حققت الأجهزة الأمنية نجاحا باهرا في إدارة الحشود البشرية والتنظيم المروري في مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال شهر رمضان المبارك، وقال قياديون أمنيون إن الخطط الأمنية نفذت بشكل جيد وذلك بعد الاستفادة من تجارب السنوات الماضية، وطبقت ولأول مرة حركة النقل الترددي على طريق باب علي المؤدي للمسجد الحرام في مكة لمنع دخول المركبات، فيما ركزت الخطة الأمنية في المدينة المنورة على تسهيل حركة السير وتنظيم توافد المصلين إلى المنطقة المركزية وتمكنت من تفريغ المنطقة من زحام المركبات خلال 30 دقيقة.
بمتابعة وإشراف ميداني من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، أنهت الأجهزة الأمنية في مكة المكرمة خططها لضبط حركة المعتمرين وقاصدي المسجد الحرام للصلاة في شهر رمضان المبارك، وسجلت نجاحا كبيرا، مع توافد قرابة 4 ملايين معتمر من داخل وخارج المملكة، وواصلت الفرق الأمنية انتشارها على مدار الساعة طوال الشهر، لتسيير الحشود وتسهيل الحركة المرورية وفك الاختناقات والسيطرة على الممرات التي تشهد كثافة بشرية.
وقال مدير الأمن العام الفريق سعيد القحطاني إن الخطط الأمنية لشهر رمضان نفذت كما يفترض، وكان هناك عمل منظم شارك فيه الضباط والأفراد لتسهيل دخول المعتمرين إلى المسجد وأداء الطواف والسعي ومتابعتهم في الانصراف وركوب الحافلات، ومن ثم العمل على تفريغ المنطقة المركزية، وأكد أن رجال الأمن عملوا بكل ما يستطيعون وتغلبوا على العوائق وكانت النتائج طيبة، «لا ندعي الكمال ولكن كل ما نستطيع قوله إننا اجتهدنا بكل ما استطعنا».
ومن جهته قال قائد القوات الخاصة لأمن الحج والعمرة العميد علي الغامدي إن الخطط الموضوعة لهذا العام استفادت من تجارب الأعوام السابقة، وجاء التطبيق ناجحا بكل المقاييس، ونالت هذه الخطط استحسان المصلين الذين أدوا مناسكهم في راحة تامة ونعموا بأداء صلاة التراويح وختم القرآن وصلاة العيد في أجواء روحانية يسودها السكون والطمأنينة.
انخفاض معدل الجريمة
وعبر مدير شرطة العاصمة المقدسة العميد إبراهيم الحمزي عن سعادته الغامرة بنجاح الخطط الأمنية، مؤكدا أن الشرطة استنفرت كامل طاقاتها منذ وقت مبكر، لتنظيم حركة المصلين والمعتمرين، ودعمت القوة المتواجدة في المنطقة المركزية في المسجد الحرام بعدد إضافي من الضباط والأفراد والإداريين، وشهد الموسم انخفاضا كبيرا في معدل الجريمة، ولفت الحمزي إلى أن نجاح هذا الموسم يعود إلى متابعة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة لجميع الخطط وتواجده ميدانيا بين رجال الأمن.
20 شاشة توعوية
وبدوره كشف مدير إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة العميد جميل أربعين عن اعتماد معايير جديدة أسهمت في إنجاح خطط إدارته، ومنها بحث منع الحدث قبل وقوعه من خلال رفع وعي الزوار والمعتمرين من خلال 20 شاشة موزعة على منافذ وساحات الحرم تبث الرسائل التوعوية، واعتماد تنفيذ التدابير المبنية وفق الدراسات العلمية الحديثة بالاستفادة من خبرات السنوات الماضية.
وأوضح أنه تم تقسيم الحرم إلى ثلاث مناطق هي الحرم والساحات والطرق المؤدية للحرم ووضعت القوى البشرية وآليات الدفاع المدني بناء على هذا التقسيم، وبما يتم رصده من قبل غرفة العمليات من حيث المناطق الأكثر تسجيلاً لحالات التكتل، كما دعمت القوة المتواجدة في المنطقة المركزية ومنطقة الحرم بقوة إضافية بلغت 4200 عنصر و800 آلية لتنفيذ خطة الدفاع المدني في العشر الأواخر في رمضان، إلى جانب تجهيز 15 نقطة إسعافية ميدانية داخل الحرم لمباشرة حالات الإغماء، وترفع عدد النقاط في أوقات الذروة بحسب الحاجة.
حركة النقل الترددي
وفيما يخص الخطة المرورية، أوضح مدير مرور العاصمة المقدسة العقيد أحمد ناشي العتيبي أن الخطة شارك في تنفيذها جميع العناصر وبكامل الطاقة وتم توزيع القوى البشرية لتغطية العمل المروري الإداري والسير والحوادث على مدار الساعة، وأشار إلى أن إدارته طبقت حركة النقل الترددي على طريق باب علي المؤدي للمسجد الحرام لأول مرة، وذلك لمنع دخول جميع المركبات ونقل قاصدي الحرم عن طريق النقل العام وأثبتت هذه الخطة نجاحها.
8 آلاف حالة مرضية
وعلى الجانب الصحي، قال مدير إدارة الطوارئ والخدمات الإسعافية في صحة منطقة مكة المكرمة الدكتور عيسى علي الحارثي إن عدد الحالات التي نقلت خلال شهر رمضان بلغت ثمانية آلاف حالة حرجة، وشارك في نقلها 25 طبيباً وممرضاً وبزيادة عن العام الماضي بنسبة 40 في المائة، وكانت أكثر المراكز استقبالاً للحالات مركز الشبيكة والغزة، وأشار إلى أن ارتفاع أعداد الحالات سيقابله رفع أعداد الفرق العاملة من تسع فرق إلى 12 فرقة في العام المقبل.
وأوضح أن الحالات التي تم استقبالها كان بينهم 40 في المائة نساء و50 في المائة رجال والبقية أطفال وعجزة، وأغلبها كانت تعاني من إغماء سكري وجلطات وإجهاد حراري نتيجة نقص السوائل وانزلاقات في ساحات الحرم.
وأكد الدكتور الحارثي أن العمل الإسعافي حول ساحات الحرم المكي بحاجة إلى إيجاد مسارات خاصة لمرور الفرق الطبية خاصة في مناطق محاطة بالسياج الحديدي مثل مواقف النقل الجماعي في منطقة الغزة، وذلك بعد نقل الحالات من فوق السياج، وهناك مواقع أخرى مهمة بحاجة إلى فتح مراكز في العام القادم منها مواقع بجوار مستشفى أجياد القديم وطريق المسيال.
وفي المدينة المنورة سجلت الأجهزة الأمنية نجاحا مماثلا في الخطط الموضوعة لضبط الحالة الأمنية في المسجد النبوي والساحات المحيطة به، وقال قياديون في أمن المنطقة إن الخطة تركزت على المحافظة على الوضع الأمني للمصلين وانتشار رجال الأمن الميدانيين في كافة الجهات لمساندة وصول المشاة والمركبات إلى المنطقة المركزية وتفكيك الاختناقات المرورية في المواقع الأكثر زحاما.
وأكد لـ «عكاظ» مدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء عوض بن سعيد السرحاني أنه تم استنفار جميع القوات الأساسية، وهي قوة أمن الحرم والطوارئ والدوريات، ووقف القياديون مع أفرادهم في المناطق المكتظة بالزائرين، مثل المسجد النبوي والساحات المحيطة به والمنطقة المركزية ومسارات المشاة.
وأوضح أن اجتماعات مكثفة تعقد بصفة مستمرة لإعداد الترتيبات المتعلقة بالخطة الشاملة لشرطة منطقة المدينة بكافة قطاعاتها، بهدف تقييم ومتابعة تدفق المصلين والمركبات من كافة الجهات إلى منطقة الحرم النبوي، مشيرا إلى أن هذه الخطط تأتي امتدادا لخطط سابقة في شهر رمضان المبارك والخطة الأمنية للعشر الأواخر في سبيل توفير كافة الإمكانات البشرية والآلية من كافة القطاعات وبذل الجهود لتوفير الأمن والأمن المروري وتسهيل حركة المركبات.
لا خسائر بشرية
ومن جانبه أوضح مدير عام الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة اللواء صالح بن سالم المهوس أنه تم في خطة الطوارئ تسخير 800 ضابط وفرد لتنفيذها في المسجد النبوي والساحات المحيطة والمواقف الأرضية والفنادق والدور السكنية والأسواق الواقعة في المنطقة المركزية وخارج نطاق الدائري الأول، فضلا عن الإعداد المسبق للتأكد من تطبيق اشتراطات السلامة في مساكن الزائرين.
وذكر أن أبرز ملامح الخطة والتدابير الوقائية، تكمن في دعم المراكز القريبة من المسجد النبوي والمنطقة المركزية بالآليات وتوزيع الضباط والأفراد حسب التخصص بين وحدات الإطفاء والإنقاذ، واستحداث نقاط مؤقتة لفرق الدراجات النارية للتدخل السريع، والدوريات المتمركزة التي تعمل على مدار الساعة، وأكد أنه لم تسجل في شهر رمضان أية خسائر بشرية في المسجد النبوي أو الفنادق والدور السكنية.
وقال مدير عام المرور في منطقة المدينة المنورة العميد سراج عبد الرحمن آل كمال إن إدارته نشرت فرقا ميدانية لتنظيم حركة سير المركبات داخل المنطقة المركزية والطرق المؤدية لها، إلى جانب عملها في فرز دخول السيارات للمواقف، لاسيما في النقاط الأكثر حركة، مثل طرق سلطانة، قباء، السلام، الأمير نايف بن عبد العزيز، وطريق الملك فيصل الدائري.
وأوضح أن نحو 900 ضابط وفرد كانوا يعملون على مدار الساعة لتنظيم حركة ما يقارب ستة آلاف سيارة وحافلة في كافة الطرقات والشوارع المؤدية للحرم النبوي، وأسهم الأفراد الميدانيون في التقليل من حالات الدهس التي يتعرض لها الزوار وخاصة كبار السن خلال الأعوام الماضية في الشوارع المؤدية إلى الفنادق ودور الزائرين، مشيرًا إلى أنه لم تسجل في هذه الفترة أي حوادث مرورية قاتلة.
وركزت خطة المرور - والحديث لآل كمال- على تعزيز المواقع التي تشهد ازدحاما في الحركة المرورية، ويتم إغلاق الشوارع أمام السيارات وقصر حركة السير على تدفق المشاة صوب المسجد النبوي الشريف أولا بأول، تبعا لزيادة الضغط وحالة الازدحام في المنطقة المركزية، ومن ثم يجري ارتداد رجال المرور إلى الدائري الأوسط في وقت الذروة لمواجهة الاختناق، ومنع سائقي سيارات الأجرة والميكروباص من دخول المنطقة المركزية باستثناءات الحالات الإنسانية.
وأضاف أن مرور المدينة أعد خطة أمنية محكمة لمواجهة الزحام وتفريغ المنطقة المركزية من المركبات خلال 30 دقيقة بمساندة الجهات الأمنية وتطبيق عدة محاور تتمثل في منع وقوف المركبات وبرمجة إشارات المرور بعد انقضاء الصلاة للعمل باتجاه واحد، ولتسهيل خروج المركبات من مواقف الحرم والفنادق باتجاه شارع الملك عبد العزيز شرقا وطريق الملك فهد شمالا، وإيجاد بدائل لتسهيل بلوغ سيارات الإسعاف والإطفاء المواقع في مناطق التكدس بين الفنادق المجاورة للساحات إذا تطلب الأمر.
50 ألف دولار مزيفة
وسجلت منطقة المدينة كذلك نجاحا أمنيا في ضبط العمليات المصرفية داخل المنطقة المركزية، وأسقطت شعبة التزييف والتزوير في العشرين من رمضان وافدا نيجيريا عثر بحوزته على مبلغ 50 ألف دولار مزيفة، كانت مخبأة في تجويفات خاصة في حقائب داخل مقر سكنه في أحد الفنادق في المنطقة المركزية، فيما سيطرت فرق الدفاع المدني على حادث حريق اندلع في بدروم أحد فنادق المنطقة المركزية في التاسع والعشرين من رمضان، قبل وصول ألسنة اللهب إلى مرافق أخرى في الفندق، وشارك في العملية سبع فرق إطفاء وإنقاذ من الدفاع المدني، مدعمة بآليات متقدمة من معدات إطفاء وسلالم للتدخل السريع في حالات الاحتجاز، وتم السيطرة على الحريق وإخلاء الفندق والفندق المجاور له تحسباً لتطور الحادثة، وأصيب في الحادث فردان من الدفاع المدني باختناق بسبب كثافة الأدخنة، ولم يصب أي زائر.
3.5 مليون زائر
وقال لـ «عكاظ» مدير فرع وزارة الحج في المدينة محمد بن عبد الرحمن البيجاوي إن إجمالي عدد الزائرين هذا العام بلغ 3.5 مليون زائر، وشهد هذا الموسم زيادة في عدد تأشيرات العمرة للقادمين من الخارج بواقع 70 ألف تأشيرة عمرة، وعمل على خدمة الزوار وتنفيذ الخطة التشغيلية أكثر من 650 موظفا في شؤون العمرة.
وقال مدير عام مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة المهندس عبد الفتاح بن محمد عطا إن 22 ألف زائر غادروا عبر المطار خلال الأربعة أيام الماضية، وقامت إدارته أخيرا بجدولة 150 رحلة مغادرة دولية في ختام موسم العمرة الجاري تقل آخر 50 ألف زائر قدموا للمدينة المنورة، مشيرا إلى أن 850 ألف زائر أنهوا إجراءات قدومهم ومغادرتهم في المطار عبر 2550 رحلة قدوم ومغادرة منذ بداية موسم العمرة لهذا العام.