-A +A
عبدالله بن بجاد العتيبي
دولة الفيفا تعيش اليوم أسعد أوقاتها وأوج ازدهارها مع كأس العالم الذي يتابعه الملايين من شتى أقطار المعمورة، وفي قارة أفريقيا القارة الفقيرة المستضعفة، وقد أصابت في اختيارها دولة جنوب أفريقيا دون بقية المتقدمين من نفس القارة؛ لأنها دولة تمثل نموذجا متقدما ومختلفا عن بقية دول القارة، ولئن كانت آمال الكثيرين منا كانت تميل مع مصر إلا أنها أخذت صفرا كبيرا في ملفها الذي قدمته للفيفا، ما يوجب عليها الكثير من المراجعات والتصحيحات في وضعها الرياضي الذي صار يتبعه الكثير من الملفات في زمن اختلط فيه عالم الواقع والعالم الافتراضي بشكل لم يعد يمكن التمييز بينهما.
الفيفا اليوم دولة من أقوى دول العالم، فقد اجتمع لديها الشعب بل الشعوب، والقانون أي النظام العام الذي تتحرك من خلاله، والقوة أي القدرة على تطبيق هذا القانون أو النظام على الجميع من الدول والشعوب، فهي دولة عالمية حديثة تشبه الدول الجديدة التي تعبر عن عالم متقدم ومتغير ومختلف عما نعرفه على طول التاريخ وعرض الجغرافيا.
إن دولة الفيفا تشبه دولة غوغل، والدولتين تشبهان دولة الفيس بوك، ودولة تويتر، وغيرها من الدول التي تعتبر افتراضية حتى الآن ولكنها تكتسب مكانة أكبر وأوسع يوما بعد يوم، وها هي ــ هذه الدول الجديدة ــ تخوض صراعات مريرة مع الدول الحقيقية القائمة، كما حدث مع غوغل والصين، وكما يحدث مع الفيفا وبعض دول العالم، وكما حدث وسيحدث مع الفيس بوك بالتأكيد.
إن السؤال المهم هو.. لماذا يهرب شبان العالم من دولهم ويلتجئون لهذه الدول الافتراضية كغوغل والفيس بوك والتويتر، أو النصف افتراضية كدولة الفيفا الحديثة؟ بالتأكيد هذا سؤال صعب دون شك، غير أن التماس الإجابة عليه يكمن في البحث عن الحرية، الحرية في التعبير والحرية في التأثير والحرية في الاختيار، كما يكمن من جهة أخرى في البحث عن المكانة والشهرة وبتعبير أدق البحث عن الفردانية، عن الذات داخل المجموع، ثم البحث عن المجموع المناسب للانخراط فيه أو خلقه في هذه المرحلة أو تلك، وفي هذا الحدث أو ذاك، وتبعا للقضايا التي تطرح نفسها بقوة على الواقعين العادي والافتراضي.
حين نقول دولة الفيفا فإننا نعني أن بيدها اليوم أن تفرض شروطها على كل دول العالم، القوية منها والضعيفة على حد سواء، فلديها مكافآتها وعقوباتها، وهي قادرة على إنجاح طموحات الشعوب وإحباطها، كما هي قادرة على استقطاب كل العالم لمنافساتها الصغيرة قبل الكبيرة.
سوق الفيفا رائجة، وإدارتها واعية، وتأثيرها عالمي، وجماهيرها أو شعوبها بالملايين في شتى أنحاء العالم، والجميل أنها تدرك هذا وتتصرف على أساسه، فتدير توازناتها الدقيقة بحرفية تزيدها ولا تنقصها. ويبقى على العالم أن يتعامل معها على هذا الأساس، فهل وعينا الدرس؟

Bjad33@gmail.com



للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة