-A +A
محمد الصالحي
في خبرين منفصلين ومتشابهين، يقولون إن شركات صينية تسلمت مشاريع تنموية في البلاد أصيبت سريعا بـ «متلازمة الفساد»، وانضمت إلى قافلة المتلاعبين بالمشاريع وسلمت ما بين يديها ــ بالباطن ــ إلى دكاكين المقاولات المحلية فتعثرت إنشاءات وتوقفت أخرى، وهذا ما حدث مؤخرا مع وزارة التربية والتعليم حين اكتشفت أن 200 مدرسة ما زلت تراوح مكانها في حضرة مقاولين صينيين. ليس هذا فحسب، بل إن عددا من عمال إحدى شركاتهم تركوا أعمالهم وتفرغوا لسرقة الحديد وبيعه بأثمان رخيصة، والقصتان تنبئان صراحة أن الصينيين فهموا اللعبة جيدا بعد عشرة أربع سنوات (بكسر العين)، وعرفوا بالممارسة كيف يكون المال البعيد عن العين.. قريبا من الجيب.
والحكايتان بالأعلى ليست إلا عبرة ودرسا تقدمها لنا تلك الشركات الأجنبية على طبق من صراحة، وإن لم تقصد ذلك: فتشوا عن الرقابة والمتابعة بالمجهر الدقيق، فالمشاريع السائبة تعلم الفساد والمماطلة، مثلما يعلم المال السائب النهب والسرقة. والأمر هنا لا يستثني شركة مريخية أو غيرها، فحتى لو جاءت تلك الوزارات بأضخم شركات العالم لتبني طابقين من الأسمنت والحديد ثم أعرضت عنها وأطبقت عينيها، فلن تجد إلا مخططا من ورق أو حفرتين في أحسن الأحوال حين تعود بعد عامين لتسأل. وعلى النقيض تماما، ستجد ما تريده حين تقف لتراقب وتسأل عن مشاريعها ولو كان المقاول المنفذ قادم من أدغال أفريقيا بمعدات بدائية. السر ليس في قدرة الشركة واسمها.. السر يكمن في العين التي تبعد عنها جفونها لتنظر إلى ما يبنى.
مشكلة تلك الوزارات مع مماطلة المقاولين، أيا كانوا، مربوطة في عنق إحدى فرضيتين: إما أن المسؤولين فيها لم يتعلموا الدرس حتى اللحظة وهم يعطون ثقتهم الكاملة في كل من تسمى بمقاول فلا يسألونه إلا بعد انقضاء مهلة تسليم المشروع. أو أنهم يتكاسلون عن السؤال والمتابعة اعتمادا على قاعدة «سيأتيك بالأنباء». ومرة أخرى، فكل تصريحات التذمر والخيبة التي صارت تصدر مؤخرا عن بعض الوزارات من بعض المقاولين الأجانب، لن تقنع المواطن أو تكبح أسئلته عن ما كان ينتظره. هو لن يلوم المقاول، بل سيلوم تلك الوزارة والأخرى. هو لا يعرف إلا هي ولن يسأل غيرها: أين تنميتي؟
alsalhi@gmail.com

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة