جزى الله والدنا خادم الحرمين الشريفين كل خير وأمده بالصحة والعافية، فالقرار الحكومي الذي صدر قبل فترة وجيزة، والقاضي بإمكانية حصول المواطن على قرض صندوق التنمية العقارية دون اشتراط امتلاكه أرضا، يعد نقلة مهمة باتجاه حل مشكلة الأسكان، خصوصا أن أغلب المتقدمين على قرض صندوق التنمية العقارية كانوا يتغلبون على هذا الشرط البيروقراطي العجيب بالاتفاق مع مكاتب خدمات تؤمن لهم أرضا مؤقتة يمتلكونها لمدة 24 ساعة فقط، كي يتمكنوا من الوقوف في طابور الانتظار الطويل!.
ولكن تبقى مشكلة الأرض قائمة، حيث لا يعقل أن يشتري المواطن أرضا بنصف مليون ريال ليبني عليها منزلا بـ 300 ألف ريال، فالمعادلة هنا غير معقولة ولا يستطيع حلها أكبر عباقرة الرياضيات، هذا إذا افترضنا أن مبلغ الـ 300 كافٍ لبناء فيلا من دورين مطابقة لمواصفات صندوق التنمية واشتراطات مهندسي البلدية! ولعل الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام المواطن محدود الدخل للحصول على أرض سكنية هي انتظار منحة البلدية، وهنا مربط الفرس ومقتل الحصان! لأن البلديات توزع هذه المنح بطرق متنوعة لا يخلو بعضها من المحسوبيات وأعمال البر بالخالات والعمات! حيث يمكن أن تحصل فتاة في الثامنة عشرة من عمرها على أرض سكنية وينشر اسمها في الصحيفة مع أسماء أشقائها وشقيقاتها (عيني عينك)، بينما يبقى رب أسرة في الستين من عمره ينتظر المنحة مثلما ينتظر نحبه!.
لذلك نحن بحاجة إلى قرار حكومي يسحب صلاحيات توزيع الأراضي السكنية من أمانات المدن والبلديات، ويربطها مباشرة بصندوق التنمية العقارية أو بجهة إسكانية مركزية، بحيث يتلخص دور البلديات بتحديد المخططات السكنية وتقسيمها، وتكون مهمة التوزيع مرتبطة بهذه الجهة الإسكانية المركزية التي تقوم بإعطاء المواطن الأرض والقرض دفعة واحدة، بدلا من هذه (الشحططة) التاريخية التي تسببت في تراكم المشكلة الإسكانية، حتى أصبح أغلب المواطنين مثل أبطال الأفلام المصرية في الثمانييات الذين يبحثون عن الشقة قبل الزوجة!.
نحن نعرف أن البلديات سوف تستاء من مثل هذا القرار، اعتقادا منها بأنه يقلص من صلاحياتها، ولكن إذا أردتم الحق، فإن صدور مثل هذا القرار يخفف عنها عبئا لا معنى له، لأن البلدية في كل مكان في العالم غير معنية بقضية الرعاية السكنية!، كما أن عملية ربط الأرض بالقرض بحسب الأولوية الزمنية في التقديم، واشتراط سن معينة للمتقدم، ومنح المتزوجين فرصا أكبر من العزاب، سوف يقضي على هذا العبث الذي يسمى (منح البلدية)! فأغلب المخططات جرداء قاحلة لأن أصحابها لا يحتاجونها، أو لأنهم من صغار السن، أو لأنهم ينتظرون ارتفاع سعرها كي يبيعوها على مواطنين حصلوا على القروض ولا يعرفون أين يبنون بيوتهم!. إن الأزمة السكانية واحدة من أخطر المشكلات التي تهدد الأمن الاجتماعي في السعودية، فالأسرة تكبر مع مرور السنوات، والشقق تضيق، والإيجارات ترتفع دون رحمة، والمراهقون لا يجدون مكانا لتفريغ طاقاتهم سوى الشوارع الخلفية، والآباء يقضون العمر وهم يطاردون منحة البلدية وينتظرون قرض صندوق التنمية العقارية، بينما الأمهات لا يرعبهن شيء أكثر من أن يغادر رب الأسرة هذه الدنيا الفانية فيجدن أنفسهن مع أولادهن في الشارع.
