لا أدري لماذا أجدني منساقا للحديث والكتابة عن زيارتي للبحرين، على أنني زرت معظم البلاد العربية والإسلامية وبلاد الخليج منها خاصة ورأيت في كل منها الوجه الإيجابي المشرق الذي أبحث عنه، وأرى أن الحديث حوله هو تطوير له وتخفيف من حدة اليأس والإحباط الذي يحكم نطاقه على قلوب بعض المصلحين.
وحتى البحرين زرتها مرارا وتكرارا، وقبل شهر كنت في مؤتمر للعمل الخيري تشرف عليه جمعية الأصالة وهي واحدة من جمعيات عدة كلها على خير، تتنافس في البناء وتتعاون على البر والتقوى وتتنوع اهتماماتها، ويقوم عليها رجال أكفاء أخيار، أعتز بصداقتهم ومحبتهم فيهم سلفيون وفيهم إخوان وفيهم مستقلون لكن ليس بينهم معارك طاحنة ولا خصومات فاجرة إنما هو الإخاء يحكم الموقف حتى مع الاختلاف.
ومن هنا التقط الخيط الجميل فهذا البلد بأنظمته المرنة واتساع نطاق العمل وتنوع الفرص يستوعب المناشط والأعمال والبرامج والمؤتمرات، ويسمح بإقامة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، حتى غدا ملاذا لكثير من الأعمال التي تجد ترحيبا هنا أكثر من أي مكان آخر.
وأذكر أننا كنا بصدد إقامة المؤتمر الأول للنصرة في أزمة الرسوم الدنمركية ووضعنا الخطط ورتبنا التفاصيل، وقوبلنا بصمت في أكثر من مكان ثم وجدنا البحرين تستقبل المؤتمر بحماس، ويحضر عميد الأسرة المالكة وشيخها صاحب الديانة والخلق الرفيع، الشيخ عبد الله بن خالد وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ويشارك في جميع جلسات المؤتمر.
وما أتيت البحرين إلا وجدته في طليعة المشاركين، والحاضرين في المحاضرات والدروس والمدشنين للأعمال الخيرة على رغم عمره المديد الذي جاوز الثمانين .
إن هذا المناخ الجميل من الحريات المدنية التي تشجع على العمل وتستوعب الطاقات وتحرك الاقتصاد لهو من أعظم الميزات التي يمكن تطويرها وتوسيع إطارها لتكوين البيئة الجاذبة للاستثمار والإنجاز والفعل الحضاري المثمر.
هذه المرة كانت زيارتي استجابة لدعوة كريمة من جائزة الابن البار والبنت البارة التي يشرف عليها الشيخ خليفة بن علي آل خليفة بدعم وتشجيع وإسناد من والده الكريم الشيخ علي بن خليفة نائب رئيس الوزراء، وصاحب التواصل الاجتماعي والروح القريبة من الناس، وبطبيعة الحال فالأم هنا هي المدرسة الأولى التي تلقن مبادئ الأخلاق وأسس التربية وتضع أقدام ولدها على الطريق الصحيح وتسد غيبة الأب وانشغالاته.
أعجبتني هذه الروح العائلية التي تحكم العلاقة بين الناس هنا، فالصغار لهم وجود واعتبار في مجلس الكبار، وكلمة «مجالسنا مدارسنا» هي عبارة يرددها الكبير والصغير، العلاقة يحكمها التواضع والبساطة والثقة.
والمسابقة مبادرة تشجع التواصل بين الأجيال، وتذكر الناشئة بحق الوالدين، في وقت تكثر فيه الصوارف والدواعي للإعراض والانشغال من الأبناء أو من الآباء، فالأبناء مشغولون بالرياضة والإنترنت والفضائيات والسفر والصداقة..
والآباء منهمكون بالعمل والوظيفة وتدبير المعيشة وصعوبات الحياة.
جهد يستحضر هذا الواقع ويحفز البنات والأبناء على كتابة قصة أو قصيدة أو عبارة جميلة أو إعداد بحث أو حتى لقطة تصويرية تدور حول إحياء معنى الحب والبر والوفاء .. فهو جهد مقدر مشكور يصب في امتثال قوله سبحانه وتعالى : (ووصينا الإنسان بوالديه) (العنكبوت: من الآية8).
أعجبني في البحرين خلق أهلها المتميز، الصفاء والسماحة والعطف، يقول لي أحد الإخوة : لعلك رأيت جزءا من الحقيقة.
وأقول : (وما شهِدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين) (يوسف: من الآية81)، ولا أزعم أنني خالطت أهل البحرين جميعا، وأعلم أن في كل بلد استثناء، بيد أن الذين لقيتهم على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم ومستوياتهم العمرية والوظيفية ومسؤولياتهم وثقافتهم وعبر زيارات متعددة وجلسات منتظمة، بدءا من كبار رجالاتها كرئيس الوزراء الذي جلست إليه وقرأت الصفاء والحب في عباراته وحديثه وتجاربه الشخصية وانتهاء بسائق السيارة الشاب (إبراهيم) الذي صحبني طيلة الرحلة ومرورا بنخبة ممتازة من الرجال الأكفاء أصحاب الوجوه المبتسمة والنفوس الأريحية والحماس للعمل والتفاني كنت معهم على اتصال مستمر طيلة الوقت، وأخجلني ما رأيت منهم من البذل والتقدير الذي ينم عن طيب معدنهم .. كل ذلك يجعلني أقول إن الطيبة والتسامح والصفاء صفة مميزة لهم ولأمثالهم من أبناء هذا الشعب العريق.
يتفاوت أهل البحرين ثقافيا ومعرفيا، ولديهم الأحزاب والتيارات والفرق والجماعات لكنها تتعايش جنبا إلى جنب وتتحاور وتتجادل وتختلف وتتفق، تتفق على مسلمات ضرورية شرعية إن كان انتماؤها شرعيا، وتتفق على مصالح عليا للوطن وأهله في سياسته وأمنه واقتصاده وحاضره ومستقبله إن كانت انتماؤها وراء ذلك.
ويظل التعايش مع الاختلاف سيد الموقف، وأرى أن حالات محدودة من العنف المدعوم المؤدلج لا تعكر صفو هذه الصورة، فلكل قاعدة استثناء، وهي حالة عابرة وتزول ويظل الأصل القائم المستقر أقوى من العوارض الطارئة.
رأيت فيكم جمال الطبع يلهمه
بحر مدى الدهر بالأمواج يصطفق
تنوع ذاب في ميثاق ملحمة
من التلاحم فالدنيا له أفق
إنا وأنتم على الأيام يجمعنا
الدين والأرض والتاريخ والخلق
مستقبل مشرق نرنو لمقدمه
نسير فيه على منوال من سبقوا
مجددين فهذا العصر يحفزنا
للعلم، والناس في الإبداع تتفق
هذا «العلاء» ينادي للعلا قدما
وروحه بيننا يجلو بها الغسق
فتاتنا انطلقي للمجد واثقة
فإنما يصنع الأمجاد من وثقوا
ويا فتى خض غمار البحث معتصما
حتى تلاقى على إنجازك الحدق
شكرا لأهل البحرين وسادته وكباره وصغاره، وحفظ الله أمن البحرين وإيمانها وجمع أهلها على الخير وسائر بلاد المسلمين.
وحتى البحرين زرتها مرارا وتكرارا، وقبل شهر كنت في مؤتمر للعمل الخيري تشرف عليه جمعية الأصالة وهي واحدة من جمعيات عدة كلها على خير، تتنافس في البناء وتتعاون على البر والتقوى وتتنوع اهتماماتها، ويقوم عليها رجال أكفاء أخيار، أعتز بصداقتهم ومحبتهم فيهم سلفيون وفيهم إخوان وفيهم مستقلون لكن ليس بينهم معارك طاحنة ولا خصومات فاجرة إنما هو الإخاء يحكم الموقف حتى مع الاختلاف.
ومن هنا التقط الخيط الجميل فهذا البلد بأنظمته المرنة واتساع نطاق العمل وتنوع الفرص يستوعب المناشط والأعمال والبرامج والمؤتمرات، ويسمح بإقامة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، حتى غدا ملاذا لكثير من الأعمال التي تجد ترحيبا هنا أكثر من أي مكان آخر.
وأذكر أننا كنا بصدد إقامة المؤتمر الأول للنصرة في أزمة الرسوم الدنمركية ووضعنا الخطط ورتبنا التفاصيل، وقوبلنا بصمت في أكثر من مكان ثم وجدنا البحرين تستقبل المؤتمر بحماس، ويحضر عميد الأسرة المالكة وشيخها صاحب الديانة والخلق الرفيع، الشيخ عبد الله بن خالد وهو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ويشارك في جميع جلسات المؤتمر.
وما أتيت البحرين إلا وجدته في طليعة المشاركين، والحاضرين في المحاضرات والدروس والمدشنين للأعمال الخيرة على رغم عمره المديد الذي جاوز الثمانين .
إن هذا المناخ الجميل من الحريات المدنية التي تشجع على العمل وتستوعب الطاقات وتحرك الاقتصاد لهو من أعظم الميزات التي يمكن تطويرها وتوسيع إطارها لتكوين البيئة الجاذبة للاستثمار والإنجاز والفعل الحضاري المثمر.
هذه المرة كانت زيارتي استجابة لدعوة كريمة من جائزة الابن البار والبنت البارة التي يشرف عليها الشيخ خليفة بن علي آل خليفة بدعم وتشجيع وإسناد من والده الكريم الشيخ علي بن خليفة نائب رئيس الوزراء، وصاحب التواصل الاجتماعي والروح القريبة من الناس، وبطبيعة الحال فالأم هنا هي المدرسة الأولى التي تلقن مبادئ الأخلاق وأسس التربية وتضع أقدام ولدها على الطريق الصحيح وتسد غيبة الأب وانشغالاته.
أعجبتني هذه الروح العائلية التي تحكم العلاقة بين الناس هنا، فالصغار لهم وجود واعتبار في مجلس الكبار، وكلمة «مجالسنا مدارسنا» هي عبارة يرددها الكبير والصغير، العلاقة يحكمها التواضع والبساطة والثقة.
والمسابقة مبادرة تشجع التواصل بين الأجيال، وتذكر الناشئة بحق الوالدين، في وقت تكثر فيه الصوارف والدواعي للإعراض والانشغال من الأبناء أو من الآباء، فالأبناء مشغولون بالرياضة والإنترنت والفضائيات والسفر والصداقة..
والآباء منهمكون بالعمل والوظيفة وتدبير المعيشة وصعوبات الحياة.
جهد يستحضر هذا الواقع ويحفز البنات والأبناء على كتابة قصة أو قصيدة أو عبارة جميلة أو إعداد بحث أو حتى لقطة تصويرية تدور حول إحياء معنى الحب والبر والوفاء .. فهو جهد مقدر مشكور يصب في امتثال قوله سبحانه وتعالى : (ووصينا الإنسان بوالديه) (العنكبوت: من الآية8).
أعجبني في البحرين خلق أهلها المتميز، الصفاء والسماحة والعطف، يقول لي أحد الإخوة : لعلك رأيت جزءا من الحقيقة.
وأقول : (وما شهِدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين) (يوسف: من الآية81)، ولا أزعم أنني خالطت أهل البحرين جميعا، وأعلم أن في كل بلد استثناء، بيد أن الذين لقيتهم على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم ومستوياتهم العمرية والوظيفية ومسؤولياتهم وثقافتهم وعبر زيارات متعددة وجلسات منتظمة، بدءا من كبار رجالاتها كرئيس الوزراء الذي جلست إليه وقرأت الصفاء والحب في عباراته وحديثه وتجاربه الشخصية وانتهاء بسائق السيارة الشاب (إبراهيم) الذي صحبني طيلة الرحلة ومرورا بنخبة ممتازة من الرجال الأكفاء أصحاب الوجوه المبتسمة والنفوس الأريحية والحماس للعمل والتفاني كنت معهم على اتصال مستمر طيلة الوقت، وأخجلني ما رأيت منهم من البذل والتقدير الذي ينم عن طيب معدنهم .. كل ذلك يجعلني أقول إن الطيبة والتسامح والصفاء صفة مميزة لهم ولأمثالهم من أبناء هذا الشعب العريق.
يتفاوت أهل البحرين ثقافيا ومعرفيا، ولديهم الأحزاب والتيارات والفرق والجماعات لكنها تتعايش جنبا إلى جنب وتتحاور وتتجادل وتختلف وتتفق، تتفق على مسلمات ضرورية شرعية إن كان انتماؤها شرعيا، وتتفق على مصالح عليا للوطن وأهله في سياسته وأمنه واقتصاده وحاضره ومستقبله إن كانت انتماؤها وراء ذلك.
ويظل التعايش مع الاختلاف سيد الموقف، وأرى أن حالات محدودة من العنف المدعوم المؤدلج لا تعكر صفو هذه الصورة، فلكل قاعدة استثناء، وهي حالة عابرة وتزول ويظل الأصل القائم المستقر أقوى من العوارض الطارئة.
رأيت فيكم جمال الطبع يلهمه
بحر مدى الدهر بالأمواج يصطفق
تنوع ذاب في ميثاق ملحمة
من التلاحم فالدنيا له أفق
إنا وأنتم على الأيام يجمعنا
الدين والأرض والتاريخ والخلق
مستقبل مشرق نرنو لمقدمه
نسير فيه على منوال من سبقوا
مجددين فهذا العصر يحفزنا
للعلم، والناس في الإبداع تتفق
هذا «العلاء» ينادي للعلا قدما
وروحه بيننا يجلو بها الغسق
فتاتنا انطلقي للمجد واثقة
فإنما يصنع الأمجاد من وثقوا
ويا فتى خض غمار البحث معتصما
حتى تلاقى على إنجازك الحدق
شكرا لأهل البحرين وسادته وكباره وصغاره، وحفظ الله أمن البحرين وإيمانها وجمع أهلها على الخير وسائر بلاد المسلمين.