يؤكد الأكاديميون حول العالم أن التعليم عن بعد يوفر الدافعية للتعلم والمرونة في بنية التعليم إلى جانب مراعاته لأساليب وأنماط التعلم عند الأفراد، وتساعد هذه السمة في جعل عملية التعلم عملية مستمرة مدى الحياة، وبذلك يتحقق مبدأ التربية المستدامة. واتخذ عدة مسميات منها «الدراسة المنزلية» و «الدراسة المستقلة» و «الدراسات الخارجية» و «الدراسة بالمراسلة»، ورغم انتشاره في بلدان العالم إلا أنه لازال لدينا في موضع شك وتحفظ، في انتظار أن تعلن الجهات المعنية الاعتراف به، تحت اشتراطات تضمن أن لا يكون مجالا للحصول على الدرجة العلمية دون دراسة.
ويبدي البعض استغرابه من عدم اعتراف وزارة التعليم العالي بهذا النوع من التعليم حتى الآن، رغم إدراكها للحاجة الماسة له وما يوفره من حل لأزمة كثرة الخريجين من الثانوية أمام شح قبول الجامعات، ويرى المحاضر والخبير في برامج التعليم الفعال الدكتور يوسف بافيلح أن على الوزارة أن لا تميز بين خريجي الجامعات والدارسين عن بعد، ويقترح وجود محكات نوعية ومعايير وظيفية متسمة بالحيادية لاختيار الأجدر والأفضل أياً كان نظام الدراسة.
ويقول الأستاذ المشارك في التربية الإسلامية كلية التربية في جامعة الملك خالد في أبها الدكتور صالح أبو عراد إن التعليم عن بعد جاء تلبية للحاجة القائمة إلى توفير فرص تعليمية إضافية دون الحاجة لزيادة التكاليف المادية، و «هو تعليم لم يأخذ وضعه الطبيعي في عالمنا العربي على وجه الخصوص إلى الآن كونه يعتمد كثيرًا على التقنية الحديثة التي تعتمد على الصوت والصورة والبيانات المتوافرة، وهي أمر لم يستوعبه المجتمع العربي بعد، وهذا يعني أنه لا يزال يحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام والتجربة، لا سيما أن بعض الأبحاث التي تقارن بين التعليم عن بعد وبين التعليم التقليدي تشير إلى أنه يمكن أن تكون لهما نفس الفعالية شريطة أن تكون الوسائل والتقنيات المتبعة في النوع الأول ملائمة لموضوع التعلم المطلوب».
وخلص أبو عراد إلى القول إن هذا النوع من التعليم يستلزم نوعين من التجهيز والتهيئة، الأول عند من يستخدمونه ويتعاملون معه، والثاني يخص التجهيزات التقنية اللازمة والإلمام الكامل بكيفية التعامل معها قبل البدء في هذا النوع من التعليم.
وفي الوقت الذي يؤيد فيه بعض الأكاديميين هذا النوع من التعليم، يعارض آخرون ذلك خصوصا في التخصصات الدقيقة والتطبيقية وهو ما يعتقد به الدكتور يوسف الخاطر. ويضيف أن لا مجال لتطبيقه في التعليم العام لأن «هذه مرحلة التربية وغرس القيم إلا لمن تجاوز عمره السن النظامي للتعليم العام».
ويؤكد بدوره مدير إدارة موقع شبكة منارة الشريعة الدكتور إبراهيم الحربي أنه حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراة عن طريق تقديم البحث والمناقشة في التعليم عن بُعد، ويعدد مزايا هذا التعليم بقوله إنه يمكنك من الدراسة وأنت في منزلك ومن أي مكان من خلال الالتحاق بالجامعات العالمية دون الحاجة إلى السفر، ويحدد فيه موعد المناقشة حسب العرف التعليمي المعتاد، وفي النهاية تحصل على شهادة عالمية معتمدة دولياً وبتكاليف مالية متاحة وميسرة.
ويتمنى الحربي قبول هذه الشهادات التي تعب الإنسان في الحصول عليها، «ولتكن هناك لجان في التعليم العالي لدراسة البحوث التي حصل الطالب على شهاداته بسببها وتقييمها ومن ثمّ الحكم على ذلك إما بالاعتماد أو الرفض حسب الشروط المتفق عليها».
أما المستشار النفسي والإداري وخبير التدريب في برامج التنمية البشرية والتدريب والاستشارات الدكتور عبدالله بن علي الحمود فيرى أن التعليم عن بُعد هو نظام معتمد عالمياً ولكن بشروط وضوابط تحد من التلاعب فيه واستغلاله بشكل سيئ، «إذا وضعت له شروط وقوانين فيها من المرونة التي تراعي المصلحة العامة والمساهمة في تطوير الإنسان الذي هو أساس عمارة الأرض وتطويرها فسيكون تأثيره نافعاً بإذن الله».