-A +A
عارف العضيلة (بريدة)
عندما نتحدث عن ذكرى مبايعة المليك الانسان، فلا يمكن ان ننسى مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للاسكان التنموي، تلك القلعة التي تضيء بشموعها الخيرية قلوب المحتاجين والضعفاء وترسم على ملامحهم فرحة لا يشعر بها الا كل من حرم من العيش في سكن يليق بآدميته، أو تلاعبت به الايام وطردته الى رصيف الضياع والشقاء، ولا يحس بها الا كل من نال قسطا من عطاء هذه المؤسسة الخيرية التي انقذت عشرات الاسر كانت قاب قوسين او ادنى من حافة الهاوية.بين جنبات هذا الينبوع الصافي للعطاء نتوقف قليلا مع الدكتور يوسف العثيمين الامين العام لمؤسسة الملك عبدالله لوالديه لنرى كيف يحس مليكنا بشعبه الذي احبه وعاهده ان يخلص له دوما، ويبذل كل ما في جهده لتحقيق الرفاهية والرخاء.هنا وفي سطور لا تفي بكثير قدمه خادم الحرمين الشريفين لدينه وشعبه وأمته يروي لنا العثيمين سر هذا الحب والتلاحم الكبير بين حاكم شغله الشاغل رعاية الضعفاء والاخذ بيد محدودي الدخل والبسطاء وبين شعب يثق ولا يشك لحظة واحدة في كل خطوة يخطوها «أبو متعب» من اجل حياة كريمة لمجتمع صار حديث العالم من اقصاه الى اقصاه لما يجري فوق ارضه من نهضة شاملة في مختلف الميادين.. ورجل يحمل كل هذا القلب وتلك القدرة على العطاء بلا حدود ليس غريبا عليه ان يتبرع بملياري ريال لصالح مشاريع الاسكان التنموي وهو اكبر تبرع بتاريخ العمل الخيري السعودي كله.القائد الأبقلت للعثيمين كيف كانت بداية تأسيس المؤسسة خاصة ان مجال عملها جديد في العمل الخيري السعودي؟ فأجابني: لم تكن بداية تأسيس مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للاسكان التنموي غريبة على أولئك الذين يعرفون انسانية هذا القائد الأب، واحساسه المرهف بشعبه وبساطته المحببة لنفوسهم وقلبه الكبير الحاني عليهم ووقوفه الدائم على ظروفهم ومتابعته المستمرة لاحوال المواطنين وتلمسه لاحتياجاتهم، وبالذات اولئك الذين هم في امس الحاجة للمساعدة ويصعب عليهم الوصول لها بسبب ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.وبنظرة عابرة لاهداف المؤسسة السامية من خلال هدفها العام نراها تعبر وبشكل جلي عن هذا التوجه الانساني الحضاري في شخصية خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- لمساعدة الفئة المستهدفة من المواطنين الأشد حاجة في المجتمع السعودي ليكون في توفير المسكن لهذه الفئة قيمة عليا في التعامل مع الانسان الا وهو تفعيل قدرات الانسان السعودي ليصبح من الفئات المنتجة والقادرة على تنمية محيطه المحلي واكثر مقدرة على مسايرة ركب الحياة بطريقة فاعلة وفي مثل هذه التوجهات الخيرة للمؤسسة نرى بحق الجانب الانساني المضيء والمشرف لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله المتمثل باحساسه العميق بابناء شعبه ووقوفه الدائم معهم وسؤاله المتواصل عنهم ورغبته الاكيدة في ان يراهم مثالا للمواطن الصالح والمنتج عبر هذه المؤسسة الحضارية الوليدة التي وهبها حفظه الله من المال والاصول الشيء الكثير وبذلك يكون هذا اكبر تبرع فردي في تاريخ العمل الاجتماعي بالمملكة ولا شك ان هذا له دلالته الانسانية والحضارية في شخصية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أليس هو رعاه الله من اطلق على المملكة مملكة الانسانية.ماهي ابرز انجازات المؤسسة؟- لقد تم حتى الآن ولله الحمد تسليم «3» مشاريع اسكانية متكاملة:المشروع الاول في قرية «النباه» بمحافظة ينبع بمنطقة المدينة المنورة ويحتوي على 184 وحدة سكنية مع جميع المرافق والخدمات من المساجد والمدارس والمستوصفات والسفلتة والاضاءة. والثاني في قرية «الحسي» بمحافظة املج بمنطقة تبوك ويحتوي على 40 وحدة سكنية بجميع مرافقها وخدماتها، والثالث في قرية «الشبعان» بمحافظة املج بمنطقة تبوك ويحتوي على 48 وحدة سكنية بجميع مرافقها وخدماتها، اما المشروع الرابع والذي يتوقع وتسليمه في الاسابيع القادمة في قرية «الغالة» بمحافظة الليث بمنطقة مكة المكرمة بجميع مرافقه وخدماته، ويحتوي على 186 وحدة سكنية. وجاري العمل الآن على 7 مشاريع اسكانية يتوقع الانتهاء منها في الثلاثة اشهر القادم باذن الله هي قرية الطرف بمحافظة الاحساء بالمنطقة الشرقية وتحتوي على 384 وحدة سكني، وقرية الجرن بمحافظة الاحساء المنطقة الشرقية وتحتوي على 149 وحدة سكنية ثم قرية الغزالة بمحافظة الغزالة بمنطقة حائل وتحتوي على 254 وحدة سكنية.. وقرية الديحمة بمحافظة صامطة بمنطقة جازان وتحتوي على 372 وحدة سكنية وأخيرا قرى يبس بمحافظة المخواة بمنطقة الباحة وتحتوي على 135 وحدة سكنية مع المرافق والخدمات.وكما ذكرنا فان كل هذه المشروعات مدن صغيرة متكاملة تحتوي كل منها بالاضافة للخدمات الاساسية مساجد، مدارس ومراكز تدريب ومراكز صحية اولية ومراكز اجتماعية ثقافية، ومباني ادارية.البرامج المساندةاما فيما يخص البرامج التنموية المساندة لهذه المشروعات فهناك العديد من البرامج التنموية المختلفة التي صممت خصيصا لتناسب سكان كل مشروع ووفق احتياجاتهم الفعلية التي تهدف الى ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة التي تنشدها المؤسسة من اجل تمكين السكان الأشد حاجة في المجتمع ليصبحوا فئات منتجة وقادرة على المشاركةفي تنمية محيطها المحلي والمباشر كجزء من التنمية الشاملة في المجتمع السعودي ومن تلك البرامج الواعدة والطموحة التي تم البدء فيها فعلا مع السكان في المشاريع التي تم افتتاحها: برنامج تنمية الوعي بخدمات الاسكان والتأهيل للحياة الاسرية الجديدة، الجمعيات التعاونية، وبرنامج القروض الميسرة، بالاضافة الى الاسر المنتجة والبرنامج التدريبي للعاطلين عن العمل.واذا كانت المؤسسة قد اخذت على عاتقها دعم هذه البرامج التنموية وتفعيلها في كل مشروع مع السكان لتحقق اهدافها السامية، الا انها لم تغفل مؤسسات المجتمع المدني الاخرى ذات العلاقة فبدأت بالتعاون معها منذ البداية والاستفادة من خدماتها ومازال التواصل مستمرا ليساهم الجميع كل بدوره في دفع عجلة التنمية.نموذج للتفاعل المتواصلماذا عن خطة العمل المستقبلية؟- حينما جاءت المبادرة الخيرية السخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في انشاء مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للاسكان التنموي فقد جاءت تجسيدا واعلاء لقيم ومبادئ ديننا الاسلامي الحنيف ومثالا واضحا للتفاعل المتواصل بين القيادة الحكيمة للمملكة وشعبها وتعبيرا صادقا عن رعايتها الفائقة للفئات الاكثر حاجة لتنمية وتطوير اوضاعها وتكاملا مع الجهود التنموية لحكومة المملكة واسهامات مؤسساتها الخاصة واقتناعا راسخا بضرورة مشاركة جميع القوى الاجتماعية من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني، وجمعيات خيرية في توسيع قاعدة العون المقدم لفئات المجتمع من اصحاب المال واليسار والقلوب الرحيمة، لكي يستفيد هؤلاء المواطنون ايضا من الحصاد الوفير للتنمية في المملكة كما ونوعا، فينشط دورهم في المجتمع ويقدمون على المساهمة في التنمية بمقدار ما حصلوا عليه من منافع واكثر ومنذ اولى خطواتها فقد اختطت المؤسسة لنفسها منهجا مدروسا وعمليا يعتمد على التخطيط والبحث والتخصص ويأتي اعداد الخطة الاستراتيجية للسنوات العشر المقبلة تجسيدا لهذا المنهج العملي.الاهداف الاستراتيجيةوتشتمل الاهداف الاستراتيجية لخطة المؤسسة على ما يلي:1- توفير المساكن الملائمة للفئات الأكثر حاجة لذلك من خلال انشاء المجمعات الاسكانية في مناطق المملكة المختلفة.2- المحافظة على خصائص ومزايا المجتمعات والوحدات الاسكانية التي تشيدها المؤسسة من خلال ادارتها وصيانتها بفاعلية.3- مساعدة المستفيدين من خدمات اسكان المؤسسة على تحسين فرصهم في التوظيف أو تنمية مهنهم واعمالهم الخاصة من خلال تطوير مهاراتهم وقدراتهم مما سيؤدي الى رفع دخلهم.4- مساعدة أرباب المهن والحرف من المستفيدين من خدمات المؤسسة الاسكانية على تنمية انشاء وتطوير مشاريع صغيرة.5- العمل على توفير كافة الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها من الخدمات الضرورية لسكان المجمعات الاسكانية التي تقيمها المؤسسة.6- كسب الدعم لنشاط المؤسسة من خلال عرض تجربتها في الاسكان التنموي محلياً واقليمياً ودولياً.7- تشجيع ودعم انشاء مؤسسات مشابهة واقناع مؤسسات خيرية وتنموية اخرى بتوفير خدمات اسكان تنموي.8- تنمية موارد المؤسسة من خلال استثمار أصولها.وسيفضي تنفيذ الخطة الى حصار وفير من الانجازات بتوفيق من الله، ومن أهمها: تشييد (الآلاف) من الوحدات السكنية، ومساعدة القادرين على العمل من المستفيدين من خدمات المؤسسة بامكانية توظيفهم من خلال تزويدهم بالمهارات المناسبة، ومساعدة اصحاب المهن والحرف في المجتمعات الاسكانية على تطوير مهنهم وطرق واساليب عملهم، والمساهمة في انشاء وتطوير مؤسسات صغيرة من خلال تقديم قروض صغيرة وميسرة سكان المجمعات الاسكانية، وكذلك مساعدة الأسر في المجمعات الاسكانية على تأسيس وتطوير انشطة انتاجية منزلية، وتقديم الدعم الفني لاصحاب المؤسسات والحرفيين لتمكينهم من ادارة مؤسساتهم وتسويق منتجاتهم وخدماتها بفعالية، وتنمية الطاقات الانتاجيةومساعداتهم في تأسيس جمعيات تعاونية انتاجية واستهلاكية.التعاون مع الآخرينما هي أوجه التعاون بين المؤسسة وبين الهيئات والمؤسسات التي انشئت لاحقاً وتعنى بشؤون الاسكان؟- لا شك ان هناك تعاونا كبيرا بين المؤسسة والهيئات والمؤسسات التي أنشئت وتعنى بشؤون الاسكان الخيري، منها تبادل اللقاءات المشتركة، والزيارات الميدانية المتواصلة للطلاع عن كثب على طبيعة الخدمات التي تقدم من كافة الاطراف للاسكان الخيري والتنموي.. واخص بالذكر وكالة وزارة الشؤون الاجتماعية للاسكان الشعبي.هل لدى المؤسسة نية لاستحداث فروع لها بالمناطق لدراسة الحالات ومتابعة المشاريع التي تنشئها؟- ان المقر الرئيسي للأمانة العامة للمؤسسة هو في الرياض، ومن خلال الامانة العامة، فان المؤسسة لها فرقها العلمية والميدانية الخاصة المرتبطة بالامانة كما ان بالمؤسسة ادارات خاصة متنوعة منها ادارة المشاريع وادارة الدراسات والبحوث وادارة المستفيدين وادارة البرامج التنموية وغيرها ومن خلال هذه الادارات التي يُشرف عليها اساتذة أكاديميون فانها تخطط لمشاريعها وبرامجها وتشرف عليها وتتابعها أولاً بأول من خلال أكثر من قناة وبالنسبة للمشاريع المستلمة القائمة فعلاً، فهناك ادارة لكل مجمع اسكاني هي من تشرف وتتابع كل الجمعيات الاسكانية وتتلمس احتياجاتها، وتزود الامانة العامة بتقارير دوريه مستمرة كل حسب الادارة التي تخصها اما بالنسبة للمشروعات التي تُنفذ، فهناك مقاولون في المواقع ومشرفون متابعون من قبل المؤسسة، بالاضافة الى ان مستشاري المؤسسة العمرانيين والاجتماعيين على اتصال مباشر وزيارات ميدانية متواصلة للاطمئنان على حسن سير العمل كل حسب تخصصه وتذليل كل العقبات التي قد تؤخر أو تعوق سير العمل وكل هذه الاجراءات كما ترى لا تستدعي استحداث فروع بالمناطق في الوقت الحاضر.. ولكن اذا ظهرت حاجة لذلك في المستقبل، فان نظام المؤسسة يسمح بذلك.ونحب ان نذكر هنا انه وعلى الرغم من تعدد المؤسسات والجمعيات الخيرية في المملكة، تظل تلك المؤسسات قاصرة عن حل مشكلة الاسكان للمحتاجبين لاسباب وجيهة منها الامكانيات المادية لتلك المؤسسات وثانيا انه ليس كل تلك المؤسسات تركز على حل اشكالات الاسكان الخيري، فلها اهتمامات اخرى وأولويات في جداول اعمالها وان اتجهت الكثير من تلك الجمعيات في الفترة الخيرة لاخذ دور بارز في معالجة الفقر من خلال الاسكان بشكل او باخر ولكننا متفائلون مما نسمعه يوميا من صدور انظمة تساعد في حل مشكلة الفقر، من خلال الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، وهذا دليل على اهتمام القيادة بهذا الموضوع، وحرص منها على معالجته ومواجهته، فمجتمعنا ولله الحمد بخير.. ولعل اخر المبادرات الحكومية في هذا الشأن ما تم اعتماده من مبلغ (10) مليارات ريال للاسكان الشعبي في ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية.هل يوجد توجه لتكون مشاريع الاسكان الخيري ضمن مشاريع كل الجمعيات والمؤسسات؟- اعتقد ان ذلك سيكون فوق طاقتها وامكانيتها، فهي لديها اعباء كبيرة تثقل كاهلها ولاتقل اهمية عن مشاريع الاسكان، وهناك مشروعات اسكانية على قدر عال من الجودة والشمولية مثل البرامج التي تقدمها مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤسسة سلطان الخيرية، ومشروع الامير سلمان، ومشروع القصيم للاسكان التنموي، ومشروع الامير الوليد بن طلال، ومشروع الأمير فهد بن سلطان، ومشروع الأمير محمد بن ناصر وغير ذلك كثير.ذراع استثماريهل من الممكن ان يكون للمؤسسة ذراع استثماري لاسيما ان مشاريع المؤسسة تكلف مئات الملايين؟- من اللحظة الاولى التي شرعت فيها المؤسسة في التفكير بمشاريعها شرعت ايضا في تأسيس قناة استثمارية تمول المؤسسة لانها كانت تدرك تماما ان هذا العمل الخيري الانساني رغم دعمه المتناهي سوف ينضب يوما ما أو لايكفي لسد احتياجات مشاريع المؤسسة المتناثرة في كل بقعة على أرض هذه المملكة الطاهرة.ولعل مؤسس هذه المؤسسة بفكره الثاقب المستنير هو من فكر بذلك وبادر فيه بشكل عملي، ففي اللحظة التي تم فيه انشاء المؤسسة تبرع خادم الحرمين الشريفين رئيس المؤسسة بقطعة أرض كبيرة في المدينة المنورة تكون بمثابة رافد للمؤسسة لانجاز مشاريعها وضمان استمرار عملها بالاضافة الى اشياء اخرى.ناهيك ايضا عن ان نظام المؤسسة في مادته الثالثة عشرة يشير الى ذلك بما يتعلق بالموارد المالية للمؤسسة بما في ذلك المساعدات والمنح والتبرعات النقدية والعينية والعوائد الاستثمارية والدخل من مملتكات المؤسسة وايجارها من عقارات وخلافها والموارد الاخرى التي يقرر مجلس الأمناء اضافتها الى اموال المؤسسة.