-A +A
زياد عيتاني (بيروت)
لبنان في قلب العاصفة معزولاً عن العالم بحراً وجواً فيما لا يبدو المنفذ البري بعيداً عن المصير نفسه بين ساعة وأخرى فبعيداً عن من يتحمل المسؤولية والجدل السياسي حول المقاومة وسلاحها، فالثابت حتى الآن أن إسرائيل أعادت لبنان اقتصادياً وسياسياً وأمنياً إلى العام 1982 وما يحمله من ذكريات مؤلمة عن اجتياحها الشهير الذي وصل حتى احتلال العاصمة بيروت.
لبنان بكافة مناطقه ومدنه وقراه ومرافقه الحيوية بات على خط النار مع الدلائل الكافة التي تؤكد أن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء في عدوانها عبر تدميرها لمدرجات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وإعلانها فرض الحظر البري والبحري والجوي على الأراضي اللبنانية.

العدوان الإسرائيلي على لبنان في يومه الثاني حصد ما يزيد عن 55 قتيلاً بينهم احد عشر طفلاً ومعظم الضحايا وقعوا في قصف لمنزل في قرية الدوير الجنوبية حيث دمر القصف الإسرائيلي منزلاً فقتل عشرة أشخاص من عائلة واحدة.
مسلسل العدوان الإسرائيلي تواصل منذ أمس الأول (الأربعاء) لكنه بلغ ذروته اعتباراً من الساعة الواحدة فجر أمس حيث شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت كافة الجسور على الطريق الساحلي الذي يربط الجنوب بالعاصمة بيروت فتم تدمير جسر الأولي على مدخل مدينة صيدا، وجسر الدلهمية على مدخل إقليم الخروب وجسر الدامور على مدخل الشوف لتصل ذروة العدوان في تمام الساعة السادسة من صباح أمس (الخميس) عبر سبع غارات استهدفت مدرجات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت الشرقية منها والغربية مما أدى إلى إقفال مطار بيروت حتى إشعار آخر.
مصادر خاصة بـ»عكاظ» أشارت إلى أن معظم الغارات التي طالت القرى الجنوبية استهدفت منازل عناصر حزب الله إضافة إلى مكاتب الحزب الاجتماعية والمدنية والسياسية.
وقالت المصادر «ان قصف إسرائيل لكل من تلفزيون المنار وإذاعة النور لم يؤديا إلى إيقاف البث فيهما».
وقد اصدرت قيادة الجيش اللبناني بياناً اشارت فيه الى ان العدو الإسرائيلي وسّع اعتباراً من فجر امس اعتداءاته الجوية والبحرية والبرية على مناطق الجنوب والبقاع والخط الساحلي وصولاً إلى بيروت حيث استهدفت طائراته المدرجين الشرقي والغربي لمطار الرئيس رفيق الحريري الدولي، ما ادى إلى توقيف حركة الملاحة الجوية كما استهدفت مؤسسات اعلامية واعلاميين وقرى وبلدات جنوبية وبقاعية وجسوراً عدة لعرقلة حركة المواصلات بين الجنوب ومختلف المناطق اللبنانية. كما يفرض العدو الإسرائيلي حالياً حصاراً بحرياً على امتداد الشاطئ اللبناني».
واوضح انه نتج عن القصف حتى الآن سقوط 28 مواطناً شهيداً إضافة إلى عدد كبير من الجرحى واستشهاد عسكري وإصابة سبعة آخرين بجروح مختلفة بينهم ضابط وقد تم تعزيز مراكز الجيش بالأسلحة والعديد للتصدي لأي محاولة إنزال او اختراق معادية وتقوم مضاداته الأرضية بمجابهة الطائرات المغيرة بصورة مستمرة في جميع المناطق المستهدفة».
وجدد الطيران الحربي الاسرائيلي غاراته الجوية امس على مطار رفيق الحريري الدولي ومحيطه كما استهدفت فيه خزانات الوقود حيث شوهدت النيران تندلع منها بكثافة.
وقامت البوارج الحربية الاسرائيلية بقصف عدة مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية وتلك المحيطة بالمطار, كما قامت اسرائيل بالقاء منشورات على الضاحية تحث السكان على الابتعاد عن مكاتب حزب الله.
ومن جهة ثانية اغارت الطائرات الاسرائيلية على مطار القليعات العسكري في شمال لبنان. وهو المطار الثالث الذي يتعرض للقصف امس بعد قصف مطار بيروت الدولي الذي يستخدم للمدنيين ومطار رياق في سهل البقاع الشرقي .
كما قصفت اسرائيل جسرا على الطريق القديمة التي تربط بيروت بدمشق قرب منطقة صوفر للاصطياف في الجبل الذي يشرف على بيروت.
واضافت ان مقاتلات اسرائيلية شنت الغارة وهي الاولى في هذه المنطقة من لبنان منذ بداية الهجوم الاسرائيلي الاربعاء.
بالمقابل ومعالجة للعدوان الإسرائيلي كان السراي الحكومي في بيروت أمس مزدحماً بالحركة الدبلوماسية حيث عقد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة سلسلة من الجلسات أبرزها كان مع سفراء أمريكا وبريطانيا والقائم بالأعمال الروسي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة غي بيدرسون واجتماعاً آخراً مع سفراء الدول العربية بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين في بيروت الدكتور عبد العزيز الخوجة.وقد ركزالرئيس السنيورة خلال لقاءاته مع السفراء على اطلاعهم على تطورات العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان والذي يستهدف الحجر والبشر، مؤكداً احترام لبنان للخط الأزرق وقرارات الشرعية الدولية، مطالباً السفراء بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها.
فيما رفض السفراء بعد الاجتماع الادلاء بأي تصريح باستثناء السفير البريطاني جايمس واط الذي قال:
«ان الحكومة البريطانية ادانت الأفعال العدوانية لحزب الله ضد إسرائيل معتبرا ان هذه الأفعال زادت الوضع سوءاً وان المزيد من التصعيد ليس من مصلحة أحد، وطالب كل الفرقاء أخذ الخطوات لتعزيز حل سريع وآمن للازمة وتحث إسرائيل على أن تكون أية أفعال تقوم بها مدروسة ومناسبة».
وأضاف:
«ناقشت مع الرئيس السنيورة الاعتداء الإسرائيلي الواسع على البنى التحتية التي توالت، وعبّر كلانا عن أسفه للضحايا الذين سقطوا نتيجة العدوان. لقد تابعت حكومتي بشكل دقيق بيان الحكومة اللبنانية التي لم تتبنى أعمال حزب الله والتي هي في صلب الأزمة الحاصلة تبقى حكومتي على اتصال بالحكومات المعنية وستعمل كل ما في وسعها لاستعادة الامن والسلام».