطرس غالي وزير المالية إنه وفقا لقانون الضرائب العقارية الجديد الذي وافق عليه مجلس الشعب يجب أن يتقدم مالكو الوحدات عقب نشر القانون في الجريدة الرسمية إلى مأموريات الضرائب التابعين لها لتقديم الإقرار الضريبي عن وحدته حتى يمكن للجان الحصر والتقدير تقييمها وتحديد ما إذا كانت معفاة أم خاضعة للضريبة.
وأكد الوزير أن العقارات تحت الإنشاء لن تخضع للضريبة لحين الانتهاء من تجهيزها للسكن. سواء كان مشروعا لمستثمرين عرب أو مصريين وتم إعفاء الوحدات السكنية كافة التي تقل قيمتها السوقية الحالية عن نصف مليون جنيه من الضريبة، بحيث يتمتع الممول بهذا الإعفاء عن كل وحدة سكنية بشكل مستقل حتى وإن تعددت الوحدات التى يمتلكها في العقار نفسه أو في عقارات مختلفة.
كما أعفى مشروع القانون كل وحدة سكنية في عقار تكون قيمتها الإيجارية السنوية لا تزيد على ستة آلاف جنيه على أن يخضع ما زاد على هذا المبلغ للضريبة.
وتتحمل الحكومة العبء الضريبي عن المواطنين كافة الذين لا يملكون دخلا يكفي لسداد الضريبة عن عقاراتهم التي تزيد قيمتها على حد الإعفاء إذا طرأت تغيرات اجتماعية على المكلف أو ورثته من شأنها عدم القدرة على الوفاء بدفع الضريبة.
ويتم تقدير القيمة الإيجارية كل خمس سنوات ولا يجوز عند إعادة هذا التقدير زيادة القيمة الإيجارية للعقارات السكنية عن 30 في المائة من التقدير السابق و 45 في المائة من التقدير السابق بالنسبة للعقارات المستعملة فى غير أغراض السكن.
المباني المعفاة
وحول المباني المعفاة من الضريبة يقول المستشار محمد مجاهد: إن الأرض الفضاء غير المستغلة، معفاة من الضريبة.. حتى تستغل.
كما أعفى من الضريبة المباني التي ترتبط بتقديم خدمات أساسية للمجتمع أو أنشطة لا تهدف إلى الربح وتشمل المؤسسات التعليمية والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمبرات والعقارات المخصصة لمنفعة الأراضي الزراعية المحيطة بها والدور المخصصة لاستخدامها في مناسبات اجتماعية لا تهدف للربح والأبنية المملوكة للجمعيات الخيرية والمخصصة لمكاتب إدارتها أو لممارسة الأغراض التي أنشئت من أجلها وكذلك الأحواش ومباني الجبانات وأبنية مراكز الشباب والرياضة والمقار المملوكة للأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمنظمات العمالية وكافة الأبنية المخصصة لإقامة الشعائر الدينية أو لتعليم الدين.
إيجابيات وسلبيات الضريبة
لكن تظل المعارضة للقانون قائمة، حيث يرى وكيل كلية التجارة في جامعة عين شمس الدكتور سعيد عبد المنعم: أن الضريبة الجديدة للعقارات في مصر لها جوانب إيجابية كثيرة، منها بدء قاعدة معلومات حقيقية عن الثروة العقارية في مصر، كما أنها ستزيد من الحصيلة الضريبية لتمويل الموازنة العامة التي تعاني من عجز دائم. كما ترى الحكومة.
ويبين عبد المنعم أن التطبيق للضريبة الجديدة سوف يكون تدريجيا وسيبدأ في المناطق الجديدة والسياحية، وأن استكمال قاعدة البيانات قد يستغرق مدة سنتين من العمل المتواصل في وزارة المالية.
أما عن تأثير الضريبة على العشوائيات والمناطق الريفية، فيرى د. عبد المنعم أن الضريبة العقارية الجديدة لن تقترب من هاتين الشريحتين، لأن القانون حدد قيمة الوحدات العقارية الخاضعة للضريبة بتلك التي تزيد قيمتها السوقية على 450 ألف جنيه، وهو المعدل الذي تقل أثمان العقارات في هذه المناطق عنه كثيرا، لأن الضريبة تفرض على كل وحدة سكنية على حدة وليس على العقار ككل. ومن هنا فوحدات المناطق العشوائية بعيدة عن هذه التقديرات التي تخضع للضريبة.
ولكن تبقى «النقطة» الغامضة في القانون والخاصة بعدم فرض الضريبة الجديدة على الشقق السكنية المؤجرة طبقا لعقود الإيجار القديمة والممتدة طوال حياة المستأجر وورثته، والمحددة بمبلغ ثابت شهريا، فهل هذه الشقق لن تخضع للحصر والتقدير مع أنها قد تكون خاضعة للضريبة بسبب موقعها ومساحتها؟ بل قد يكون إيجارها الشهرى لا يتجاوز 10 جنيهات شهريا.
ومنذ أيام صدرت اللائحة التنفيذية للقانون 196 لسنة 2008 ليدخل القانون حيز التنفيذ في الموعد المشار إليه.
وحددت اللائحة التنفيذية شريحة العقارات التي ستخضع لهذه الضريبة بتلك التي تزيد قيمتها السوقية على 450 ألف جنيه (الدولار يعادل 5.53 جنيه مصري)، على أن يعاد تقويم العقار كل خمس سنوات، لكن هناك العديد من التساؤلات التي تطرح نفسها إزاء طريقة تطبيق القانون، وهل تسمح إمكانيات وزارة المالية المصرية بأن تتعامل مع الثروة العقارية في مصر في هذه الفترة الوجيزة التي لا تتعدى أربعة أشهر؟
«عكاظ» طرحت التساؤلات على العديد من الخبراء والقانونيين حول هذه الضريبة وكيفية تطبيقها خاصة على شريحة العشوائيات والمساكن الريفية. وأيضا تأثير تلك الضريبة على استثمارات العرب خصوصا أبناء المملكة الذين لهم ممتلكات عقارية فى مصر وتأثيرها أيضا على الاستثمار العقاري للأجانب.
بداية يوضح وزير المالية المصري الدكتور يوسف بطرس غالي أن المنازل والشقق التي تقدر قيمتها بأقل من 450 ألف جنيه مصري ستعفى من الضريبة، في حين تبلغ الضرائب السنوية 660 جنيها على المنازل التي تصل قيمتها إلى مليون جنيه.
وقال إن على الأفراد والمؤسسات تقديم إقرارات ضريبية عن أصولهم العقارية بنهاية العام لتقييمها واحتساب وعاء الضريبة بناء عليها، وتأخذ عملية تقييم العقار في الحسبان الموقع ونوعية البناء ومدى قرب الوحدة من الشواطئ أو المرافق أو الحدائق.
ويحق لأصحاب العقارات الطعن في تقييم الوزارة لعقاراتهم في غضون 60 يوما من القرار، وسيعاد تقييم العقارات كل خمس سنوات.
ويوضح وزير المالية المصري قواعد تطبيق النظام الجديد للضريبة على العقارات المبنية، وأن هذه الضريبة سيدفعها الأغنياء فقط الذين يقدرون بنحو 12 في المائة من المجتمع.
ويضيف أن 70 في المائة من المصريين لايملكون عقارات وأن 60 في المائة من النسبة الباقية لا تزيد قيمة عقاراتهم على 200 ألف جنيه وهو الحد المعفى من الضريبة.
ويؤكد وزير المالية أن الضريبة العقارية، التي ستتحدد بنسبة 14 في المائة من القيمة الإيجارية والتي ستقدرها لجان من مصلحة الضرائب والإسكان والأهالي في كل منطقة، لايخضع لها محدود الدخل وصغير الدخل والعشوائيات والمباني المعتادة في الريف والمدافن ودور العبادة وجميع العقارات المستغلة في العمل الخيري وعقارات النفع العام.
وقال الوزير المصري إن الفئات التي تطبق عليها الضريبة هي الفيلات والشقق المغلقة ويقدر عددها بنحو 1.2 مليون شقة والأراضي الفضاء، وكذلك أراضى «التسقيع» والتي ستخضع للضريبة العقارية تقديرا لقيمتها المجتمعية.
وأكد أن مشروع الضريبة يهدف إلى تدعيم مبدأ المساواة الذي كفله الدستور لتحقيق العدالة الضريبية، وتلافي مشاكل التطبيق العملي للقوانين الحالية، ومعالجة تعدد التشريعات، ووصول الإعفاء من الضريبة إلى مستحقيه والتأكيد على تحديد القيمة الإيجابية السنوية كوعاء للضريبة وتخفيض سعر الضريبة من شرائح تصاعدية في القانون الحالي إلى شريحة واحدة هي الأولى من الشرائح الحالية.
كما أكد أنه سيتم الحجز على العقار الذي يمتنع صاحبه عن سداد الضريبة وستمنح المصلحة صكوكا للمستأجرين الذين يدفعون الضريبة ليعودا بها على المالك وخصمها من الإيجار.
الوحدات السكنية
من جانبه يقول طارق فراج رئيس مصلحة الضرائب العقارية في مصر: إن الوحدات المنشأة لأغراض سكنية فقط ستتمتع بالإعفاءات الضريبية وفقا لقانون الضرائب العقارية الجديد، مشيرا إلى أن قيمة إعفاء الوحدة السكنية من الضرائب سيكون ستة آلاف جنيه، ولن تتمتع أي من الوحدات التجارية أو الصناعية بهذه الإعفاءات.
وأضاف، أن الضريبة فرضت وفقا للقانون رقم 196 لسنة 2008، الذي كان يهدف إلى تحقيق العدالة الضريبية في المجتمع، خاصة أن الضريبة في الماضي كانت تفرض على العقارات الواقعة في مخططات المباني فقط، وبالتالي فإن العقارات والمباني التي كانت خارج الأماكن المسموح فيها بالبناء كانت خارج نطاق الضريبة العقارية أيضا. ويتم تحصيل الضريبة العقارية على جزءين، الأول في 30 يونيو، والثاني في 31 ديسمبر من العام ذاته.
حساب الضريبة
وحول طريقة احتساب الضريبة قال فراج: إن الضريبة عبارة عن القيمة الإيجارية للوحدة، يخصم منها 30 في المائة، للإدارة والصيانة، بالإضافة لخصم 6 آلاف جنيه سنويا من كل وحدة سكنية، ثم تحتسب الضريبة بواقع 10 في المائة من القيمة الإيجارية.
وحول تأثير الضريبة على العقارات التي يمتلكها أبناء المملكة في مصر أو أبناء الدول العربية، أكد فراج أن هناك معايير وأسسا محددة وواضحة ستطبق على الجميع، دون أية استثناءات خاصة، لافتا إلى وجود ما يسمى بالسلم الضريبي. وكل ما هو مقام على أرض مصر يخضع للضريبة.
فماذا عن رأي الخبراء؟
يرى المستشار القانوني أحمد عزب شعير المحامي الذي عمل طويلا في قطاع المالية الحكومي في مصر: أن الحكومة المصرية لجأت لإصدار القانون في إطار تطوير الاقتصاد، ولكن هناك فقرات غير دستورية في القانون ويحمل عبئا جديد على كاهل المصريين، وللعلم فإن العديد من الناس حتى اليوم لا يعلم نصوص القانون،
وأصبحت الضريبة العقارية شرا لابد منه، ولا فكاك من التعامل معه، ولذلك كان لابد من توضيحها.
ودعني أتحدث عن العقارات الخاضعة للضريبة، فالضريبة تفرض على جميع العقارات المبنية على أرض مصر، سواء كانت عمارة أو فيلا أو شاليها أو عوامة أو شقة سكنية.
كما تفرض أيضا على الأراضي الفضاء المستغلة ـ مثل الجراجات أو المشاتل.
وتفرض كذلك على التركيبات المقامة على أسطح المنازل أو معلقة على واجهتها ـ مثل محطات المحمول أو لافتات الدعاية.
وتخضع العقارات للضريبة بنسبة 10 في المائة من القيمة الإيجارية للعقار بعد خصم 30 في المائة للوحدات السكنية و 32 في المائة للوحدات غير السكنية مقابل تكاليف الصيانة. ويبقى السؤال الأهم من هو المكلف بأداء الضريبة المستحقة؟
المالك سوف يكون هو المكلف أساسا بأداء الضريبة المستحقة، مع جواز تحصيلها من المستأجر على أن يخصمها الأخير من مستحقات المالك لديه.
مع ملاحظة أن المقصود بالعقار ـ طبقا لقانون الضريبة ـ هو كل وحدة سكنية في المبنى، وليس المبنى بالكامل، وأن تكون مملوكة لشخص عادي أو اعتباري (شركة مثلا)، أو غير مصري، ولا يستثنى من الضريبة غير المصريين، وسواء كانت الوحدة كاملة أو تحت التشطيب أو مشغولة أو لم تستغل بعد، فالمهم أن تكون قائمة وصالحة للانتفاع بها من قبل مالكها أو من قبل الغير (المستأجر).
ومن ثم فالمالك المقيم في شقة أو فيلا أو عوامة أو شاليه، مطالب بدفع الضريبة المستحقة عما يملكه إذا كانت قيمتها السوقية تزيد على 500 ألف جنيه، وإذا قلت عن ذلك، فهو معفى من سداد الضريبة، ولو كان يمتلك أكثر من وحدة سكنية، وسواء أقام فيها أو أجرها للغير، وسواء كانوا في عمارة واحدة أو في أماكن متفرقة.
أما بالنسبة للشباب و «منزل العائلة» فالأمر مختلف، فإذا كنت مالكا مقيما مع أولادك في منزل واحد
ـ متعدد الشقق ـ ولكن بسلم داخلي وعداد واحد لكل من خدمات الكهرباء والمياه والغاز، فإنه يعامل كوحدة سكنية واحدة وتقدر قيمتها السوقية لبيان ما إذا كانت ستخضع للضريبة من عدمه.
وإذا كنت مقيما مع أولادك في منزل واحد ـ متعدد الشقق أيضا ـ ولكن كل شقة مستقلة عن الأخرى ولها رقم وعداداتها الخاصة، فإنها تعامل ضريبيا بشكل منفصل، وتقدر قيمتها السوقية لبيان ما إذا كانت ـ أيضا ـ ستخضع للضريبة من عدمه. وقد يكون الشخص مالكا لوحدة سكنية، ولكنه يؤجرها مفروشة للغير، فإنها أيضا تقدر سوقيا، وإذا ثبت أنها تخضع للضريبة العقارية، وأن إيجارها السنوى يزيد على حد الإعفاء، فإن ما يتم تحصيله من ضريبة عقارية عليها يتم خصمها من ضريبة الدخل التي يسددها مالكها عن إجمالي دخله السنوي.
كيف تحسب الضريبة المستحقة على ما تملك من عقارات؟
طبقا للقانون.. سوف تقوم «اللجان» المختصة بالتقدير، بتحديد القيمة السوقية للعقار، وطبقا لموقعه الجغرافي، وما يتمتع به من خدمات، ثم يحذف 40 في المائة من السعر السوقي للعقار لتصل إلى القيمة الرأسمالية، والتي على أساسها يتم تقدير القيمة الإيجاريه السنوية له، وهي نسبة 3 في المائة من القيمة الرأسمالية.
وبعدها يتم استبعاد ـ حسب النصوص الرسمية ـ نسبة 30 في المائة من القيمة الإيجاريه السنوية مقابل مصاريف الصيانة، وما تبقى يستبعد منه مرة أخرى مبلغ 6 آلاف جنيه، وهو حد الإعفاء السنوى في القانون. ثم تحسب الضريبة بنسبة 10 في المائة من القيمة الصافية للإيجار السنوي أي بعد استبعاد نسبة الصيانة وحد الإعفاء القانوني.
وعلى سبيل المثال.. شقة سكنية قدرتها اللجنة بحوالى 500 ألف جنيه سوف تكون قيمتها الرأسمالية (نسبة 60 في المائة من هذا التقدير) حوالى 300 ألف جنيه.
وسوف تكون القيمة الإيجارية السنوية لها 9 آلاف جنيه فقط (وذلك بعد حساب نسبة 3 في المائة من الـ 300 ألف)، وبعد استبعاد مصاريف الصيانة من القيمة الإيجارية (نسبة 30 في المائة من الـ 9 آلاف) وقدرها 2700 جنيه سوف يتبقى 6300 جنيه، وبعد خصم نسبة الإعفاء القانوني وقدره 6 آلاف جنيه، سوف يتبقى 300 جنيه فقط، وهو يمثل (وعاء الضريبة) الذي تحسب على أساسه بنسبة 10 في المائة أي تكون الضريبة السنوية المستحقة على هذه الشقة 30 جنيها فقط سنويا، ولكن نظرا لأنها لم تتجاوز في قيمتها السوقية 500 ألف جنيه، فهي معفاة من سداد الضريبة طبقا للقانون.
ويضيف المستشار أحمد عزب .إن لم يكن المالك مسجلا بالدفاتر، ولكنه يشعر أنه خاضع للضريبة الجديدة بسبب ملكيته لفيلا فاخرة بمارينا أو شاليها بإحدى القرى السياحية أو شقة فسيحة بأحد الأحياء الراقية أو عوامة حديثة أو أي ممتلكات (عقارية) أخرى يقدر ثمنها السوقي بأكثر من 500 ألف جنيه، فعليه أيضا تقديم إقراره الضريبي وانتظار انتهاء إجراءات الفحص والتقدير والربط.
عقوبات المتهربين
ويقول المستشار محمد مجاهد المحامي بالنقض إن هناك عقوبتين لملاك العقارات الذين لايتقدمون بإقراراتهم في التوقيت المحدد، حيث أوجب القانون عقوبتين لملاك العقارات الخاضعة للضريبة، الأولى خاصة بعدم تقديم الإقرار أو تضمينه بيانات غير صحيحة، وهذه المخالفة عقوبتها الغرامة المالية التي تصل إلى ألف جنيه.
والثانية عقوبة التهرب من أداء الضريبة المستحقة، وهي أيضاً غرامة مالية تصل إلى خمسة آلاف جنيه مع تعويض يعادل مثل الضريبة المتهرب منها.
ويضيف: أنه قبل البدء في رفع أي دعاوى لبطلان القانوة أو عدم دستوريته بدأت وزارة المالية إعداد نماذج إقرارات الضريبة الخاصة بالعقارات المبنية، تمهيدا لتوزيعها على مأموريات الضرائب العقارية. وهنا أذكر ما قاله د. يوسف بطرس غالي وزير المالية إنه وفقا لقانون الضرائب العقارية الجديد الذي وافق عليه مجلس الشعب يجب أن يتقدم مالكو الوحدات عقب نشر القانون في الجريدة الرسمية إلى مأموريات الضرائب التابعين لها لتقديم الإقرار الضريبي عن وحدته حتى يمكن للجان الحصر والتقدير تقييمها وتحديد ما إذا كانت معفاة أم خاضعة للضريبة.
وأكد الوزير أن العقارات تحت الإنشاء لن تخضع للضريبة لحين الانتهاء من تجهيزها للسكن. سواء كان مشروعا لمستثمرين عرب أو مصريين وتم إعفاء الوحدات السكنية كافة التي تقل قيمتها السوقية الحالية عن نصف مليون جنيه من الضريبة، بحيث يتمتع الممول بهذا الإعفاء عن كل وحدة سكنية بشكل مستقل حتى وإن تعددت الوحدات التى يمتلكها في العقار نفسه أو في عقارات مختلفة.
كما أعفى مشروع القانون كل وحدة سكنية في عقار تكون قيمتها الإيجارية السنوية لا تزيد على ستة آلاف جنيه على أن يخضع ما زاد على هذا المبلغ للضريبة.
وتتحمل الحكومة العبء الضريبي عن المواطنين كافة الذين لا يملكون دخلا يكفي لسداد الضريبة عن عقاراتهم التي تزيد قيمتها على حد الإعفاء إذا طرأت تغيرات اجتماعية على المكلف أو ورثته من شأنها عدم القدرة على الوفاء بدفع الضريبة.
ويتم تقدير القيمة الإيجارية كل خمس سنوات ولا يجوز عند إعادة هذا التقدير زيادة القيمة الإيجارية للعقارات السكنية عن 30 في المائة من التقدير السابق و 45 في المائة من التقدير السابق بالنسبة للعقارات المستعملة فى غير أغراض السكن.
المباني المعفاة
وحول المباني المعفاة من الضريبة يقول المستشار محمد مجاهد: إن الأرض الفضاء غير المستغلة، معفاة من الضريبة.. حتى تستغل.
كما أعفى من الضريبة المباني التي ترتبط بتقديم خدمات أساسية للمجتمع أو أنشطة لا تهدف إلى الربح وتشمل المؤسسات التعليمية والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمبرات والعقارات المخصصة لمنفعة الأراضي الزراعية المحيطة بها والدور المخصصة لاستخدامها في مناسبات اجتماعية لا تهدف للربح والأبنية المملوكة للجمعيات الخيرية والمخصصة لمكاتب إدارتها أو لممارسة الأغراض التي أنشئت من أجلها وكذلك الأحواش ومباني الجبانات وأبنية مراكز الشباب والرياضة والمقار المملوكة للأحزاب السياسية والنقابات المهنية والمنظمات العمالية وكافة الأبنية المخصصة لإقامة الشعائر الدينية أو لتعليم الدين.
إيجابيات وسلبيات الضريبة
لكن تظل المعارضة للقانون قائمة، حيث يرى وكيل كلية التجارة في جامعة عين شمس الدكتور سعيد عبد المنعم: أن الضريبة الجديدة للعقارات في مصر لها جوانب إيجابية كثيرة، منها بدء قاعدة معلومات حقيقية عن الثروة العقارية في مصر، كما أنها ستزيد من الحصيلة الضريبية لتمويل الموازنة العامة التي تعاني من عجز دائم. كما ترى الحكومة.
ويبين عبد المنعم أن التطبيق للضريبة الجديدة سوف يكون تدريجيا وسيبدأ في المناطق الجديدة والسياحية، وأن استكمال قاعدة البيانات قد يستغرق مدة سنتين من العمل المتواصل في وزارة المالية.
أما عن تأثير الضريبة على العشوائيات والمناطق الريفية، فيرى د. عبد المنعم أن الضريبة العقارية الجديدة لن تقترب من هاتين الشريحتين، لأن القانون حدد قيمة الوحدات العقارية الخاضعة للضريبة بتلك التي تزيد قيمتها السوقية على 450 ألف جنيه، وهو المعدل الذي تقل أثمان العقارات في هذه المناطق عنه كثيرا، لأن الضريبة تفرض على كل وحدة سكنية على حدة وليس على العقار ككل. ومن هنا فوحدات المناطق العشوائية بعيدة عن هذه التقديرات التي تخضع للضريبة.
ولكن تبقى «النقطة» الغامضة في القانون والخاصة بعدم فرض الضريبة الجديدة على الشقق السكنية المؤجرة طبقا لعقود الإيجار القديمة والممتدة طوال حياة المستأجر وورثته، والمحددة بمبلغ ثابت شهريا، فهل هذه الشقق لن تخضع للحصر والتقدير مع أنها قد تكون خاضعة للضريبة بسبب موقعها ومساحتها؟ بل قد يكون إيجارها الشهرى لا يتجاوز 10 جنيهات شهريا.