قضى طفلان وأصيب خمسة آخرون في حادثة انهيار عمارة سكنية في حي الصحيفة جنوبي جدة البارحة، حيث لاتزال أسباب حدوث الانهيار مجهولة حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
وفوجئ سكان الصحيفة قبل صلاة العشاء بدوي قوي أعقبه سحب من الدخان الأبيض تتعالى لتحجب الرؤية لمسافة كبيرة، إذ هرع على إثرها عشرات السكان إلى موقع الصوت وكانت الفاجعة انهيار مبنى مكون من ثلاثة أدوار يحتضن ساعة انهياره أسرا أفريقية.
وباشرت سبع فرق من الدفاع المدني الحادثة للبحث عن الضحايا تحت الركام، وعانى أفراد المديرية في الوصول للموقع بآلياتهم بسبب ضيق الشوارع المؤدية إلى الحي، وبسبب الكثافة البشرية في الحي الذي يتردد عليه العديد من المواطنين والوافدين، وبالأخص من الجنسية اليمنية، يوم الجمعة لشراء بعض الحاجيات التي تختص محال الصحيفة التجارية ببيعها.
وانطلقت عمليات الإنقاذ والبحث في الموقع بمتابعة مدير الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة اللواء عادل زمزمي، وبقيادة ميدانية من مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبد الله الجداوي الذي عمل على تقسيم الفرق ومسرح الحادث إلى عدة مربعات بحثا عن المحتجزين تحت الأنقاض.
ونجحت فرق الدفاع المدني في إنقاذ سيدة كانت على قيد الحياة من تحت الركام، وتبين أن المؤشر الأولي لحالتها الصحية بأنها جيدة، وتم نقلها إلى مستشفى الملك عبد العزيز.
وأدت الحادثة إلى إعلان حالة الإنذار الطبي في كافة المراكز الصحية في المحافظة، وتطويق الجهات الأمنية للموقع على مساحة ثلاثة كيلو مترات، حيث منعت السيارات من دخول الموقع بواسطة المرور، ومساندة شرطة الكندرة.
وأوضح لـ «عكاظ» الناطق الإعلامي للدفاع المدني في مكة المكرمة النقيب عبد الله العمري أن فرق الرصد والبحث زودت بأجهزة تنصت للكشف عن المتحجزين الأحياء تحت أنقاض المبنى، مشيرا إلى أنه لم يتم التثبت بعد من عدد السكان الذين كانوا داخل المبنى لحظة انهياره.
وألمح العمري إلى إمكانية إخلاء المنازل المجاورة للمبنى خوفا من تضررها بفعل الانهيار، مبينا أن المصابين هم امرأتان وثلاثة أطفال.
وأفاد الناطق الإعلامي بأن فرق البحث لاتزال مستمرة في الموقع بإشراف مدير شعبة العمليات العقيد عبد الله الجعيد، فيما انطلق فريق التحقيق في معاينة الموقع بقيادة رئيس قسم التحقيقات المقدم عبد الله الزهراني.
من جهته، بين لـ «عكاظ» مدير مستشفى الثغر الدكتور محمد الجبير أنه تم إسعاف خمسة محتجزين ورجل من الدفاع المدني أصيب بحالة إجهاد، موضحا أن ثلاث فرق إسعاف من صحة جدة وست فرق من الهلال الأحمر تتولى عملية نقل المصابين.
وأشار باجبير إلى إنشاء منطقة فرز للضحايا الذين يتم انتشالهم، وتزويد فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني بأنابيب أكسجين بعد رصد أجهزة السونار أصوات محتجزين تحت الأنقاض «لذا تم مد عبوات الأكسجين من فرق الإنقاذ إلى المحتجزين تحت الركام».
والتقت «عكاظ» شخصا يدعى علي إسحاق يقطن في شقة في الدور الثاني من المبنى ونجا برفقة أسرته من الحادثة.
وأشار لـ «عكاظ» شهود العيان إلى أنهم سمعوا صوت دوي مكتوم أعقبه انهيارات متتالية في المبنى قبل أن تختفي جميع أدواره بحيث لم يتبق منه إلا جزء بسيط لكنه يعد خطرا محدقا برجال الإنقاذ لاحتمال سقوطه أثناء بحثهم.
وجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة الجهات المعنية في حادثة انهيار مبنى مأهول بالسكان في حي الصحيفة جنوبي جدة البارحة، بتسخير وتذليل كافة العقبات أمام فرق الإنقاذ العاملة في انتشال الضحايا من تحت الركام.
وعلمت «عكاظ» أن الأمير خالد الفيصل يتابع عمليات الإنقاذ عبر التواصل الهاتفي أولا بأول، ولمعرفة المسببات التي أدت إلى انهيار المبنى.
وشكل فريق برئاسة مدير الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة اللواء عادل زمزمي، ويضم مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي، ومدير الشؤون الصحية في جدة، وعضوية مدير الطوارئ والسلامة في صحة جدة الدكتور محمد باجبير، ومدير بلدية البلد الفرعية.
أصيب النقيب مراد سالم الغامدي أحد ضباط الدفاع المدني أثناء مشاركته في إنقاذ المحتجزين تحت أنقاض المبنى المنهار في حي الصحيفة.
وأوضح مصدر طبي أن إصابة النقيب الغامدي عبارة عن شرخ في الرأس إلى جانب حالة إغماء شديدة، كما تعرض أحد جنود الدفاع المدني لحالة من الإجهاد عولج في موقع الحدث.
من جانبه قال الدكتور محمد باجبير إن صحة جدة أعدت خطة طوارئ في منطقة الحدث، وتم وضع نقطة فرز الفحص للأشخاص الذين يتم استخراجهم من تحت أنقاض المبنى المنهار في خطوة للتأكد من حالتهم الصحية قبل نقلهم بسيارة الإسعاف، كما تم تخصيص وتهيئة أحد المستشفيات القريبة لاستقبال المصابين والمتوفين.
بالنسبة للحضارم فحي الصحيفة جنوبي جدة، الذي شهد انهيار مبنى مأهول بالسكان البارحة، يعد مركزا في يوم إجازاتهم لشرب الشاي العدني (يخلط بالحليب والقرفة). وبالمقابل يعتبره الصوماليون مرتعا لممارسة الاستغلال عبر السوق المكنى بجنسيتهم «سوق الصوماليين» وبإمكانك أن تجد هناك إثباتات الهوية المفقودة.
العشوائية تضرب الحي القديم بكل أشكالها، فالمباني متلاصقة وقديمة ومتهالكة، والطرق ضيقة بحيث
لايتسع الطريق إلا لسيارة واحدة، إضافة إلى انتشار العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة والعمل المنتشرة في أرجائها لتوزيع بضائع ممنوعة، أبرزها المعالجات الجنسية.
لكنه في الوقت نفسه يجمع تشكيلة من المحال التجارية المتخصصة في بيع السلع القديمة والمتصلة بالتراث سواء كانت مطاعم متنوعة الثقافات، أو دكاكين بيع التبغ والنحاس والعسل.
ويعد حي الصحيفة الشريان الرئيس المؤدي إلى وسط البلد للقادمين من الأحياء الجنوبية، حيث بإمكانك السير من سوق باب مكة الواقع في منتصفه حتى تصل إلى طريق الملك عبد العزيز الحاضن لأسواق شهيرة في عروس البحر الأحمر كسوق المحمل، وعمارة الملكة.