-A +A
صالح بن سبعان
الظروف الإقليمية والدولية التي عقدت فيها القمة الـ (30) لدول مجلس التعاون الخليجية كما هو واضح بالغة الحساسية، فالمنطقة تشهد العديد من الاضطرابات والتوترات واشتعال النيران، مما كان يفرض الخروج برؤية موحدة شاملة، والاتفاق على خارطة طريق أمام دول الاتحاد وشعوبها لمواجهة التحديات التي لا يمكن أن تمهلنا الوقت الكثير لإعداد ما يناسبها من خطط بإيقاع بطيء بينما العالم يركض لاهثا وبتوتر شاهدناه في قمة كوبنهاجن، على سبيل المثال، لمواجهة التحديات المناخية التي تواجه الكوكب الأرضي.
والواقع أن دول الخليج مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بوقفة تعيد فيها النظر في مستقبل مسارها على كل المستويات والأصعدة، فنحن الآن نواجه حربا حقيقية في اليمن بعد أن وصلت الذراع الإيرانية إلى هناك لنشر الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة، ولو أننا تنبهنا إلى المآلات المستقبلية للخطر الإيراني في لبنان وفلسطين وفي غيرهما بمصر والمغرب والسودان لوضعنا الخطط الكفيلة بعدم امتداده إلينا ولكن..
لقد خرجت القمة بقرار يعترف بحق المملكة للدفاع عن أمنها وحدودها وأن المساس بهذا الأمن يعتبر مساسا بأمن المنطقة واستقرارها، وبدعم وحدة واستقرار اليمن فهل هذا كاف ؟ فحق المملكة في الدفاع عن أمنها لا يحتاج إلى اعتراف، وكذلك أمن اليمن ،ولكن كيف يترجم هذا الدعم عمليا ؟، هذا هو السؤال، بهذه المناسبة هل توجد اتفاقية دفاع مشترك ؟!.
والآن والأزمة الاقتصادية يجتاح إعصارها أقوى الاقتصادات العالمية، يطيح ببعضها ويرفع إلى الواجهة بعضها، وتكاد خارطة القوى الاقتصادية في العالم تتغير بشكل كامل، ترانا ماذا فعلنا لتعزيز موقعنا في خارطته الجديدة ؟، ما هي الخطط والمشاريع المشتركة بين دول المجلس ؟ وما ملامح الاستراتيجية الاقتصادية المشتركة لتحديد موقعنا في الخارطة الاقتصادية العالمية في المستقبل القريب ؟
لانكاد نذكر شيئا عن ذلك، بل لازال مشروع العملة الموحدة محل جدل، ولكن..
ولا تسل عن المشاريع والنظم والقوانين التي تدعم التقارب الاجتماعي بين مجتمعات دول الخليج العربية التي تربطها منذ آماد سحيقة أقوى ما يمكن أن يربط المجتمعات من عناصر العقيدة والعرق والنسب والثقافة واللغة في وقت قطعت فيه القارة الأوروبية أشواطا بعيدة في التقارب الاقتصادي والسياسي والثقافي والجتماعي رغم تعدد اللغات واختلاف الأديان والثقافات.
ماذا فعلنا لنجعل الوحدة بين شعوب المنطقة حقيقة واقعية على أرض الواقع؟.
ما يجعلني أطرح هذا السؤال هو : إن الوحدة لا يمكن أن تحققها قوانين تصدر من هذه القمة أو تلك، وإنما تتحقق عن طريق التواصل والعمل المشترك على مستويات القاعدة بين المجتمعات الخليجية، وهنا دعنا نسأل، هل حاولنا أن نبدع مشاريع مشتركة على المستويات القاعدية هذي ؟.
يمكنك أن تسأل في هذا الإطار: أين هي معارض الكتاب الخليجية التي يمكن أن تقام كل سنة في عاصمة خليجية ، وما يصاحبها من فعاليات ثقافية يتم التواصل فيها بين مثقفي وأدباء هذه الشعوب مما سينعكس في إنتاجهم الأدبي والفكري والإبداعي ويفتح آفاقا من الفهم المشترك بينها.
لم نفعل ذلك، بل ما هو أسوأ تحول العرس الرياضي المشترك الوحيد بيننا إلى شيء يرشح بالنعرات القطرية بشكل يدعو إلى إعادة النظر في منافسات كأس الخليج لكرة القدم. وبهذه المناسبة دعنا نطرح سؤالا على هامش دورات هذه المسابقة: لماذا كرة القدم وحدها ؟ لماذا لا تكون أولمبياد خليجية متكاملة تشمل الرياضات الفردية والجماعية الأخرى؟.
خلاصة الأمر أخشى أن أقول بأن ما تحقق خلال هذه السنوات الثلاثين هو في واقع الأمر أقل بكثير من طموحات شعوب المنطقة ولا يتناسب، لا مع مقومات ما هو متوفر من عوامل الوحدة المسبقة، ولا مع متغيرات العصر الذي نعيشه ومعطياته وتحدياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما هو أخطر من ذلك هو أن إيقاع حركة العصر ومتغيراته تسير بسرعة هائلة ، ولا يمكننا أن نوقفها ، أو أن نخضعها لإيقاعنا نحن .
* أكـاديمي وكـاتب سعودي
www.binsabaan.com

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة