-A +A
محمد الصالحي
حين كتبت نهاية الأسبوع المنصرم عن (بعض) الأطباء الذين ركلوا خلفهم أخلاقيات المهنة وإنسانياتها واستسلموا لرغبة الثراء السريع على حساب صحة مرضاهم، تناسيت عمدا أن آتي على البقية منهم، والذين يقفون هذه اللحظة على أبواب طوارئ المستشفيات وبجانب أسرة العمليات، ويتلقون الشتائم من المرضى، ويتحملون تعب وإنهاك اليوم الكامل ثم لا يجازون بما يستحقون.
كنت أتساءل طوال سنوات: لماذا لا يشتكي الطبيب ويصرخ يوميا على صفحات الصحف، مثلما يفعل غيره، ليطالب بحقوقه ومساواة جهده وعمله الشاق بمرتبه وامتيازاته؟ حتى عرفت أخيرا ومن بعضهم أنهم يتجنبون ذلك لأن عامة الناس تعتقد أنهم أثرياء وأن رواتبهم تتضاعف كل عام، فيخشون أن يفهمهم الآخرون بصورة خاطئة. فيما الحقيقة تقول إن موظفا في القطاع الخاص وبشهادة الثانوية العامة أصبح يتجاوز طبيبه السعودي في خانات الرواتب ويقبض أضعاف ما يقبضه صاحب المعطف. ودونكم قرار منح الأطباء السعوديين بدلا للسكن، والذي ما زالت وزارة الصحة تقرأه وتحلله وتبحث ما بين سطوره ولم تعط أطباءها القرار النهائي حتى اللحظة، فيما أصحاب الشأن يخرجون على استحياء للمطالبة في الصحف، رغم أنهم يعلمون مدى الظلم الذي عانوا منهم جراء ذلك.
سآخذكم إلى قصة (الطبيب السعودي نواف العنزي)، والذي يعمل طبيبا منذ أربع سنوات، وهي عجاف كما فهمت من رسالته. يقول: «أنا هنا أتحدث عن نفسي وزملائي ممن لا يشملهم وصف المتاجرين بالمهنة، وحين تقضي يوما معنا ستكتشف حقيقة باقي الأطباء الذي يتعبون ولا يجازون كما يستحقون. تخيل موظفا يتعرض للشتائم والسب من مراجعيه كل يوم ويصبر ويصمت، تخيل موظفا لا ينام يوما ونصف اليوم في كل أسبوع عمل ويقضيه مهرولا بين غرف المرضى والطوارئ. تخيل ذات الموظف مسؤولا عن مراجعيه ومتابعتهم حتى في يومي إجازته الأسبوعية، بل مسؤولا عنهم حتى لو كان على سريره وفي بيته منتصف الليل، ويقطع راحته من أجلهم. تخيل الموظف، هو هو، معزولا عن مجتمعه وأقربائه، بل تخيله معزولا وبعيدا كل البعد عن أبنائه وزوجته، والأخيرة تهاجمه وتقول لو كنت أدري أن عمل الأطباء هكذا لما تزوجتك. والآن تيقن أن ذلك الموظف ليس سوى أنا وزملائي والأطباء، ومع كل ذلك ما زالت وظيفتنا بامتيازات أقل بكثير من تلك التي يتقاضاها كثير من موظفي القطاع الحكومي والخاص.. فقط أنصفونا ثم حاسبونا إذا قصرنا».
alsalhi@gmail.com



للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة