-A +A
سلمان السلمي ـ مكة المكرمة
مالم يدر بخلد الوزير الشاعر أو الشاعر الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام وهو يغذ السير وسط غمامة الحر اللافح نحو «أم القرى» في ظهيرة أمس القائظة، أنه سيطلق زخات لافتة من الذكريات الإنسانية الحميمة والوقفات الأخلاقية النبيلة التي لا تمحى من الذاكرة بسهولة، عندما مثل بتواضعه الجم بين تلامذته ومحبيه ومريديه الذين أمطروا شعرا وحبا وحنينا لزمن تداعى وذكريات ظلت شاهقة في الذاكرة، عندما احتضن أستاذ الكيمياء ـ الوزير ـ مدير الجامعة المكلف بحميمية تجاوزت حرارتها «سموم» العابدية اللافح ليستعرض الطالب ـ المدير ـ من ذاكرته المتقدة كيف كان الوزير الأكاديمي البارع والعميد المحنك يحتفي بالمتفوقين ويستحث النبوغ على البروز أكثر وأكثر عندما يمنحهم صلاحية تصحيح اختبارات زملائهم ليستنفر هممهم ويستثير حماسهم.
أدرك بكري عساس وهو يسرد هذه الواقعة المشرفة أنه كان محل ثقة استاذه مما جعله يتمادى في الحبور وسط كوكبة وكلاء الجامعة المخضرمين عادل غباشي، هاني غازي، بدر حبيب الله، والوزير الإنسان يمسك ابتسامته الوديعة الحانية بكلتا شفتيه، والشعيرات البيضاء تداعب أنامله وكأنه يقول لذاته: هل حقا غرست على هذا الوفاء في نفس مدير الجامعة البار الذي كانت ملامحه تتكلل بالمهابة والإجلال أمام أستاذه المتواضع؟، ليس في غمرة المشاعر المختلجة، إنه المدير لأعرق جامعات المملكة، وإنه المضيف لدرجة أن الضيف الأثير على قلوب تلامذته احتسى القهوة واقفا عند بوابة مبنى إدارة الجامعة، ولم يعق عقارب الزمن المتعجلة أن تتوقف عند إنسانية عبدالعزيز خوجة وهو ينحني ليحتضن الزميل المقعد الذي رافق العميد الممتلئ حماسا وحيوية قبل أكثر من ثلاثة عقود، تخترق الذاكرة أجمل الذكريات بما فيها قصة الـ «فولكس واجن» التي لم يعرفها أحد سواهما، واحتضن الوزير الإنسان بأبوته ملف رفيق ذلك المشوار البعيد ووعده خيرا؟!.

وانهمر سيل من عبق الماضي على رأس الوزير وذاكرته حتى بدا أن صور معرض الفن قد تباعدت وتناثرت واختلطت الألوان بالواقع، ولم يتبق سوى ذكريات العميد التي استلهمها شعرا عندما استل كلماته الممزوجة بالوفاء ومقاطع من قصائد ضيف كلية التربية الأغر، ورغم أن العميد زايد الحارثي أماط اللثام عن الوقفات الإنسانية المشهورة للأكاديمي البارع والعميد الملهم، فأخذ ينتقل تارة بين عقول الذاكرة وتارة يعود إلى الاستشهادات الشعرية الرائعة للشاعر عبدالعزيز خوجة، ليكمل مدير الجامعة المسيرة وكأن هناك مباراة شعرية على أوتار عقل وقلب وفكر عبدالعزيز خوجة، وحتى المداخلات والنقلات البارعة من مقدم الحفل الدكتور فريد الغامدي لم تخل من النفحات الشعرية الرائعة، لتنتفض شاعرية خوجة وإنسانيته المرهفة التي كادت أن تدمع أعين مدير الجامعة وعميد الكلية ومعظم الحاضرين وفي مقدمتهم مديرا الجامعة الأسبقان سهيل قاضي وناصر الصالح، وحشد من الأسماء التي استدعاها الخوجة من ذاكرة الحب والوفاء وفق معادلته الكيميائية النادرة.
«هكذا تكون الإنسانية، وهكذا يكون التلاميذ البررة»، هذا ما ردده عدد من وجهاء مكة وشيوخها وفي مقدمتهم عبدالرحمن خياط، العمدة البيطار، إبراهيم عساس، وحشد الأساتذة والطلبة.
وكشف لـ «عكاظ» وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة لدى زيارته جامعة أم القرى أمس، عن اعتماد بناء ملاحق إضافية لمبنى الإذاعة والتلفزيون في مكة المكرمة، مبينا أنه سيتم بناء برج إعلامي في العاصمة المقدسة قريبا.
وأوضح وزير الإعلام أن اللائحة الخاصة بالأندية الأدبية في المملكة تمر بالمراحل الأخيرة قبل الموافقة عليها واعتمادها، ملمحا إلى أن الإعلان عنها سيكون في وقت قريب.
ووعد وزير الثقافة والإعلام طلاب قسم الإعلام في جامعة أم القرى بتدريبهم في إذاعة وتلفزيون جدة أثناء فترة دراستهم في استجابة سريعة لمطالب طلاب القسم أثناء الزيارة.
وشهد خوجة الاحتفال الذي نظمته كلية التربية في الجامعة، وافتتح المعرض التشكيلي التابع للكلية، ومعرض التربية الفنية الدائم.
ولم يستطع الدكتور عبد العزيز خوجة تدارك دمعته حينما بدأ يلقي كلمته في الاحتفالية، وقال «إنني أشعر بالحنين إلى هذه الكلية التي تحمل جوانب من سيرتي الشخصية، وجلس يعدد زملاء بعضهم غادر الجامعة، وآخرون لازالوا فيها حتى الآن».
وأضاف «مازلت أشتاق إلى أحباء وزملاء عشت معهم فترة ذهبية من حياتي، ومن المواقف التي لا تزال عالقة في ذهني عند بداية الجامعة حينما كنت أذهب مع الدكتور راشد الراجح إلى الحرم وندعوان الله في الملتزم بعد أداء الطواف أن يهب الله لهذه المدينة جامعة وقد تحقق ذلك ولله الحمد».