-A +A
ميرغني معتصم
يخصب الجدل حول مقاضاة إسرائيل، بوصفه شحنة تخلط دوما بين مثولها كدولة، ومقاضاة مسؤوليها كأفراد لأوامرهم التي أسقطت الالآف في المجازر والانتهاكات للمواثيق الدولية ولحقوق الإنسان. وكي لا يبقى الاستهجان والاستنكار مجرد أقوال وتصريحات، ولا أن تظل الأفعال الجرمية المتمادية من دون محاسبة أو مساءلة.
إن المأزق هنا، يكمن جوهريا في أن يتعين على دولة تقيم دعوى على دولة، وليس منظمة دولية تقيم دعوى على إسرائيل، إذ «لا يمكن للمحكمة الدولية النظر في منازعة دولية بين دولة ومنظمة دولية كاليونسكو مثلا، أو بين منظمتين دوليتين كالصحة العالمية والعمل الدولية، أو بين الكيانات الخاصة التي ليست لها شخصية دولية، أو الشركات الدولية، أو المنظمات غير الحكومية مثل الصليب الأحمر وأمنستي، أو بين الأفراد مثل أوباما ونتنياهو»، بحسب منطوق القانون.
وهذا الأمر يطرح تساؤلا جوهريا: هل فلسطين ذات كيان قانوني كدولة أم ماذا؟. فإذا كانت الإجابة بنعم، فيمكن لفلسطين أن تقيم دعوى أمام محكمة العدل الدولية شكلا، ويجب أن تقر بذلك المحكمة الدولية نفسها، وليس الدائرة المعنية أو الوزارة المحددة. وإن تباين الأمر وخلصنا إلى الإجابة نفيا، فلا يمكن لفلسطين أن تقيم تلك الدعوى بادئ ذي بدء.
وإن توخينا دقة، يتعين أن تتوافر تقريرية قانونية محضة، تتمثل في وجود رئيس لدولة فلسطين، أم وجود رئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية، أم وجود رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية؟. الأمر بجدليته هذه يتجاوز إسباغ الصفات وتحديد المناصب، أو أنه مجرد تساؤل، بل يكتسب شحنة عالية من الأهمية القانونية، لأن رئيس دولة فلسطين إذا ما حدد في حالة الانقسام المعاشة، يقع على عاتقه واجب أن يوقع إعلانا يقبل بموجبه اختصاص محكمة العدل الدولية طبقا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة، ونصوص نظام محكمة العدل الدولية الأساس، وأن يقبل بالالتزامات التي يمكن أن تترتب على حكم المحكمة. ولنا أن نرفع عقيرتنا بالسؤال موجها إلى ريتشارد جولدستون: من سيحاكم إسرائيل؟.

mirghani333@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة