-A +A
بيير روسلين
يتصرف الجميع كما أن المشكلة الخاصة بالبرنامج النووي الايراني، وقضية الحرب التي تشنها اسرائيل على لبنان وحزب الله، هما حدثان منفصلان. لكن الكلّ يعرف انهما مرتبطان وان هذا الترابط سوف يزداد أكثر فأكثر، وأن أياً من هاتين الأزمتين لن تجد سبيلها الى الحل بدون إحراز تقدّم على مسار الثانية. إن الاعتراف بهذه الحقيقة من شأنه ان يكون خطوة اولى باتجاه المزيد من الوضوح. ولبنان يربح بذلك ردحاً ثميناً من الزمن في إنقاذ حياة الناس، وتدمير بنيته التحتية، لأننا نرى جيداً ان الدعوات للتوصل الى اتفاق، غير محتمل بين المتحاربين، كشرط لارسال قوة دولية الى لبنان، لا تفيد إلا لناحية التسويف، ولدفع اسرائيل أكثر باتجاه الوصول الى مأزق عسكري.
والقول بأن حزب الله، كما حماس في فلسطين، يتمتعان بقدر من الاستقلالية في التصرف واتخاذ القرار، بالنسبة لطهران، لا يعني عدم الاقرار بوجود تصميم لدى ايران على الدفع باتجاه الاعتراف بأنها لاعب اساسي في العالم الاسلامي، وبالتالي في الازمة مع اسرائيل. وهذا التطلع يعكس طبيعة النظام في طهران. واي رفض لأخذه في الاعتبار، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، يوضح جوانب المأزق الذي يتخبط فيه الملف النووي الايراني.
وبوسعنا الإعراب عن الأسف من ان الجمهورية الاسلامية الايرانية قد استغلت سقوط صدام حسين، ارتفاع، اسعار البترول، لكي تفرض نفسها على المسرح الإقليمي. وعدم الاعتراف بهذا الدور يقود الى تراكم للأزمات،تكون الواحدة منها أكثر كلفة من سابقتها، بالنسبة لمصالح القوى الغربية. فكلما طالت فترة الانتظار، ارتفع الثمن الواجب دفعه.
ان الازمات الاخرى في لبنان وجدت حلاً مؤقتاً لها عندما تدخلت فيها سوريا. ولكن ألم تشكل نهاية الوجود السوري في لبنان، النجاح الدبلوماسي الوحيد في الشرق الأوسط منذ زمن طويل؟. ان سوريا لم تعد كما كانت، فبعد ان وضعت نفسها في المدار الايراني، فقدت استقلاليتها في اتخاذ القرار.
لذلك لا بد اذن، من العودة الى ايران التي ملأت الفراغ الذي خلّفه الانسحاب السوري في لبنان، وذلك عبر تقوية نفوذها على حزب الله، من خلال مساعدته على التجذر السياسي والعسكري، في المجتمع اللبناني ومن الواضح ان هذه «الميليشيا» ذات التسليح الجيد، والتي تتشكل كوادرها القيادية من عناصر من حراس الثورة هي اليوم ورقة بيد اللاعب الايراني.
ماذا ينتظر المجتمع الدولي لكي يستجوب طهران؟ وهل تربط الجمهورية الاسلامية بين ملفها النووي والوضع في لبنان؟ وهل هناك خلافات داخلية بين المتشددين من اتباع الرئيس احمدي نجاد وبين مرشد الثورة علي خامنئي؟ من المهم والجيد ان نعرف الاجوبة على هذه الاسئلة، لأن السفير الايراني الأسبق في باريس، صادق خرازي، قد أكد مؤخراً ان العدوان الاسرائيلي يشمل اتفاقاً على الملف الايراني النووي.
إن سياسة المـواجـهة والتصادم التي تـنـتـهـجــها واشنطن، مع طهـــران، منذ زمن بـعـيـد، قد اسـفــرت عـــن تـقـوية الراديكاليين. والـتـظــاهر بتجـاهــل ايـران لـيـس حلاً.

* كاتب في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية
ترجمة: جوزيف حرب