-A +A
واس ( جد ة )
انتقد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية صمت المجتمع الدولي وعجزه عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان مشيرا أن موقف المملكة كان واضحا في رفضها لهذا العدوان ومطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار . وأشار سموه الى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أجرى مشاورات واتصالات «لاحتواء الأزمة في الشرق الأوسط» مع الأطراف الإقليمية والدولية مؤكدا أن المملكة مستمرة في جهودها . عقد الامير سعود الفيصل أمس بمقر فرع وزارة الخارجية بجدة الايجاز الصحفي الدوري وفي بداية الايجاز القى سموه البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم

في اطار المشاورات والاتصالات التي تقوم بها المملكة لاحتواء الازمة في منطقة الشرق الاوسط التقى خادم الحرمين الشريفين كلا من فخامة الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس وجلالة الملك عبدالله الثاني ملك الاردن.
كما نقلت وسمو الامين العام لمجلس الامن الوطني رسائل من خادم الحرمين الشريفين لقادة كل من الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي.
وقد شاركت المملكة في مؤتمر روما حول لبنان لمؤازرة لبنان بالتنسيق معه وقد كان لموقف لبنان ومؤازرة الدول العربية المشاركة القدرة على اقناع الغالبية العظمى بضرورة الوقف الفوري لاطلاق النار ودعم سلطة لبنان الشرعية وبسط سيادتها على كامل اراضيه.
وترى المملكة ان التحرك الدولي الجاري لاحتواء الازمة لايزال قاصرا عن تحقيق اهدافه في ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية البشعة ضد لبنان والاراضي الفلسطينية والنتائج الكارثية الناجمة عنها.
ان الجريمة المروعة التي تعرضت لها قرية قانا قبل ايام في جنوب لبنان واودت بحياة العشرات من الابرياء جلهم من النساء والاطفال تقف شاهدا مأساويا لما يمكن ان تفضى اليه الامور ما لم يصار الى وقف فوري وحاسم لاطلاق النار وكافة العمليات العسكرية والشروع في ايصال المساعدات الانسانية الماسة للشعب اللبناني لاعانتهم على تحمل قساوة الظروف المعيشية التي يواجهونها وتهيئة السبل للحلول السياسية للازمة عبر المفاوضات والحوار بين الاطراف المعنية.
ويتعين على جهود حل الازمة بين لبنان واسرائيل التركيز على دعم استقلال لبنان وسيادته وبسط سلطة حكومته الشرعية على كافة اراضيه وذلك تطبيقا لاتفاق الطائف الذي اقره ووافق عليه الشعب اللبناني بكافة طوائفه وفئاته وحظى بدعم دولي من خلال قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة.
كما يتعين على المجتمع الدولي ان يتعامل بجدية وحسم مع مأساة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يعاني الامرين نتيجة للاعتداءات الاسرائيلية وسياسة القمع والحصار السياسي والاقتصادي والعقاب الجماعي الجائر الذي يتعرض له والتعامل مع جذور النزاع وحلها حيث اثبتت الحلول الجزئية عدم فعاليتها في ايجاد الحل المنصف والشامل او تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وغني عن القول ان الحلول المطروحة لن يتأتى لها النجاح دون الحفاظ على وحدة الصف اللبناني ووحدة الصف الفلسطيني ووحدة الامة العربية في التعامل مع القضية والتحدث باسمها بلغة واحدة على الساحات الدولية وفي الامم المتحدة وكذلك وحدتنا في التصدي للتوجه الايديولوجي الذي يسعى الى العبث بالامن القومي العربي وتفجير المنطقة واذكاء اسباب الفرقة والانقسام داخل دولها كما هو حاصل في العراق وفلسطين المحتلة ويستهدف حاليا لبنان الشقيق.
أهداف إسرائيلية مشبوهة
عقب ذلك اجاب صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل على اسئلة الصحفيين فحول سؤال عن تباين مواقف الدول حول الوقف الفوري لاطلاق النار اوضح سموه ان المجهودات المبذولة لوقف اطلاق النار قاصرة عن تحقيق الهدف المأمول واسرائيل لا تريد وقف اطلاق النار لان هذه سياستها وتسعى لاهداف مشبوهة في لبنان وتطلب وقتا اطول لاستكمال اغراضها واهدافها والذي يزعج ان يكون هناك من يتغاضى عن ذلك.
واضاف سموه يقول «اننا نختلف والسياسة الامريكية في هذا الاطار اذ اننا نقدر ان الولايات المتحدة هي الدولة العظمى وقادرة على ان تسعى الى وقف فوري للنار وهذا ما نامله ان تغير موقفها الى موقف لايقاف اطلاق النار فورا.
رفض تهديد سوريا
وحول تهديد سوريا، قال سموه «نحن في البيان الذي صدر منذ ايام عن المملكة العربية السعودية انذرنا عن خطورة انتشار هذا النزاع اذا ما استمر وبطبيعة الحال اي تهديد لسوريا وهي عضو فى الجامعة العربية ستقف الدول العربية ضد اى عدوان على اى بلد عربى».
وحول سؤال عن الالية التي ستنتهج لتحويل المواقف العربية الى واقع تطبيقي اكد سمو وزير الخارجية ان كل الجهود التي تقوم بها المملكة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين هي محاولة لترجمة المواقف الى واقع وهناك اتصالات على اعلى المستويات بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعدد من الرؤساء وستبذل المملكة المزيد من الجهود في هذا الاطار.
وحول سؤال عن رد سموه تجاه من يشكك في وقوف المملكة مع لبنان وانعقاد القمة العربية لتوحيد الصف، قال سموه ان كل انسان حر في رأيه ونحن ضميرنا مرتاح ان المملكة العربية السعودية تقوم بواجبها في هذا الاطار وهذا ما يؤكده اللبنانيون انفسهم وبالتالي نحن ليس لنا ما نعتذر له في هذا الاطار وكان هناك تداول حول عقد القمة واتفق الرأي بوجوب التهيئة لأي قمة تعقد وان يكون هناك خطة محددة ومرسومة لهذه القمة وكان هناك اجتماع وزاري للجامعة العربية وفي منظورنا لو ان القمة ستنعقد سيطلب من الاجتماع الوزاري ان ينعقد لاعداد خطة عمل تعرض على القمة وكان ممكن وطلبنا ان توضع هذه الخطة في ذلك المؤتمر ولم يتم شيء واذا كان هناك قمة ستعقد يجب التشاور حولها ويجب الاعداد لها ويجب ان يكون هناك شيء واضح لما تقوم به القمة .
وحول سؤال عن قول وزير خارجية قطر بان المشاركة العربية في اجتماع روما كانت تعطي غطاء بسيطا لاستمرار المعركة ولنسف المقاومة في لبنان وان المشاركين العرب لم يقدموا معلومات واضحة حول الاجتماع لجامعة الدول العربية، قال صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل «انا سمعت ان وزير الخارجية في قطر ذكر انه كان يتمنى ان الدول التي شاركت في مؤتمر روما انها استشارت الدول العربية ولكن لم اسمع منه استفسار في هذا الاطار وعلى اي حال بيقول في نفس الوقت انهم انشأوا علاقات مع اسرائيل ومستعدين ليأخذوا موقفا جماعيا في هذا الاطار فهل استشار احدا عندما انشأ هذه العلاقات ولكن على اي حال الموقف ليس للرد على مثل هذه الاسئلة فهناك كارثة حقيقية وهناك موقف عربي جماعي يجب ان يلتئم حول بعضه وان نتحدث بنفس اللغة ونفس الاسلوب.
وعن صفقات تسليح المملكة وهل المملكة ستعيد ترتيب ترسانتها العسكرية في ظل التطورات الجديدة في المنطقة افاد سموه «ان المنطقة منطقة خطرة وامن البلاد مسئولية الدولة وكل ما ترى من اجراءات تتخذ لتقوية امكاناتها لمواجهة اي مخاطر ستقوم به ان شاء الله».
وعن وقوف امريكا بكل قوة وامعان ضد قرار وقف اطلاق النار او ادانة اسرائيل خلافا لمبادئ الحرية والعدل والمثل الاخلاقية التي ترتكز عليها السياسة الامريكية اوضح سموه ان الجميع في حيرة من هذا الموقف الذي لا يعبر عن المبادئ الاصيلة التي ترتكز عليها سياسة الولايات المتحدة الامريكية معبرا سموه عن امله في ان تركز امريكا على مبادئها فيما يتعلق بقضية لبنان وان تعود الى مبادئها.
وحول سؤال عن عدم وجود موقف واضح وجريء للانظمة العربية ضد سياسة امريكا المنحازة كليا لاسرائيل قال سموه «الدول العربية تأخذ الاجراءات وفق قراراتها واستراتيجياتها في هذا الاطار وهي تسعى الان بكل جهودها ليس فقط للتصدي للهجمات ولكن لحشد الطاقات لتقوية امكانات التصدي وانا اعتقد في قراءة البيان الذي صدر عن المملكة العربية السعودية منذ ايام الاشارة الواضحة لما علينا ان نقوم به في هذه الظروف والتوقعات باستشراء هذا الشر في منطقتنا وضرورة الالتفاف لمواجهته».
وحول سؤال عن التراخي الامريكي ودعم اسرائيل لضرب لبنان والتمهيد لضرب سوريا وايران ومدى انعكاس ذلك على العلاقات السعودية والعربية مع امريكا، قال سموه «في الواقع لم اسمع ان الولايات المتحدة مؤيدة لضرب لبنان بالشكل الذي ذكر في السؤال او لضرب سوريا وايران و المأخوذ على الولايات المتحدة انها لم تتخذ موقفا يمنع اسرائيل من ضرب لبنان ونأمل من باب اولى اذا كان هناك نية عند اسرائيل للتحرش بسوريا ان يكون هناك موقف امريكي رادع ومسؤولية امريكا تقع انها تمد اسرائيل بكل انواع الاسلحة وبالتالي هناك واجب معنوي عليها ان لاتستخدم هذه الاسلحة لقتل الابرياء وهناك قوانين امريكية في داخل امريكا تمنع ذلك فنأمل ان تتمشى مع هذه الانظمة.
زيارات خادم الحرمين
وحول سؤال عن زيارة خادم الحرمين الشريفين لعدد من الدول وان الوضع في المنطقة أخر هذه الزيارات اوضح سموه ان هناك زيارات مبرمجة لخادم الحرمين الشريفين على مدار السنة وهناك زيارات متبادلة بين المملكة وعدد من الدول تحكمها ظروف الوضع في المنطقة مؤكدا انه سيتم مراعاة الضروف السائدة في المنطقة في أي برمجة لهذه الزيارات .
وحول سؤال عن عدم تضمن الموقف العربي جوانب اقتصادية وكذلك وجود خطة للمملكة لاعادة اعمار لبنان في حال توقف الحرب بين سمو وزير الخارجية ان ما تقدمت به المملكة من مساعدات للبنان يعبر عن الموقف السعودي بطريقة ابلغ من القول بالكلمات وهناك تعاون اقتصادي في قرارات القمة اتخذت لانشاء اتحاد عربي والسعي الى وضع برنامج للوصول الى هذه الغاية وفي حال تنفيذه سيلبي هذا الجانب في العمل العربي المشترك .
للصبر حدود
وعن سؤال عن لقاء سموه مع الرئيس الامريكي وان رسالة خادم الحرمين الشريفين للرئيس الامريكي اكدت على وفاة عملية السلام ويعاد ترتيب الصراع العربي الاسرائيلي رؤية جديدة قال صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل «في الواقع الرسالة كانت لعدة امور اولها وقف القتال في لبنان لانه الامر الملح ثانيا ان جميع هذه الازمات التي يتعرض لها الشرق الاوسط ناجمة بشكل او اخر في الصراع الاساسي او المشكلة الاساسية وهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني او الصراع الاسرائيلي العربي والولايات المتحدة لها دور اساسي في الوصول الى حل سلمي والدول العربية متوجهة للحل السلمي ومقررة ان تتجه نحو هذا الحل السلمي والبيان الذي صدر منذ ايام .. «للصبر حدود» فالدول العربية انتظرت طوال هذه السنين واجتهدت وقدمت مقترحات ولكن قوبلت كلها بالرفض الاسرائيلي مما يتطلب ان يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته اذا اراد ان هذه المنطقة الحساسة من العالم ان لا يستشري فيها الصراع ويكون ذلك ليس فقط على حساب دول المنطقة ولكن سيشمل بمضاره وشروره العالم بأسره.
وحول قيام بعض وزراء خارجية عدد من الدول بزيارة لبنان وعدم زيارة أي مسؤول سعودي للبنان أوضح سموه بأن ليس هناك ما يمنع الزيارة مؤكدا وجود تشاور لعقد مجلس الجامعة العربية في لبنان وليس فقط زيارة فردية موضحا أن اجتماع مجلس الجامعة في لبنان سيكون خطوة لتأييد ومؤازرة لبنان مما سيعود بالفائدة على الوضع العربي حتى يكون منقسم اتجاه القضية المحورية وللبنان الذي يشعر بنوع من التخاذل تجاه الامة العربية.
الشرق الأوسط الجديد
وعن سؤال حو ل الحديث عن شرق اوسط جديد وان امريكا تحس بانه لابد من علاج مشاكل الاحتقان في المنطقة بما يحقق السلام الذي يتمناه العرب او انه رسم لمزيد من الهيمنة الاسرائيلية .
قال سموه «نريد الرجوع للشرق الاوسط القديم والجديد لانرى فيه سوى زيادة المشاكل والبلاء والشرق الاوسط ليس منطقة خالية من البشر ومصيرنا بعد الله يقومه ويكونه ابناء هذه الامة فاذا كانت امة تستحق الحياة فعلا ستلتف حول بعضها وستكون لنفسها الموقف الذي يحفظ مصالحها وانا من المؤمنين به ان مصيرنا بيدنا وليس في يد الاخرين مهما كانت القوة التي تواجهنا فهناك الامكانات والقدرات على ان نقوم بحماية مصالحنا بانفسنا».
وعن دعوة ماليزيا لعقد قمة اسلامية افاد سموه ان ما دعت له ماليزيا هو مؤتمر لمكتب الرئاسة والمملكة عضو مشارك حيث ان القمة الاستثنائية عقدت بمكة المكرمة ومكتب الرئاسة مكون من الرئاسة السابقة والرئاسة اللاحقة للمؤتمر الاعتيادي والامين العام وبعض الدول الاسلامية والمملكة ستشارك في هذا الاجتماع حتى ولو كانت المملكة غير عضو اساسي.
وحول امكانية استخدام سلاح النفط فى الصراع فى حال تطور الاحداث للاسوأ قال سموه «نحن نستعمل سلاح النفط لاقصى درجة لانه يشكل فى تنمية امكاناتنا وتقوية بنيتنا الدفاعية والسياسية والاقتصادية وهذا ما تفعله كل الدول التى تستثمر هذه المادة فى الامكانات التى لديها والسلاح معروف للامكانات الاقتصادية ولا يجوز الخلط بين الاثنتين فالنفط هو فى الامكانات الاقتصادية التى تحتاج لها الدول ويحتاج لها الوضع العربى عموما للقيام بواجباته تجاه أمن مواطنيه واستحقاقاتهم.. لا يجوز أن نخلط عن الرأى العام العربى الامور بحيث انه يرى بأن هناك مصلحة فى التأثير على شيء هو اساس مصلحته اذا لا سمح الله حصل أننا تجاهلنا هذا الواقع وبدأنا نطالب بمقومات حياتنا ونغامر بمغامرات غير محسوبة فى هذا الاطار فأول من سيتأذى من هذا هو المواطن وهذا ما لا ترضاه الحكومة ولاترضاه أى حكومة عاقلة ومدركة لمصلحة بلدها».