-A +A
حوار: أحمد السيد ــ القاهرة
أكد أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة «تينسى» في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور أيمن شبانة أن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع عن الدين ودعم الحوار مع الآخر واضحة للجميع، ولاينكرها إلا جاحد ومكابر، وأقر شبانة بوجود اضطهاد ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى وجود تنسيق بين المسلمين في أمريكا لمواجهة الحملات ضدهم، مشددا على أن المسلم الأمريكي أو الغربي دائما يكون في موقف دفاعي أو تبريري عن وجوده وهويته. جاء ذلك في الحوار الذي أجرته «عكاظ» مع شبانة على هامش أحد المؤتمرات الدولية في القاهرة.. فإلى التفاصيل:


• رؤية العالم والولايات المتحدة للجهود العظيمة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التعريف بحقيقة الدين ودعم الحوار مع الآخر؟
ــ مما لاشك فيه أن الجهود الكبيرة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التعريف بحقيقة الدين الإسلامي والذود والدفاع عنه وخدمة المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وسعيه الدؤوب لدعم وتوطيد الحوار مع الآخر ونشر السلام والأمن العالمي، كل هذه الجهود واضحة لنا جميعا ولكل العالم ولا يمكن أن ينكرها أحد إلا مكابر أو منكر.
• كم عدد المسلمين في الولايات المتحدة؟
ــــــ هناك اختلاف في وجهات النظر، فأقل تقدير هو ستة ملايين مسلم وأعلاها 11 مليونا، وهذا يرجع لصعوبة الحصول على معلومات مؤكدة لأن أكبر مصدر للمعلومات السكانية والديموغرافية هو التعداد السكاني الأمريكي الذي يتم كل عشر سنوات ولا يحتوي على معلومات تدل على الهوية الدينية، وعلى فكرة الإقبال على الإسلام يتزايد في الولايات المتحدة والغرب بسبب وسطيته وتسامحه.
التنسيق والاضطهاد
• هل هناك تنسيق بين المسلمين في الولايات المتحدة؟
ـــــــ هذا يتوقف على عدد السكان، فإذا كان كبيرا يكون هناك تنسيق أكبر، لأن عدد المسلمين يكون أكثر، لكن نجد في المدن الصغيرة أن التنسيق يكون أصعب، وفي الوقت الحالى نجد ظاهرة بروز جيل جديد من القادة المسلمين الأمريكيين الذين يحاولون المواءمة وإنشاء مؤسسات تتبنى قضاياهم وتدافع عنهم.
• هل هناك اضطهاد للمسلمين في الولايات المتحدة؟
ـــــــــ بصورة عامة نستطيع القول نعم، وهناك اعتداءات ومواقف وقعت ضد عدد من المسلمين تدل على الاضطهاد وحدثت وقائع اعتداء وهجوم، لكن السلطات الأمريكية تحاول دائما إرسال رسائل تطمين إلى المسلمين والمجتمع ككل، بأن الأساس الذي تتعامل به مع الناس هو مبدأ «المواطنة» بغض النظر عن الهوية الدينية أو العرقية.
• ما أهم المشكلات التي تواجه المسلمين في الولايات المتحدة؟
ـــــــ المشكلات كثيرة ومختلفة، وأهمها أنه بعد أحداث 11 سبتمبر بدأ قلق المسلمين في الولايات المتحدة والغرب بسبب الخوف الأمريكي والغربي من أي شيء يمت إلى الإسلام بصلة، فوجد المسلمون أنفسهم تحت ضغط نفسي كبير ليثبتوا أنهم مواطنون صالحون طوال الوقت، فالمسلم الأمريكي أو الغربي يكون دائما في موقف تبريري أو دفاعي عن وجوده وهويته.
وغالبا ما تقع حوادث فردية ضد المسلمين، ولا نستطيع أن نقول إن هناك تيارا رسميا، لأن القوانين والسياسات والحكومة الأمريكية تريد أن توضح أن أهم شيء لديها «مفهوم المواطنة»، لكن على المستوى غير الرسمي نجد مسألة الهوية وتعاملات المسلم مع الآخرين في العمل، وهذا يختلف من مكان إلى آخر ومن شخص إلى آخر.
• كيف تنظر إلى جهود الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحوار مع العالم الإسلامي؟
ــــــــ دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما جيدة، واستقبلها المفكرون سواء في أمريكا أو العالم الإسلامي بالترحاب، والكلمة التي ألقاها في القاهرة للعالم الإسلامي استقبلت استقبالا جيدا، لكن مع مرور الوقت يمكننا القول إنها أبرزت «أولويات»، ربما تكون أكثر إلحاحا على جدول الرئيس أوباما، جعلته مشغولا بقضايا أخرى مثل الكوارث الطبيعية والشرق الأوسط والحروب في أفغانستان والعراق، وأعتقد أن الدعوة إلى الحوار لم تختف ولم تتبدد وإنما لم تصبح من الأولويات بالنسبة للرئيس أوباما وغيره من قادة الغرب، وأخشى ما أخشاه أن تكون دعوات ومناسبات محصورة في النخب الفكرية، لأنه بعد المؤتمرات لا تحدث عمليات المتابعة بسياسات واستراتيجيات فعلية عملية على أرض الواقع، تصدر فيها سياسات وأفكار، لكن لابد أن نسأل أنفسنا: كيف نغير الواقع؟ وهذا لا يقلل من أهمية المؤتمرات وإنما ضرورة متابعتها بخطط عملية منهجية طويلة الأجل.
تشويه الصورة
• من المسؤول عن تشويه صورة الإسلام والمسلمين في الغرب والولايات المتحدة ؟
ـــــــــــ المشكلة دائما أنه حينما نسمع كلمة «الإسلام والغرب»، نخوض في كثير من التعميمات، لماذا تقترن هاتان الكلمتان ببعضهما، المشكلة كبيرة ولها تاريخ وجذور والبعض يرجعها إلى ظهور الإسلام، وآخرون للصراعات في العصور الوسطى وتيار ثالث للاستعمار وعمليات التغلغل في العالم الإسلامى.
أعتقد أن كثيرا من المسلمين ينتهي بهم المطاف إلى عملية الفضفضة، أو مجرد «نقد الآخر»، وبعد ذلك نضع المسؤولية في عنقه وكأننا برأنا أنفسنا من المسؤولية، وأجد أننا مقصرون في حق أنفسنا، وأيضا الغرب مسؤول، ولكن قبل اتهامنا للغرب بأي شيء لابد أن نكون أكثر تحديدا في معنى الغرب هل نقصد «شعوب، سياسات، حضارات، ثقافات»، وبداخلها نجد تقسيمات أخرى، أعتقد أن حل المشكلة لابد أن يبدأ بالشخص نفسه من خلال الإحساس بالمسؤولية والعمل الجاد، ولابد أن يشعر الإنسان بالمسؤولية تجاه عمله ويساهم فى تغيير الواقع.
• وماذا عن التنظيمات الإرهابية؟
ـــ التنظيمات الإرهابية تشغل مراكز الغرب منذ سنوات وتباينت التحليلات، منها النفسي والاجتماعي والشعور بالإحباط والنقص تجاه الآخر وفقدان القدرة على التغيير من خلال القنوات الرسمية أو الشرعية فيلجأون لهذا الأسلوب لتغيير الواقع الذي يجدونه من وجهة نظرهم غير مثالي، وربما تكون فرصة انعقاد الملتقى العالمي للأزهر مهمة للتذكير بجزء حيوي من تاريخنا الحضاري والثقافي، المتمثل في تراث المدرسة الأشعرية والنقاشات الجادة لأسئلة رئيسية ومحورية متعلقة بالعقيدة، عقيدة الإنسان تجاه الخالق، والعكس، والإنسان في الكون والحرية الفردية، لتكون فرصة لإعادة التذكير بجزء كبير من تاريخنا لأن الفقهاء في الماضي حاولوا فهم واقعهم وتقديم إجابات لأسئلة فرضها عصرهم عليهم، وهذا يضع مسؤولية ضرورة فهم الواقع الذي نعيشه، وتقديم أجوبة وأسئلة في ضوء الثوابت، ثوابت الدين والهوية الإسلامية الحضارية وهذا أهم تحد يواجه المسلمين في الوقت الحاضر.
• ما الفرق بين سياسة أوباما وجورج بوش في التعامل مع العالم الإسلامي؟
ـــــــــ أعتقد أن الفرق بين أوباما وبوش كبير جدا، على الأقل على المستوى النفسي، لأن الناس أصابها الإحباط واليأس في أواخر عهد بوش ومدى إمكانية التغيير، ويظل ذلك رهن السياسات الفعلية التي لابد منها لإثبات النوايا الحسنة، ومن الواضح أن بوش كان مرتبطا بتيار فكري معين، ومن أكثر المقولات التي أثيرت حوله «إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا» وعملية المقارنة الحادة شيء غير موجود عند الرئيس أوباما.
• وهل يسعى أوباما للحوار مع العالم الإسلامي؟
ــــــــ يرجع ذلك لسؤال مهم: هل نحكم على نوايا أم تصريحات أم أفعال؟ أوباما طبعا في كل تصريحاته وخطاباته يؤكد أن احترام الدين الإسلامي وهويته ومشاعر المسلمين ليس فقط في أمريكا بل في العالم كله، ويظل في حاجة لمزيد من الأعمال التي يمكن أن تقرب المسافات، لتقليل الهوة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة.
• من خلال عملك في الجامعات الأمريكية.. ما رأيك في جامعات العالم الإسلامي والعربي؟
ـــــ أنا خريج جامعة الأزهر، حصلت على الماجستير فى جامعة «ليدن» بهولندا والدكتوراة من أمريكا، وكانت خبرة عملية مفيدة لي أن أسافر وأتعرف على نظم وثقافات أخرى.. في ضوء رؤيتي أجد أن هناك فرقا واضحا طبعا من خلال أهمية التركيز على أساليب التعليم وأهمية تشجيع الطلاب على التعبير عن أنفسهم والتقليل من الحفظ، وأرى أن الحفظ ليس ظاهرة سلبية ولكن يجب أن يكون هناك فهم واستنباط وزرع الثقة في الطالب وأن يتعلم ويخطئ.