-A +A
ثامر عدنان شاكر
السيد يوميوري الياباني الجنسية لقي حتفه بعد أن أمضى ثلاثين ساعة متصلة يعمل بلا توقف!!
ورغم أن اسم الرجل يوحي بأنه مات محروقاً أو مدهوساً شارداً على دباب سوزوكي الشهير، إلا أنه وفي الخبر قد تم العثور على جثة الياباني ملقاة على سطح المكتب بلا حراك بعد أن فقد القلب القدرة على تلبية احتياجات الجسد المنهك نتيجة الإرهاق الشديد، بعد أن أمضى قرابة اليوم ونصف يعمل دون ملل ودون أن يكترث بالأضرار التي قد تلحق بجهازه العصبي والنفسي!!

ويوميوري ما هو إلا واحد ضمن آلاف اليابانيين الذين يلقون حتفهم جراء «العمل زيادة عن اللزوم» وهو مرض يسمونه في اليابان «كاروشي».
في حين أن رجالنا يموتون بالسواطير على يد زوجاتهم، وأحياناً أخرى تكون الواقعة غامضة فلا نجد أي دليل سوى بقايا جسد مقطع إرباً في أول صور الجريمة الكاملة، إلا أن اليابان يمثل نموذجاً فريداً نتيجة التفاني الزائد في تأدية العمل! لتأتي النصيحة الأولى من نوعها وعلى لسان الحكومة اليابانية «نرجوكم أن تكفوا عن العمل»! ولن يحسد الحكومة اليابانية سوى الحكومات العربية التي تشكو ضيق الحال وكسل شعوبها.
أما صاحبنا المنتحر على سطح مكتبه فقد مات وترك وراءه زوجة تلعن اليوم الذي تزوجت فيه يابانياً من بني جلدتها، فلكم راودتها صورة ذلك العربي الذي لا يفارق مخدعه!! لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، مات الرجل وترملت المرأة وتيتم الأطفال فداء للمحبوب.
ثم أعلنتها الحكومة اليابانية بقوة، محذرة من العمل أكثر من الساعات المحددة، بل وتقوم بصرف مستحقات خاصة لكل من يموت على سطح مكتبه أو أثناء أداء مهامه الوظيفية تقديراً منها لذوي وأسرة الراحل!
أما في المقابل، وفي الجهة الأخرى من العالم الملتهب، فقد أعلن عن وفاة أحدهم بعد أن أمضى أسبوعاً يرغم نفسه على النوم! محطماً رقماً قياسياً لم يسبقه إليه غيره!! ليموت بعد أن تحول جسده إلى وسادة بشرية!!
لكن الفرق مروّع ما بين جندي يموت على خط النار وما بين كيان آدمي لم يعرف لحياته معنى سوى أن ينام ويُشخر! هم يموتون فرساناً ونموت كالبكتريا التي تنتحر على حافة الجسم إن طاردتها كرات الدم البيضاء...تموت انتحارا قبل أن تبدأ المعركة!!
«وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» ...والعمل عبادة لكن يبدو أننا حتى لا نتفانى في عبادتنا لرب العالمين!!
بكل أسف نحتاج إلى «كاروشي» صارخ في عالمنا العربي ولن يُنصب العزاء على روح الفقيد لإنه سيكون البطل الأول من نوعه في حضارة كانت يوماً عظيمة!!.