-A +A
إبراهيم عبدالله مفتاح
أبدأ زاويتي اليوم بهذه المعلومة: «الزلفي» بلدة الدكتور محمد الرشيد ــ وزير التربية والتعليم السابق ــ و «المجمعة» بلدة الدكتور حمود البدر ــ نائب رئيس مجلس الشورى ــ، والأمر الذي دعاني إلى إيراد هذه المعلومة هو ذلك اللقاء الذي أجراه الصحافي بدر الغانمي في عدد من أعداد «عكاظ الأسبوعية» ــ كما هي عادته كل يوم جمعة في لقاءاته مع بعض الأعلام البارزين من أمثال الناقد الدكتور عبدالله الغذامي والكاتب عابد خزندار والموسيقي غازي علي والمذيعين السابقين زهير الأيوبي وماجد الشبل ــ .. واللقاء الذي أتكئ على جزئية منه كان مع الدكتور محمد الرشيد، هذه الجزئية تتمثل في سؤال وجهه الغانمي إليه، صياغته التقريبية : ما سر التناكف الدائم بينك وبين الدكتور حمود البدر؟، وكانت إجابة الدكتور الرشيد ــ ممزوجة بشيء من الدعابة ــ: كنا أنا والدكتور البدر في لجنة اختبار لمتقدمين لبعض الوظائف عندما سألت المتقدم عن المجمعة، فأجاب: إنها قرية من قرى الزلفي، وما كاد الدكتور البدر يسمعه حتى قال له: قم أنت راسب .. وما كان مني ــ أنا ــ إلا أن قلت له: اجلس أنت ناجح .. بمعنى أن كلا منهما قد انحاز إلى بلدته ولم يشر الدكتور الرشيد إلى مصير ذلك المتقدم إن كان قد نجح أو رسب. هذا اللقاء أو هذه النكتة ذكرتني بما يعانيه المتقدمون للوظائف التعليمية في ما يسمونه «اختبار القياس»، الذي تقوم بصياغة أسئلته ــ ربما بطريقة مرتجلة ــ مجموعة من الأشخاص من المؤكد أنهم مختلفو المشارب والتوجهات والآراء، وهذه الأسئلة ــ كما يقول المتقدمون ــ تتعلق بالسؤال عن آرائهم في سماع الموسيقى وقيادة المرأة للسيارة وقضية الحجاب والنقاب، وهذه كلها مسائل خلافية بين العلماء والفقهاء وطبقات المجتمع ولا يبدو في الأفق ــ في الوقت الحاضر على الأقل ــ مؤشر للوصول إلى اتفاق حولها، بل إن قضية النقاب قد تجاوزت مجتمعنا إلى بلدان عربية مثل مصر وبعض البلدان الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا وغيرهما. إذن ما ذنب المتقدم حين يمثل بين فريقين أو أكثر بعضهم مؤيدون ــ لهذه القضايا ــ وبعضهم معارضون لها .. بعضهم يرون أن هذا المتقدم يستحق النجاح وبعضهم يرون أنه لا يستحق، وهل ستكون إجابات المتقدمين تعبر عن آرائهم الحقيقية خاصة وأنهم قد عرفوا الهدف من وراء تلك الأسئلة؟. إنه من الصعب جدا أن يضيع مستقبل شباب في زهرة العمر يحلمون بعمل وظيفي يؤمن مستقبل حياتهم ويبذر في دواخلهم نواة الانتماء لوطن ينتظر عطاءاتهم وعملهم الذي قضوا سنوات طويلة في تحصيله، ثم تكون النهاية الخضوع لأمزجة متعارضة بين «أنت ناجح» و «أنت ساقط». لاشك أن وزارة التربية والتعليم بها الكثيرون من التربويين الذين لا يعجزهم البحث عن آلية تنقذ هؤلاء المتقدمين من أمزجة مختبريهم وتعطي كل ذي حق حقه.