أكد لـ «عكاظ» وزير الداخلية العراقي جواد البولاني أن المملكة خاضت تجربة رائدة ومميزة في لجم الإرهاب، واستئصال فلول القاعدة من خلال عمل أمني احترافي مؤسساتي، وقال في حديث هاتفي خص به «عكاظ» من تونس، لدى مشاركته في اجتماع وزراء الداخلية العرب الذي انطلقت أعماله أمس، إن دول العالم التي تعاني من الإرهاب يمكنها الاستفادة من تجربة الرياض المميزة.
وعن أمن الحدود، امتدح وزير الداخلية العراقي جهود المملكة وتعاونها وإحكامها السيطرة على الحدود، مؤكدا في السياق ذاته أن المملكة تتعامل مع العراق وفق رؤية وشراكة، الهدف منها مواجهة أي تحد أو تهديد، «وبصدق المملكة كانت ولا تزال لها مواقف رائدة في حفظ الحدود، وتبادل المعلومات، ما أدى إلى إحكام السيطرة على كامل الحدود».
ونفى البولاني ما زعمه مرشحون من وجود اختراق واضح في المؤسسة الأمنية، مؤكدا أن مثل هذه الشعارات أصبحت من الماضي، ولا أساس لها على الإطلاق، واعترف بوجود سجناء سعوديين في العرق، لكنه أكد أن مسألة الإفراج عنهم أو تسليمهم للمملكة شأن يخص المؤسسة العدلية في العراق.
ونبه الوزير العراقي إلى أن خطر الإرهاب والقاعدة لايزال يمثل هاجسا مقلقا للعراقيين، إذ لايزال العنف يضرب مفاصل العراق، مؤكدا أن الحكومة الجديدة التي ستتولى العراق في وقت لاحق قادرة على خلق توافق وطني، يؤدي إلى استقرار العراق وحفظ أمنه، مضيفا أن القضاء على الإرهاب يحتاج إلى عمل وقيادات مسؤولة وواعية وملتزمة، ونتوقع مستقبلا أفضل، عند اكتمال بناء الدولة والنظام السياسي.
• أسألك أولا .. عن مشاركة العراق في اجتماع وزراء الداخلية العرب، كيف تقرؤون المشاركة وأهميتها؟
ــ كما تعلم هذه المشاركة ليست الأولى، العراق حريص أن يشارك في كل الاجتماعات التي تساعده على حفظ أمنه بتعاون الجميع، وهذا الاجتماع مهم ومفيد، لأنه ينعقد في ظروف وتحديات تواجه العالم والمنطقة، ومجلس وزراء الداخلية العرب الذي يرأسه فخريا صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، حريص على مواكبة كل التحديات والتهديدات التي تعترض المنطقة، وهو يعطي فرصة حقيقية للوقوف على التحديات، وخلق فرصة للتفاهمات، والمجلس باستمرار لديه رؤى وتصورات جيدة حول طبيعة تطوير العمل الأمني المشترك، وتقديم التوصيات والاستراتيجيات والرؤى في مجالات كثيرة على المستوى العملي والتدريبي والبحثي، وغيرها من الأمور التي تهم الدول الأعضاء.
هجمات عنف
• شهد العراق في الفترة الأخيرة، أحداث عنف صاحبت العملية الانتخابية، ذهب ضحيتها الكثير من الأرواح والممتلكات، إلى أين يتجه العراق الآن؟
ــ وضع العراق الآن، أحسن بكثير مما كان عليه في السابق، بفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها الأمن العراقي، ويجب أن نشيد بشجاعة العراقيين في عملية التصويت الذي يعد تاريخيا، لقد أثبت العراقيون أنه على الرغم من الهجمات وشراسة الإرهاب، وما يخطط له الإرهابيون والمجرمون إلا أن العراقيين قادرون على قلب المعادلة والطاولة، أكثر من ستة آلاف مرشح تنافسوا على البرلمان، وأكثر من 50 ألف محطة انتخابية حمتها قوات الأمن العراقية، كما تم تأمين وحماية حركة الناخبين وتوجههم إلى صناديق الاقتراع، ومجمل مراحل العملية الانتخابية.
أمن العراق الآن أقوى بكثير عما كان عليه في السابق، صحيح هناك هجمات عنف وفي أحيان كثيرة تخلف خسائر كبيرة، المؤشرات تؤكد تقدم نسب محاربة الإرهاب بفضل كفاءة وقدرة وجهد أفراد وزارة الداخلية.
• ولكن هناك من يتحدث عن اختراقات في المؤسسة الأمنية، وعملها لصالح طائفة دون أخرى؟
ــ هذا الكلام قديم وأصبح من الماضي، المؤسسة الأمنية مختلفة وتطورت كثيرا، تم بناؤها بطريقة مهنية واحترافية، كما تم غرز المفاهيم الوطنية لتعزيزها، أؤكد لك وللجميع أننا لا نرتبط في عملنا بأية جهة سياسية، وأنا كوزير داخلية أفخر أننا خلال أربع سنوات فقط وصلنا لهذا المستوى من القوة والمهنية وبناء مؤسسات كانت منهارة تماما، المؤسسة الأمنية كبيرة، وفيها أعداد غير قليلة من العاملين، ثبت لنا بعض التجاوزات، ولكن لدينا جهودا لاستئصال كل الاختراقات، وعازمون وبكل حزم على مواجهة أي اختراقات من خلال محاربة الطائفية، نحن نؤكد للجميع أن التعامل مع أبناء شعب العراق يجب أن يكون بمستوى واحد، وهو ما نأمل أن نصل إليه.
• ولكن الإرهاب لا يزال يضرب مفاصل العراق؟
ــ لدينا مناطق خالية ومنزوعة من الإرهاب تماما، وبدأت مرحلة البناء والتنمية فيها بعد أن تم تطهيرها بالكامل، لدينا مناطق تحتاج إلى عمل كبير وكثير لمحاربة فلول الإرهاب، الواقع أن الإرهاب بدأ ينحسر، نتطلع أن ينعم العراق بالاستقرار لينحسر الإرهاب ولا سبيل إلى ذلك سوى بالتنمية والاستقرار في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يجب أن تكون عليه المرحلة المقبلة.
لجم الإرهاب
• هل تريد أن تقول إن الإرهاب لا يمكن لجمه بالأمن فقط، وما هي مسؤوليات الحكومة المقبلة؟
ــ هذا صحيح، والحكومة الوطنية، أو الحكومة العراقية المقبلة قادرة على خلق توافق وطني يؤدي إلى استقرار العراق وحفظ أمنه، كل هذه الأمور تحتاج إلى عمل وقيادات مسؤولة وواعية وملتزمة، ونتوقع مستقبلا أفضل، وبناء الدولة والنظام السياسي.
ميدانيا، هناك إنجازات مهمة على هذا الصعيد لمحاربة القاعدة، والحد من أنشطتها وعملياتها، والقاعدة والتهديد المباشر للمواطنين لا يزال يؤرقنا، بعض المجاميع المتبقية لديها قدرة على فعل شيء لكنها لن تقلق الدولة ولن تقوض المؤسسات والدولة، لدينا وعي كبير وعال بمخاطر القاعدة وعملها التدميري الإجرامي، ومستوى تفاعل المواطنين الآن وتعاونهم مع أجهزة الأمن لاستئصال الإرهاب يختلف عما كان عليه الأمر في السابق.
• دعني أسألك الآن، عن أمن الحدود، هناك اجتماعات لدول الجوار، وهناك شكوى عراقية من وجود تسلل عبر بعض الدول، ألا تزال الشكوى كما هي؟ وما هي رؤيتك لجهد المملكة في حفظ الحد الغربي للعراق؟
ــ نحن في العراق ومن أجل حفظ الأمن لا يمكن أن نعمل بمفردنا، نحتاج إلى جهد يساندنا من الجميع، الحدود بيننا وبين المملكة تنعم بتنسيق مشترك وعلى مستوى عال، وتنعم بعمل جدي ضد أي تهديد، العلاقة التي تربطنا بالمملكة مؤسسة على رؤية وشراكة، والهدف منها مواجهة أي تحد أو تهديد، المملكة وبصدق كانت ولاتزال لها مواقف رائد في حفظ الحدود وتبادل المعلومات بشأن إحكام السيطرة على كامل الحدود وهو ما خلق ثقة وتعاون.
أمن الحدود
• ولكن هناك دولا تتحدث عن وجود متسللين من العراق؟
ــ نحن في وزارة الداخلية نبذل جهدا كبيرا لإحكام السيطرة، وتم رصد مبلغ مليار و 700 مليون دولار لتطوير مؤسسات قوات الحدود وتأهيل البنية التحتية لوزارة الداخلية، نعتقد أن هذا الأمر وهذا التوجه سيساعدنا كثيرا.
السجناء العراقيون
• لا تزال السجون العراقية تحتجز بعض السعوديين المغرر بهم، البعض يتحدث عن عدم محاكمتهم والبعض يتعرض لمضايقات، هل لنا أن نتعرف على عدد السعوديين في السجون لديكم؟
ــ هذا الملف في يد وزارة العدل، وليس لدينا إحصائيات الآن.
• لماذا لا يتم تسليمهم للمملكة، لاسيما أن الرياض أفرجت عن بعض السجناء العراقيين؟
ــ هناك لجنة، وزارة الداخلية عضو فيها فقط، وهي التي تقرر ذلك.
• تشهد اليمن هذه الأيام، حملات أمنية مكثفة لاستئصال تواجد القاعدة هناك، أسألك عن قراءتكم عن جهد المملكة في محاربة القاعدة؟
ــ للمملكة العربية السعودية تجربة رائدة ومميزة في لجم الإرهاب، واستئصال فلول القاعدة وتواجدها، والقبض على عناصرها، نحن في العراق نعتبر هذه التجربة رائدة، وأثبتت كفاءتها وفق عمل مؤسساتي احترافي، وأعتقد أن دول العالم التي تعاني من الإرهاب يمكنها الاستفادة من هذه التجربة المميزة للرياض.
قاعدة اليمن
• بقي أن أسألك عن خطر تواجد القاعدة في اليمن على استقرار المنطقة، وخصوصا وجود قيادات التنظيم؟
ــ ما من شك أن وجود القاعدة في اليمن يمثل تحديا كبيرا للمنطقة، وبالتالي لابد من جهد مشترك لمواجهة هذا الخطر، نحن في العراق نرحب بكل جهد دولي إقليمي عربي يساعد في تضييق الخناق على هذه الظاهرة، الإرهاب والتطرف وثقافة العنف، تقع على عاتق جميع دول المنطقة، وبدون تعاون الجميع لن نتمكن من محاربة الإرهاب وظواهر العنف والتطرف، المنطقة لابد أن تعيش استقرارا وهدوءا.