-A +A
بدر بن سعود
حضـــور السعــوديات في الصحافة بأشكالها، لا زال محــــدودا، قياسا على نماذج دولية أخرى، وأذكــر من مكالمة هاتفيـة طويلة، قبل سنـــوات، مـع جهير المساعد، الكاتبة المعروفة وزميلتنا في «عكاظ» أنها، وكما قالت، تناوبت مع الأستاذ تركي الســـديري ود. فهـــد العرابي الحارثي، فـي كتابة صفحة أو صفحتين في صحيفة الرياض، وفـــي ذلك الوقت، كانت من أول الصحفيــات الوطنيـات في الصحافة السعـودية المكتوبة، وكيف أن المتابعين لها اعتقـــــدوا، أول الأمـــر، أنها كويتية، و من قريبات عبــــد العزيز المساعيد رئيس تحرير مجلة النهضة.
اليوم هناك مديرات تحرير، كاتبـات وصحافيات سعوديات، وأشك في وجود نسبة وتناسب رقمي بين أعداد الصحافيات والصحافيين، أو عدالة في الترقيات والمهام، إلا أني لا املك ارقاما تؤكد هذه النظرة، مع أن الكاتبة ناهد باشطح، سجلت موقفا قويا لمصلحة الصحافيات السعوديات، بعد أن حصدت، أول جائزة صحافية خارجية تمنح لصحافي سعودي في عام 2001، وتشاركت مع أخرى في عضوية مجلس إدارة هيئة الصحافيين عام 2004، وعلاقة النساء بالصحــافة تستحق التأمل فعلا، فقد أشارت إحصاءات عام 1992 على الإعلام البريطاني والأمريكي بكل فروعه، إلى أن الإعلاميات حققن نسبة مساوية للإعلاميين في أمريكا(49 في المائة) وبريطانيا (40 في المائة) مقارنة بنسب متدنية في مهن أخرى كالمحاماة: 22 في المائة لأمريكا و37 في المائة لبريطانيا، وطب الأسنان: 9 في المائة لأمريكا و29 في المائة لبريطانيا، والمحاسبة: 16 في المائة لأمريكا و19 في المائة لبريطانيا.
كما سجلت البدايات النسائية الصحافية، حضورا لافتا، في أمريكا القرن التاسع عشر، وبرزت أسماء مثل: سالي فان بليت المراسلـــة الصحافية للعبــة البايسبول في ولاية أيوا، السيدة فيتزجيرالد المراسلة الليلية لأخبار الشرطة في صحيفة شيكاغو إنتر أوشن ونيلي بيلي المراسلة الأسطورة في صحيفة نيويورك ورلد، وهن استثناء لأن القاعدة أن معظم المهام الموكلة للصحافيات تدور حول شؤون المرأة وقضايا المجتمع، ومن بريطانيا توجد نماذج قريبة للنسخة الأمريكية، منها ماري ماتيلي، التي نشرت دورية (فيمايل تاتلر- 1709) وخطفت رئاسة تحرير «ذي أكسامنير» من جونثان سويفت في 1711، واليزابيث ماليت رئيسة تحرير أول صحيفة بريطانية يومية (ديلي كورنت – 1702) المملوكة لزوجها، وراشيل بير ناشرة ورئيسة تحرير ذي صنداي تايمز، في الفترة ما بين 1894 و 1897، المملوكة، في تلك الأيام، لجدها ديفيد ساسون، وكتب فريد هانتر(1996) أنه في ثمانينات القرن التاسع عشر، قامت المراهقات البريطانيات، بمهام صحافية، في الصحافة المملوكة لأبائهن.
الشي الآخر هو أن الصحافية تنظر إلى الحدث السياسي بعين مختلفة، والأدلة تقدمها مراسلات حرب البلقان البريطانيات أمثال: ماغي أوكين، جانين دي جيوفاني وكيم ويلشر، فقد أهملن التركيز الرجالي المعتاد، على التكتيك العسكري، والقدرات القتالية، لصالح الضحايا من غير المشاركين في القتال، وتأثير الحرب في دفعهم إلى المشاركة فيها، ومن العراقيل التي يضعها النساء أمام النساء في الصحافة، وجود فكرة بيولوجية، وضعت أولا بمعرفة امرأتين: جينيفيف بوغنر وإثيل برازيلتون في عشرينيات القرن الماضي، تقول بأنه لا ينبغي للصحافيات القيام بأدوار لا تتناسب مع الإمكانات البيولوجية، والأفضل استثمار القدرات الطبيعية لا الوقوف ضدها، وهذه الرؤية لا زالت، وبعد مرور 50 سنة تقريبا، مؤثرة في كتابات أكاديمية كثيرة، على سبيل المثال، ليسبيت فان زونين (1994) و ليندا كريسماس(1997).
التفرقة في المعاملة على أساس الجنس، مشكلة ثانية، تعاني منها صحافيات بريطانيا، حتى في الأوساط الصحافية التي يسيطر عليها نساء، وبين صحــافيات مرموقات، خبرة بعضهــن في المجال الصحافي، تتجاوز عشرين سنة، ما يكشف أنه ومع التفوق العددي والمهاري أحيانا، فإن إحساس الصحافية أنها أقل درجة لم ينته، على الأقل في بريطانيا، وقد أجرت مارغريتا ميلين هيغنز (1997) مقابلات مع صحافيات أسكتلنديات، واتفق معظمهن على أن مشاكل العمل الصحافي مع الرجال، تتراوح بيــن النكت المؤذية، الشعور بعدم الانتماء، تجاوز النساء في الترقيات لأنهن نساء، المعاملة كطفلة صغيرة، تكليفهن بمتابعة أخبار المرأة مع الرغبة في العمل كمراسلات في السياسة. مارغريتا، أوضحت بأن أخريات، اعتبرن شؤون المرأة مهمة، وليست أبدا أقل من غيرها.
يقول روجر سميث (1980) بأن التحيز ضد الصحافيات، ليس محصورا على العمل، بل يتم في أماكن التفاعل الاجتماعي العامة للصحافيين، وهذا يحول دون وصولهن إلى المعرفة العملية، الضرورية جدا، في تكوين الشخصية المهنية للصحافييـــن، والأكثـر أهمية في حالات كثيرة من التدريب الأكاديمي. كذلك أكدت يليبا كينيـــدي رئيسة تحرير برس غازيت، في كلمة طلابية لهـا عام 1999 أن الصحافيين، وبالذات النساء منهم، يحتاجون إلى موجه مهني في بداية حياتهم العملية، ما يعني وبحكـم الأسبقية والريادة أن الرجل هو الموجه المقترح، إلا أن الواقع يلغي هذه الاحتمالات، فقد قالت إليانور ميلز، عند تعيينهـا على وظيفة رئيس تحرير مساعد، في صحيفة صاندي تايمز في التسعينات، وعمرها لم يتجاوز 27 سنة، بأن وصولهــا إلى هذا الموقع، جاء نتيجة لتحالف نسائي قوي وقف إلى جانبها، وللعلم فإن تمثيل الصحافيات البريطانيات بسيط في صحف التابلويد الشعبية واليوميات الجادة في بريطانيـــا، وإن وجدت إسهـامات، فغــالبا ما تكون في إصدارت يوم الأحد، والنسبة الأكبر تعمل في المحطات التلفزيونيــة والإذاعية الخاصة، وليس شبكــة بي بي سي مثلا، وهن متواجدات بصورة أكبـر فـــي وظائف، المـــراسلة الصحافية، الدسـك والتصحيـح، التحرير التنفيذي والإخـــراج الصحافي، والصحـــافيـــات البريطــــانيات يعملـــن، في المتـــوسط، عشر ساعات أقل من الرجال، وأغلبهن لا يفكرن في الإنجاب أو تكوين أسـرة، ولهن في لنـــدن جمعية كل أعضائها نســـاء، تهتم بالدفاع عن حقوقهن الوظيفية، اسمها «ويجيز» و اختصارها «دبليو آي جاي».
تقول هيذر جوشي (1997) بأن الصحافة، وأكثر من أي مهنة أخرى، مكنت المرأة من فرض هويتها، ومهدت لها طريقا تتحرر فيه من خضوعها التقليدي.
والسؤال: ماذا قدمت الصحافة السعودية للصحافيات، أو ماذا قدمن لتطوير الدور الصحافي للمرأة، وما هو أرفع منصب وظيفي حقيقي، يمكن أن تصل إليه الصحافية في السعودية، ثم هل يوجد تاريخ نسائي للصحافة أو تمييز ضد الإعلاميات السعوديات، وما رأي الزميلات الكريمات مرام مكاوي ورزان بكر وسمر الموسى؟.
binsaudb@ yahoo.com

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة