غازي القصيبي مختلف على الدوام، القارئ لتاريخه يكتشف هذا بسهولةٍ، فهو لا يسير على قضبان قطار ولا أسلاك مترو، بل هو كالطائر الجوال الذي لا يمكن التنبؤ بما يفعل إلا ضمن الإطار العام الذي اختاره لنفسه: الاختلاف والعقلانية والإنجاز.
لقد كان القصيبي مختلفا حين عكف على إنشاء واحدة من أهم الشركات العالمية اليوم وهي شركة سابك، واقرأوا حياة في الإدارة، وكان مختلفا حين أصبح سفيرا في البحرين وبلاط ملكة بريطانيا، وكان مختلفا حين تصدى للتطرف إبان الغزو العراقي للكويت عبر زاويته الشهيرة «في عين العاصفة» التي كان ينشرها في الشرق الأوسط وأخرجها لاحقا في كتاب أحسن بتسميته «حتى لا تكون فتنة» وكان مختلفا حينذاك حين لم يكتف بالصحافة بل استخدم الآلية الأكثر انتشارا حينها وهي «الكاسيت»، فأصدر بصوته آراءه المناهضة لرموز التشدد وطروحاتهم المتطرفة حينذاك.
كذلك، فقد كان القصيبي مختلفا حين أرخ لمرحلة من حياته واختار الرواية سبيلا لذلك واقرأوا «شقة الحريّة»، ونهج بعده كثير من السعوديين ذات النهج، وسكلوا عين السبيل، فكثرت الروايات وتعددت الشخوص ولكنه كان قد فتح الطريق.
وكان مختلفا في روايته الأجمل والأعذب والأذكى «العصفورية»، ولئن كان مختلفا في كتابه «حياة في الإدارة» فلقد كان مختلفا كذلك في كتابه أو روايته «دنسكو»، الجامع بين الكتابين هو قدرة القصيبي الدائمة على أن يكون مختلفا، ولب اختلافه يكمن في عدم صبره عن البوح بما يختلج في نفسه من رؤى وأفكار ومواقف، وهذا دليل تميز لا نقص فيه، وتطور لا تشوبه أسونة.
وكان مختلفا في اختياره التعبير حول مشكلة الإرهاب المعقدة داخليا وإقليميا وعالميا، عبر الترجمة، وذلك بترجمته لكتاب «المؤمن الصادق» لمؤلفه إيريك هوفر، وغير هذا كثير من جوانب الاختلاف التي جعلت من غازي القصيبي كائنا مختلفا، لم يركن ولم يشطح.
اليوم، مرض غازي القصيبي، والجميع يعلم أنه مريض تلقى العلاج في الولايات المتحدة وعاد هذا الأسبوع للبحرين، لقد كان يرسل من هناك القصائد والرسائل وكأن شيئا لم يكن، وليس هذا الأسلوب أسلوب غازي ولا هذه الطريقة طريقته، ولكم أحببت ألا يفعل غازي ما فعله المشاهير قبله في الثقافة والسياسة والإعلام حيث يجحد الأغلب عن الناس حقيقة مرضه وما يعانيه.
ليكمل غازي مسيرته المختلفة فقد كان حريا به أن يكتب يومياته مع مرضه، مشاعره وأفكاره، دخيلة نفسه وخلجات وجدانه، طبيعة مرضه وطريقته لمواجهته، أن يقول ما لم يقله الآخرون قبله، أن يشارك محبيه في ألمه ومعاناته كما شاركهم في فرحه وإنجازاته، أن «يبوح» كما تعود أن يكون حين يؤثر الآخرون الصمت.
لغازي، إن الصمت لا يليق بك الآن، تحدث لمحبيك واكتب لنفسك وللتاريخ هذه اللحظات الاستثنائية في حياتك، فلن يستطيع الآخرون أن يكتبوا شيئا عنها، مهما أضنوا أفكارهم ومهما دبجت أقلامهم.
الأماني كلها دعاء، والرجاء كله صدق، والكلمات كلها ابتهال أن تعود سالما معافى، وأن تبقى ــ كما كنت على الدوام ــ رمزا للمحبة والإنجاز والتسامح والاختلاف الجميل.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة
لقد كان القصيبي مختلفا حين عكف على إنشاء واحدة من أهم الشركات العالمية اليوم وهي شركة سابك، واقرأوا حياة في الإدارة، وكان مختلفا حين أصبح سفيرا في البحرين وبلاط ملكة بريطانيا، وكان مختلفا حين تصدى للتطرف إبان الغزو العراقي للكويت عبر زاويته الشهيرة «في عين العاصفة» التي كان ينشرها في الشرق الأوسط وأخرجها لاحقا في كتاب أحسن بتسميته «حتى لا تكون فتنة» وكان مختلفا حينذاك حين لم يكتف بالصحافة بل استخدم الآلية الأكثر انتشارا حينها وهي «الكاسيت»، فأصدر بصوته آراءه المناهضة لرموز التشدد وطروحاتهم المتطرفة حينذاك.
كذلك، فقد كان القصيبي مختلفا حين أرخ لمرحلة من حياته واختار الرواية سبيلا لذلك واقرأوا «شقة الحريّة»، ونهج بعده كثير من السعوديين ذات النهج، وسكلوا عين السبيل، فكثرت الروايات وتعددت الشخوص ولكنه كان قد فتح الطريق.
وكان مختلفا في روايته الأجمل والأعذب والأذكى «العصفورية»، ولئن كان مختلفا في كتابه «حياة في الإدارة» فلقد كان مختلفا كذلك في كتابه أو روايته «دنسكو»، الجامع بين الكتابين هو قدرة القصيبي الدائمة على أن يكون مختلفا، ولب اختلافه يكمن في عدم صبره عن البوح بما يختلج في نفسه من رؤى وأفكار ومواقف، وهذا دليل تميز لا نقص فيه، وتطور لا تشوبه أسونة.
وكان مختلفا في اختياره التعبير حول مشكلة الإرهاب المعقدة داخليا وإقليميا وعالميا، عبر الترجمة، وذلك بترجمته لكتاب «المؤمن الصادق» لمؤلفه إيريك هوفر، وغير هذا كثير من جوانب الاختلاف التي جعلت من غازي القصيبي كائنا مختلفا، لم يركن ولم يشطح.
اليوم، مرض غازي القصيبي، والجميع يعلم أنه مريض تلقى العلاج في الولايات المتحدة وعاد هذا الأسبوع للبحرين، لقد كان يرسل من هناك القصائد والرسائل وكأن شيئا لم يكن، وليس هذا الأسلوب أسلوب غازي ولا هذه الطريقة طريقته، ولكم أحببت ألا يفعل غازي ما فعله المشاهير قبله في الثقافة والسياسة والإعلام حيث يجحد الأغلب عن الناس حقيقة مرضه وما يعانيه.
ليكمل غازي مسيرته المختلفة فقد كان حريا به أن يكتب يومياته مع مرضه، مشاعره وأفكاره، دخيلة نفسه وخلجات وجدانه، طبيعة مرضه وطريقته لمواجهته، أن يقول ما لم يقله الآخرون قبله، أن يشارك محبيه في ألمه ومعاناته كما شاركهم في فرحه وإنجازاته، أن «يبوح» كما تعود أن يكون حين يؤثر الآخرون الصمت.
لغازي، إن الصمت لا يليق بك الآن، تحدث لمحبيك واكتب لنفسك وللتاريخ هذه اللحظات الاستثنائية في حياتك، فلن يستطيع الآخرون أن يكتبوا شيئا عنها، مهما أضنوا أفكارهم ومهما دبجت أقلامهم.
الأماني كلها دعاء، والرجاء كله صدق، والكلمات كلها ابتهال أن تعود سالما معافى، وأن تبقى ــ كما كنت على الدوام ــ رمزا للمحبة والإنجاز والتسامح والاختلاف الجميل.
Bjad33@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة