-A +A
صالح إبراهيم الطريقي
كان من الطبيعي أن تفشل تجربة «لورنس العرب» أو شيخ «البال توك» كما يحب البعض تسميته في مسلسله «شوربة وخل»، فالنجاح الذي حققه «لورنس» في «اليوتيوب والبال توك» كان بسبب ما يسمى «المسرح الارتجالي» القائم على فرد يريد التحدث عن فكرة ما بسخرية، معتمدا على لغة وقحة مختلطة بالطرفة المعتمدة على الشتائم.
وهذا المسرح له جماهيره في العالم، ويؤديه نجوم لهم جماهيرية كبيرة، والجماهير تتقبل وقاحة نجمها ويثير ضحكها، وتدفع الأموال لمشاهدة تلك الوقاحة.
في العالم العربي لا يتقبل أفراده مثل هذا المسرح بشكل جماعي؛ لأن المجتمع يجبرهم على أن يلعبوا دور الأخلاقيين الذين يرفضون تلك الوقاحة ويهاجموها بشكل جماعي، لكنهم يتلصصون على «الوقح» في «اليوتيوب» ويضحكون ويتمتعون؛ لأنه يقول ما لا يستطيعون قوله في العلن إذ يهاجم أعداءهم.
قلت: كان من الطبيعي أن يفشل مسلسل «لورنس السعودي»؛ لأن شركة الإنتاج حاولت تجيير تلك الجماهيرية لمصلحتها، دون أن تقدمه كما هو، أو هي لا تستطيع تقديمه بنفس شخصيته التي نجحت في الإنترنت، فحاولت إلباسه ثوب الواعظ، لهذا لم يستطع منافسة باقي الوعاظ أصحاب البرامج الوعظية، بل هو لم يستطع منافسة باقي الوعاظ في المسلسلات الأخرى.
بعيدا عن الواعظ الجديد وباقي الوعاظ الذين يحولون الأفلام والمسلسلات إلى خطاب وعظي قائم على يجب ولا يجب، متى سيكف أغلب الممثلين العرب عن لعب دور الوعاظ، ليقدموا فنا؟
فالفن لا دخل له بالوعظ ولا بالإيديولوجية ويفسد إذ تستغله السياسة، فهو يتحدث عن الإنسان وعذاباته وخيبتاه وفشله بأن يكون ما يريد.
بعبارة أوضح: الفن هو فيلم «الكيتكات» لمحمود عبدالعزيز، الذي يقدم تلك الشخصية المتدينة إلى حد ما والفاسقة إلى حد ما، والعمياء ومع هذا أمنية الأعمى أن يقود دراجة، دون أن يحاكمها أخلاقيا.
الفن مهموم بالإنسان المشغول بمأزق وجوده، ويتحدث ـ أي الفن ـ عن الإنسان المتورط بصراعات تاريخية مع الآخر، هذه الصراعات لم يصنعها هو لكنه خرج لعالم أعد له أعداء لا يعرفهم ولم يلتق بهم من قبل.
يتحدث عما يحلم به الإنسان طوال حياته ولا يحققه، أو يحققه فيكتشف أن الحلم أجمل، كأن يحب رجل امرأة أو العكس، وحين يرتبط بها أو ترتبط به، يكتشف كل منهما أن حلم الارتباط أجمل من الارتباط.
S_alturigee@yahoo.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة