-A +A
إبراهيم عبدالله مفتاح
لم تعد الكوارث مقتصرة على الطبيعة ــ كما هي سنة الله في هذا الكون ــ إذ تعود البشر على مواسم الأمطار ــ التي قد تكون كارثية في بعض الأحيان ــ ومواسم مفاجئة للعواصف الشديدة والأعاصير التي تهلك الحرث والنسل كما حدث في الإعصار الذي عرف بإعصار «كاترينا» الذي هب على إحدى الولايات الأمريكية ونجم عنه مقتل أكثر من ألف شخص ــ قبل سنوات قليلة ــ وخلف دمارا شديدا قدر بمليارات الدولارات ولم يكد ذلك الإعصار يتلاشى حتى تبعه إعصار «ريتا» في ولايتي «تكساس» و «لويزيانا» ووصف بأنه وصل إلى الدرجة الخامسة وأن سرعته اقتربت من ثلاثمائة متر في الساعة.. وكوارث بسبب فيضانات الأنهار والبحار كما حدث في «التسونامي» الذي اكتسح مناطق في شرق آسيا وأهلك «بصورة مفاجئة» الآلاف من الناس والمخلوقات الأخرى والممتلكات ومازالت بقايا مآسيه حتى الآن.. وليس آخر الكوارث ثورة بركان «آيسلندا» الذي دثر الأفق بسحب كثيفة من الدخان والغبار البركاني ونتج عنه توقف الملاحة الجوية ــ لعدة أيام ــ في عدد من دول أوروبا وبسببه تكبدت شركات الطيران خسائر جسيمة بالإضافة إلى الأضرار الصحية والبيئية وتوابع أخرى قد تصيب العالم كله بعد انتشار الرماد البركاني في الأجواء المحيطة بكرتنا الأرضية.
تلك كوارث طبيعية ــ على مستوى عالمي ــ ليس للإنسان ــ تقريبا ــ دخل في حدوثها.. ولكننا ــ نحن هنا ــ في هذه البلاد التي أفاء الله عليها بالخير ما ذنبنا فيما يستحق أن يطلق عليه «مواسم الجشع» التي تجتاح وطننا بين آونة وأخرى، فمرة تحدث أزمة ترتفع بسببها أسعار الدقيق وما تكاد تخبو أو تتلاشى حتى يبزغ شبح أزمة جديدة تفتعل عدم توفر الإسمنت في الأسواق وتلعب الأيدي الخفية في تصعيد السعر تصعيدا جنونيا تحت ضغط شح العرض وتزايد الطلب وتسيل دماء المواطنين «المادية» على جدران أبنيتهم ومنشآتهم بما في ذلك مشاريع الدولة التي تنمي بنية هذا الوطن.. ويتكرر هذا المسلسل ولكنه بصورة مغايرة ومختلفة فيختفي الحديد من الأسواق ويهرب إلى المزارع البعيدة والاستراحات ومستودعات التخزين ولا تقل أضرار اختفائه عن أضرار الأزمات السابقة المفتعلة.. وأخيرا ومن أعجب العجائب أن تحدث أزمة وقود في بلد الوقود، فهؤلاء مواطنو منطقة جازان ــ في نهاية الإجازة المدرسية وفي معاناة شح الرحلات الجوية وتأجيل هذه الرحلات وتكدس المئات من المسافرين أصحاب الظروف الملحة الخاصة ــ يعانون من عدم توفر «البنزين الأحمر» في محطات الوقود بهذه المنطقة إذ إن المحطات تتهم «أرامكو السعودية» بعدم إمدادها بالكميات المطلوبة وأرامكو السعودية تنفي وتقول ــ على لسان ممثلها ــ إنها مستمرة في إمداد العملاء حسب الاحتياجات المقررة.. السؤال المطروح على لسان المواطن: ألا يمكن معرفة الأصابع التي تحرك خيوط لعبة الجشع الكامنة وراء هذه الأزمات ؟.