-A +A
عبدالله عمر خياط
يبدو غريبا كما يلوح لي أنه في الوقت الذي اتسع فيه نشاط شركات المقاولات بارتفاع عدد المشاريع التي عزمت الدولة على تنفيذها بواسطة الشركات الوطنية، انعدم – أو يكاد – حجم إقراض البنوك للقطاع الخاص، إذ تقول «الاقتصادية» في عدد يوم الأحد 17 يناير 2010م: «إنه خلال عام 2009م كاد ينعدم الإقراض المصرفي للقطاع الخاص، وعلى الرغم من تخمة السيولة النقدية لن تتهافت البنوك على دعم القطاع الخاص خلال العام الجاري 2010م» .
والذي لا شك فيه أنه موقف مستغرب أن تحجم البنوك عن دعم القطاع الخاص بالقروض التي تساعده على تنفيذ المشروعات التنموية التي تحرص الدولة على إقامتها تبعا للسياسة الرشيدة للإنماء والتطوير للمرافق العامة.
فشركات المقاولات الكبرى إنما تنفذ مشروعات للدولة التي لن تتوانى عن الوفاء بصرف قيمة مستخلصات الشركة لما قامت بتنفيذه من مراحل كل مشروع، وبالتالي فإن المقاول تبعا لذلك لن يتأخر عن الوفاء بتسديد القروض البنكية حال استلامه قيمة المستخلصات التي هي الضامن لحقوق البنوك، الأمر الذي يفرض أسئلة عن السر في عدم قيام البنوك بإقراض الشركات بما يساعدها على تنفيذ المشروعات الضخمة.
هل هو عدم كفاءة الإدارات المسؤولة عن الإقراض في البنوك؟!
أو هو عجز يفرضه نظام مؤسسة النقد السعودي بالنسبة لمقدار الإقراض قياسا لرأس المال؟!
أو هو في ضآلة عدد البنوك وبالتالي عجز رأس مالها مجتمعة إقراض الشركات ما تحتاج إليه من مبالغ كبيرة لتنفيذ المشروعات الضخمة؟!
أسئلة حيرى .. ولكن خبراء المال والاقتصاد يرون أن لا مشكلة لو أن مؤسسة النقد السعودي قامت بمعالجة الموقف بما تقتضيه مصلحة الوطن وصالح البنوك التي لا شك أنها ستجني فوائد جمة إن هي توسعت في الإقراض.
فمشكلة عجز الإدارات المسؤولة عن الإقراض في البنوك محلولة بالاستعانة بخبراء المال والاقتصاد من الكفاءات الوطنية وهم كثر ولله الحمد إن توافرت لهم الفرص بالرتب والراتب المناسب.
أما إذا كان السبب هو النظام الذي يفرض عدم تجاوز النسبة المحددة للإقراض من رأس المال فإن على مؤسسة النقد السعودي أن تطالب البنوك برفع رأس مالها وهو أمر ميسور بما في البنوك من ودائع كبيرة يسر أصحابها أن تتحول إلى أسهم تحقق لهم أرباحا أكثر بكثير من الفوائد البنكية التي تمنحها البنوك لأصحاب الودائع الادخارية، وبذا تتمكن البنوك إن توافر لها رأس مال كبير مع وجود إدارة كفيئة من التوسع في الإقراض الذي يعود عليها بما يضاعف أرباحها.
وإذا كان كل هذا لا يحل المشكلة، فالأولى بمؤسسة النقد السعودي أن تسمح بافتتاح أو بالأصح إنشاء بنوك جديدة تستوعب السيولة النقدية وتسهم في خدمة الاقتصاد الوطني بما تقدمه من خدمات إلى جانب الإقراض بالضمانات التي تكفل حقوق البنك وأصحابه، ففي بيروت وحدها أكثر من تسعين بنكا في حين أن عدد البنوك عندنا لم يزد عن أحد عشر بنكا برؤوس أموال محدودة لا تعادل في مجموعها رأس مال بنك واحد من البنوك العالمية.
إن بلادنا اليوم تشهد أكبر نهضة عمرانية وتنموية وإذا لم يرتفع أداء البنوك وإسهامها بما يساعد الشركات على القيام بتنفيذ المشروعات، فستأتي الشركات الأجنبية وتأخذ فوائد المشروعات لتحولها لبلادها دون أن يستفيد المواطن أو الوطن بشيء منها بكل أسف!!.
فاكس: 6671094

aokhayat@yahoo.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة