صاحبي صياد سمك قديم ثم أصبح الآن بائع سمك.. وقد يسألني البعض ما الفرق بين صياد سمك وبائع سمك ؟ فأنا سأجيب من واقع حال صاحبي الذي كان في سنوات عمره المنصرمة يتمتع بحيوية تجعله قادرا على التعامل مع البحر ومع ما تتطلبه مهنته من جهد ومشقة ومقاومة للسهر في الليل والتعرض لحرارة الشمس الحارقة في النهار، بالإضافة إلى احتمال تقلبات حالات الجو وما ينتج عنها من عواصف شديدة وأمواج عالية وصراع مرير من أجل الحصول على لقمة العيش الشريفة التي يسفح من أجلها عرق جبينه ويضحي براحته ليؤمن لنفسه ولأسرته حياة كريمة.
أما الآن وقد تجاوز عمره السبعين عاما واعترى جسمه ما اعتراه من ضعف ووهن وسوء حالة صحية فإن فقره قد أجبره على البقاء في سوق السمك يشتري من الصيادين الآخرين أسماكا بالجملة ويبيع بالمفرق وبهذه الطريقة استطاع ــ إلى حد ما ــ أن يؤمن مصدر رزق له ولمن يعول رغم عجزه الذي أثبتته التقارير الطبية وأهلته لأن يكون أحد مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي.
صاحبي من ضمن الأمراض التي يعانيها بدايات تصلب في الشرايين جعلت الأطباء ينصحونه بألا يمارس أعمالا شاقة وألا يجهد نفسه أكثر مما يجب لأن ذلك يشكل خطرا على حياته خاصة أنه قد أصبح في مرحلة متقدمة من العمر..
في أحد الصباحات الباكرة جئت إلى دكانه البائس لأشتري منه سمكا كالعادة ولكنني فوجئت بأن دكانه مغلق فظننت أنه يعاني من وعكة مرضية، لكن الذي اتضح لي أن إدارة البلدية ــ في بلدته ــ تطالبه باستخراج رخصة يزاول بموجبها عملية بيع الأسماك، وعندما سألته لماذا لم يستخرج الرخصة المطلوبة قال لي: القضية ليست قضية الرخصة، ولكنها قضية ما وراء الرخصة .. سألته: وماذا وراء الرخصة ؟ قال: إذا استخرجت الرخصة فإن البلدية سوف ترسلها إلى إدارة الزكاة والدخل وهذه الإدارة ستلجأ إلى الحاسب الآلي وستجد اسمي مسجلا ضمن مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي وبأسرع من طرفة عين سيقطع عني وعن عائلتي معاش الضمان، لذا فضلت البقاء في منزلي أهش بعمامتي المهترئة الذباب المتجمع على عفن بؤسي وفقري .. هذه حكايتي يا صاحبي.. هكذا قال لي وفي عينيه دمعات حائرة.
سؤالي الذي أوجهه إلى وزارات الشؤون البلدية والقروية والضمان الاجتماعي ومصلحة الزكاة والدخل.. ألا من نظرة إنسانية إلى مثل هذا البائس الفقير الذي يلج ــ مجبرا ــ إلى جهنم البطالة ؟ ألا من طريقة تكسر نظام هذا الروتين المتصلب كتصلب شرايين صاحبي ؟.. وبالمناسبة قبل أن أغادر دكانه المغلق كان هناك أكثر من شخص من العمالة الوافدة يتهامسون من أجل استئجار الدكان تحت ستار كفلائهم السعوديين وأنتم ــ يا أحبتي ــ تعرفون بقية الحكاية.
للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة
أما الآن وقد تجاوز عمره السبعين عاما واعترى جسمه ما اعتراه من ضعف ووهن وسوء حالة صحية فإن فقره قد أجبره على البقاء في سوق السمك يشتري من الصيادين الآخرين أسماكا بالجملة ويبيع بالمفرق وبهذه الطريقة استطاع ــ إلى حد ما ــ أن يؤمن مصدر رزق له ولمن يعول رغم عجزه الذي أثبتته التقارير الطبية وأهلته لأن يكون أحد مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي.
صاحبي من ضمن الأمراض التي يعانيها بدايات تصلب في الشرايين جعلت الأطباء ينصحونه بألا يمارس أعمالا شاقة وألا يجهد نفسه أكثر مما يجب لأن ذلك يشكل خطرا على حياته خاصة أنه قد أصبح في مرحلة متقدمة من العمر..
في أحد الصباحات الباكرة جئت إلى دكانه البائس لأشتري منه سمكا كالعادة ولكنني فوجئت بأن دكانه مغلق فظننت أنه يعاني من وعكة مرضية، لكن الذي اتضح لي أن إدارة البلدية ــ في بلدته ــ تطالبه باستخراج رخصة يزاول بموجبها عملية بيع الأسماك، وعندما سألته لماذا لم يستخرج الرخصة المطلوبة قال لي: القضية ليست قضية الرخصة، ولكنها قضية ما وراء الرخصة .. سألته: وماذا وراء الرخصة ؟ قال: إذا استخرجت الرخصة فإن البلدية سوف ترسلها إلى إدارة الزكاة والدخل وهذه الإدارة ستلجأ إلى الحاسب الآلي وستجد اسمي مسجلا ضمن مستحقي معاشات الضمان الاجتماعي وبأسرع من طرفة عين سيقطع عني وعن عائلتي معاش الضمان، لذا فضلت البقاء في منزلي أهش بعمامتي المهترئة الذباب المتجمع على عفن بؤسي وفقري .. هذه حكايتي يا صاحبي.. هكذا قال لي وفي عينيه دمعات حائرة.
سؤالي الذي أوجهه إلى وزارات الشؤون البلدية والقروية والضمان الاجتماعي ومصلحة الزكاة والدخل.. ألا من نظرة إنسانية إلى مثل هذا البائس الفقير الذي يلج ــ مجبرا ــ إلى جهنم البطالة ؟ ألا من طريقة تكسر نظام هذا الروتين المتصلب كتصلب شرايين صاحبي ؟.. وبالمناسبة قبل أن أغادر دكانه المغلق كان هناك أكثر من شخص من العمالة الوافدة يتهامسون من أجل استئجار الدكان تحت ستار كفلائهم السعوديين وأنتم ــ يا أحبتي ــ تعرفون بقية الحكاية.
للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 101 مسافة ثم الرسالة