إن دولا أقل منا بالإمكانيات قد حلت المشكلة الإسكانية بقليل من التنظيم، بينما عجزنا نحن بكل ما نملكه من إمكانيات جبارة عن السيطرة على هذه المشكلة، بسبب توزيع الملف الإسكاني بين إدارات ووزارات متباعدة الأهداف، ولا شك أننا قادرون ــ بعون الله ــ على هذه المعضلة الخطيرة التي تتفاقم مع مرور السنوات متى ما منحناها الأولوية التي تستحقها، أما بقاؤنا على هذا الحال المشتت، فهو يعيدنا إلى قول المتنبي: (ولم أر في عيوب الناس عيبا .. كنقص القادرين على التمام)!.
klfhrbe@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة
ولكن تبقى مشكلة الأرض قائمة، حيث لا يعقل أن يشتري المواطن أرضا بنصف مليون ريال ليبني عليها منزلا بـ 300 ألف ريال، فالمعادلة هنا غير معقولة ولا يستطيع حلها أكبر عباقرة الرياضيات، هذا إذا افترضنا أن مبلغ الـ 300 كافٍ لبناء فيلا من دورين مطابقة لمواصفات صندوق التنمية واشتراطات مهندسي البلدية! ولعل الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام المواطن محدود الدخل للحصول على أرض سكنية هي انتظار منحة البلدية، وهنا مربط الفرس ومقتل الحصان! لأن البلديات توزع هذه المنح بطرق متنوعة لا يخلو بعضها من المحسوبيات وأعمال البر بالخالات والعمات! حيث يمكن أن تحصل فتاة في الثامنة عشرة من عمرها على أرض سكنية وينشر اسمها في الصحيفة مع أسماء أشقائها وشقيقاتها (عيني عينك)، بينما يبقى رب أسرة في الستين من عمره ينتظر المنحة مثلما ينتظر نحبه!.
لذلك نحن بحاجة إلى قرار حكومي يسحب صلاحيات توزيع الأراضي السكنية من أمانات المدن والبلديات، ويربطها مباشرة بصندوق التنمية العقارية أو بجهة إسكانية مركزية، بحيث يتلخص دور البلديات بتحديد المخططات السكنية وتقسيمها، وتكون مهمة التوزيع مرتبطة بهذه الجهة الإسكانية المركزية التي تقوم بإعطاء المواطن الأرض والقرض دفعة واحدة، بدلا من هذه (الشحططة) التاريخية التي تسببت في تراكم المشكلة الإسكانية، حتى أصبح أغلب المواطنين مثل أبطال الأفلام المصرية في الثمانييات الذين يبحثون عن الشقة قبل الزوجة!.
نحن نعرف أن البلديات سوف تستاء من مثل هذا القرار، اعتقادا منها بأنه يقلص من صلاحياتها، ولكن إذا أردتم الحق، فإن صدور مثل هذا القرار يخفف عنها عبئا لا معنى له، لأن البلدية في كل مكان في العالم غير معنية بقضية الرعاية السكنية!، كما أن عملية ربط الأرض بالقرض بحسب الأولوية الزمنية في التقديم، واشتراط سن معينة للمتقدم، ومنح المتزوجين فرصا أكبر من العزاب، سوف يقضي على هذا العبث الذي يسمى (منح البلدية)! فأغلب المخططات جرداء قاحلة لأن أصحابها لا يحتاجونها، أو لأنهم من صغار السن، أو لأنهم ينتظرون ارتفاع سعرها كي يبيعوها على مواطنين حصلوا على القروض ولا يعرفون أين يبنون بيوتهم!. إن الأزمة السكانية واحدة من أخطر المشكلات التي تهدد الأمن الاجتماعي في السعودية، فالأسرة تكبر مع مرور السنوات، والشقق تضيق، والإيجارات ترتفع دون رحمة، والمراهقون لا يجدون مكانا لتفريغ طاقاتهم سوى الشوارع الخلفية، والآباء يقضون العمر وهم يطاردون منحة البلدية وينتظرون قرض صندوق التنمية العقارية، بينما الأمهات لا يرعبهن شيء أكثر من أن يغادر رب الأسرة هذه الدنيا الفانية فيجدن أنفسهن مع أولادهن في الشارع.
إن دولا أقل منا بالإمكانيات قد حلت المشكلة الإسكانية بقليل من التنظيم، بينما عجزنا نحن بكل ما نملكه من إمكانيات جبارة عن السيطرة على هذه المشكلة، بسبب توزيع الملف الإسكاني بين إدارات ووزارات متباعدة الأهداف، ولا شك أننا قادرون ــ بعون الله ــ على هذه المعضلة الخطيرة التي تتفاقم مع مرور السنوات متى ما منحناها الأولوية التي تستحقها، أما بقاؤنا على هذا الحال المشتت، فهو يعيدنا إلى قول المتنبي: (ولم أر في عيوب الناس عيبا .. كنقص القادرين على التمام)!.
klfhrbe@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة