اصطبغت العلاقات الدولية بصبغة اقتصادية بعد انتهاء الحرب الباردة والعداء الأيديولوجي بين المعسكرين الشرقي والغربي، وظهرت نظريات جديدة في العلاقات الدولية أهمها نظرية الاعتماد المتبادل، كما برز ما سمي “بدبلوماسية التنمية”. نظرية الاعتماد المتبادل بمعناها الواسع تعني أن تقوية التبادل الاقتصادي بين الدول سوف يثني الدول عن استخدام القوة ضد بعضها بعضا، لأن الحرب تهدد حالة الرفاه لكلا الطرفين. أما دبلوماسية التنمية فهي ببساطة استثمار علاقات الدولة بالدول الأخرى من أجل تبادل المصلحة الاقتصادية وتحقيق تنمية في الداخل. استطاعت السياسة الخارجية للمملكة مواكبة التطورات الحاصلة في السياسة العالمية وتحديد الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافها، ولذلك أصبح تعزيز المصالح المتبادلة للمملكة، وبناء جسور الصداقة فيما بينها في عالم متحرك ومتغير لايمكن فيه الانعزال والانكفاء على الذات، محاور تحرك المملكة الخارجية واضحة أبعادها في الساحات العربية والإسلامية والدولية، يدعمها في ذلك ما تحظى به المملكة من تقدير دولي من واقع ما تتمتع به من استقرار سياسي وازدهار اقتصادي وثبات أمني.
الجولةالآسيوية:
وتعتبر جولات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العربية والدولية خلال العام تطبيقا ناجحا لنظرية الاعتماد المتبادل ودبلوماسية التنمية . فقد افتتح خادم الحرمين الشريفين بداية عهده بالقيام على رأس وفد رفيع المستوى بجولة آسيوية بدأها في 22 ذي الحجة الموافق 22 يناير 2006 ، وانتهت في2 فبراير 2006، وشملت الصين والهند وهونج كونج وماليزيا وباكستان ، وأثمرت عن تحقيق نتائج إيجابية كبيرة على المستويات السياسية حيث أظهرت توافقاً في الرؤى بين المملكة وهذه الدول الآسيوية فيما يخص معظم الملفات الدولية الحساسة وعلى وجه الخصوص ملف الشرق الأوسط، وأثمرت عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وصلت مبالغها إلى عدة مليارات من الدولارات وخاصة في المجال النفطي، كما ساهمت إلى حد كبير في انفتاح السعودية على البوابة الآسيوية رغبة من خادم الحرمين الشريفين بتوسيع رقعة العلاقات الدولية وتنويعها .
وإذا أضفنا الجولة الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين في آسيا إلى جولته يحفظه الله قبل عام وبالتحديد في إبريل عام 2005 في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية عندما كان وليا للعهد وزيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الرياض يوم السبت 4/3/2006 ، ثم الجولة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد في اليابان خلال الفترة من 7- 9 ربيع الأول 1427هـ الموافق 5- 7 إبريل 2006م ، تلتها زيارة سنغافورة وباكستان . وذلك بعد شهرين من جولة خادم الحرمين الشريفين لكل من الصين والهند وهونج كونج وماليزيا وباكستان يتضح أن السياسة الخارجية السعودية اتجهت لتنويع الشراكة شرقا وغربا لدعم التنمية في الداخل الجولات العربية :
حضر خادم الحرمين الشريفين القمة الخليجية الأخيرة في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 16 ـ 17 ذي القعدة 1426هـ الموافق 18 ـ 19 ديسمبر 2005م وهي القمة التي سميت “ قمة الملك فهد “ ، كما قام بزيارة إلى مصر يوم 31/5/2006 حيث عقدت قمة سعودية مصرية في شرم الشيخ ، وكانت زيارة مصر استكمالا لجولات المليك العربية حيث قام قبل عام من هذا التاريخ ، وبالتحديد في شهر مايو 2005 بجولة عربية شملت مصر وسوريا والأردن واختتمت في8/5/2005 م
تنويع الشراكة شرقا وغربا:
كما سبقت الإشارة فقد زار خادم الحرمين الشريفين فرنسا والولايات المتحدة في شهر إبريل عام 2005 ، وكان قد زار روسيا زيارة هامة في عام 2003 ، عندما كان وليا للعهد ، ولذلك بدأ هذا العام بزيارة دول هامة أخرى في قارة آسيا لدعم علاقات المملكة شرقا وغربا .
فقد زار الرئيس الفرنسي جاك شيراك المملكة في الفترة من 4- 6/3/2006 التقى فيها قيادة المملكة وألقى كلمة في مجلس الشورى الذي يستضيف للمرة الأولى زعيماً دولياً ويستمع منه إلى خطاب اعتبره البعض أنه بمثابة وثيقة تاريخية. وتمخضت الزيارةعن توافق كامل في وجهات النظر بشأن الملف النووي الإيراني والانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أثمرت عن نجاح حركة “حماس” بالاستئثار بمعظم المقاعد، والملف اللبناني- السوري، والإرهاب، وحول التعاون الاقتصادي أوضح ممثلو الشركات الفرنسية المرافقون للرئيس شيراك أن المحادثات دارت حول تزويد المملكة بعدد من طائرات “رافال” القتالية إضافة الى برنامج إلكتروني متطور لمراقبة حدود المملكة. وأعلن رئيس مجموعة “توتال” النفطية تييري ديماري أن شركته تأمل في التوصل قريباً إلى إبرام عقد يقضي ببناء مصفاة جديدة شرق السعودية بقيمة 5 مليارات دولار والتي ستكون قادرة على معالجة 400 ألف برميل يومياً. ويذكر أن الموازنة السعودية قد سجلت فائضاً في العام المالي 2005 بلغ نحو 14 مليار دولار وقد قررت المملكة استثمار هذا الفائض في إطار تحديث وتحسين البني التحتية ومكافحة البطالة وتشجيع الاستثمار في البلاد.
أما عن علاقة المملكة بالولايات المتحدة الامريكية فهي علاقة قوية اذ تعد امريكا أكبر شريك تجاري للمملكة ، لذلك حرص خادم الحرمين الشريفين على التوجه شرقا أيضا من خلال زيارة عدد من دول آسيا .
المحطة الأولى : الصين :
المحطة الأولى للملك عبدالله كانت في جمهورية الصين الشعبية حيث تم التوقيع على خمس اتفاقيات شملت بروتوكولاً حول التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي وقطاع التعدين، ومحضر الدورة الثالثة للجنة الصينية – السعودية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني، واتفاقية بين البلدين حول تجنب الازدواج الضريبي على الإيرادات والممتلكات ومنع التسرب الضريبي، واتفاقية بين وزارة التعليم الصينية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني للتعاون في مجال التدريب المهني. وتطرقت المباحثات الى الملف النووي الإيراني والسلام في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والملف العراقي وأفغانستان.
ومن المعروف أن هناك مشروعات مشتركة بين البلدين للتعاون فى المجال النفطى منها مشروع مشترك بين شركة أرامكو السعودية وساينوبيك وأوكسين موبيل فى مقاطعة فوجيان الواقعة فى شرق الصين لتكرير البترول وانتاج الاثيلين, ومشروع استثماري لشركة ساينوبيك فى المملكة لاستخراج الغاز غير المصاحب.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين فى عام 1988م «5» مليارات دولار أمريكي وارتفع في عام 2005 الى 14 مليار دولار أمريكي. وكانت زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز الأولى للصين في عام 1998 عندما كان وليا للعهد.
وجاءت الزيارة للصين بعد 16 عاما من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. شهدت فيها العلاقات تطورا كبيرا، خاصة في المجال الاقتصادي حيث أصبحت المملكة أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة العربية بحجم تبادل تجاري زاد من خمسة مليارات دولار في عام 2002 إلى نحو عشرة مليارات ومائتي مليون دولار في عام 2004 و14 مليار دولار عام 2005 وتأمل الصين أن يرتفع حجم التبادل بينهما إلى الضعف خلال السنوات الخمس القادمة. وفي هذه الأثناء، بلغت قيمة صادرات السعودية من النفط للصين نحو أربعة مليارات دولار في عام 2004، بالإضافة إلى زهاء ثلاثة مليارات ونصف من المنتجات البتروكيماوية. ومع الارتفاع المطرد في استهلاك الصين للنفط ومحاولتها زيادة احتياطيها الاستراتيجي إلى مائة مليون برميل من النفط، أي ما يعادل إجمالي استهلاكها في شهر واحد، يبدو من الواضح اتساع وكبر الفرص الاستثمارية المتاحة بين المملكة والصين. فالصين حريصة على توفير إمدادات نفط مضمونة ومستمرة من ناحية، وتسعى إلى توسعة وبناء وتطوير المصافي القديمة وبناء مصافي جديدة لتوفير حاجتها المتزايدة من النفط والغاز، وخصوصاً بعد أن حققت الصين أحد أعلى معدلات النمو في العالم.
محطة الهند :
المحطة الثانية للملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت في الهند حيث تم التوقيع على اتفاقية نفطية خاصة فالهند رابع مستورد وثالث أكبر مستهلك للنفط في آسيا حيث يبلغ احتياج الهند يومياً الى نحو 1.9 مليون برميل. ووقع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ووزير الشؤون الداخلية الهندي باتل شبراج مذكرة تفاهم حول التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم.
ووقع وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف ووزير الدفاع الهندي براناب مخرجي اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين.
كما وقع الوزير العساف والوزير مخرجي اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي فيما وقع وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني ووزير الدولة لشؤون الشباب والرياضة الهندي اوسكار فرنانديس اتفاقية تعاون بين البلدين في مجال الشباب والرياضة. وتم التطرق خلال المباحثات الى وضع المسلمين في إقليم كشمير والى العلاقات الهندية – الباكستانية.
وعلى الرغم من أن هذه أول زيارة قام بها ملك سعودي إلى نيودلهي خلال 50 عاماً منذ زيارة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود في عام 1955م فإن هذا التوجُّه شرقاً نم عن رؤية واضحة وبصيرة ثاقبة وقراءة سليمة للتطورات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية بشكل عام، ومنطقة جنوب شرق آسيا على وجه الخصوص. فالهند ستصبح أكبر بلد في العالم، وسيتجاوز عدد سكانها عدد سكان الصين خلال أقل من عقدين من الزمن. وخلال السنوات القليلة الماضية حققت الهند أحد أعلى معدلات النمو في العالم، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في المستقبل المنظور. وبالإضافة إلى كونها دولة نووية فهي المصدر الأول للموارد البشرية الماهرة، وأصبحت بحق (سيليكون فالي) جديداً يصدر برامج الكمبيوتر المتقدمة. لذلك، فإنه ليس من المستبعد أن تنجح الهند في مسعاها لتصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن. أما على صعيد العلاقات بين الهند ومنطقة الخليج، فهي قديمة قدم الزمن نفسه، فهناك نحو أربعة ملايين هندي يعملون في دول مجلس التعاون، منهم زهاء مليون وستمائة ألف عامل في المملكة. تصل قيمة تحويلاتهم السنوية إلى ما يقرب من مليار ونصف المليار دولار سنوياً. كما شهدت التجارة البينية بين الهند والمملكة ارتفاعاً حاداً ليصل إلى 2.6 مليار دولار خلال عامي 2004 و2005م مقارنة بستة ملايين في عامي 1963 و1964م، عدا صادرات النفط السعودية إلى الهند التي تُقدَّر بنحو ستة مليارات دولار أخرى. أضف إلى ذلك الاستثمارات المالية والمشاريع المشتركة في المملكة والهند.
وقد اهتمت الصحف الهندية بالزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للهند ، وتصدرت أخبار الزيارة صدر الصفحات الأولي للصحف الهندية الكبرى مثل صحيفة اكسبرس الهندية ، وهندو ، وهندوستان تايمز . وكتب رئيس تحرير جريدة اكسبريس الهندية ، سي راجا كوهان مقالا مطولا تحت عنوان” أهمية المملكة العربية السعودية “ ، قال فيه إن الهند تستقبل اليوم قائد أهم دولة إسلامية في العالم ، ، وتقدر النخبة الهندية السياسة الإصلاحية الكبيرة التي انتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ توليه أمانة الحكم وهي السياسة التي سيتوقف عليها مستقبل الإسلام السياسي في العالم . وأضاف كوهان أن ملاحظات الملك عبد الله إلى قناةِ التلفزيونِ الهنديةِ التي أشار فيها إلى أن أسعارِ النفط الحاليةِ عالية جداً تعكس مستوى الحكمة الذي تدير به الرياض السياسة الدوليةَ في مجال النفطِ.
كما نشرت صحيفة هندوستان تايمز خبرا مع صورة كبيرة في صدر صفحتها الأولى حول استقبال رئيس الوزراء الهندي للملك عبد الله ، وقالت انها أول زيارة لعاهل المملكة منذ 50 عاما وستسفر عن عدد من الاتفاقيات التي تبشر بعصر جديد في العلاقات سواء فيما يتعلق بمواجهة انتقال الإرهاب عبر الدول ، أو التعاون التجاري والاقتصادي . أما صحيفة رديف الهندية فقد نشرت تقريرا مطولا حول العلاقات السعودية الهندية تحت عنوان زيارة “ الملك عبدالله تبشر ببدء عصر جديد “ قالت فيه : إن الهند لها علاقات تاريخية طويلة مع دول الخليج التي يعمل بها 4 ملايين هندي منهم 1,6مليون هندي في المملكة وأن حجم التجارة الكليّة بين الهند والمملكة تقريباً 7 بلايين دولار . وهذا الرقم الرقم من المحتمل أَنْ يُضاعفَ في العقد القادم .
وتحت عنوان : زيارة عاهل المملكة ترفع التوقعات “ كتبت صحيفة صحية هندو أنّ جولة الملكِ عبدالله الآسيوية هامة للغاية لَيس فقط بسبب طبيعتِها ومستواها وتوقيتها ونتائجِها، لكن بسبب الوزنِ الكبير للمملكة من جهة والوزن الكبير للدول التي تشملها الجولة ، وهذه الجولة ستحقق ماكان يدعو له العديد من مفكري الخليج من ضرورة التوجه شرقا وتنفيذ الوثيقة التي وقعتها قبل ثمانية عشرَ شهرا، بلدان مجلس التّعاون الخليجي — المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر وعُمان والكويت - والهند وقّعتْ لتَأسيس شراكة إقتصادية بنيةِ إقامة منطقة تجارية بين المنطقتين.
محطة ماليزيا :
والمحطة الثالثة لخادم الحرمين الشريفين كانت في ماليزيا حيث تم توقيع اتفاقيات بين قطاعي الأعمال السعودي والماليزي بنحو 596 مليون دولار. فماليزيا اليوم تمثل إحدى أكثر الأسواق الناشئة تطوراً وتقدماً في العالم. ، وشعب ماليزيا شعب محب للمملكة خاصة المسلمين الذين يمثلون 60% من السكان ، ويقدرون المملكة كقلب العالم الإسلامي وبها الأماكن المقدسة قبلة المسلمين في أنحاء العالم ، وخلال الفترة الواقعة بين عامي 1991 و2003 تضاعف حجم التبادل التجاري بين المملكة وماليزيا أربعة أضعاف ليرتفع من 212 مليون دولار إلى 991 مليون دولار، وارتفعت صادرات ماليزيا إلى المملكة من 108 ملايين دولار إلى 408 ملايين دولار. وارتفعت واردات ماليزيا من المملكة من 104 ملايين دولار إلى 583 مليون دولار في الفترة نفسها.
محطة باكستان :
أما علاقات المملكة مع باكستان فلا تقل أهمية عن علاقاتها بالهند. فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين من 2.127 مليار دولار في عام 2004 إلى 2.832 مليار دولار في عام 2005، في حين بلغت تحويلات العمال الباكستانيين من المملكة خلال السنة المالية 2005 نحو 627.19 مليون دولار أمريكي. في حين بلغت تحويلات العمال الباكستانيين من السعودية خلال السنة المالية 2005 نحو 627.19 مليون دولار أمريكي . كما ترتبط كل من المملكة وباكستان بمعاهدات للتعاون في العديد من المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والعسكرية ومكافحة الإرهاب.
وإذا نظرنا إلى هذه الجولة الهامة سنجد أنها استهدفت في المقام الأول فتح مجالات جديدة للشراكة الاقتصادية والتجارية مع دول آسيا في فترة ما بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، خاصة أن الدول التي شملتها جولة خادم الحرمين الشريفين هي دول تمثل ثقلا كبيرا في الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر، فهي دول تحوي سوقا واسعة لأنها تضم ما يزيد عن 2,6 مليار نسمة أي أكثر من ثلث سكان العالم ، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأربع التي زارها خادم الحرمين الشريفين ، أكثر من 13 تريليون دولار سنويا وذلك بحساب الناتج المحلي الإجمالي حسب القدرة الشرائية بالسوق المحلي ،
استكمال مسيرة التوجه نحو الشرق
زار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام اليابان خلال الفترة من 7- 9 ربيع الأول 1427هـ الموافق 5- 7 إبريل 2006م ، وجاءت جولة سمو ولي العهد لتفتح الباب أمام قفزة عربية سعودية جديدة نحو الشرق ولتستكمل الدبلوماسية السعودية خطوات التوجه شرقا وفتح آفاق اقتصادية جديدة ، من خلال هذه الزيارة عالية المستوى لسمو ولي العهد لعدة دول آسيوية هي اليابان وسنغافورة وباكستان ، وكان سموه قد قام بجولة آسيوية في رجب 1421 هـ (أكتوبر 2000 ) شملت الصين وكازاخستان وماليزيا وكوريا الجنوبية بحث خلالها سبل تعزيز العلاقات والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية مع كبار المسئولين في هذه الدول فضلا عن تبادل وجهات النظر حيال القضايا العربية والإسلامية والدولية والمطروحة على الساحة ، وفي مقدمتها الاستقرار والأمن في منطقة الخليج ومسيرة السلام وآخر تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.
وإذا نظرنا إلى هذه الجولة الهامة لسمو ولي العهد سنجد أنها تستهدف في المقام الأول فتح مجالات جديدة للشراكة الاقتصادية والتجارية مع دول آسيا في فترة ما بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، خاصة الدول التي تهتم بها الدبلوماسية السعودية، فاليابان تربطها علاقات إستراتيجية مع المملكة ولها عمق تاريخي يمتد نصف قرن من العلاقات الدبلوماسية، كما أن هناك مصالح مشتركة إذ أن اليابان تعتمد على المملكة في تأمين حوالى ثلث احتياجاتها من الطاقة سنويا في حين أن اليابان تعتبر الشريك التجاري الثامن للمملكة. ومن المعروف أن اليابان تحتل مكانة اقتصادية كبيرة في العالم إذ أن اقتصادها هو الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة، وهذه الزيارة ستفتح فصلا جديدا وهاما في علاقات البلدين للخمسين عاما القادمة.
و أكملت زيارة سمو ولي العهد لسنغافورة، حلقة الدبلوماسية السعودية تجاه شبه جزيرة الملايو التي تضم ماليزيا وسنغافورة، فقد زار ماليزيا مؤخرا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، . وسنغافورة إحدى دول جنوب شرقي آسيا.. وهي من أهم الموانئ العالمية في هذه المنطقة.. وهى جمهورية صغيرة تتكون من جزيرة سنغافورة وبعض الجزر الأخرى ويبلغ عدد السكان نحو ثلاثة ملايين نسمة منهم نصف مليون نسمة من المسلمين. ورغم أنها دولة صغيرة من حيث مساحتها وعدد سكانها ، لكنها كبيرة من حيث إنجازاتها - خاصة في مجال التطور المعلوماتي. و نجحت سنغافورة في بناء صناعة إلكترونية وحاسوبية متقدمة بلغ حجمها أكثر من 15000 مليون دولار في عام 1993 . كذلك نجحت خططها التنموية وسياساتها التسويقية الجريئة في تحقيق فوائض كبيرة في موازينها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا . وخلال التسعينات بدأت سنغافورة مشروعاً وطنياً جديداً بعنوان “سنغافورة 2000: جزيرة ذكية” (Singapore 2000: A Smart Island) . وكنتيجة مباشرة لهذه المشاريع الوطنية نجحت الدولة في نشر استخدام الحاسوب بين جميع المؤسسات الكبيرة والمتوسطة ... وقد عرفت سنغافورة الإسلام في العصر النبوي الشريف عن طريق التجار العرب المسلمين.. الذين حملوا أخبار الدعوة الإسلامية إليها منذ ذلك الوقت المبكر.. حيث تكونت في المدن الساحلية أولى الجاليات المسلمة في القرن الهجري الأول.
الجولات العربية :
زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ابو ظبي لحضور قمة الملك فهد ، كمازار مصر . وكانت القضايا العربية وأمن واستقرار المنطقة هي الشغل الشاغل له في الزيارات العربية ويمكن تفصيل ذلك على النحو النالي :
“ قمة الملك فهد “
تلبية لدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، عقد المجلس الأعلى دورته السادسة والعشرين ، في مدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، يومي الأحد والاثنين 16 ـ 17 ذو القعدة 1426هـ الموافق 18 ـ 19 ديسمبر 2005م ، برئاسة الشيخ خليفه ، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى ، وقد كان حضور خادم الحرمين الشريفين تأكيدا على الأهمية التي يوليها المليك للعمل العربي المشترك ، ورؤية خادم الحرمين الشريفين له حيث أطلعت القمة على رسالة خادم الحرمين الشريفين ، بشأن تطوير قوات درع الجزيرة ، وبارك المجلس على تلك المقترحات وأحالها الى مجلس الدفاع المشترك لدراستها ورفع التوصيات للدورة القادمة للمجلس الأعلى . وأكد المجلس الأعلى مُجدداً على تمسك دوله بمبادرة السلام العربية، التي أُقرَّت في قمة بيروت عام 2002م، والتي تنطلق من قرارات الشرعية الدولية . وأكد التكامل بين هذه المبادرة وخارطة الطريق .
وقرر المجلس الأعلى عقد دورته السابعة والعشرين ، إن شاء الله ، في المملكة ، خلال شهر ذي القعدة من عام 1427هـ الموافق شهر ديسمبر 2006م ، وذلك تلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية .وفي 31/5/2006 عقدت قمة سعودية مصرية في شرم الشيخ في إطار التحرك من أجل حلحلة الجمود الذي يعتري المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
وفي 1/7/2006 استقبلت المملكة رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي في قصر «الخالدية» في جدة ، وتناولت المحادثات الرسمية بين الجانبين السعودي والعراقي الوضع في العراق .
ولم يكن غريبًا أن يتم اختيار الملك عبد الله الشخصية الخليجية الأولى لعام 2005 وفق استطلاع أجرته صحيفة البيان الإماراتية، أو أن تصفه صحيفة “الواشنطن تايمز” الأمريكية في مارس 2006 بأنه من أهم القادة العالميين اليوم.ولا شك أن ذلك لا يعود إلى الدور السعودي النشط عالميًّا فقط، لكنه يرجع بالأساس إلى ما يسعى إليه الملك عبد الله من تحقيق إنجازات داخلية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، ولنهج الملك عبد الله على المستوى الخارجي والداخلي؛ إذ قام بتوسيع السوق الاقتصادية؛ وهو ما جعل الاقتصاد السعودي محل استقطاب دول العالم الكبرى.وخاصة بعد أن صادق المجلس العمومي في منظمة التجارة العالمية في جلسته التي عقدت يوم الجمعة 11/11/2005 بجنيف على وثائق انضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة, وذلك بحضور الدول الأعضاء وعددهم148/ دولة / لتصبح المملكة العضو رقم 149, ولتصبح كاملة العضوية بعد شهر من ذلك اليوم.
الجولةالآسيوية:
وتعتبر جولات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العربية والدولية خلال العام تطبيقا ناجحا لنظرية الاعتماد المتبادل ودبلوماسية التنمية . فقد افتتح خادم الحرمين الشريفين بداية عهده بالقيام على رأس وفد رفيع المستوى بجولة آسيوية بدأها في 22 ذي الحجة الموافق 22 يناير 2006 ، وانتهت في2 فبراير 2006، وشملت الصين والهند وهونج كونج وماليزيا وباكستان ، وأثمرت عن تحقيق نتائج إيجابية كبيرة على المستويات السياسية حيث أظهرت توافقاً في الرؤى بين المملكة وهذه الدول الآسيوية فيما يخص معظم الملفات الدولية الحساسة وعلى وجه الخصوص ملف الشرق الأوسط، وأثمرت عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وصلت مبالغها إلى عدة مليارات من الدولارات وخاصة في المجال النفطي، كما ساهمت إلى حد كبير في انفتاح السعودية على البوابة الآسيوية رغبة من خادم الحرمين الشريفين بتوسيع رقعة العلاقات الدولية وتنويعها .
وإذا أضفنا الجولة الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين في آسيا إلى جولته يحفظه الله قبل عام وبالتحديد في إبريل عام 2005 في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية عندما كان وليا للعهد وزيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الرياض يوم السبت 4/3/2006 ، ثم الجولة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد في اليابان خلال الفترة من 7- 9 ربيع الأول 1427هـ الموافق 5- 7 إبريل 2006م ، تلتها زيارة سنغافورة وباكستان . وذلك بعد شهرين من جولة خادم الحرمين الشريفين لكل من الصين والهند وهونج كونج وماليزيا وباكستان يتضح أن السياسة الخارجية السعودية اتجهت لتنويع الشراكة شرقا وغربا لدعم التنمية في الداخل الجولات العربية :
حضر خادم الحرمين الشريفين القمة الخليجية الأخيرة في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 16 ـ 17 ذي القعدة 1426هـ الموافق 18 ـ 19 ديسمبر 2005م وهي القمة التي سميت “ قمة الملك فهد “ ، كما قام بزيارة إلى مصر يوم 31/5/2006 حيث عقدت قمة سعودية مصرية في شرم الشيخ ، وكانت زيارة مصر استكمالا لجولات المليك العربية حيث قام قبل عام من هذا التاريخ ، وبالتحديد في شهر مايو 2005 بجولة عربية شملت مصر وسوريا والأردن واختتمت في8/5/2005 م
تنويع الشراكة شرقا وغربا:
كما سبقت الإشارة فقد زار خادم الحرمين الشريفين فرنسا والولايات المتحدة في شهر إبريل عام 2005 ، وكان قد زار روسيا زيارة هامة في عام 2003 ، عندما كان وليا للعهد ، ولذلك بدأ هذا العام بزيارة دول هامة أخرى في قارة آسيا لدعم علاقات المملكة شرقا وغربا .
فقد زار الرئيس الفرنسي جاك شيراك المملكة في الفترة من 4- 6/3/2006 التقى فيها قيادة المملكة وألقى كلمة في مجلس الشورى الذي يستضيف للمرة الأولى زعيماً دولياً ويستمع منه إلى خطاب اعتبره البعض أنه بمثابة وثيقة تاريخية. وتمخضت الزيارةعن توافق كامل في وجهات النظر بشأن الملف النووي الإيراني والانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أثمرت عن نجاح حركة “حماس” بالاستئثار بمعظم المقاعد، والملف اللبناني- السوري، والإرهاب، وحول التعاون الاقتصادي أوضح ممثلو الشركات الفرنسية المرافقون للرئيس شيراك أن المحادثات دارت حول تزويد المملكة بعدد من طائرات “رافال” القتالية إضافة الى برنامج إلكتروني متطور لمراقبة حدود المملكة. وأعلن رئيس مجموعة “توتال” النفطية تييري ديماري أن شركته تأمل في التوصل قريباً إلى إبرام عقد يقضي ببناء مصفاة جديدة شرق السعودية بقيمة 5 مليارات دولار والتي ستكون قادرة على معالجة 400 ألف برميل يومياً. ويذكر أن الموازنة السعودية قد سجلت فائضاً في العام المالي 2005 بلغ نحو 14 مليار دولار وقد قررت المملكة استثمار هذا الفائض في إطار تحديث وتحسين البني التحتية ومكافحة البطالة وتشجيع الاستثمار في البلاد.
أما عن علاقة المملكة بالولايات المتحدة الامريكية فهي علاقة قوية اذ تعد امريكا أكبر شريك تجاري للمملكة ، لذلك حرص خادم الحرمين الشريفين على التوجه شرقا أيضا من خلال زيارة عدد من دول آسيا .
المحطة الأولى : الصين :
المحطة الأولى للملك عبدالله كانت في جمهورية الصين الشعبية حيث تم التوقيع على خمس اتفاقيات شملت بروتوكولاً حول التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي وقطاع التعدين، ومحضر الدورة الثالثة للجنة الصينية – السعودية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني، واتفاقية بين البلدين حول تجنب الازدواج الضريبي على الإيرادات والممتلكات ومنع التسرب الضريبي، واتفاقية بين وزارة التعليم الصينية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني للتعاون في مجال التدريب المهني. وتطرقت المباحثات الى الملف النووي الإيراني والسلام في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والملف العراقي وأفغانستان.
ومن المعروف أن هناك مشروعات مشتركة بين البلدين للتعاون فى المجال النفطى منها مشروع مشترك بين شركة أرامكو السعودية وساينوبيك وأوكسين موبيل فى مقاطعة فوجيان الواقعة فى شرق الصين لتكرير البترول وانتاج الاثيلين, ومشروع استثماري لشركة ساينوبيك فى المملكة لاستخراج الغاز غير المصاحب.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين فى عام 1988م «5» مليارات دولار أمريكي وارتفع في عام 2005 الى 14 مليار دولار أمريكي. وكانت زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز الأولى للصين في عام 1998 عندما كان وليا للعهد.
وجاءت الزيارة للصين بعد 16 عاما من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. شهدت فيها العلاقات تطورا كبيرا، خاصة في المجال الاقتصادي حيث أصبحت المملكة أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة العربية بحجم تبادل تجاري زاد من خمسة مليارات دولار في عام 2002 إلى نحو عشرة مليارات ومائتي مليون دولار في عام 2004 و14 مليار دولار عام 2005 وتأمل الصين أن يرتفع حجم التبادل بينهما إلى الضعف خلال السنوات الخمس القادمة. وفي هذه الأثناء، بلغت قيمة صادرات السعودية من النفط للصين نحو أربعة مليارات دولار في عام 2004، بالإضافة إلى زهاء ثلاثة مليارات ونصف من المنتجات البتروكيماوية. ومع الارتفاع المطرد في استهلاك الصين للنفط ومحاولتها زيادة احتياطيها الاستراتيجي إلى مائة مليون برميل من النفط، أي ما يعادل إجمالي استهلاكها في شهر واحد، يبدو من الواضح اتساع وكبر الفرص الاستثمارية المتاحة بين المملكة والصين. فالصين حريصة على توفير إمدادات نفط مضمونة ومستمرة من ناحية، وتسعى إلى توسعة وبناء وتطوير المصافي القديمة وبناء مصافي جديدة لتوفير حاجتها المتزايدة من النفط والغاز، وخصوصاً بعد أن حققت الصين أحد أعلى معدلات النمو في العالم.
محطة الهند :
المحطة الثانية للملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت في الهند حيث تم التوقيع على اتفاقية نفطية خاصة فالهند رابع مستورد وثالث أكبر مستهلك للنفط في آسيا حيث يبلغ احتياج الهند يومياً الى نحو 1.9 مليون برميل. ووقع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ووزير الشؤون الداخلية الهندي باتل شبراج مذكرة تفاهم حول التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم.
ووقع وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف ووزير الدفاع الهندي براناب مخرجي اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين.
كما وقع الوزير العساف والوزير مخرجي اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي فيما وقع وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني ووزير الدولة لشؤون الشباب والرياضة الهندي اوسكار فرنانديس اتفاقية تعاون بين البلدين في مجال الشباب والرياضة. وتم التطرق خلال المباحثات الى وضع المسلمين في إقليم كشمير والى العلاقات الهندية – الباكستانية.
وعلى الرغم من أن هذه أول زيارة قام بها ملك سعودي إلى نيودلهي خلال 50 عاماً منذ زيارة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود في عام 1955م فإن هذا التوجُّه شرقاً نم عن رؤية واضحة وبصيرة ثاقبة وقراءة سليمة للتطورات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية بشكل عام، ومنطقة جنوب شرق آسيا على وجه الخصوص. فالهند ستصبح أكبر بلد في العالم، وسيتجاوز عدد سكانها عدد سكان الصين خلال أقل من عقدين من الزمن. وخلال السنوات القليلة الماضية حققت الهند أحد أعلى معدلات النمو في العالم، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في المستقبل المنظور. وبالإضافة إلى كونها دولة نووية فهي المصدر الأول للموارد البشرية الماهرة، وأصبحت بحق (سيليكون فالي) جديداً يصدر برامج الكمبيوتر المتقدمة. لذلك، فإنه ليس من المستبعد أن تنجح الهند في مسعاها لتصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن. أما على صعيد العلاقات بين الهند ومنطقة الخليج، فهي قديمة قدم الزمن نفسه، فهناك نحو أربعة ملايين هندي يعملون في دول مجلس التعاون، منهم زهاء مليون وستمائة ألف عامل في المملكة. تصل قيمة تحويلاتهم السنوية إلى ما يقرب من مليار ونصف المليار دولار سنوياً. كما شهدت التجارة البينية بين الهند والمملكة ارتفاعاً حاداً ليصل إلى 2.6 مليار دولار خلال عامي 2004 و2005م مقارنة بستة ملايين في عامي 1963 و1964م، عدا صادرات النفط السعودية إلى الهند التي تُقدَّر بنحو ستة مليارات دولار أخرى. أضف إلى ذلك الاستثمارات المالية والمشاريع المشتركة في المملكة والهند.
وقد اهتمت الصحف الهندية بالزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للهند ، وتصدرت أخبار الزيارة صدر الصفحات الأولي للصحف الهندية الكبرى مثل صحيفة اكسبرس الهندية ، وهندو ، وهندوستان تايمز . وكتب رئيس تحرير جريدة اكسبريس الهندية ، سي راجا كوهان مقالا مطولا تحت عنوان” أهمية المملكة العربية السعودية “ ، قال فيه إن الهند تستقبل اليوم قائد أهم دولة إسلامية في العالم ، ، وتقدر النخبة الهندية السياسة الإصلاحية الكبيرة التي انتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ توليه أمانة الحكم وهي السياسة التي سيتوقف عليها مستقبل الإسلام السياسي في العالم . وأضاف كوهان أن ملاحظات الملك عبد الله إلى قناةِ التلفزيونِ الهنديةِ التي أشار فيها إلى أن أسعارِ النفط الحاليةِ عالية جداً تعكس مستوى الحكمة الذي تدير به الرياض السياسة الدوليةَ في مجال النفطِ.
كما نشرت صحيفة هندوستان تايمز خبرا مع صورة كبيرة في صدر صفحتها الأولى حول استقبال رئيس الوزراء الهندي للملك عبد الله ، وقالت انها أول زيارة لعاهل المملكة منذ 50 عاما وستسفر عن عدد من الاتفاقيات التي تبشر بعصر جديد في العلاقات سواء فيما يتعلق بمواجهة انتقال الإرهاب عبر الدول ، أو التعاون التجاري والاقتصادي . أما صحيفة رديف الهندية فقد نشرت تقريرا مطولا حول العلاقات السعودية الهندية تحت عنوان زيارة “ الملك عبدالله تبشر ببدء عصر جديد “ قالت فيه : إن الهند لها علاقات تاريخية طويلة مع دول الخليج التي يعمل بها 4 ملايين هندي منهم 1,6مليون هندي في المملكة وأن حجم التجارة الكليّة بين الهند والمملكة تقريباً 7 بلايين دولار . وهذا الرقم الرقم من المحتمل أَنْ يُضاعفَ في العقد القادم .
وتحت عنوان : زيارة عاهل المملكة ترفع التوقعات “ كتبت صحيفة صحية هندو أنّ جولة الملكِ عبدالله الآسيوية هامة للغاية لَيس فقط بسبب طبيعتِها ومستواها وتوقيتها ونتائجِها، لكن بسبب الوزنِ الكبير للمملكة من جهة والوزن الكبير للدول التي تشملها الجولة ، وهذه الجولة ستحقق ماكان يدعو له العديد من مفكري الخليج من ضرورة التوجه شرقا وتنفيذ الوثيقة التي وقعتها قبل ثمانية عشرَ شهرا، بلدان مجلس التّعاون الخليجي — المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر وعُمان والكويت - والهند وقّعتْ لتَأسيس شراكة إقتصادية بنيةِ إقامة منطقة تجارية بين المنطقتين.
محطة ماليزيا :
والمحطة الثالثة لخادم الحرمين الشريفين كانت في ماليزيا حيث تم توقيع اتفاقيات بين قطاعي الأعمال السعودي والماليزي بنحو 596 مليون دولار. فماليزيا اليوم تمثل إحدى أكثر الأسواق الناشئة تطوراً وتقدماً في العالم. ، وشعب ماليزيا شعب محب للمملكة خاصة المسلمين الذين يمثلون 60% من السكان ، ويقدرون المملكة كقلب العالم الإسلامي وبها الأماكن المقدسة قبلة المسلمين في أنحاء العالم ، وخلال الفترة الواقعة بين عامي 1991 و2003 تضاعف حجم التبادل التجاري بين المملكة وماليزيا أربعة أضعاف ليرتفع من 212 مليون دولار إلى 991 مليون دولار، وارتفعت صادرات ماليزيا إلى المملكة من 108 ملايين دولار إلى 408 ملايين دولار. وارتفعت واردات ماليزيا من المملكة من 104 ملايين دولار إلى 583 مليون دولار في الفترة نفسها.
محطة باكستان :
أما علاقات المملكة مع باكستان فلا تقل أهمية عن علاقاتها بالهند. فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين من 2.127 مليار دولار في عام 2004 إلى 2.832 مليار دولار في عام 2005، في حين بلغت تحويلات العمال الباكستانيين من المملكة خلال السنة المالية 2005 نحو 627.19 مليون دولار أمريكي. في حين بلغت تحويلات العمال الباكستانيين من السعودية خلال السنة المالية 2005 نحو 627.19 مليون دولار أمريكي . كما ترتبط كل من المملكة وباكستان بمعاهدات للتعاون في العديد من المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والعسكرية ومكافحة الإرهاب.
وإذا نظرنا إلى هذه الجولة الهامة سنجد أنها استهدفت في المقام الأول فتح مجالات جديدة للشراكة الاقتصادية والتجارية مع دول آسيا في فترة ما بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، خاصة أن الدول التي شملتها جولة خادم الحرمين الشريفين هي دول تمثل ثقلا كبيرا في الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر، فهي دول تحوي سوقا واسعة لأنها تضم ما يزيد عن 2,6 مليار نسمة أي أكثر من ثلث سكان العالم ، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأربع التي زارها خادم الحرمين الشريفين ، أكثر من 13 تريليون دولار سنويا وذلك بحساب الناتج المحلي الإجمالي حسب القدرة الشرائية بالسوق المحلي ،
استكمال مسيرة التوجه نحو الشرق
زار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام اليابان خلال الفترة من 7- 9 ربيع الأول 1427هـ الموافق 5- 7 إبريل 2006م ، وجاءت جولة سمو ولي العهد لتفتح الباب أمام قفزة عربية سعودية جديدة نحو الشرق ولتستكمل الدبلوماسية السعودية خطوات التوجه شرقا وفتح آفاق اقتصادية جديدة ، من خلال هذه الزيارة عالية المستوى لسمو ولي العهد لعدة دول آسيوية هي اليابان وسنغافورة وباكستان ، وكان سموه قد قام بجولة آسيوية في رجب 1421 هـ (أكتوبر 2000 ) شملت الصين وكازاخستان وماليزيا وكوريا الجنوبية بحث خلالها سبل تعزيز العلاقات والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية مع كبار المسئولين في هذه الدول فضلا عن تبادل وجهات النظر حيال القضايا العربية والإسلامية والدولية والمطروحة على الساحة ، وفي مقدمتها الاستقرار والأمن في منطقة الخليج ومسيرة السلام وآخر تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.
وإذا نظرنا إلى هذه الجولة الهامة لسمو ولي العهد سنجد أنها تستهدف في المقام الأول فتح مجالات جديدة للشراكة الاقتصادية والتجارية مع دول آسيا في فترة ما بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، خاصة الدول التي تهتم بها الدبلوماسية السعودية، فاليابان تربطها علاقات إستراتيجية مع المملكة ولها عمق تاريخي يمتد نصف قرن من العلاقات الدبلوماسية، كما أن هناك مصالح مشتركة إذ أن اليابان تعتمد على المملكة في تأمين حوالى ثلث احتياجاتها من الطاقة سنويا في حين أن اليابان تعتبر الشريك التجاري الثامن للمملكة. ومن المعروف أن اليابان تحتل مكانة اقتصادية كبيرة في العالم إذ أن اقتصادها هو الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة، وهذه الزيارة ستفتح فصلا جديدا وهاما في علاقات البلدين للخمسين عاما القادمة.
و أكملت زيارة سمو ولي العهد لسنغافورة، حلقة الدبلوماسية السعودية تجاه شبه جزيرة الملايو التي تضم ماليزيا وسنغافورة، فقد زار ماليزيا مؤخرا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، . وسنغافورة إحدى دول جنوب شرقي آسيا.. وهي من أهم الموانئ العالمية في هذه المنطقة.. وهى جمهورية صغيرة تتكون من جزيرة سنغافورة وبعض الجزر الأخرى ويبلغ عدد السكان نحو ثلاثة ملايين نسمة منهم نصف مليون نسمة من المسلمين. ورغم أنها دولة صغيرة من حيث مساحتها وعدد سكانها ، لكنها كبيرة من حيث إنجازاتها - خاصة في مجال التطور المعلوماتي. و نجحت سنغافورة في بناء صناعة إلكترونية وحاسوبية متقدمة بلغ حجمها أكثر من 15000 مليون دولار في عام 1993 . كذلك نجحت خططها التنموية وسياساتها التسويقية الجريئة في تحقيق فوائض كبيرة في موازينها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا . وخلال التسعينات بدأت سنغافورة مشروعاً وطنياً جديداً بعنوان “سنغافورة 2000: جزيرة ذكية” (Singapore 2000: A Smart Island) . وكنتيجة مباشرة لهذه المشاريع الوطنية نجحت الدولة في نشر استخدام الحاسوب بين جميع المؤسسات الكبيرة والمتوسطة ... وقد عرفت سنغافورة الإسلام في العصر النبوي الشريف عن طريق التجار العرب المسلمين.. الذين حملوا أخبار الدعوة الإسلامية إليها منذ ذلك الوقت المبكر.. حيث تكونت في المدن الساحلية أولى الجاليات المسلمة في القرن الهجري الأول.
الجولات العربية :
زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ابو ظبي لحضور قمة الملك فهد ، كمازار مصر . وكانت القضايا العربية وأمن واستقرار المنطقة هي الشغل الشاغل له في الزيارات العربية ويمكن تفصيل ذلك على النحو النالي :
“ قمة الملك فهد “
تلبية لدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، عقد المجلس الأعلى دورته السادسة والعشرين ، في مدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، يومي الأحد والاثنين 16 ـ 17 ذو القعدة 1426هـ الموافق 18 ـ 19 ديسمبر 2005م ، برئاسة الشيخ خليفه ، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى ، وقد كان حضور خادم الحرمين الشريفين تأكيدا على الأهمية التي يوليها المليك للعمل العربي المشترك ، ورؤية خادم الحرمين الشريفين له حيث أطلعت القمة على رسالة خادم الحرمين الشريفين ، بشأن تطوير قوات درع الجزيرة ، وبارك المجلس على تلك المقترحات وأحالها الى مجلس الدفاع المشترك لدراستها ورفع التوصيات للدورة القادمة للمجلس الأعلى . وأكد المجلس الأعلى مُجدداً على تمسك دوله بمبادرة السلام العربية، التي أُقرَّت في قمة بيروت عام 2002م، والتي تنطلق من قرارات الشرعية الدولية . وأكد التكامل بين هذه المبادرة وخارطة الطريق .
وقرر المجلس الأعلى عقد دورته السابعة والعشرين ، إن شاء الله ، في المملكة ، خلال شهر ذي القعدة من عام 1427هـ الموافق شهر ديسمبر 2006م ، وذلك تلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية .وفي 31/5/2006 عقدت قمة سعودية مصرية في شرم الشيخ في إطار التحرك من أجل حلحلة الجمود الذي يعتري المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
وفي 1/7/2006 استقبلت المملكة رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي في قصر «الخالدية» في جدة ، وتناولت المحادثات الرسمية بين الجانبين السعودي والعراقي الوضع في العراق .
ولم يكن غريبًا أن يتم اختيار الملك عبد الله الشخصية الخليجية الأولى لعام 2005 وفق استطلاع أجرته صحيفة البيان الإماراتية، أو أن تصفه صحيفة “الواشنطن تايمز” الأمريكية في مارس 2006 بأنه من أهم القادة العالميين اليوم.ولا شك أن ذلك لا يعود إلى الدور السعودي النشط عالميًّا فقط، لكنه يرجع بالأساس إلى ما يسعى إليه الملك عبد الله من تحقيق إنجازات داخلية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، ولنهج الملك عبد الله على المستوى الخارجي والداخلي؛ إذ قام بتوسيع السوق الاقتصادية؛ وهو ما جعل الاقتصاد السعودي محل استقطاب دول العالم الكبرى.وخاصة بعد أن صادق المجلس العمومي في منظمة التجارة العالمية في جلسته التي عقدت يوم الجمعة 11/11/2005 بجنيف على وثائق انضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة, وذلك بحضور الدول الأعضاء وعددهم148/ دولة / لتصبح المملكة العضو رقم 149, ولتصبح كاملة العضوية بعد شهر من ذلك اليوم.