من سوء حظي أنني مضطر أن أبعث بمادة هذه الزاوية، قبيل نزال ديربي الرياض، الذي لم يبق فيه للنصراويين إلا مطاردة الحلم الذي يلوح لهم خلف الضباب؛ لذلك عندما تصافح مفردتي صباح القارىء الكريم يكون الهلال قد ذهب للنهائي، ما لم يكن النصر قد فعل المعجزة التي تزور أحلام عشاقه في لحظات إلغاء معطيات الواقع، بينما هي في الحقيقة تمارس معهم لعبة الأحلام العدمية من خلف أفق المستحيل.
هدم بوابة التشكيلة الصفراء، التي أصبح الدخول إليها والخروج منها يثير الكثير من الأسئلة، وسوء التخطيط للموسم، وقلة الحيلة في حلول المشكلات، كلها جعلت النصر يلعب بلا منهجية يمكن معها توقع نتيجة مباراة البارحة، التي دخلها النصر وهو ما زال يجرب في تشكيلة خط الدفاع، وما زال لم يعرف ذاته التي تتجلى كلما اعتمد الهجوم الضاغط، ولكنه يعود للانكفاء والتراجع في ملعبه وكأن هناك قوى خفية تقول له: العب على طريقة الفرق الصغيرة، بينما جميع مباريات الموسم وآخرها المباراة السابقة أمام الهلال، كلها تؤكد أن النصر يصبح أقرب للنصر عندما يلعب بلا وصايا الخائفين.
إن كان النصر دخل مباراة البارحة ولاعبوه يعدون الثواني ويحسبون فارق الأهداف، وهذا هو المتوقع، فستكون المسارات قد أخذتهم إلى الانكسار المبكر، أما إن كانوا دخلوها بذاكرة بيضاء لا وجود فيها لأهداف الهلال الخمسة، فقد يكون النصر قد حقق الفوز، ولكني أشك أن مرماه لم يستقبل أهدافا زرقاء، وهو الذي استقبل اثني عشر هدفا في آخر ثلاث مباريات؛ نتيجة قناعات هشة في تركيبة خط الدفاع، وفي تشكيلته من مباراة لأخرى!
قد يكون النصر أقفل، مساء البارحة، ملف هذا الموسم بإحرازه المركز الثالث، وعجزه عن الوصول لكل النهائيات، وهذه المحصلة تعتبر مقبولة في السنة الأولى لرئيسه الشاب، الذي أتوقع أنه أدرك أن إدارته كانت عبئا عليه في الاستشارات والتصورات وحلول المشكلات، وزادت على كل هذه المعيقات عجزها في وقف التدخلات الشرفية، التي نشطت في نهاية الموسم من قبل أسماء شرفية لا تؤمن بكل المشروع الذي جاء بالأمير الشاب لكرسي الرئاسة؛ لذلك على كحيلان النصر أن يستعين بالقوي الأمين، قبل أن يصل المد المهيمن لكرسيه.
الموسم المقبل، سيشارك النصر في دوري أبطال آسيا، ودخوله هذا الدوري الصعب بذات الحالة التي كان عليها النصر في هذا الموسم، فنيا و إداريا وشرفيا وماليا، لا يعني إلا الخروج المر من دوري المجموعات، وضياع الحلم الذي انتظرته جماهير الشمس عقدا من الزمن، ولا أظن أن هذه التصورات غائبة عن أمير النصر المتطلع لإعادة أمجاد نصره؛ لذلك أتوقع أنه سيدخل لـ (بوابة الصيف) بتغييرٍ شامل يضمن له مصادر قوة.. تعينه على الدخول في منافسات آسيا القوية.