قبل ثلاث أو أربع سنوات حين كنت أعمل في صحيفة شمس، طلبت من الزميل العزيز سامح الأسواني (مدير تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون المصرية حاليا) أن يتابع موضوع خطف أحد المواليد في منطقة الجوف مع الزميل مراسل الصحيفة هناك، وقد بذل الزميلان جهدا رائعا خلال تغطيتهما لتلك الحادثة، وبعد أيام قليلة صادف أن تم اختطاف أحد المواليد في المستشفى العسكري، فجاءني يومها الزميل سامح وهو يمتلئ حماسة لتغطية هذه الحادثة الجديدة وربطها بالحادثة الأولى، ولكنني في تلك اللحظة كنت أواجه مشكلة معقدة تتعلق بموضوع صحافي آخر، لذلك لم أنصت لكل ما كان يردده على مسامعي، سألني عن السبب.. فلمحت له عن وجود مأزق ما، فقال بخفة دم مصرية: (خلاص.. إحنا أحسن حاجه نعملها.. نشتم الطفل المخطوف!).
وقبل عدة أيام، تابعت الصحافة حادثة خطف أحد المواليد من مستشفى في المدينة المنورة، ولم يتم العثور عليه إلا بعد تلقي الأب رسالة من الخاطفة تحدد فيه المكان الذي تركت فيه هذا الطفل المسكين، وكالعادة عادت المخاوف الشعبية من احتمال خطف المواليد، وعادت معها الاقتراحات المكررة والمكلفة وغير العملية لمواجهة هذه الظاهرة، مثل زرع الكاميرات الخفية في ممرات المستشفيات أو زيادة عدد حراس الأمن، أو غير ذلك من الأفكار الجاهزة التي لا يمكن أن تمنع امرأة تغطي وجهها من الخروج بطفل اختطفته من قسم المواليد.
ولكن الدكتور عبد الهادي آل معمر، وهو طبيب سعودي مبتعث إلى شيفلد في بريطانيا، أرسل لي بالأمس حلا عمليا يمكن أن يقضي على هذه المشكلة من جذورها، ولم تخل رسالته من مشاعر الإحباط بعد أن فشل في إيصال صوته إلى وزارة الصحة، حيث تم تجاهل جميع اتصالاته وإيميلاته، ولم يبق إلا أن يقولوا له: (أزعجتنا يا عبد الهادي)!.
الحل ــ باختصار ــ يتمثل في أسوارة ممغنطة توضع حول الجزء الأسفل من ساق المولود وأخرى مشابهة لها توضع حول معصم الأم، وهي تكنولوجيا سهلة وشائعة في جميع المستشفيات الغربية، حيث لا يمكن إخراج المولود من الجناح دون إذن إلكتروني، لأنه بمجرد خروجه دون علم الممرضات تطلق أجهزة الإنذار صافراتها، مثلما يحدث مع السلع غير مدفوعة الثمن في المحلات التجارية، ويروي عبد الهادي أن زوجة أحد زملائه خرجت بمولودها عند باب الجناح للحديث مع ابنها الأكبر، فارتفعت أصوات أجهزة الإنذار في كل أرجاء المستشفى.
الجهاز له فوائد عديدة، منها استحالة تبديل المواليد، ونحن نعاني أيضا من هذه الظاهرة الغريبة، حيث نشرت الصحف خلال الأعوام الماضية أكثر من قصة مؤلمة تم خلالها اكتشاف حالات تبديل المواليد في وقت متأخر جدا، حتى أصبحنا نخشى أن يأتي علينا اليوم الذي يصبح حالنا فيه مثل أبطال الأفلام الهندية، حين يكتشف ضابط الشرطة في نهاية الفيلم أن رئيس العصابة المقتول هو شقيقه الذي اختفى لحظة ولادته!.
الدكتور عبد الهادي ترأس فريقا بحثيا لدراسة آثار ذبذبات جهاز (hugs) على المواليد، وسوف ينشر البحث في مجلة بحثية بريطانية متخصصة (راقبوا إبداعات مبتعثينا!)، وقد توصل هذا الفريق إلى أن ذبذبات (hugs) محدودة جدا، وليس لها تأثير على المواليد من الناحية الصحية، وقد طلبت منه الروابط المتعلقة بهذا الجهاز وطبيعة عمله وصوره فأرسلها مشكورا.
وبصراحة، لا أعلم لماذا لا تعتمد وزارة الصحة هذا الحل الإلكتروني المريح، عوضا عن زرع آلاف الكاميرات التي ستحرج الأمهات الحقيقيات، ولن يكون بإمكانها كشف الخاطفات المتسللات؟، فلولا أني رجل حسن النية لاعتقدت أن تنفيذ مثل هذا الحل العملي عندنا يحتاج إلى ترتيب رائق وطويل الأمد، لأنه يجب أن يمر عبر سلسلة متتابعة من المناقصات والاعتمادات والوكالات والإجراءات والموافقات.. والثعلب فات فات!.
klfhrbe@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة
وقبل عدة أيام، تابعت الصحافة حادثة خطف أحد المواليد من مستشفى في المدينة المنورة، ولم يتم العثور عليه إلا بعد تلقي الأب رسالة من الخاطفة تحدد فيه المكان الذي تركت فيه هذا الطفل المسكين، وكالعادة عادت المخاوف الشعبية من احتمال خطف المواليد، وعادت معها الاقتراحات المكررة والمكلفة وغير العملية لمواجهة هذه الظاهرة، مثل زرع الكاميرات الخفية في ممرات المستشفيات أو زيادة عدد حراس الأمن، أو غير ذلك من الأفكار الجاهزة التي لا يمكن أن تمنع امرأة تغطي وجهها من الخروج بطفل اختطفته من قسم المواليد.
ولكن الدكتور عبد الهادي آل معمر، وهو طبيب سعودي مبتعث إلى شيفلد في بريطانيا، أرسل لي بالأمس حلا عمليا يمكن أن يقضي على هذه المشكلة من جذورها، ولم تخل رسالته من مشاعر الإحباط بعد أن فشل في إيصال صوته إلى وزارة الصحة، حيث تم تجاهل جميع اتصالاته وإيميلاته، ولم يبق إلا أن يقولوا له: (أزعجتنا يا عبد الهادي)!.
الحل ــ باختصار ــ يتمثل في أسوارة ممغنطة توضع حول الجزء الأسفل من ساق المولود وأخرى مشابهة لها توضع حول معصم الأم، وهي تكنولوجيا سهلة وشائعة في جميع المستشفيات الغربية، حيث لا يمكن إخراج المولود من الجناح دون إذن إلكتروني، لأنه بمجرد خروجه دون علم الممرضات تطلق أجهزة الإنذار صافراتها، مثلما يحدث مع السلع غير مدفوعة الثمن في المحلات التجارية، ويروي عبد الهادي أن زوجة أحد زملائه خرجت بمولودها عند باب الجناح للحديث مع ابنها الأكبر، فارتفعت أصوات أجهزة الإنذار في كل أرجاء المستشفى.
الجهاز له فوائد عديدة، منها استحالة تبديل المواليد، ونحن نعاني أيضا من هذه الظاهرة الغريبة، حيث نشرت الصحف خلال الأعوام الماضية أكثر من قصة مؤلمة تم خلالها اكتشاف حالات تبديل المواليد في وقت متأخر جدا، حتى أصبحنا نخشى أن يأتي علينا اليوم الذي يصبح حالنا فيه مثل أبطال الأفلام الهندية، حين يكتشف ضابط الشرطة في نهاية الفيلم أن رئيس العصابة المقتول هو شقيقه الذي اختفى لحظة ولادته!.
الدكتور عبد الهادي ترأس فريقا بحثيا لدراسة آثار ذبذبات جهاز (hugs) على المواليد، وسوف ينشر البحث في مجلة بحثية بريطانية متخصصة (راقبوا إبداعات مبتعثينا!)، وقد توصل هذا الفريق إلى أن ذبذبات (hugs) محدودة جدا، وليس لها تأثير على المواليد من الناحية الصحية، وقد طلبت منه الروابط المتعلقة بهذا الجهاز وطبيعة عمله وصوره فأرسلها مشكورا.
وبصراحة، لا أعلم لماذا لا تعتمد وزارة الصحة هذا الحل الإلكتروني المريح، عوضا عن زرع آلاف الكاميرات التي ستحرج الأمهات الحقيقيات، ولن يكون بإمكانها كشف الخاطفات المتسللات؟، فلولا أني رجل حسن النية لاعتقدت أن تنفيذ مثل هذا الحل العملي عندنا يحتاج إلى ترتيب رائق وطويل الأمد، لأنه يجب أن يمر عبر سلسلة متتابعة من المناقصات والاعتمادات والوكالات والإجراءات والموافقات.. والثعلب فات فات!.
klfhrbe@gmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة