-A +A
محمد الصالحي
تقول لنا العبرة نقلا عن الصين الشعبية: إن هذه الدولة واجهت ذات تاريخ مضى مشكلة الأمراض والأوبئة في القرى والأرياف بشكل مبدع ومبتكر، ولم تتجه لتوزيع المنشورات الصورية والتصريحات الصحفية بالوعود والكلام وانتظار الانتظار وتقاذف المسؤوليات، بل لم تضع لنفسها خطة من خمس سنوات أو عشر وتشكل اللجان أو تنتظر تخريج طلاب كليات الطب بعد سنوات لينقذوا تلك الأرياف. وبدلا من كل ذلك اتجهت سريعا وفي أشهر معدودة لتدريب شباب الأرياف تدريبا سريعا على طرق مكافحة الأمراض المستوطنة ونشرتهم سريعا سريعا في أنحاء الصين. ولاحقا نجح مليون ونصف ممن اصطلح على تسميتهم بـ «الأطباء الحفاة» في استئصال الأمراض المزمنة في جميع قرى الصين.
تمشي بنا هذه التجربة إلى واقعنا مع الحوادث المرورية في البلاد، والتي باتت أرقام وفياتها وإصاباتها تتجه إلى مستوى خطير لم تعد تنفع في مواجهته حلول الطائرات الإسعافية و(محاولة) التوسع في نشر مراكز الهلال الأحمر. يقول الطبيب المعالج: إن المريض الذي أستلمه للتو وهو يحتضر بعد حادث مروري، كان يمكن فعليا وبأبسط عمليات الإسعاف الأولي أن يكمل حياته ويسلم من مسببات وفاته. وعلى الجانب الآخر يقول زميله: إن مصاب الحادث المروري الذي تسلمه للتو مشلولا للأبد، كان سيسلم من كل ذلك لو لم يتبرع من حوله بالفزعة لإنقاذه، أخذوه بالجهل.. فأقعدوه. وعلى الصعيد العام تقول لنا تجربتنا مع حوادث المرور: إن مئات الآلاف من المصابين وعشرات آلاف المقبورين لم يحركوا فينا (جميعا) مبادرة تعلم أبسط قواعد الإنقاذ ومنح الحياة للآخر، ولم تقنع حتى اللحظة إدارة المرور التي ترصد أرقام الموت بين كومات الحديد بربط الحصول على رخصة القيادة بالحصول على دورة سريعة في مبادئ الإنقاذ والإسعاف الأولي، والأخيرة هي مربط المقال.
تخيلوا لو صارت طرقنا عامرة بالأطباء العابرين والمنقذين المسافرين، على غرار التجربة الصينية في مواجهة مشكلتها العصيبة مع أمراض سكان الأرياف، هل كان رقم الإصابات والوفيات المرورية السعودي بهذا الارتفاع؟ واسألوا أطباء الطوارئ عن أهمية مبادرة كهذه لتعرفوا كيف سيصير الرقم.
جدير بمن ابتكر نظاما وقائيا كـ«ساهر» أن يكمله بنظام ينشر مئات الآلاف من المنقذين السعوديين على الطرقات بدلا من فوضى الفزعات المميتة. هذا ليس أمرا مستحيلا.. ولكنه يحتاج إلى مبادرة فعلية تصنع من المتفرج منقذا.
alsalhi@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة