-A +A

عكاظ حضرت مراسم العزاء في منتجع الأسرة


مدرسة الهداية مطلع نبوغ الأديب.. السفير.. الوزير


بندر الطائفي ـ المنامة


تسعة كيلو مترات.. أو تزيد، تلك التي تفصل ما بين مجلس عزاء فقيد الوطن غازي القصيبي في منتجع الأسرة في الجسرة، وبين مدرسته (الهداية الخليفية) في المحرق، ذلك الصرح العتيق، الرفيع، والشاهد على نبوغه وتفوقه بين أقرانه التلاميذ، في أواخر الستينيات الهجرية.

استوقفنا أحد أهالي المحرق قبل ظهر أمس، وسألناه عن موقع مدرسة الهداية، بعد أن شهدنا مراسم العزاء التي بدأت منذ الصباح الباكر، فأوصلنا مشكورا بعد أن أكرمنا بالسير أمامنا إلى المدرسة الأثرية الشامخة، وهناك قدمنا له الشكر والثناء إزاء تعاونه، وأوضحنا له بأننا نريد توثيق زيارتنا للمحرق بالوقوف ميدانيا على المدرسة التي أنجبت فقيد الوطن، الراحل الكبير غازي القصيبي، فما كان من الرجل الستيني إلا أن تحشرج بالصوت، والتمعت في عينيه لفافات رقيقة من الدمع، وقال لنا وسط ذهول من قبلي وزميلي المصور: ومن لا يعرف غازي القصيبي، الأديب الإنسان الرفيع البليغ. ثم غادرنا والعبرات تكاد تخنق قامته، بل وتخثر صوت حنجرته، داعيا للفقيد بالرحمة والمغفرة.

حاولنا الاسترسال في الحديث معه، لكن الحزن الذي بدا على الرجل حال دون ذلك.

نسوق تلك المقدمة ــ بلا رتوش ــ توثيقا لتبيان مكانة الراحل في قلوب العامة والخاصة على السواء، داخل حدود الوطن وخارجه، ولدى الجميع صغارا وكبارا.

وكانت «عكاظ» قد التقت سهيل، ابن الراحل، الذي غالب هو الآخر حزنه واستقبل برفقة شقيقيه وذوي الفقيد، مئات المعزين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر إلى منتجع الأسرة في الجسرة، وفي مقدمتهم عدد من الأمراء والشيوخ وكبار المسؤولين والأدباء والمثقفين في المملكتين. وأوضح سهيل في حديثه لـ«عكاظ» أن والده كان يفضل قضاء فترات النقاهة والإجازات في البحرين وفي هذا المنتجع الذي شهد مجلس العزاء، وأنه كان يفرح كثيرا ــ رحمه الله ــ حينما يرى الآخرين سعداء ويقضون أيامهم بأمن وطمأنينة وسلام، مشيرا إلى أنه كان أبا وأخا وصديقا محبا ومتسامحا مع الجميع داخل الوطن وخارجه.


 


مثقفون عرب: إنتاجه تميز بالجرأة ومواقفه اتصفت بالشجاعة


وزير الثقافة المصري: القصيبي أنموذج الفارس العربي النبيل


هناء البنهاوي ـ القاهرة، فادي الغوش ـ بيروت، أروى خشيفاتي ـ المنامة (هاتفيا)


توقف أدباء ومفكرون عرب عند رحيل المبدع الدكتور غازي القصيبي، منهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني الذي وصف القصيبي بنموذج للفارس العربي النبيل.

المثقفون العرب الذين تحدثوا لـ «عكاظ» عبروا عن حزنهم العميق لرحيل القصيبي، لافتين إلى أنه ترجل عن فرسه بعد أن ملأ الدنيا إبداعا شعريا ونثريا فتح بها الأفاق لحرية الفكر والانتصار للعروبة وللحقوق المرأة، مؤكدين في الوقت نفسه أن رحيله خسارة فادحة لكل العرب، «ولكن العزاء يبقى فيما أفرزته قريحته من إبداع تخلده كلماته الشعرية وفنه الحكائي الذي سيظل حيا نابضا تستفيد منه الأجيال المبدعة سواء في وطنه السعودي وفي العالم العربي».


  


سيظل رمزاً


القصيبي سيظل بعد وفاته رمزا للفارس العربي النبيل الذي لم تمنعه مسؤولياته المهنية والإدارية الكبيرة من إعلاء قيمة الفكر والذود عن قضايا الإنسان في وطنه وأمته العربية بالكلمة، وهو ما تجلى في مظاهر عديدة من إبداعاته ومنها على سبيل المثال لا الحصر قصيدته الرائعة عن الشهيد محمد الدرة، كما أننا جميعا لا ننسى أشهر رواياته «شقة الحرية» التي استقى فضاءها الأدبي واستلهم شخوصها من القاهرة حين كان يدرس فيها.

فاروق حسني (وزير الثقافة المصري)


 قامة فكرية


القصيبي كان وسيزال بعد رحيله قامة فكرية وأدبية سجلت لنفسها اسما في تاريخ الإبداع العربي، والتاريخ يحفظ للأجيال إسهامات القصيبي المضيئة في سماء الفكر العربي بوصفه واحدا من أهم الرموز الأدبية في المملكة والعالم العربي. القصيبي انفتح على ثقافات الشرق عربيا وعلى الغرب خلال وجوده في لندن كمسؤول سياسي، وهذا الانفتاح الجغرافي ساهم بشكل كبير في تعميق وعيه بالذات وبعروبته، واستفاد من ذلك الخير الكبير في تكوين الحصانة الفكرية التي تمنعه من الذوبان في الآخر، فجاءت تجربته الإبداعية عميقة في قضاياها جريئة في أفكارها قوية في لغتها. إن الحصانة الفكرية التي تمتع بها القصيبي جعلته لا يخشى لومة لائم في إبداعه مهما صادف من المنع أو أي شكل من أشكال الرقابة مثلما حدث مع روايته «شقة الحرية»، وكما حدث مع ديوانه الشعري الثالث «معركة بلا راية». فالرقابة لم تمنع القصيبي من أداء رسالته الأدبية، بل كانت حافزا له على مواصلة الطريق الوعر وهو شرف الكلمة حتى انقادت له الكلمات وخلدته أيضا.

محمد سلماوي (رئيس اتحاد كتاب مصر )والعرب)


 حوار الثقافات


أقدم عزائي للثقافة العربية وللمملكة، فالقصيبي سيبقى بعد رحيله عن دنينا رمزا للكلمة الأدبية الشجاعة وللحوار بين الثقافات. انفتح على ثقافات عربية أخرى غربية أتاحت له فرصة جمع لغته العربية الأم واللغات الأجنبية مما فتح له أبواب الاطلاع على الإنتاج الأدبي والفكري في الغرب، ولا شك أن حصيلة الجمع بين موروثه وثقافته العربية في قديمها وحديثها اتصاله بالثقافات الأجنبية المغايرة والمعاصرة قد انعكس بشكل كبير في إنتاجه الإدبي الذي تميز بالجرأة والثقة رغم علمه أن هذه الجرأة قد يدفع ثمنها غاليا من منع أو رقابة، لكنه تحدى هذه المخاوف التي كانت حقيقية، وساهم منع نشر أعماله في تحقيق المزيد من شهرتها.

جرأة القصيبي دفعته إلى الاهتمام المبكر بالهم العربي وانقساماته منذ أولى تجاربه في هذا المضمار «شقة الحرية» التي صدرت عام 1994 التي تناولت واقع الشباب العربي خلال الفترة (1948 ــ 1967)، حيث يعيش أبطال الرواية في شقة في مدينة القاهرة وسط أجواء فكرية وسياسية عاصفة بتوجهات فكرية مختلفة لكل منهم. أما رواية «سبعة» فتعكس قدرة القصيبي على استثمار لغته الشعرية في السخرية من الواقع العربي.

رحمه الله كان فارسا ترجل وبقيت كلماته الصادقة التي رثى فيها نفسه قبل الموت ليؤكد على صدقه الإنساني شاعرا وروائيا مبدعا، وليؤكد فيها ثقته بربه وحبه في لقائه كما قال:

«أحببت لقياك .. حسن الظن يشفع لي

أيرتجي العفو إلا عند غفار».

د. جابر عصفور (ناقد ورئيس المركز القومي للترجمة في مصر)


  


فضائل نادرة


غازي مجموعة من الفضائل النادرة التي قلما تجتمع في شخص وحد.في 2006 كتبت فيه قصيدة تقول:

إن غازي كينونة هو وحده

صنوه لم يكن وهيهات بعده

وكتاب لا تسألن عن مداه

فمداه لم يبلغ الناس حده

إن غازي من الناس الذين تستعذب حديثه والجلوس معه، أيضا ممن لا تعلم يسراهم ما أنفقت يمناهم، فقد شمل الكثيرين بعطفه ورعايته.

ومن المواقف التي تدل على كرم أخلاقة أنه عندما أتى إلى البحرين سفيرا للمملكة وظل عشر سنوات ولمعرفة الناس بمدى قرب غازي مني وقربي منه أثقلوا عليّ بالطلبات سواء طلبات ابتعاث للمملكة للدراسة أو للعلاج أو غيرها وكل هؤلاء لم يردهم القصيبي. إلى درجة أني قلت له مرة (هؤلاء الناس يظنون أنك في جيبي فرد عليّ قائلا أنا في جيبك). وكنت وقتها أكتب عمودا في إحدى الصحف فقلت فيه متعمدا كي يراه القصيبي:

كثر الطارقون باسمك بابي

يستعينون بي إليك وصولا

يطلبون الشفاء

لم يبق خل من رفاقي إلا وافاك خليلا

أستحي منهم ومنك

فليلي بات من وطئت العناء طويلا

فأعني عليهم إن صبري كاد ألا يكون صبرا جميلا.

القصيبي صديق من معدن لا يصدأ وهو نسيج منفرد، رجل يصدق في صداقته إلى حد النبالة والطهارة القصوى، إنسان لا تشوب صداقته شائبة إنسان نبيل كامل الأوصاف، لا يتكرر ولا يجود به الزمان دائما. هو كيان متعدد المواهب بدأ شاعرا وانتهى روائيا، وهو من الناس الذين ينجحون ويبدعون أينما وضعوه، فقد عمل في عدة وزارات وأبدع فيها وآخرها وزارة العمل والعمال. وكان صاحب فكاهة فعندما أتى البحرين وزيرا للصناعة والكهرباء مازحه أحد الأصدقاء فقال: (أشعارك كلها صناعة فرد القصيبي وفيها كهرباء).

عبد الرحمن محمد الرفيع (شاعر من البحرين وصديق القصيبي)


 القصيدة فازت به


لم يكن القصيبي شاعرا عابرا، لقد فاز به الشعر وحققت القصيدة الجائزة به.

شاء القصيبي أن يبني مظلة من نسيج أدبي تمتد على عمودين: التخيل والواقع، فوقها سحابة منفردة مخاضها لا يزيد ولا يفيض عن الحاجة لأن قدرته فاعلة، ولأن تأثيره حاسم. لقد شق في جبل الفكر خطا زلزاليا تتكسر عنده اجترارات قديمة لم يتمكن أن يجاريه فيه أحد. أراد أن يطلق النار على المكرر فأحسن مخاطبة العقول والمشاعر معا. تفرس في الفكر ودقق في الشخصية البشرية، فكان حاد النظر صائب التحليل.

إن تقويم ما أتانا به العزيز الشاعر والأستاذ والسفير والوزير غازي القصيبي أمر جلل لا يلفي نظيره لأن فذلكته هي بيان للأسباب الموجبة للإبداع. تغمد الله الرحل العزيز غازي القصيبي برحمته، وأني أعتبره من أعمدة الحضارة الراهنة.

د. روحي بعلبكي (الرئيس السابق لاتحاد الكتاب اللبنانيين)


 


ثمنوا مواقفه الوطنية وصرامته الإدارية .. أدباء وكتاب لـ «عكاظ»:


أحمد عائل فقيهي، فاطمة آل عمرو  ــ جدة، مريم الصغير ـ الرياض


عبر أدباء ومثقفون عن حزنهم البالغ لرحيل الدكتور غازي القصيبي وقالوا: «بغياب القصيبي تفقد الحركة الأدبية والثقافية في المملكة واحدا من أهم رموزها الكبار، بصفته شاعرا وكاتبا وروائيا ومثقفا فاعلا أثار الكثير من القضايا والمسائل الفكرية والأدبية، وهو أحد المجددين في تاريخ الكتابة الإبداعية في المملكة».


  


خصال جميلة


رجل شجاع ذو مواقف.. وصادق يتميز بالخصال الجميلة والسمعة العالية، خصائص كبيرة فقدتها الأمة وفقدها الوطن. حسناته كثيرة.. رحمه الله ــ أرجو الله أن يعوض الوطن فيه خيرا ــ إنه قيمة وذو قيمة.. لقد قدم الكثير لوطنه والساحة الأدبية والفكرية من خلال دواوينه الشعرية ورواياته، وكتبه الكثيرة.

عبد الفتاح أبو مدين


 


عبر عن هويتنا


هو رمز يتوج رؤوسنا ويرفع هاماتنا ونركن إلى اسمه.. وإذ يغيب اليوم فإنه يغيب شامخ الهامة بما تركه لنا ولثقافتنا ولاسمنا في كل مكان، فهو الذي إذا قلنا اسمه في أية بقعة من بقاع العالم فإننا معه نعلن عن هويتنا وثقافاتنا ورمزيتنا. رحمك الله يا أبا يارا وحفظ يارا وسهيلا، ونحن من بعدك باقون على حبك والوفاء لك والافتخار بك وبمنجزاتك التي تبقى ولا تموت وتخلد فينا وفي تعاقبات أجيالنا، عليك الرحمة أيها الغالي.

د. عبدالله الغذامي


 


شمس غازي


بغياب الدكتور غازي غابت شمس من الشموس النادرة التي لم يخجلها بريق السلطة عن مشاغبة الظلام بجرأة وبأدوات مبتكرة أو ماكرة مرحة أحيانا وجادة وساخرة أحيانا أخرى، فالمهم في كل حالات غازي وتحولات تاريخه الخاطف الأخاذ عدم الاستسلام، هكذا كانت شمس غازي وهكذا ستبقى لأجيال، وهو وان رحل فستبقى وهج شجاعته في الإنجاز للحق والجمال وموهبة الإبداعية والإدارية الفذة على جرح الظلام بماء الحبر.

فوزية أبو خالد


  


رجل مواقف


رحيل غازي القصيبي مصاب جلل، خاصة بالنسبة لمن عرفه شخصيا بالإضافة إلى كونه مثقفا من طراز مميز وإداري من طراز رفيع، فهو من ناحية إنسانية كان مثالا للأخلاق والعلاقات الإنسانية الرفيعة.

عرفت غازي القصيبي منذ السنة الأولى في الجامعة، فقد فرض شخصيته على الجميع، سواء بثقافته أو أخلاقه أو تعامله الإنساني مع الطلبة.

القصيبي رجل مواقف، فنحن لا ننسى موقفه من موجة التعصب الديني إبان حرب الخليج عندما واجه ذلك التعصب بسلسلة مقالاته وكتبه ومنها «لكيلا لا تكون فتنه»، ولم يستغل القصيبي منصبه لمواجهة منتقديه، بقدر ما واجههم بقوة الحجة، وكان غازي القصيبي جريئا في إدارته فما من وزارة يتسلمها إلا ويقلبها رأسا على عقب، وذلك بالمعنى الإيجابي.

غازي القصيبي علامة فارقة في الثقافة السعودية والعربية.

يعتبر القصيبي مدشن الرواية السعودية الحديثة الواقعية، فعندما أصدر روايته «شقة الحرية» كان ذلك بداية جديدة للرواية في المملكة ولا ننسى بطبيعة الحال شاعريته الرقيقة وشعره الذي يمس الروح، وكذلك لا ننسى كتاباته الإدارية التي ألقت الضوء على ما يجري وراء الكواليس في كتابه حياة في الإدارة.

توفي غازي القصيبي عن 70 عاما وهو عمر قصير، ولكن لا نقول إلا: لله ما أعطى ولله ما أخذ، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

د. تركي الحمد


 


لن يتكرر مرتين


الوزير الدكتور غازي القصيبي رجل لن يتكرر مرتين وإنسان نبيل، وأضاف لكل الألقاب التي تقدمت اسمه، وليس الألقاب التي أضافت له، صاحب مشروعات وطنية مخلص جدا لها، الدكتور غازي القصيبي خسارة كبيرة أثرى إثرانا وأثرى المجتمع فكرا وأدبا وادارة وكان من الوجوه العربية المعروفة في الوسط الثقافي العربي، الوزير لم يمت لأنه ترك بين أيدينا الكثير من الكتب والإنجازات والتجارب والمشاريع الوطنية والأدبية والفكرية. والسؤال هل سنستفيد مما تركه لنا من إرث أم أنها ستمر مرور الكرام ويبقى مجرد اسم في حياتنا؟.

حليمة مظفر


 


حاج خصومه


كان غازي القصيبي.. مثقفا غزير الإنتاج.. كتب في السياسة والشعر والرواية والإدارة وفي مجالات أخرى.. وكان رجل معارك، حيث اصطدم مع الكثير من المتشددين أثناء حرب الخليج، وتظهر أهمية مواقف غازي القصيبي في الآراء التي عبر عنها وحاج بها خصومه، ولقد أصبحت هذه الآراء متبناة من جانب أولئك الخصوم.. وفوق هذا وذاك كان رجلا لطيفا بكل ما في كلمة اللطف من معنى، حلو المعشر، لين الحديث، يشعر بالألفة معه الصديق والبعيد.

د. توفيق السيف


 


صديق الحرف


ها قد غابت نبضات غازي القصيبي صديق الحرف والكلمة والقصيدة.. غازي الرجل والوزير الذي اجتهد في العطاء الوطني ولملم شتات الحروف ليغزلها أبيات كانت وما زالت تتراقص بين دفتي كل ديوان وكل كتاب، وهاهو صاحب الحمى والعصفورية والإدارة قد ترجل عن الحياة فما لنا سوى الدعاء بأن يجعل الله قبره روضة من رياض الجنة، ويجمعنا وإياه في جنات الفردوس ويا لها من أيام فضيلة أثر رب السماء بأن يختاره إلى جواره.

هويدا خوجة


 


غذاء الروح


أدعو له بالرحمة.. لقد توفاه الله في أيام كريمة ومباركة في هذا الشهر الكريم، ومع سماع وفاة غازي القصيبي أستعيد أحلى ذكريات القراءة والتكوين، فمع هذا الأديب والمفكر الكبير بدأت رحلتي منذ مرحلة الفتوة مع القراءة وتذوق الشعر، وكان القصيبي رافدا أساسيا من روافد تكويني، حيث كان يتحفنا الفقيد الكبير بدواوينه الشعرية ورواياته الجريئة ومقالاته الممتعة التي كانت غذاء روحيا مهما، فلم يكن القصيبي بالحدث اليسير في ثقافة هذه البلاد، وإنما كان عاملا مهما من عوامل نهضتها الأدبية والثقافية، حتى الناس البسطاء الذين لا يعرفونه شاعرا أو أديبا عرفوه وزيرا قريبا منهم، حينما كسر هذا الرجل الكبير التقاليد الرسمية قبل عقود من الزمان، واستطاع بانسانيته الكبيرة أن يتصل بالناس البسطاء في مدنهم وقراهم وهجرهم.



حسين بافقيه


  


غازي اسم لن يموت


كلمات صعبة لا نريد أن نعيشها أو حتى نصدقها، منذ وعينا على هذه الدنيا واسمك راسخ في أذهاننا، يرن في مسامعنا، وفي كل مكان نذهب إليه نرى بصمتك، فحبك مزروع منذ الصغر، خبر رحيلك كان صدمة كبيرة لنا، من شدتها تخطينا مرحلة الحزن إلى مرحلة اللاوعي بالذي حصل.

من قال إنك رحلت؟ أنت مازلت باقيا في أعماقنا، صورك، كتاباتك، لقاءاتك، مواقفك، دبلوماسيتك، شخصيتك، وطيبة قلبك، ستبقى ترفرف كالأعلام التي يرحل حاكمها وهي مازالت واقفة عاليا، رافعة رأسها بكل فخر واعتزاز.

دكتور غازي نحبك، ولن نبكي لغيابك لأنك مازلت حيا في قلوبنا وقلوب كل من أحبك، فأنت الرجل الذي ليس له مثيل، فهناك شخص يندفن ويدفن اسمه معه، ولكن (غازي القصيبي) شخص اندفن تحت الثرى واسمه مازال حيا ولآخر لحظة نعيشها، فكل ما قدمته لبلدك وأسرتك وحياتك التي سخرتها لأجلنا، وعملك الصالح، لن يضيع فسنكافئك عليه بالدعاء والذكر الحسن، رحمك الله يا قدوتنا ويا فخر أسرتنا ومملكتنا الحبيبة.

(اللهم إنه صبر على البلاء فلم يجزع فامنحه درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب فإنك القائل «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب»).



ابنة أخت الفقيد

عالية القصيبي


 


داعب الطباخين .. ونهرني: «لن أتحدث»


هادي الفقيه ـ جدة

المكان: قاعة أفراح شهيرة في جدة.

الزمان: 31/5/2004

الحدث: وزير يتحول إلى طباخ.

كان واحدا من صباحات جدة، إلا أنه اختلف كثيرا، فمن روتين التوجه إلى العمل إلى رحلة مختلفة مع وزير وأديب ومفكر ملهم، وإنسان قبل كل شيء.

هاتفني صديق ليبلغني أن وزير العمل الدكتور غازي القصيبي متوجه إلى قاعة أفراح شهيرة في جدة ليلتقي أول دفعة من الطباخين السعوديين الذين تدربوا في برنامج عبداللطيف جميل لخدمة المجتمع.

دلف القصيبي ومرافق واحد فقط واثنان من القائمين على البرنامج ومسؤولو القاعة، وكنت محظوظا، إذ لم يتسرب الخبر للصحافيين بعد، فحظيت بمرافقة الوزير وسط لبس مع أعضاء الوفد، فاعتقدوا مرة أنني من مرافقي الوزير وتارة أخرى من وفد البرنامج دون السؤال، وما زاد الوضع سهولة بساطة الوزير وتوجه الأنظار إليه عقب أن سحب القلوب والعقول إلى عفويته وروحه المرحة.

توقف الوزير عند كل طباخ على حده.. مازحه وداعبه وطلب أن يلبس غطاء الرأس الخاص بالطباخين وسحب شماغه وعقاله جانبا ومضى يمسك بيد هذا تارة ويقف عند الآخر ليسأل بإسهاب إلا أن السمة المشتركة كانت الابتسامة العريضة والفخر بالعمل الشريف.

رفع الوزير الشاعر حاجبيه ويديه عندما وصل إلى الطباخ المسؤول عن إعداد الحلويات وكان شابا أسمر ضخما يسكب شكولاتة ساخنة في أكواب صغيرة فقال له الوزير: «كل هذا بسبب هذا»، وكان يقصد ضخامة جسده والحلوى، فدخل الشاب في نوبة ضحك متواصلة حتى دمعت عيناه من كثر الضحك فاحتضنه الوزير وقبله بعيدا عن الكاميرات مشجعا ورابتا على كتفه.

واصل الوزير جولته مفاخرا بالشبان الذين كسروا حاجز العيب الاجتماعي، وقبل أن يصل إلى قاعة تجمع فيها الصحافيون، طلب أن يأخذ صورة تذكارية في جولته الأولى مع الطباخين السعوديين الجدد، مباركا بداية دورة للحلاقين كانت ستنطلق بعد أيام حينذاك.

وعقب ذلك بأربعة أعوام في مطلع عام 2008، كلفني الزميل خالد المطرفي عندما كنت أعمل مراسلا لقناة العربية في الرياض بإعداد تقرير عن وضع العمالة البنجلاديشية في المملكة وما تتناوله الصحف.

كنت أعلم جيدا أن الإنسان غازي القصيبي كان يكره العنصرية بكل صورها، وحاولت أن أكون حذرا قدر الإمكان وانتهزت فرصة محاضرة نظمت في وزارة العمل لألتقيه، وما إن وضعت المايكرفون أمامه وسألته عن القضية ثار ورد: «هذا الموضوع لن أتحدث عنه». وغادر إلى ضيوفه ثم أوصلت رسالتي إليه أنني كنت أود التطرق إلى الموضوع بحياد. وعرفت أنه متألم من الطرح الصحافي أحادي الجانب إزاء العمالة البنجلاديشية وتصويرهم كمجرمين.

في حلمه وغضبه .. كان القصيبي استثنائيا وأديبا وشاعرا وإنسانا هذا ما يجمع عليه كل من عرفه، حتى عندما فقد أعصابه وغضب كان غاضبا من أجل الإنسان.


 


«عكـاظ» جسر تواصل بين القصيبي ومحمد عبده في «سلمت يداك»


علي فقندش ـ جدة

مدت «عكـاظ» جسرا لترسيخ التواصل في آخر لقاء جمع الشاعر الراحل الدكتور غازي القصيبي والفنان محمد عبده، وذلك في العمل الوطني الغنائي «سلمت يداك» في فبراير 2009.

القصيدة التي نشرتها «عكـاظ» في صفحة كاملة، ترجم فيها القصيبي إعجابه الكبير بمنجز الملك عبدالله على الصعيدين الداخلي والدولي، وكل ما هو مرتبط بمصالح الوطن والمواطن ومنها:

بكل عزم وهمة تنجلي كل غمة

شمل الأمة تلمه كلنا عبدالله

سم يا بو اليتامى أمرك اللي تسامى شوف صف النشامى كلنا عبدالله

قرأ الموسيقار محمد شفيق القصيدة وأحالها أغنية وطنية بعد تلحينها ليغنيها فنان العرب محمد عبده. وتابعت «عكـاظ» العمل وتسجيله بين القاهرة وجدة.

وارتبط اسم الراحل غازي القصيبي بالإبداع الكتابي (الأدب، الرواية، القصة، والشعر) منذ يفاعته، وكان أول من تعامل مع إبداعه الشعري في مطلع السبعينيات الميلادية الفنان محمد عبده الذي أحال قصيدته «تلك لورا.. فداء لورا الغواني» أغنية تغنينا بها جميعا باعتبارها أول قصيدة لحنت له مما كتبه خلال الدراسة في الخارج، ومنها كان الانطلاق إلى عالم التعامل مع الموسيقى والألحان والأغنيات، وحسبه الإعلام والنقاد شاعرا غنائيا فذا؛ بل أنه ناصر في توجهه في التعامل مع الأغنية المتجهين إلى الفصحى في دنيا الغناء، فجاءت مواقفه الوطنية غناء بالفصحى ببروز وتألق مختلف، استطاع ترجمته محمد عبده سيما في موقف في أحلك مواقف الوطن أثناء محنة حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت) والتي كان أشهرها «أجل نحن الحجاز ونحن نجد» عندما تصدى لإعلام صدام والصحاف، ولوحته الإبداعية «أقسمت يا كويت»، وأتبعها غازي برفقة موسيقى محمد عبده بالعمل الوطني الكبير الذي قدم افتتاحا لدورة مهرجان الجنادرية بعد تحرير الكويت «أوبريت أرض الرسالات والبطولات» والذي كان أول أوبريت يقدم بالفصحى في هذا المهرجان وهو من ألحان محمد عبده وشاركه الأداء الراحل طلال مداح ـــ رحمه الله. كذلك الأغنية الوصفية الشهيرة عن أبها «عروس الربى أبها» بصوت محمد عبده أيضا وألحان الراحل عمر كدرس. وقصيدة «كالحلم جئت» التي لحنها محمد عبده، وأيضا توج محمد عبده مشواره مع إبداعات القصيبي بقصيدة «مغرورة» التي طرحت في ألبومه قبل الأخير «الهوى الغائب» من ألحان الفنان الأردني الدكتور أيمن عبدالله. قدمت من أشعار الراحل القصيبي الكثير من الأغنيات ومن كتاباته ورواياته الكثير من الأعمال التلفزيونية لعل من أشهرها «شقة الحرية»، والمسلسل المحلي الناقد «أبو شلاخ البرمائي» بطولة فايز المالكي قبل أعوام أربعة تقريبا.

شاعر فذ

وعن رحيله يقول الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن:

«شاعر فذ، وروائي لافت في نقاشاته، وأديب بحجم وزير وسفير، وهو أيضا أديب بحجم شاعر أكثر جمالا ومتعاملا مع اللغة والصور الإبداعية، فمن جماليات الإبداع في الراحل غازي القصيبي ـــ رحمه الله ـــ ترجمته السريعة لما يخالج وجدانه بدا ذلك واضحا في وجدانياته ووطنياته».

فقد المبدع

ويقول فنان العرب محمد عبده عن غياب القصيبي: «أقل ما يقال عن غياب المبدع في فنه وكتاباته غازي القصيبي إننا نعيش خسارة فقد المبدع والمسؤول، فلطالما قاد القصيبي وزارات خدمية قدم فيها للمواطن وللوطن الكثير من العطاءات الفكرية وسبل القيادة الحديثة، أما عن شاعريته فلا حدود لجمال إبداعاته التي استحالت أغنيات للوطن وللعاطفة».

ويذكر عبده أن علاقته بالراحل تعود لأكثر من ثلاثة عقود «اجتمعنا خلالها في كثير من الأعمال لكن ذكرياتي الأكبر معه في حفل عودتي للحياة الفنية عام 1997 في لندن عندما جمع بيننا يومها عمل غنائي كبير «مشرق الشمس», في هذا الحفل مواصلة لإبداعه الكبير الذي استحال أغنيات أحبها الناس».


 


«تلك لورا» سجال جمع خالد الفيصل والقصيبي


علي فقندش ـ جدة

يستعيد الفنان محمد عبده قصة أول تعاون له مع الراحل القصيبي، وذلك عبر أغنية «تلك لورا»، موضحا أنها وليدة جلسة فن وإبداع بين الراحل والأمير الشاعر خالد الفيصل، «وكنت معهما في سبعينيات القرن الميلادي الماضي، حيث كانت القصيدة عبارة عن سجال بينهما فكتب غازي:

ذاب من فرط حسنها الفنان

لورا تلك لورا فداء لورا الغواني

فرد عليه خالد الفيصل:

تتوارى عن العيون احتشاما

وحنانا بمهجة الفنان

أنت «غاز» ومثلها ينشد الرفق

صوابا في لجة من حنان

ثم أكمل غازي بقية النص :

وتوارت تحت الحنايا فكانت نابضا

في مشاعري وكياني

لا تسلني ياشاعري عن هواها

يستطرد محمد عبده جمعت القصيدة من أطرافها، وغيرنا لفظة أنت «غاز» إلى «شاد»، واكتمل لحنها وطرحت في البدء بتسجيل الجلسة نفسها ثم سجلتها مرارا.


 


أمراء ومسؤولون لـ «عكاظ» :

 إنجازات القصيبي منارة إشعاع يقتدي بها المخلصون


عبد الله الحارثي ـ جدة

استحضر عدد من الأمراء والمسؤولين مواقف جمعتهم بالدكتور غازي القصيبي، مؤكدين أن الوطن فقد أحد رجالاته الأوفياء.

ولفتوا إلى أن فوز الراحل بثقة ثلاثة ملوك (الملك خالد، الملك فهد، والملك عبدالله) خير دليل على تفانيه ووطنيته الصادقة، واصفين إنجازاته بمنارة إشعاع يقتدي بها المخلصون من أبناء هذا الوطن المعطاء. ورفع الأمراء والمسؤولون أحر التعازي لذوي الراحل ومحبي القصيبي «رجل الدولة الذي فقدناه كإنسان وصديق أفنى حياته في خدمة الوطن».


 


رجل المهمات والإنسانية




أعزي نفسي في وفاته لأنه من أصدقائي، وأعزي أهله والوطن في فقده، لقد عرف عنه إخلاصه وتواضعه وطيبته وإنسانيته التي لا توصف.

تأثرت كثيرا عندما بلغني نبأ وفاته، ونزل الخبر عليّ كالصاعقة؛ لأن غازي إنسان يحمل في داخله وعقله معاني ومبادئ وأفكارا لا توصف، ويكفيني القول إن الوطن فقد أحد رجالاته الأوفياء، وفقد الأديب والشاعر والوزير.

رأيت في غازي صفات متعددة على الجانب الإنساني والأخوي، فهو رجل بسيط في تواضعه ورقته وتعامله وسهل التعرف عليه من خلال ما يكتب وينثر من شعر وأدب وفكر، وتجده في الجانب الآخر مبدعا وحكيما يدير عمله بكل اقتدار سواء كان في الوزارات التي أدارها أو في عمله في السلك الدبلوماسي عندما كان سفيرا للمملكة في الخارج.

نتضرع للمولى عز وجل في هذا الشهر أن يسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.


صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز

رئيس الاستخبارات العامة.


 


النقد والتبريرات




غازي كفاءة وطنية مميزة، له أدوار في كل مناحي الحياة في الوطن، حقق فيها منجزات ليس كمسؤول ناجح أثبت جدارته، بل لأنه رجل وطني حقيقي ورجل مبادئ، أمين على كل ما اؤتمن عليه، خسارته علينا جميعا.

بحكم عملي كان لي احتكاك دائم به، كنا نستفيد من النقاشات معه، ونقدر راية لأنه وطني، أجده متجاوبا ويتقبل النقد ولا تجد لديه تبريرات بل حقائق، ويعمل كل ما في وسعه لإرضاء كل الناس.

الفقد عزيز والخسارة كبيرة وإن شاء الله أعماله الطيبة تشفع له عن رب العالمين، وداعا غازي وإلى جنة الفردوس.


صاحب السمو الملكي الأمير

سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز

أمير منطقة حائل.


 


ثقة الملوك الثلاثة




كنت أرى غازي القصيبي في مجلس الملك خالد وكان له حضور بارز وسريع البديهة وذكي ويتسم بصفات إنسانية متعددة، عرفته عن قرب آنذاك لقربه من والدي الملك خالد يرحمه الله، فهو رجل دولة من الطراز الأول، وحظي بثقة ثلاثة ملوك الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله.

الوطن فقد برحيله ابنا من أبنائه البارين، فقد الوزير والسفير والشاعر والأديب، شعرنا بفقده والكل حزين للمصاب الجلل، ولكن نحتسبه عند الله وهذا قضاء الله وقدره علينا جميعا.

الوطن قادر على أنجاب رجال يخدمون بلدهم ويعوضون هؤلاء الرجال الذين نفقدهم، رحمك الله يا غازي وأسكنك الجنة.


صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير.




الذكرى والإرث الخالد




نعزي الجميع في وفاة الدكتور غازي القصيبي رجل الدولة الذي سنفتقده كإنسان وصديق أفنى حياته في خدمة الوطن.

رحل وترك له إرثا كبيرا في عمله الحكومي والأدبي والإنساني سيبقى خالدا وسيذكره الناس ويسطرون له في التاريخ تلك الإنجازات والصفات التي حققها واتسم بها.

إرادة الله اختارته في الشهر الفضيل، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.


صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبد العزيز أمير منطقة تبوك.


 


غازي .. مآثر خالدة




تمر على المرء حالات ومواقف يكون ما يجيش في فؤاده وما يعتلج في صدره أكثر من أن تعبر عنه الكلمات وأكبر من أن تجسده العبارات، إن كنا نتحدث عن رجل سيرته ملء السمع والبصر بما اشتهر به من خلال ومناقب أجمع عليها أجيال أحبته.

فقد الوطن علما بارزا من أعلام الدولة ومن عظماء نماذجها وأخلص أبنائها خدم دينه وأمته ووطنه ومليكه طيلة عقود مضت لم تفتر همته، ولم يضعف عزمه، بل ما زادته الأيام إلا قوة، ولم يزده الألم إلا خبرة وتجربة ونضجا.

كان يرحمه الله أديبا، وكاتبا، وسياسيا، ومحاورا، ومناقشا، ونبغ في كل تلك الجوانب، وخدم دينه ووطنه في كل تلك المجالات، كان محل ثقة ولاة أمر هذه البلاد جميعا، وشارك بفكره وبعد نظره في صناعة القرار الاستراتيجي وكان (مع علو مكانته الاجتماعية ورفعة منزلته بالدولة) شديد التواضع محبا للخير قريبا من المساكين والمحتاجين يواسيهم ويساعدهم ويشارك في أعمال الخير والبر والإحسان، وليس أصدق من ذلك تصديه بسلاح المواطنة والحزم في معركتي البطالة والاستقدام، خدمة لأجيال هذه الأمة واستشعارا مسبقا بخطورة التراخي في تطبيق سياسات الدولة في التوظيف، ووقف نزيف الاستقدام غير المبرر.

وبفقدان الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي ــ يرحمه الله ــ تكون البلاد قد فقدت أحد رجالاتها المخلصين، وأحد كوادرها المبدعين، وعزاؤنا فيه أن أعماله ومآثره وإنجازاته باقية وستبقى ماثلة أمامنا لتكون منارة إشعاع يقتدي بها المخلصون. وإني إذ أعزي أبناءه وأهله وأبناء أمته وكل محبيه، لأسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

صاحب السمو الملكي الأميرعبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة.




شاعر رقيق وإداري ناجح




فقيد ملء العين والبصر، محبوب من الجميع، إداري ممتاز، الأعمال التي مر بها في منتهى النجاح.

رحيل غازي فقد كبير علينا جميعا في هذا الوطن، كونه شاعرا رقيقا وإداريا ناجحا وكاتبا مميزا وصناعيا بارعا، أثاره لا تنسى في الصناعة، ورجل له إسهامات كبيرة وكفاءات مختلفة.

ندعو الله أن تكون أعماله في موازين حسناته.

عملت في موقعه أثناء فترة علاجه ولم نزعجه بالاتصال وكنت أطمئن عليه برسائل الجوال بعد أن حدد الأطباء الزيارة عليه وكنا نحرص على ألا يزعجه الآخرون بالزيارات أو الاتصالات حفاظا على صحته يرحمه الله.

د. عبد العزيز الخويطر وزير الدولة

عضو مجلس الوزراء ووزير العمل بالنيابة.


 


مكتب الوزير .. صمت وبقايا ضحكات في كاريكاتير




هدأت رنات هاتف مكتب الوزير وغادر الأديب مكتبه، وبقيت وريقات ومقالات وروايات الوزير على مكتبه، بعد أن رحل عن الدنيا صباح أمس الأول.

جولة «عكاظ» لوزارة العمل توقفت أمام مكتب الوزير الشاعر الأديب الراحل الدكتور غازي القصيبي، حيث رصدت الحزن على وجوه العاملين في الوزارة وتأثرهم برحيل وزيرهم الذي لم يوفر جهدا لخدمة الوزارة وأبناء الوطن عبر تطبيق نظام السعودة على رجال الأعمال في القطاع الخاص، وإعطاء المرأة مكانتها وأن تكون عضوة فاعلة في مجتمعها بالعمل في القطاع الخاص.

مكتب الوزير القصيبي كل شيء فيه صامت، لكنك وأنت تتجول فيه ترصد في جنباته صورا يحتفظ بها الراحل تمثل مشاركته في مناسبات مهنية، ورسومات كاريكاتيرية تتضمن نقدا وإشادة بالوزارة، ودروعا وهدايا.. لكن بكل حق وأنت تتجول في مكتب الوزير الراحل تشعر أن كل جزء فيه حزين يحمل ذكريات، والآلام تتلمسها في هدوء المكتب الصامت.


 


منذ 33 عاماً واكب ميلاد جمعية المعوقين

سلطان بن سلمان: غازي صاحب بصمات


وفاء باداود ـ جدة

رأى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز «أن الدكتور غازي القصيبي كان من أبناء الوطن المخلصين الذين كانت لهم بصمات واضحة وجهد ملموس في كل ما أسند إليهم من مهمات، وكان طيب الله ثراه كفاءة إدارية نادرة ومن أصحاب المبادرات المتميزة».

وتقدم الأمير سلطان بن سلمان بالإنابة عن مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين وكافة منسوبيها والآلاف من المشمولين بخدماتها بخالص التعازي إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين والنائب الثاني في وفاة الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي وزير العمل وأول رئيس مجلس إدارة للجمعية، سائلا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

وذكر الأمير سلطان بن سلمان أنه قبل 33 عاما وعلى وجه التحديد في مثل هذه الأيام الطيبة المباركة من شهر رمضان عام 1398 هـ، اجتمع نخبة من أبناء المملكة المخلصين، ليعلنوا عن ميلاد فكرة تأسيس جمعية الأطفال المعوقين التي باتت اليوم صرحا علاجيا تأهيليا تعليميا يخدم الآلاف من أبنائنا في العديد من مناطق المملكة.

وزاد «في هذه الأيام المباركة أيضا، شاءت إرادة رب العالمين أن تفقد هذه الجمعية الرجل الذي تبني فكرة تأسيسها ورعى انطلاقتها الأولى الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، ولا نملك في هذه الأيام الطيبة المباركة إلا الابتهال إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يجعل جهده في تأسيس الجمعية في ميزان حسناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون».




ناشر «الزهايمر » لـ«عكاظ»:

القصيبي يمتلك قدرة هائلة على إزالة الفوارق


زياد عيتاني ـ بيروت

أفاد عيسى أحوش مدير مكتبة بيسان في بيروت أن «أقصوصة الزهايمر» للوزير الراحل غازي القصيبي ستقدم اليوم باليد إلى الدوائر المختصة في المملكة للحصول على الفسح، على أن تكون مباشرة في الأسواق وبمتناول محبيه وقرائه.

أحوش وفي تصريح خاص بـ «عكاظ» قال: «تعرفت على الوزير الراحل القصيبي منذ ثلاث سنوات في المكتبة في بيروت عبر أصدقاء مشتركين، ومن حينها أصبحنا على تواصل دائم».

وزاد «السمة الأساسية للوزير القصيبي أنه يمتلك قدرة هائلة على إزالة الحواجز والفوارق مع من يحاور ويتعاطى معك بحب وود لا يمكنك أن تجدها بسهولة مع غيره».

وحول أقصوصة «الزهايمر» أوضح «منذ شهر تقريبا تلقيت عبر البريد السريع مسودة الأقصوصة، ومنها تصحيحات بخط يده وأنجزنا اللمسات الأخيرة، وكان من المفترض أن تصدر قبل عشرة أيام، إلا أننا قررنا إضافة بعض الرسومات إليها مما دفعنا لتأجيل الصدور».

وحول المواصفات الفنية للكتاب قال أحوش: «أقصوصة الزهايمر ستصدر في 128 صفحة بحجم 14x21 والطبعة الأولى تتضمن سبعة آلاف نسخة، ونتوقع أن تصدر طبعات عدة للعمل الجميل الذي كتبه الراحل الكبير غازي القصيبي».


(اضغط هنا لمشاهدة صفحات الـ PDF)