-A +A
عبدالله يحيى بخاري
روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الغرب، يقترحون أن يتم توقيع السلام الشامل في الشرق الأوسط بين الدول والحكومات العربية وبين إسرائيل أولا، قبل البحث في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية.
أى أن نعترف بإسرائيل، ونعترف بأمنها ووجودها، ونعطيها الضمانات للعيش في سلام بيننا وفى منطقتنا، ونفتح سفاراتنا في تل أبيب (أو القدس)، ونسمح لها بفتح سفاراتها ورفع أعلامها في كل العواصم العربية، ونأخذهم بالأحضان ونقابلهم بالورود والزهور، ونفتح لها مجالاتنا الجوية والبحرية والنهرية. ونتبادل معها اقتصاديا وتجاريا وثقافيا ودبلوماسيا، إلى آخر هذه الأمور التي تطالب بها إسرائيل، ويطالب بها حتى بعض كتابنا وإعلاميينا المتنطعين، ثم بعد ذلك فقط نجلس لنتحدث ونبحث في إخلاء منطقتنا من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. نتحدث ونبحث والباقي على الله، ياتصيب ياتخيب. يعنى بالعربي يحاولون إدخالنا في لعبة «حاوريني ياطيطه» التي تعودنا عليها من إسرائيل وسياساتها الهروبية، مثل سياساتها تجاه المبادرة العربية للسلام الشامل التي حولتها إلى طفل شريد.

ماذا يظنون بنا نحن العرب؟ وإلى أي درجة من البلاهة يعتقدون أننا وصلنا؟ ألم نطالب دائما بأن تصبح منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل؟ ألم يقم الغرب برئاسة أمريكا بمحاربة صدام حسين وغزو العراق وتدمير تحت هذه الحجة.
قبل عدة أيام، أعلن الكونجرس الأمريكى موافقته على إنشاء شبكة حماية مضادة للصواريخ فوق إسرائيل، وكأن إسرائيل ينقصها سلاح وعتاد، وأسباب للغطرسة والهيمنة، وحماية لأمنها وأمانها، وكأنها محاطة بقوى عظمى تهددها وتهدد وجودها وكيانها كل لحظة، وليست محاطة بمجتمعات يعلم الله بحالها، تحارب ليلا ونهارا من أجل لقمة العيش والبقاء على قيد الحياة.
الغرب يتغاضى عن جرائم إسرائيل في غزة وفى القدس والضفة وباقي أرض فلسطين، وعن برطعتها في جنوب لبنان وفى الأجواء السورية، بل ويبدي إعجابه لهذه الجرأة والاعتداءات الصهيونية على الدول العربية، ويتغاضى عن عدم التزام إسرائيل بكل قرارات الأمم المتحدة.
ويتحدث ويتصرف بعض وزراء خارجية الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل وكأنهم وزراء خارجية إسرائيل، ويتحدث ويتصرف بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى وكأنهم أعضاء الكنيست الإسرائيلي، بل يتفوقون عليهم في تعصبهم لإسرائيل.
تقول إسرائيل محادثات غير مباشرة مع الفلسطينيين، فيردد وزراء خارجية الدول المؤيدة لإسرائيل وراءها «آمين». ولا أدري شخصيا ما معنى محادثات غير مباشرة، هل يعنى ذلك عن طريق وسيط، أم عن طريق دائرة تلفزيونية، أم عن طريق الهاتف، أم هي محادثات من خلف ستار.
لا أدرى أين ذهبت الأيام عندما كانت إسرائيل تتوسل من العرب التحدث إليها وإجراء أي نوع من الحوار معها، ناهيك عن الاعتراف بها وتبادل السفراء؟ أما الآن فهي التي تفرض علينا نوع الحوار، وأجندته، والنقاط التي تقبل أن يدور حولها الحوار، وهل هو مباشر أم من خلف الستار، وأين يكون مقره ومن يحضر ومن لا يحضر، ومن يتحدث ومن لا يتحدث.
السبب في هذا التبجح والتجبر الإسرائيلى، بدعم غربي، هو أنهم هم فقط من يمتلك أسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي، ولذلك فهم يسعون إلى وضعنا في حالة الدفاع عن النفس بصورة مستمرة، في حالة خوف دائم.
طالما أن إسرائيل هي أقوي عسكريا وتسليحا وعتادا من كافة الدول العربية مجتمعة، فسوف تستمر هذه المجازر الإسرائيلية والحروب والاعتداءات على الدول العربية المحيطة، ابتداء من مصر ومرورا بالأردن ولبنان والعراق وانتهاء بغزة وفلسطين، وسوف تصل حتما فيما بعد إلى دول عربية أخرى غيرها. بل وسوف يستمر الإرهاب والتهديد باستخدام السيف المسلط على أعناق الشعوب العربية، وهو السلاح النووي الذي تنفرد إسرائيل بامتلاكه حتى هذه اللحظة.
لكي تتوقف هذه الهمجية والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية، والإرهاب النووي، «والتطنيش» لقرارات المنظمات الدولية، فلا بد من أن يتساوى أو يتناسب الطرفان عسكريا وتسليحيا وقوة وعتادا. أي أن يصبح هناك ندية وتوازن في القوى بيننا وبينهم، وفى الجدية والصرامة في المطالبة بحقوقنا، وأخذ قرارنا في يدنا، والقدرة على الردع.
أما قول الغربيين بأن إسرائيل دولة صغيرة في تعدادها وسط بحر من العرب، فهي كلمة باطل يراد بها باطل. هل نسي الغرب كم كان تعداد ألمانيا الهتلرية مقارنة بتعداد أوروبا عندما احتلت جيوش هتلر كل أوروبا وبعض أجزاء أفريقيا؟
لا يمكن أن يتحقق ذلك التوازن بين الطرفين إلا على يد العرب أنفسهم وبإرادتهم. وساعتها يمكننا أن نتحدث بشجاعة عن محادثات مباشرة أو غير مباشرة، وعن مبادرات سلام شامل أو حرب شاملة. ساعتها فقط، سيأخذ الطرف الآخر كلامنا على محمل الجد.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة