اللحوم من الأغذية المكلفة وبالتالي تحرص المطابخ حول العالم في ابتكار توليفات إبداعية للاقتصاد في تركيبتها، والكفتة تعكس هذا الإبداع علما بأن فرم اللحوم يؤدي إلى زيادة سطح اللحم في قطعة اللحم .. أي أن كيلو اللحم المفروم يحتوى على أسطح أكبر بكثير من اللحم غير المفروم وبالتالي فعند تعرضه للحرارة العالية أثناء الطبخ، تتم مجموعة تحولات فيزيائية وكيميائية رائعة على تلك الأسطح الضخمة جدا، ومنها تدفقات من البخار الساخن جدا والذي ممكن أن تفوق درجة حرارته درجة غليان الماء .. ولذا فبالإضافة للطهي بسبب تعرض اللحم للحرارة المباشرة من الخارج، يتعرض أيضا لحرارة البخار الساخن جدا من الداخل .. وهنا تتأتي أهمية إضافة البصل وبعض الخضروات الرطبه لخلطة الكفتة لتزويد مقدار البخار، ولإثارة النكهات المختلفة المميزة .. وقد حاولت الحضارات المختلفة أن تبدع في تلك الإضافات كل حسب ما توفر لديه وما سمح به الذوق العام في المكان والزمان .. وأحد أغرب الإبداعات كانت في إنجلترا حيث تجد اللحم المفروم المخلوط بالفواكه والبهارات ويسمى Mincemeat وهي وصفة قديمة تغيرت مع مر الزمان فتلاشى فيها تأثير اللحم وأصبح مجرد إضافة رمزية إلى خليط التوابل والبهارات والفواكه والخضروات .. ولكن هناك ما هو أهم من كل ذلك وهو أن هذا الاسم الإنجليزي لإحدى أشهر وأهم عمليات الخداع في تاريخ الجاسوسية وملخصها كالتالي:
خلال السنة قبل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية على المسرح الأوروبي، استعد الحلفاء ــ وفى مقدمتهم بريطانيا وأمريكا ــ لاحتلال الأراضي الإيطالية من قواعدهم في شمال أفريقيا تمهيدا لانتهاء الهيمنة النازية على أوروبا، وكان من الضروري أن يتم تمويه الألمان والإيطاليين إلى أن ذلك لن يتم وأن الحلفاء سيحتلون الأراضي اليونانية وجزيرة «سردينيا» البعيدتين عن مسرح العمليات الإيطالي، ولذا فكانت هناك حاجة «للبكش» في أقوى أدواره .. وقامت الاستخبارات العسكرية البريطانية بعملية جريئة أقنعت من خلالها القيادة الألمانية بأن الهجوم سيكون على الأراضي اليونانية، قاموا بتمثيلية بطلها شخص ميت دون أهل أو أصدقاء توفي في أحد المستشفيات الإنجليزية، فأخذوا جثته وقاموا بتجهيزها ليبدو وكأنه أحد ضباط القيادة البريطانية باسم الرائد «وليام مارتن»، ألبسوه بدلة عسكرية رسمية، ووضعوا في جيوبه هوية صحيحة، وخطابا من «خطيبة» وهمية، وخطاب مطالبة من بنك بريطاني، والأهم من كل ذلك، وضعوا في حوزته حقيبة مليئة بالأوراق العسكرية «السرية» التي تحتوي على خطط إنزال القوات البريطانية والأمريكية على الأراضي اليونانية .. وبعدها وضعوا الجثة في أنبوب مثلج وتم نقلها في غواصة إنجليزية في سرية تامة إلى قبالة الشواطئ الإسبانية وتخلصوا منه هناك .. وكان الإيحاء أنه توفي في حادثة سقوط طائرة.. ووجدت السلطات الإسبانية الجثة على الشاطئ، فتم الكشف عليها وإعادتها للإنجليز، ولكنهم سمحوا للقيادة الألمانية هناك في النظر في كافة الأوراق التي كان يحملها الضابط الوهمي .. وشرب النازيون المقلب أو بالأصح بلعوا «الكفتة كاملة» وكان هذا هو الرمز التي أطلق على العملية .. والشاهد أنه بتوجيه من القيادة العليا الألمانية، تم حشد القوات النازية المجهزة لردع الإنزال على الشواطئ اليونانية وجزيرة «سردينيا» على بعد حوالي ألف كيلومتر من الشواطئ الإيطالية التي أصبحت لقمة سائغة للحلفاء فاحتلوها فعلا في 9 يوليو 1943، وبقي النازيون مقتنعون بأن الهجوم سيكون على اليونان إلى فترة أسبوعين بعد احتلال الحلفاء لصقلية في إيطاليا.
أمنيـــــة
أتمنى أن تفكر في كل هذا أثناء استمتاعك بأي وجبة تحتوي على الكفتة بأي شكل كان، ولكن فكر في مخاطر الكفتة المذكورة أعلاه أثناء الحرب العالمية الثانية وإمكانية «طبخها» للدول الإسلامية وخصوصا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ظل أعمال الحكومة الإسرائيلية اليوم وكل يوم.
والله من وراء القصد.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة
خلال السنة قبل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية على المسرح الأوروبي، استعد الحلفاء ــ وفى مقدمتهم بريطانيا وأمريكا ــ لاحتلال الأراضي الإيطالية من قواعدهم في شمال أفريقيا تمهيدا لانتهاء الهيمنة النازية على أوروبا، وكان من الضروري أن يتم تمويه الألمان والإيطاليين إلى أن ذلك لن يتم وأن الحلفاء سيحتلون الأراضي اليونانية وجزيرة «سردينيا» البعيدتين عن مسرح العمليات الإيطالي، ولذا فكانت هناك حاجة «للبكش» في أقوى أدواره .. وقامت الاستخبارات العسكرية البريطانية بعملية جريئة أقنعت من خلالها القيادة الألمانية بأن الهجوم سيكون على الأراضي اليونانية، قاموا بتمثيلية بطلها شخص ميت دون أهل أو أصدقاء توفي في أحد المستشفيات الإنجليزية، فأخذوا جثته وقاموا بتجهيزها ليبدو وكأنه أحد ضباط القيادة البريطانية باسم الرائد «وليام مارتن»، ألبسوه بدلة عسكرية رسمية، ووضعوا في جيوبه هوية صحيحة، وخطابا من «خطيبة» وهمية، وخطاب مطالبة من بنك بريطاني، والأهم من كل ذلك، وضعوا في حوزته حقيبة مليئة بالأوراق العسكرية «السرية» التي تحتوي على خطط إنزال القوات البريطانية والأمريكية على الأراضي اليونانية .. وبعدها وضعوا الجثة في أنبوب مثلج وتم نقلها في غواصة إنجليزية في سرية تامة إلى قبالة الشواطئ الإسبانية وتخلصوا منه هناك .. وكان الإيحاء أنه توفي في حادثة سقوط طائرة.. ووجدت السلطات الإسبانية الجثة على الشاطئ، فتم الكشف عليها وإعادتها للإنجليز، ولكنهم سمحوا للقيادة الألمانية هناك في النظر في كافة الأوراق التي كان يحملها الضابط الوهمي .. وشرب النازيون المقلب أو بالأصح بلعوا «الكفتة كاملة» وكان هذا هو الرمز التي أطلق على العملية .. والشاهد أنه بتوجيه من القيادة العليا الألمانية، تم حشد القوات النازية المجهزة لردع الإنزال على الشواطئ اليونانية وجزيرة «سردينيا» على بعد حوالي ألف كيلومتر من الشواطئ الإيطالية التي أصبحت لقمة سائغة للحلفاء فاحتلوها فعلا في 9 يوليو 1943، وبقي النازيون مقتنعون بأن الهجوم سيكون على اليونان إلى فترة أسبوعين بعد احتلال الحلفاء لصقلية في إيطاليا.
أمنيـــــة
أتمنى أن تفكر في كل هذا أثناء استمتاعك بأي وجبة تحتوي على الكفتة بأي شكل كان، ولكن فكر في مخاطر الكفتة المذكورة أعلاه أثناء الحرب العالمية الثانية وإمكانية «طبخها» للدول الإسلامية وخصوصا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ظل أعمال الحكومة الإسرائيلية اليوم وكل يوم.
والله من وراء القصد.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة