مكينة المشروبات الغازية تنتج علبا من المشروب الغازي، ومكينة اللبن تنتج علبا من اللبن، وهكذا فلكل مكينة منتج، ولكل مكينة علبة، وحين الانتقال من المشهد الصناعي إلى المشهد الواقعي والفكري والديني، فإن لنا أن نقول إن مكينة الخطاب الديني المتشدد تنتج متطرفين، ومكينة الخطاب الديني المتطرف تنتج إرهابيين، ومكينة الخطاب الديني الإرهابي تنتج انتحاريين ومفجرين.
إن من العبث وتضييع الجهد والتفريط في الزمن وعدم الجدية في التعامل مع الظواهر الخطيرة أن نبقى نراوح في ملاحقة العلب الضارة والمنتج السيئ وننسى المكينة التي تصنعه، وبمعنى آخر أن نشتغل بمعالجة العرض وننسى الجوهر، أن نلتهي بالفرع ونترك الأصل، وأن يلهينا العمل على ملاحقة المنتجات الضارة عن محاولة تغيير الماكينات المنتجة نفسها.
في الخطاب الديني فإن مكينة التشدد والتطرف والإرهاب لا تبدأ بالمفجر أو الانتحاري بل تنتهي به، فهو آخر ثمار السلسلة الإرهابية المقيتة، ولا يقول عاقل إن الحل يكمن في قطف الثمار بل الحل الحقيقي في قطع الشجرة ذاتها.
ربما أبانت الكلمات السابقة عن الفكرة بوضوح وصراحة متناهية، غير أن الواقع أكثر تعقيدا من وضوح الأفكار، والفكرة التي قد تبدو جلية وسهلة يقابلها عمل تنفيذي صعب ومضن، والفكرة الناضجة لا تعني قطافا دانيا، فثمة تعقيدات وتشابكات وقوى على الأرض ربما لا يحسن تجاوزها بقرار عشوائي.
لنكن أكثر وضوحا فالفعل التفجيري والإرهابي مسبوق بتنظير فكري وديني، سواء في كتب أم بحوث أم دراسات أم مقالات أم غيرها من وسائل القول والتأثير، ومسبوق أيضا بتجربة حركية تنظيمية عبر المدارس والمناهج وبعض المدرسين والمناشط اللاصفية في التعليم، ومسبوق بالمساجد ومكتباتها التي لا تخضع لرقابة حقيقية، ومسبوق بمنهج تتبعه بعض الجمعيات الخيرية التي تجمع المال وتتحكم في توزيعه لمن يتبعها ومنعه عمن يخالفها.
فالفعل التفجيري الإرهابي مسبوق دائما بخطوات تنظيرية يمثلها الفكر، وواقعية تمثلها القدرة على التنظيم والانتشار والتأثير، ومالية تمثلها القدرة على التحكم في حراك أموال التبرعات والصدقات والزكوات والهبات.
في مثل هذه العملية المعقدة يبقى للزمن دور أكبر في نشر هذه الثقافة أو تلك، وفي تراكم هذا الفكر أو ذاك، وما تم بناؤه في عقود لا يمكن هدمه في شهور أو سنيات معدودة، فالتكتيك لا يهزم الاستراتيجية، والعمل قصير النفس لا ينافس العمل طويل النفس، وردة الفعل لا تقارب الفعل في التأثير.
من هنا، فإن من الواضح أن الحركات الإسلامية التي تتبنى التشدد والتطرف والإرهاب وتصنعها هي الحركات التي يجب الحذر منها ومن خطابها ومن آلياتها الحركية في المجتمع ومن انتشارها وتأثيرها، فمثال حركات الإسلام السياسي بشتى أصنافها يتمثل في «الإخوان المسلمين» ومن في حكمها كـ«حزب التحرير» ونحوه، وحركات السلفية السياسية كالسرورية والقطبية ونحوها، وحركات السلفية الجهادية التي جعلت التطرف منهجا معلنا والإرهاب حلا مخلصا، ومن رحمها خرجت الحركات الإرهابية مثل القاعدة وحركات العنف الديني الإسلامي كافة.
عودا على بدء فإن مواجهة العلب عمادها الأمن السريع والفعال والتكتيكي، ومواجهة المكائن عمادها التفكير العميق والتخطيط الاستراتيجي والقرارات بعيدة المدى والتأثير، ومن هنا يظهر عمق الفرق بين محاربة المكينة ومحاربة العلبة، بين محاربة المنتج ومحاربة المنتج، بين الصانع والمصنوع بين التاجر والبضاعة بين اللاعب والكرة.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة
إن من العبث وتضييع الجهد والتفريط في الزمن وعدم الجدية في التعامل مع الظواهر الخطيرة أن نبقى نراوح في ملاحقة العلب الضارة والمنتج السيئ وننسى المكينة التي تصنعه، وبمعنى آخر أن نشتغل بمعالجة العرض وننسى الجوهر، أن نلتهي بالفرع ونترك الأصل، وأن يلهينا العمل على ملاحقة المنتجات الضارة عن محاولة تغيير الماكينات المنتجة نفسها.
في الخطاب الديني فإن مكينة التشدد والتطرف والإرهاب لا تبدأ بالمفجر أو الانتحاري بل تنتهي به، فهو آخر ثمار السلسلة الإرهابية المقيتة، ولا يقول عاقل إن الحل يكمن في قطف الثمار بل الحل الحقيقي في قطع الشجرة ذاتها.
ربما أبانت الكلمات السابقة عن الفكرة بوضوح وصراحة متناهية، غير أن الواقع أكثر تعقيدا من وضوح الأفكار، والفكرة التي قد تبدو جلية وسهلة يقابلها عمل تنفيذي صعب ومضن، والفكرة الناضجة لا تعني قطافا دانيا، فثمة تعقيدات وتشابكات وقوى على الأرض ربما لا يحسن تجاوزها بقرار عشوائي.
لنكن أكثر وضوحا فالفعل التفجيري والإرهابي مسبوق بتنظير فكري وديني، سواء في كتب أم بحوث أم دراسات أم مقالات أم غيرها من وسائل القول والتأثير، ومسبوق أيضا بتجربة حركية تنظيمية عبر المدارس والمناهج وبعض المدرسين والمناشط اللاصفية في التعليم، ومسبوق بالمساجد ومكتباتها التي لا تخضع لرقابة حقيقية، ومسبوق بمنهج تتبعه بعض الجمعيات الخيرية التي تجمع المال وتتحكم في توزيعه لمن يتبعها ومنعه عمن يخالفها.
فالفعل التفجيري الإرهابي مسبوق دائما بخطوات تنظيرية يمثلها الفكر، وواقعية تمثلها القدرة على التنظيم والانتشار والتأثير، ومالية تمثلها القدرة على التحكم في حراك أموال التبرعات والصدقات والزكوات والهبات.
في مثل هذه العملية المعقدة يبقى للزمن دور أكبر في نشر هذه الثقافة أو تلك، وفي تراكم هذا الفكر أو ذاك، وما تم بناؤه في عقود لا يمكن هدمه في شهور أو سنيات معدودة، فالتكتيك لا يهزم الاستراتيجية، والعمل قصير النفس لا ينافس العمل طويل النفس، وردة الفعل لا تقارب الفعل في التأثير.
من هنا، فإن من الواضح أن الحركات الإسلامية التي تتبنى التشدد والتطرف والإرهاب وتصنعها هي الحركات التي يجب الحذر منها ومن خطابها ومن آلياتها الحركية في المجتمع ومن انتشارها وتأثيرها، فمثال حركات الإسلام السياسي بشتى أصنافها يتمثل في «الإخوان المسلمين» ومن في حكمها كـ«حزب التحرير» ونحوه، وحركات السلفية السياسية كالسرورية والقطبية ونحوها، وحركات السلفية الجهادية التي جعلت التطرف منهجا معلنا والإرهاب حلا مخلصا، ومن رحمها خرجت الحركات الإرهابية مثل القاعدة وحركات العنف الديني الإسلامي كافة.
عودا على بدء فإن مواجهة العلب عمادها الأمن السريع والفعال والتكتيكي، ومواجهة المكائن عمادها التفكير العميق والتخطيط الاستراتيجي والقرارات بعيدة المدى والتأثير، ومن هنا يظهر عمق الفرق بين محاربة المكينة ومحاربة العلبة، بين محاربة المنتج ومحاربة المنتج، بين الصانع والمصنوع بين التاجر والبضاعة بين اللاعب والكرة.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة