كشفت تحقيقات وزارة الصحة عن وفاة 129 شخصا نتيجة الأخطاء الطبية خلال عام واحد، كما بلغ عدد القضايا المعروضة على الهيئات الطبية في المملكة 1356 قضية، وكشفت الإحصائية عن تنامي أزمة الشهادات الطبية المزورة لعاملين في المجال الطبي، ووفقا لآخر إحصائية فإن حالات التزوير بلغت 930 حالة. ولا تستثني الأخطاء الطبية منطقة دون مناطق المملكة آخرها وفاة مدير عيادات الأسنان في مستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور طارق الجهني جراء خطأ طبي تعرض له أثناء إجراء عملية جراحية في مستشفى خاص في جدة أخيرا في مستشفيات المدينة المنورة توفيت زوجة مقيم في مستشفى خاص أثناء وضع مولودها الذي رأى النور في اللحظة التي ودعت فيها والدته الحياة بفعل الخطأ الطبي، وبعدها تقدم الزوج بشكوى انتهت بصدور حكم الهيئة الطبية الشرعية في صحة المدينة تضمن تحميل الطبيب نصف دية المتوفية.
وجدان المطيري طفلة لم تبلغ عامها الثالث، ضحية أخرى للأخطاء الطبية في مستشفى حكومي في المدينة المنورة بسبب تأثير جرعة زائدة من المخدر، وفقا لرواية والدها الذي اصطحبها للمستشفى لإخراج قطعة حديدية ابتلعتها واستقرت في البلعوم ليقرر الطبيب إجراء عملية منظار لاستخراجها، إلا أن الطفلة أصيبت بشلل.
ولا تنتهي القصص، حيث صعق أهالي المدينة المنورة بنبأ وفاة نجاة بالحمر نتيجة نقل دم مخالف لفصيلة دمها ما أودى بحياتها، وأدت هذه القضية إلى إغلاق أقسام العمليات والنساء والولادة في المستشفى الخاص الذي تسبب في الوفاة، فيما شهد مستشفى خاص آخر حادثة نسيان فوطة طبية (قطعة شاش) في بطن مريضة أجريت لها عملية قيصرية بعد تعثر عملية الولادة الطبيعية، حيث توفي المولود بعد ثلاثة أيام متأثرا بمضاعفات الولادة، فيما اكتشفت والدته أن الآلام التي عانت منها على مدى ثلاثة أشهر بعد العملية مصدرها قطعة شاش نسيها الفريق الطبي في رحمها، فرفع زوجها دعوى إلى صحة المدينة المنورة التي شكلت بدورها لجنة وتم التحفظ على ملف المريضة ومنع الطبيب من السفر، ولازالت الهيئة الطبية الشرعية تحقق في الحادثة التي مضى عليها أكثر من عام، فيما تقدم إبراهيم الحربي بشكوى ضد طبيب في مستشفى خاص أجرى عملية ختان لابنه بعد أسبوعين من ولادته نتج عنه خطأ طبي أحدث نزيفا وتشوها في العضو التناسلي وكاد يودي بحياة المولود.
من جهته، قال مدير صحة المدينة الدكتور خالد ياسين لـ«عكاظ»: إن الأخطاء الطبية موجودة في كل مكان في العالم ولكن الأخطاء الطبية متفاوتة وأخطاء أخرى تحدث نتيجة إهمال الطبيب، موضحا أن إدارته استحدثت مؤخرا «إدارة التفتيش العلاجي» تتألف من مجموعة أخصائيين واستشاريين وفنيين وممرضين مؤهلين تأهيلا عاليا مهمتها متابعة علاج الحالات الطبية في المستشفيات، والتحقيق في المخالفات والتجاوزات الطبية ومتابعتها، وكذلك متابعة أداء أطباء في الأقسام الطبية، وقد بدأت هذه اللجنة مهامها فعليا، وأضاف «نعترف بوجود الأخطاء الطبية ولا نقبل بها ونحقق فيها فورا وعند ثبوت أي خطأ طبي نطبق العقوبات المعمول بها نظاما، من خلال الهيئة الطبية الشرعية وإدارة المتابعة في صحة المدينة، وفي حال اكتشاف تدني مستوى الطبيب الوافد في أي مرفق صحي لا يبقى يوم واحد، وفي حال تدني مستوى الطبيب السعودي، فإنه يتم إيقافه عن العمل ويعاد تأهيله وتدريبه قبل السماح له بمباشرة العمل مجددا، ولا يتم التعاقد مع أي طبيب وافد، إلا بعد تقييمه من قبيل لجنة تضم استشاريين سعوديين في مختلف التخصصات الطبية.
وأرجع ياسين تأخر البت في قضايا الأخطاء الطبية والتي تنظرها اللجان الطبية الشرعية إلى كثرة الشكاوى بما فيها قضايا الأخطاء الطبية، مشيرا إلى أن هناك عددا من القضايا أو كما أطلق عليها (المواضيع الحية) يتم البت فيها بشكل سريع لخطورتها.
وكشف ياسين أن صحة المدينة أقرت خطة للتعجيل في البت في تلك القضايا، حيث أقر عقد جلستين في الأسبوع يتم خلالها تداول قضيتين بدلا من قضية واحدة في الجلسة.
ثغرات في اللائحة
في جدة، يقول استاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز عمر الخولي: من الأسباب التي ساعدت على إهمال الأطباء ضعف نظام محاسبة الأطباء على أخطائهم الطبية، فاللائحة التنفيذية لمزاولة الطب البشري وطب الأسنان، التي يتم التقاضي بموجبها أمام اللجان المعنية ودواوين القضاء، مليئة بالثغرات القانونية التي تساهم في ضياع الحق العام والخاص في كثير من القضايا.
واستدل الخولي بقضية سابقة ضد مساعدين فنيين، استطاع الحصول لهما على البراءة من ديوان المظالم رغم إدانتهما من قبل اللجنة الطبية الشرعية، معتبرا أن ذلك يدل على عدم دقة صياغة اللائحة التي تجلت في مسماها «اللائحة التنفيذية لمزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان»، وأضاف: إنه شعر بالأسف للتبرئة رغم أنها جاءت لصالح موكليه بسبب أن ضعف الصياغة القانونية داخل اللائحة يمكنه من أن يضيع حقوقا كثيرة، وانتقد وجود أكثر من لجنة خاصة بالنظر في المخالفات الطبية، وقال: إن وجود قاض لكل 30 ألف شخص، مقارنة بقاض لكل ثلاثة الآف في دول مجاورة يزيد من صعوبة الفصل في كل القضايا ومتابعتها بدقة وإصدار الأحكام فيها بالسرعة اللازمة.
ويرى المحامي والمستشار القانوني زهير مفتي أن الأخطاء الطبية لم تعد مشكلة مهنية، بل اجتماعية تجذب أنظار جميع فئات المجتمع، وألقى باللوم على عدم كفاءة الأطباء، وعدم درايتهم بالجديد في تخصصاتهم.
اختبار الأطباء
في القاهرة، أوضح مصدر في سفارة خادم الحرمين الشريفين أن السفارة تشدد إجراءات الكشف على شهادات الأطباء المتعاقدين للعمل في المملكة، وأن السفارة لا تقبل إلا الشهادات الموثقة والمعتمدة من وزارة الخارجية المصرية وتتخذ إجراءات صارمة في حق ما يثبت تحايله أو تزويره الأوراق المقدمة ومن بين هذه الإجراءات إبلاغ النائب العام في مصر.
وحول هذه الحوادث يقول المدير السابق لمستشفى الحسين الجامعي في القاهرة الدكتور إسماعيل خلف: لابد أن نسأل ما السبب وراء هذا الخطأ؟ ومتى؟ وأين؟ وكيف حدث؟ وأين الفريق المعاون لهذا الطبيب من زملائه ومساعديه؟، فالمسؤولية إزاء هذه الأخطاء، ليست فردية، بل هي مسؤولية جماعية ومشتركة، يعاقب عليها كل من لهم صلة بأداء هذه العملية من الأطباء والمعاونين وهناك المساءلة القانونية التي ينبغي أن تكون في أكمل وأوضح صور العدالة، خصوصا فيما يتعلق بأعمار البشر وحياتهم.
ويقول الدكتور إيهاب مكين استاذ ورئيس قسم الجهاز الهضمي في جامعة عين شمس المصرية: لا نستطيع أن نوقف الأخطاء بالكلية، لكن علينا أن نحد منها قدر المستطاع، حفاظا على حياة الناس، وحرصا على سمعة تلك المهنة، ففي رأينا أن الطبيب حر في اختيار طريقة العلاج التي يراها، فهو لا يتعرض لأية مسؤولية إذا اختار طريقة دون طريقة، أو إذا رأى أن الطريقة التي اختارها أكثر موافقة لطبيعة المرض ولمزاج المريض، بشرط أن تكون تلك الطريقة وأن يكون هذا العلاج مبنيا على أسس علمية صحيحة، لأن الحالات المرضية لا تتطابق تمام المطابقة، ويجب أن يترك للطبيب جانب من الحرية في التصرف بحسب مهارته الشخصية وتجاربه، وقد عرضت من قبل قضية فتاة أصيبت بالقراع، نسب فيها إلى الطبيب أنه أخطأ في علاجها بالتاليوم، وهو عقار خطير قد تترتب عليه بالنسبة للمريض آثار خطيرة، بدلا من الأشعة وهي أقل خطرا، ولكن المحكمة قررت أن اختيار طريقة العلاج هو من شأن الطبيب وحده ولا مسؤولية عليه في ذلك، طالما أن الطريق الذي يختاره هو من الطرق المسلم بها علميا.
ويدعو الدكتور محمد عبد الفتاح ــ الجراح في مستشفى الحسين الجامعي ــ إلى أهمية المتابعة لكل جديد في مجالات الطب، وضرورة منح الأطباء دورات مكثفة في تخصصاتهم، ولا يترك الطبيب للقدر اليسير الذي تلقاه أثناء دراسته الجامعية، كذلك ينبغي تبادل الخبرات بين الأطباء من مختلف المجتمعات والبلدان، وذلك يكون عن طريق زيارات ميدانية دورية بين زملاء المهنة، تضم وزارات الصحة والنقابات بشكل أساسي ودوري، ذلك لأن مجال الطب ــ بالذات ــ كل يوم فيه من الجديد في أنواع التشخيص والعلاجات، فلابد أن تعمم هذه الثقافات العلمية والتجارب العملية بين الأطباء من مختلف أجناسهم.
الكوارث الصحية
من جانبه، أشار نائب الرئيس التنفيذي للممتلكات والحوادث في شركة تأمين فهد الحصني، أن التأمين على الأخطاء الطبية ارتفع بنسبة بلغت 116 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2008م مقارنة بنفس الفترة من 2007م، موضحا أن سبب الزيادة هو إلزام نظام مزاولة المهن الصحية للأطباء بالحصول على وثيقة تأمين تعاوني ضد أخطاء المهن الطبية قبل السماح لهم بمزاولة المهنة في تلك الفترة، وكان النظام قد صدر قبل ثلاثة أعوام، وألزم في مادته (41) جميع الأطباء وأطباء الأسنان بالحصول على وثيقة تأمين ضد أخطاء المهن الطبية، وذكر الحصني أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ربطت آلية منح التراخيص للأطباء بتقديم وثيقة تأمين طبي ضد أخطاء المهن الطبية ما شجع قطاعا كبيرا من الأطباء على التجاوب مع النظام، وأضاف بأن ارتفاع مستوى الوعي التأميني بين مختلف الفئات الطبية على خلفية الندوات والمؤتمرات التي عقدت بواسطة عدد من المستشفيات السعودية في بداية عام 2007م، ساهم بدوره في زيادة الإقبال على التأمين ضد الأخطاء الطبية، ويوفر التأمين ضد أخطاء المهن الطبية آلية مالية مناسبة لتعويض المتضررين من الأخطاء الطبية بمبلغ يصل في بعض الحالات لأكثر من مليون ريال، موضحا أن التأمين ضد أخطاء المهن الطبية يساهم في تسهيل وسرعة البت في القضايا المرتبطة بالأخطاء الطبية، مشيرا إلى أن التأخير في هذا النوع من القضايا ينعكس بشكل سلبي على كل من المريض والطبيب.
شكاوى المرضى
استشاري أمراض القلب ورئيس لجنة الأخطاء الطبية في الرياض الدكتور مشعل المشعل يقول: لابد أن نعرف أنه في أرقى المستشفيات وفي أكثرها تجهيزا وإمكانية في العالم توجد نسبة من الأخطاء، ومفهوم الأخطاء الطبية هو أن بعض المرضى أو ذوي المرضى يعتقدون أن المريض حينما يدخل المستشفى يجب أن يشفى، وهذا هو ما نتمناه جميعا، ولكن لظروف المرضى أنفسهم ولظروف وقت حضور المريض إلى المستشفى تحدث عدة عوامل تشبه الأخطاء، بينما لو حضر المريض مبكرا عند بداية تلك الأعراض لأمكن للطبيب القضاء على تلك المضاعفات وبقية الأمور تعود إلى كفاءة الطبيب وشهادته وتخصصه وخبرته، وبالنسبة للمستشفى الذي يعالج فيه المريض كلما كان المستشفى مجهزا بأحدث الإمكانات التشخيصية والعلاجية كلما ساعد الطبيب على حل مشكلة المريض، وبالتالي تتدنى نسبة ما يعرف بالأخطاء الطبية، وسابقا كان المجتمع لا يدرك ماذا فعل الطبيب ولا يدرك لأي سبب توفي المريض هل هو بسبب المرض نفسه أم هو بسبب خطأ أو إهمال طبيب، ولكن مع ارتفاع الوعي الصحي المتوفر حاليا بدأ المريض وذووه يناقشون الطبيب، وهذا دليل إيجابي ودليل على نمو الوعي الصحي لدى الناس، وأتمنى أن يستمر الوعي الصحي وأن يكون المريض أو ذووه على معرفة تامة بالخطوات التي يقوم بها الطبيب لصالح المريض ومناقشته ومساءلته، وتعودنا دائما أن نسمع كلاما عن الإهمال، إن كلمة الإهمال تستفز الشخص، لكني عندما أعرف مثلا أن هذه الشكوى التي ادعى فيها المشتكي على الطبيب بالإهمال وبعد دراسة الملف الطبي للقضية تشكل لجنة محققة تضم استشاريين في نفس التخصص ثم بعد الدراسة يتبين أن الطبيب عمل حسب ما يمليه عليه المعمول به دوليا، ومن حق المريض أن يقول (إهمال) ولو حدث مضاعفات أن يطلب إعادة دراسة للملف الطبي من قبل استشاريين محايدين من مستشفيات أخرى، ولا يعني أن القضية إذا حدثت في الرياض يمكن أن تدرس من قبل أطباء من المستشفى العسكري أو التخصصي، هذا من حق المريض، لكن توجد أخطاء ناتجة عن عدم الكفاءة، إن إيجاد الهيئة السعودية للتخصصات الطبية حد من الكثير من قضية عدم الكفاءات من قبل بعض الأطباء أو من الشهادات التي يحصل عليها أصحابها دون كفاءات تذكر، وأصبحت الامتحانات والتقييمات التي تجريها الهيئة السعودية للتخصصات الطبية لها نتائجها الإيجابية الجديدة لرفض بعض الشهادات أو رفض بعض الأشخاص الذين يحملون شهادات من خارج المملكة، حيث يأتي مثلا طبيب يحمل شهادة استشاري في أمراض الغدد وعند اختباره يتضح أن الطبيب المقيم أفضل منه، هذا لا يصنف كطبيب استشاري، إنما كطبيب مقيم، وهذه نقطة إيجابية، أستطيع القول إنه توجد أخطاء وتوجد عقوبات مالية وإدارية قد تصل إلى شطب الطبيب، أو الغرامة المالية.
وأضاف مشعل: ليست كل القضايا التي ترد إلى لجنة المخالفات الطبية أو اللجنة الطبية الشرعية بناء على شكوى إنما يوجد في أغلب المستشفيات في المملكة متخصصون في راسة أسباب الوفاة في المستشفيات فقد يتوفى بعض المرضى وأقاربهم لا يعتقدون بضرورة الشكوى أو التظلم أو الاستفسار عن سبب وفاة قريب لهم، وإنما من داخل المستشفى توجد لجنة تدرس حالة وفاة المريض، وسببها مثل مضاعفات مرض السرطان وبعض النتائج والأسباب تكون مقبولة، ولكن إذا توفي مريض صغير في السن بسبب عملية الزائدة الدودية يجب أن يبحث عن أسباب الوفاة، ومن قبل هذه اللجنة ترفع هذه الاستفسارات والتساؤلات إلى مدير عام الشؤون الصحية للبحث في القضية حتى بدون شكوى.
تأمين الأخطاء الطبية
مصدر في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض أوضح أن الغرفة أبلغت جميع مشتركيها في وقت سابق بتطبيق الهيئة السعودية للتخصصات الصحية رسوم التغطية التأمينية للأخطاء الطبية، الذي بدأ اعتبارا من 1/3/1430هـ والذي نص على اشتراط الهيئة لإكمال (التسجيل/إعادة التسجيل) أن تكون التغطية التأمينية لتخصصات الجراحة والتخدير والنساء والولادة 500 ألف ريال، وباقي التخصصات الطبية 250 ألف ريال للحالة الواحدة أو لجميع الحالات في العام الواحد، وتكون التغطية التأمينية باتفاق ملزم بين شركات التأمين والمؤمن عليه سارية المفعول لمدة التسجيل ثلاثة ــ خمسة أعوام، وكان ينتظر أن يسهم هذا المشروع في الحد من الأخطاء الطبية التي تذهب ضحيتها أعداد كبيرة من البشر سنويا، إذ يعد عدد من المختصين في القطاع الطبي قلة الخبرة وعدم التأهيل المهني، وعدم استيفاء المنشآت الصحية من التجهيزات الكافية من أهم أسباب الأخطاء الطبية في السعودية، وكذلك إخفاء المريض أحيانا معلومات مهمة عن الطبيب المعالج ما يؤدي إلى الخطأ في التشخيص والعلاج، وبينت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في خطابها الموجه للغرفة التجارية الصناعية في الرياض أن تطبيق الهيئة السعودية للتخصصات الصحية رسوم التغطية التأمينية للأخطاء الطبية يأتي بناء على قرار مجلس الوزراء في 3/11/1426هـ القاضي بالموافقة على نظام مزاولة المهن الصحية والمرسوم الملكي بتاريخ 4/11/1426هـ، والذي يتضمن في المادة 41 أن يكون الاشتراك في التأمين التعاوني ضد الأخطاء المهنية الطبية إلزاميا على جميع الأطباء وأطباء الأسنان العاملين في المؤسسات الصحية العامة والخاصة، وكانت الصحة قد أعلنت قبل عامين عن تطبيق مشروع للحد من الأخطاء الطبية عن طريق أخذ أشعة لجميع المرضى ممن تم إجراء عمليات جراحية لهم، للتأكد من نجاح العمليات وعدم ترك أي قطع طبية داخل أحشائهم.
ووفقا لإحصائيات ــ غير رسمية ــ فإن قضايا النساء والولادة الأكثر إدانة في قضايا الأخطاء الطبية، تليها قضايا الجراحة العامة، وترتفع نسبة إدانة الأطباء غير السعوديين في الأخطاء الطبية مقارنة بالأطباء الوافدين.
من جهته، أوضح الناطق الإعلامي للشؤون الصحية في مكة المكرمة فائق حسين أن الخطأ البشري وارد في كل عمل، ولكن حساسية الوضع في القطاع الطبي تدفعنا إلى القول أن الأخطاء الطبية مع أنها أمر حتمي الورود، إلا أنها غير مقبولة إنسانيا واجتماعيا، فإذا حدث الضرر أو الموت جراء مضاعفات من داخل الجسد لم يتسبب فيها الطبيب المعالج فإن ذلك ينفي المسؤولية عن الطبيب، أما إذا تفاقم المرض أو حصلت مضاعفات للمريض بسبب العلاج الخاطئ، فإن المسؤولية لا تلحق بالطبيب ما لم يكن الخطأ جسيما، فالطبيب يسأل عن الخطأ الذي له علاقة بأصول المهنة، وهناك أخطاء طبية ناتجة عن أمور علمية لم يستقر الرأي حولها، فالخطأ هنا غير ناتج عن تقصير الطبيب، وهناك أخطاء ناجمة عن قلة الاحتراز وتحدث عندما يدرك الطبيب الضرر المتوقع حصوله ولكنه لا يفعل شيئا لاتقاء ذلك الضرر، وهناك أخطاء أخرى ناجمة عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة، عن الإهمال، ضعف الكادر الطبي من الناحية المهنية، ضعف وسائل التشخيص، أو خلل إداري يتعلق بتهاون الإدارة وهذا ما تثبته التحقيقات من قبل اللجان الطبية الاستشارية وتحكم فيها الهيئة الطبية الشرعية.
ويضيف حسين: لقد كفلت أنظمة الهيئة الصحية الشرعية حق المريض، وهذه الهيئة عبارة عن محاكم صحية مستقلة يرأسها قاض من الفئة (أ) من وزارة العدل هو رئيس اللجنة أو الهيئة، إضافة إلى استشاريين في تخصصين مختلفين من الصحة، ومستشار قانوني من الوزارة وأمين اللجنة أو الهيئة وكاتبها، وترفع لها القضايا والأخطاء الطبية من وزارة الصحة وغيرها من القطاعات الأخرى، وفي حال ثبوت الخطأ الطبي ضد الطبيب، وكان المشتكي يطالب بالحقين العام أو الخاص أو الاثنين معا ترفع شكوى المريض بالنتائج إلى الشؤون الصحية التي تحولها إلى اللجنة الشرعية ليغرم ويطبق عليه الحق العام والخاص.
والحكم في الأخطاء الطبية خاضع للتمييز، وكفل النظام للمواطن أن تترافع الدولة عنه وتطالب بمحاسبة الطبيب في حال وفاة المريض ولم يوجد من يترافع عنه.