-A +A
سيف محمد (الحائط) مفرح الرشيدي (حائل)
«ابا الصبان» .. تكاد تكون متحفاً اثرياً مكشوفاً تعود محتوياته من قلاع وحصون ونقوش ورسوم فنية الى ما قبل الميلاد نقل بواسطتها انسان تلك المنطقة ظروفه الحياتية والبيئية عبر العصور المختلفة للاجيال المتلاحقة، واجمع باحثون ومختصون ومحبون للتاريخ والتراث على اهمية حفظ ثروة الوطن الاثرية واستثمارها سياحياً، والتعريف بها لتربط الماضي بالحاضر وتعيد للمكان هويته.«ابا الصبان» احدى القرى التابعة لمنطقة حائل ولكن تظل صعوبة تضاريس الطريق المؤدية اليها حجر عثرة امام عجلة التنمية السياحية وجاء الاعلان عن قرب شق طريق الحائط - الحويط ليضع القرية على حافة زمن جديد خاصة وأنها تقع على بعد 7 كم فقط من هذا الطريق.


ذياب مسفر الرشيدي احد المهتمين بالاثار قال انها بلدة تاريخيةورد ذكرها في معجم البلدان واستوطن انسان ما قبل التاريخ بها وظهرت حضارته ودلَّ على وجوده بتلك «الخربشات» الفنية النادرة على الصخور البركانية وتعتبر اقدم نقوش العرب في المنطقة مضيفاً انه عثر على رسوم على الصخور لحيوانات من وعول وغزلان ذات قرون طويلة وقطعان الاغنام دلت على امتهان الرعي في تلك الحقبة الزمنية مشيراً الى ان بالقرية قلعتين اطلق عليهما قديماً محطات تجارية واستخدمت كمحميات عسكرية لحماية الطرق في اوقات متفاوتة ويبلغ سمك جدار الواحدة منها 1،5 متر وبنيت بأحجار كبيرة دون ان تمسها الات الصقل ولازالت تقاوم عوامل الطبيعة فيما تبلغ مساحة كل قلعة 35م*35م وتحتوي على 12 غرفة وصالات واستراحة للعربات والحيوانات ويوجد بأعلى القلاع حصون تسمى بالابراج يصل عددها الى 13 برجاً للجوء اليها وقت الطوارئ واستخدمت للمراقبة الدائمة.
جامعو الاثار
قادي سدلان الشمري بدأ جمع القطع الاثرية النادرة من وقت مبكر حتى كون مجموعته الخاصة التي تضم عدداً كبيراً من التراثيات ابرزها مصحف يعود عمره لاكثر من 300 عام وما يؤرقه ويقلق مضجعه عدم وجود مكان خاص لهواة التراث التي تعتبر احد الركائز السياحية الجاذبة واقترح ان يكون هناك مقر دائم في مبنى القشلة (ابرز ملامح المنطقة التراثية) ليلتقي جامعو التراث ومحبوه ويتم تبادل الخبرات في هذا المجال.اما صالح سعد التميمي صاحب متحف متنقل فقال اجمع التراث منذ 24 عاماً و طالب الجهات ذات العلاقة باحتضان هذه الهواية التي وصفها بالمقدسة عند الغرب مبدياً استغرابه من تجاهل الاثار في المناشط السياحية وعلق بقوله: تكتفي الجهات المنظمة للفعاليات العامة باعطائنا ركناً لعرض ما لدينا من قطع نادرة لها قيمتها التاريخية ونتحمل نحن التكلفة المادية الباهظة ويضيف: مثلت المملكة بمهرجان الجنادرية بجهودي الشخصية وناشد الالتفات لمثل هذه الامور بالتشجيع والتحضير وانشاء ناد لجمع الجهود الفردية المتناثرة ..


ماذا تريد «ابا الصبان»؟
رغم ما ضيها العريق واهميتها التاريخية وخصوبة تربتها كونها تقع على مسار وادي الرمة الشهير الا انها بحاجة الى ان يرى طريقها الوحيد (الحائط - الحويط) النور - على حد قول سالم مرزوق - كما انها تفتقر الى ؛ مركز رعاية اولية فيما لا تزال طرقاتها الداخلية واحياؤها مظلمة فضلاً عن الحاجة الى زيادة حصتها من سقيا المياه التي تجلب بالوايت واقامة مشروع مياه خاص بها اسوة بالقرى المجاورة لها ويطالب سالم وحدة الاثار بتفعيل دورها في المنطقة على الشكل الذي يواكدبالتطلعات بحفظ مكتسبات القرية الاثرية من الضياع والاندثار.
وينضم محمد عسكر الى سابقه مضيفاً ان «ابا الصبان» غنية بالادوات التقليدية الي اعتمد عليها الاسلاف في حياتهم اليومية كآواني الفخار وغيرها من العملات والملابس والاسلحة التي يعود تاريخ بعضها الى العصر اليوناني والروماني ما يستدعي جهات الاختصاص الى البحث والتنقيب عنها وقطع الطريق على المرتزقة ولصوص الاثار الذين ما ان يعثروا على شيء حتى يهربوه الى الخارج مقابل حفنة من المال.

آبار جاهلية
وتحتضن البلدة عدداً كبيراً من الابار الموغلة في القدم ويقول المزارع عيد عايض ان بها اباراً مبنية من الاحجار البركانية السوداء وتسمى «جاهلية» واشهر بئر طولها 23 م وعرض 2م ويعود تاريخها الى عشرات السنين مضيفاً ان ساكني البلدة السابقين اعتمدوا في عيشهم على زراعة التمور وعلى الدقيق والحنطة وقد تغنى الشعراء الجاهليون بعجوة «ابا الصبان» في اشعارهم.

حارس الآثار
ويقول سالم مرزوق الرشيدي حارس الاثار ان البلدة مسجلة ضمن المواقع الاثرية الهامة بمنطقة حائل وسوف يتم اعداد الدراسات اللازمة قريباً وقد تم ترسيمها وتحديدها من قبل وحدة الاثار بالمنطقة الجهة المعنية بحراستها ومراقبتها يومياً مضيفاً ان بعض اثار«الصبان» لازالت مجهولة رغم الجهود المبذولة ..