-A +A
حمود البدر
إذا لم يتوازن الثواب والعقاب فإن النفوس الضعيفة سوف تتسابق للحصول على (أو الوصول إلى) ما لا يحق أن نحصل عليه نظاما.
ولهذا فقد شرع الله الحدود، والتعزير، وأعطى ولي الأمر الحق في تطبيق ما يثبت شرعا من ارتكاب المحرمات والنواهي المضرة بالنفس والأهل والمجتمع. وهذا لايتم إلا بالحزم والمتابعة. وذلك الحزم المطلوب هو ما ورد في القرآن والسنة من الأوامر والنواهي. يضاف إلى ذلك ما يكون من ضرورات الأمن والأمان للمجتمع الذي نعيش معه.
كثرت ـــ لسوء الحظ ـــ هذه الأيام الأخبار عن تجاوزات غريبة في مجتمعنا الذي نتمنى له أن يكون رائدا في تطبيق الأنظمة بفضل الله ثم بالتزام الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية.
ومن هذه التجاوزات ما ورد على لسان أحد المسؤولين في مصلحة الضمان الاجتماعي عن اكتشاف رجال أعمال وأكاديميين وموظفين من رجال الدولة مسجلين في كشوفات مخصصات الضمان الاجتماعي.
كما ورد بعض ممارسات أخرى تتعلق بالتزوير من كتاب عدل وموظفين ومواطنين للحصول على أراض أو امتيازات. ومن ذلك اتهام موظف مخلص بالجنون لأنه لم يوافق على التوقيع على وثائق مزورة كان يراد منها الحصول على مردود مادي لهذا الموظف أو ذلك.
والمثل الثالث هؤلاء الذين يغزون أمن بلادهم واستقرارها بتهريب مخدرات وأسلحة، وأوادم غير نظاميين من خارج البلاد أوتهريبهم من السجون التي أودعوا فيها لإصلاح انحرفاتهم.
فأما ما يتعلق بهذا أو ذاك فإن الأنظمة واللوائح (وقبل ذلك النصوص الشرعية) ما يعالجها ويحجم من تضخمها. لأن التراخي في التطبيق يجعل ذوي النفوس الضعيفة التي مثلها الأعلى ما يرد على ألسنة أعضائها!! «إن لقحت وإلا ما يضرها الجمل» وتفسير هذا المثل أن ما يسعى إليه ضعيف النفس سوف يكون أفضل له وأكثر مردودا من العقاب إن وجد.
فالذين ضعفت نفوسهم واستحلوا الحصول على دخل من الضمان الاجتماعي (رغم عدم أحقيتهم لذلك) لا يقل ما يعملونه عمن يسرق مالا من أصحابه وإن كان المال من أموال الدولة.
بل من يصدق أن أكاديميا يحصل على مرتب نظامي نظيف يتسلمه كل شهر فيسمح لنفسه أن يأكل مالا محرما جرى تخصيصه للفقراء والمساكين والعاجزين. ومن يصدق أن رجال أعمال تدر عليهم أموالهم دخولا تكفيهم عن أكل الحرام. فالضمان الاجتماعي يحل لمستحقيه حسب قواعد وأنظمة معروفة، ولكنه حرام على شخص آخر لا تنطبق عليه الشروط. لكن الشيطان وضعف النفس يتعاونان على هذا أو ذاك لكي يأكل مالا لا يحل له. وهو ما لا تجيز الأنظمة أكله لغير مستحقيه حسب الأنظمة.
وفي مجال التزوير لتحليل محرم أو القيام بتزوير أوراق أو وثائق تدين من كان صادقا في أداء عمله تمنعه تقواه من تسهيل السرقة وما يماثلها لأولئك الذين لا يخافون ربهم، مما يحقق عقابا للبريء ومصلحة للمذنب. مثل ما حدث لأحد الموظفين في مستشفى حكومي حينما رفض التوقيع على وثائق مزورة حيث زورت وثائق لاتهامه بالجنون مما يؤدي إلى استبعاده من موقعه الوظيفي ليحل محله من قد يكون أكثر تساهلا وتعاونا مع المخربين الذين يستحلون أموال الدولة.
وفي مجال التهريب فقد كثرت الأخبار حول أولئك المجرمين الذين يتكسبون من تهريب المخدرات والأسلحة، أو الأفراد غير النظاميين، ولن يعالج ذلك إلا الالتزام بالأنظمة واللوائح بشكل حازم ومتوازن زمنيا وحسميا مع عوائد الجريمة التي ارتكبها.
فالمخدرات والأسلحة عوامل هدم من الدرجة الأولى لن نعالجها إلا إذا جدت المحاكم والهيئات المسؤولة عن حماية الأنفس والأموال بدراستها وإصدار الأحكام التي تحقق الخوف من العودة إلى ممارستها. ويدخل في ذلك التعزير عندما تكون الواقعة في حجم أكبر من ما تحققه لمرتكبها الأنظمة.
ففي إحدى الصحف يوم الخميس الماضي مركبة (تريل) بداخل صندوقها ما يزيد على مائة شخص غير نظاميين مما يهدد أمن المجتمع. فإذا كانت الأنظمة غير كافية للردع فليكن التعزير بديلا لذلك.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة