-A +A
أحمد محمد الطويـان
انتفض أحد الوعاظ «الغيارى» ليقف بوجه التقدم المرفوض للمرأة في مجال عملها، لأنها تركت «الكنس» و«الطبخ»، وأبدعت وأطلقت قدراتها وتميزت، وجاء الهجوم على الغرفة التجارية في جدة بـ«منشور» يعكس فهما منقوصا لمقاصد الشرع، وهنا لا أستهين بمقدرات «الداعية» العلمية، وتاريخه البحثي ولكن أنتقد تشنجه الذي دفعه لكتابة هذا «البيان» استنادا إلى موقف اجتماعي أقحم فيه الدين ومارس وصاية لا يملكها وليست من حقه بستار «الاحتساب».
وقال الداعية ــ غفر الله لنا وله ــ أن الغرفة التجارية في جدة «رائدة في انفلات النساء» وأن هذه الغرفة «تستنوق الجمل وتستديك الدجاجة».
تعودنا من «الواعظ المحتسب» وزملائه الذين يمثلون التشدد الأعمى مهاجمة أية خطوة تطويرية وأي عمل إبداعي وأي منشأة وطنية تزيد بلادنا زهوا ورفعة، وليس غريبا أن يشن الهجوم على غرفة جدة النابضة بالعصرنة والمفعمة بالأمل والتي كما قال الأمير خالد الفيصل في كلمة سابقة بمنتدى شباب الأعمال الذي تنظمه غرفة جدة «تجعلنا نتفاءل».
ما تسمونه احتسابا أسميه «مزايدة» ومزايدة على من؟ وأين؟
تزايدون على المسلمين بالفطرة المؤمنين بالله، وفي الدولة التي تطبق الشريعة الإسلامية وتعتبرها دستور حياة، وهذه المزايدات التي تلهي عن العمل وتفتح المجال للكلام الزائد والأخذ والرد تلهينا جميعا عن العمل، وهذه بصراحة غوغائية تستهدف سلامة أمننا الاجتماعي ويراد من ورائها جلب الشرور .
نحن نسير نحو العصرنة الكاملة متمسكين بالثوابت ونقول جميعا لا وألف لا لـ«التغريب» إذا كان القصد منه نزع الثوابت وتغيير المسلمات ولا وألف لا لـ«الترهيب» باستخدام الدين للتخوين والتكفير والتفسيق لثنينا عن ركب التقدم السائر نحو العالم الأول خلف الملك الصالح المصلح عبدالله بن عبدالعزيز.
ليت الجهة المسؤولة عن الغرف التجارية في المملكة أخذت في عين الاعتبار التطور الاجتماعي الناتج عن فتح باب التعليم والتأهيل للمرأة، وأنها قد تأتي يوما من الأيام عضوة في مجلس إدارة الغرفة التجارية «كما هو حاصل اليوم» وأنها ستتقدم وظيفيا لتنافس على المناصب القيادية طالما كانت مؤهلة وتشفع لها شهاداتها وخبراتها وتاريخها الوظيفي.
لماذا لم يتم العمل على أن تكون الغرفة غرفتين واحدة للرجال وأخرى للنساء ولا مانع من وجود «مقلط» يفصل الغرفتين، أما الآن الحابل اختلط بالنابل فالنساء دخلن «الغرفة» وأصبحن يجتمعن بالرجال في «المجلس»، ولعل حل الغرفتين سيكون مرضيا، ويمكن أيضا أن يطبق على الأسواق بحيث تكون هناك سوقان ومطعمان وشارعان وفندقان ،ولن يرضى «المزايدون» وسيطالبون بمدينتين معزولتين، رافعين شعار «نبي من كل شي اثنين».

Towa55@hotmail.com