-A +A
عزيزة المانع
عندما كنا صغاراً ندرس تاريخ احتلال إسرائيل لفلسطين وتخاذل العرب وخيانة بعضهم وموالاتهم للاحتلال البريطاني وما شابه ذلك من ظروف سياسية وعسكرية أدت إلى هزيمة العرب خلال حرب 1948، كنا نظن أن ذلك تاريخاً مضى ولن يعود، وأن العرب في حاضرهم غير ما كانوا عليه في ما مضى من أيام، ولم يكن يخطر ببالنا أن عودة التاريخ وتكرر فصوله أمر واقع لا محالة.
من يتابع ما يجري على الأرض الفلسطينية في قطاع غزة يدرك جلياً الخطة الإسرائيلية المحاكة بدقة لإرغام الفلسطينيين على الخروج من غزة والتخلي عنها لإسرائيل، فتدمير محطة الكهرباء الرئيسية التي تمد المستشفيات ومحطات ضخ ماء الشرب بالطاقة، وتدمير الجسور وخطوط أنابيب الماء، وتجريف الحقول الزراعية، وفرض الحصار على الإمدادات الغذائية والطبية والمساعدات المالية، كل ذلك موجه لتدمير الشعب نفسه لإرغام الناس على ترك بلادهم وبيوتهم ومزارعهم والهرب بأرواحهم فراراً من البطش الإسرائيلي. أي أن هدف إسرائيل من هذا الاعتداء البشع على غزة هو تهجير السكان نهائياً وليس تحرير الجندي الأسير كما تقول في الظاهر. فهذا الجندي يعد أسير حرب وأسرى الحرب غالباً يتم التفاوض على تبادلهم، لكن إسرائيل لا تريد التفاوض لأنه يعيق أهدافها في (تطهير) الأرض عرقياً.
وعودة إلى الموقف العربي منذ عام 1948م إلى اليوم، هل جد فيه جديد؟ إن العرب لا يجهلون حقيقة النوايا الإسرائيلية، وليسوا بغافلين عن إدراك هدف إسرائيل الذي تطارده منذ عام 1948 في إخلاء الأرض الفلسطينية من أهلها، إلا أن العرب بعد أن جربوا في ماضيهم خوض المعارك العسكرية الخاسرة، لم يجدوا في حاضرهم شيئاً أفضل من اللجوء إلى سلاح الصمت يحتمون به أمام هذه العربدة الإسرائيلية المنكرة. فحسبنا الله وله الأمر من قبل ومن بعد.

ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382