-A +A
قال الدكتور سلمان العودة في «الاقتصادية» (11/11/1430هـ) إنه يجوز للمرأة أن تصلي في بيتها بصلاة الإمام إذا كان بيتها قريبا من المسجد. وقال إن هذا القول مخرج على قول المالكية ورواية عن الحنابلة بجواز الاقتداء إذا أمكن سماع الإمام أو بعض المأمومين أو رؤية فعل أحدهما من غير اعتبار لوجود جدار أو مبان أو مسافة. واستشهد العودة بحديث عائشة أنها صلت في بيتها بإمامة الرسول عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف وهو في المسجد. وكل هذا الذي قاله العودة هنا في غير محله. فمن أين جاء عن المالكية والحنابلة أنه يجوز للمرأة الاقتداء بالإمام في المسجد وهي في بيتها من غير رؤية الإمام أو من خلفه وبمجرد سماع التكبير؟ هب أن الإمام قال (الله أكبر). فكيف تعرف هذه المرأة وهي لا ترى ركوعا ولا سجودا، كيف تعرف موضع هذه التكبيرة إذا كان في الركعة الواحدة ست تكبيرات؟
ولقد كان النساء في عهد النبوة يصلين في المسجد مع الرجال وليس ثمة حواجز ولا جدران ولا ستور ولا فواصل، كما استفاضت الأخبار المتواترة بذلك. وقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام لهن مؤخرة المسجد كما قال: «أخروهن من حيث أخرهن الله». وقال عليه الصلاة والسلام: «خير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها». وجاء في الصحيحين من حديث جابر في صلاة الكسوف أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتى انتهينا إلى النساء. متفق عليه. بل قد بوب البخاري في صحيحه بابا مستقلا سماه (باب صلاة النساء خلف الرجال) وذكر فيه خمسة أحاديث قال عنها ابن حجر في الفتح (2/406) أن فيها مطلق حضور النساء الجماعة مع الرجال. وقالت أم سلمة: (كان رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث يسيرا قالت: لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال). وقالت عائشة رضي الله عنها (اعتم رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان). وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا انتابكم أمر فليسبح الرجال وليصفق النساء». وقامت امرأة من صفوف النساء يعترضن على عمر بن الخطاب وهو يخطب في المسجد في مسألة المهور. وقامت زينب ابنة رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ من صفوف النساء تخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام والمصلين في المسجد تجير زوجها العاص بن الربيع). وقالت أسماء بنت يزيد: (مر النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ في المسجد وعصبة من النساء قعود فأشار إليهن بيده بالتسليم». وفي كل هذا الحشد الهائل وغيره من النصوص دلائل واضحة وجلية على أن مكان أداء الصلاة للنساء إذا أتين المسجد فهو ذات المسجد في مؤخرته وليست ثمة حواجز ولا جدران ولا فواصل بين الرجال والنساء. وكل ما يفعله الناس هذه الأيام من عزل النساء عن الرجال في حجرات عمياء صماء ويسمونها مصلى النساء كل هذا لا أصل له في الشرع من اختراعات الناس في الدين وهو أمر قبيح مستهجن. والأصل في هذه المبتدعات فرط الغيرة على النساء خشية مخالطتهن للرجال. وهو أمر قبيح مذموم لما فيه من معاني الاستدراك على المشرع الحكيم ــ سبحانه وتعالى. ولقد نهى بعض الصحابة نساءهم عن إتيان المسجد فورد الأمر من الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». وفي هذا زيادة دلائل على أن صلاة المرأة في المسجد إنما هي في مكان واحد مع الرجال، وإلا لما كان للغيرة معنى. ولذلك قال الصنعاني في سبل السلام (2/62) في هذا المنع أنه (علة لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال). على الناس إزالة هذه البدع والخزعبلات المستحدثة في بيوت الله وفي شرع الله. وأن يتركوا للنساء ما شرعه الله لهن من المكانة والإعزاز والتكريم فإنهن شقائق الرجال ــ كما رواه الخمسة.